الملف

الملف

منذ 6 أيام

من كرامات السيّدة المعصومة عليها السّلام


من كرامات السيّدة المعصومة عليها السّلام
تُدْرِكُ زُوَّارَها. حمزة الآذربيجاني. والدُ الإمام الصّدر، وإدارة الحوزة
ـــــ إعداد: أسرة التحرير ـــــ

مقامُها في قم، من تجلّيات العَظَمة الإلهيّة للزّهراء عليها السلام.
هذا ما تَجد توضيحَه في عِداد هذه الكرامات المختارة، من تاريخٍ حافلٍ بالكرامات العامّة والخاصّة، وقد أُلِّفت فيها الكُتب، ومن جملتِها (كرامات معصوميّه) بالفارسيّة.
اختارت «شعائر» أربع كرامات لهذا الملف الخاصّ بالسيّدة «المعصومة» عليها السلام.

قبرُها تجلٍّ من تجلّيات قبر الصدّيقة الكبرى عليهما السلام

نُقل عن المرحوم السيّد محمود المرعشي النّجفي صاحب كتاب (مُشَجّرات العلويّين) -وهو والد المرجع الرّاحل السيّد شهاب الدين المرعشي قدّس سرّه- أنّه كان يتلهّف لمعرفة موضع القبر الشريف للصِّدّيقة الزّهراء عليها السّام، فاختار -للوصول إلى غايتِه- خَتْماً مُجرَّباً استمرّ على أدائه أربعين يوماً، عسى أن يمنَّ اللهُ عليه بمعرفةِ موضع القبر المجهول.
وانتهت الأيّام الأربعون المشحونة بالدّعاء والتوسّل، فشاهدَ في عالم الرّؤيا الإمامَ الباقر أو الصّادق عليهما السلام، فقال الإمام له: «عليك بكريمةِ أهل البيت»!
أجاب السيّد المرعشي -ظنّاً منه أنّ الإمام يُوصيه بقصدِ الصدِّيقة الزّهراء عليها السلام-: نعم جُعلتُ فِداك، فلقد أتممتُ هذا الخِتم لأعرفَ موضعَ قبرِها على وجه الدِّقّة، لأتشرّفَ بزيارتِها.
قال الإمام عليه السلام: «أُقصُدِ القبرَ الشريفَ للمعصومة في قمّ».
وأضاف: «لقد شاءَ اللهُ سبحانه لحكمةٍ أن يظلَّ القبرُ الطّاهر للزّهراء البتول عليها السلام مجهولاً إلى الأبد، فجعلَ قبر المعصومة موضعَ تجلٍّ لقبر الصّدّيقة، وأفاضَ عليه من الجلال والجَبروت ما كان سيقدِّرُه لقبر الصّدّيقة عليها السلام لو كان ظاهراً ماثلاً».
انتبه السيّد المرعشي من النوم، فأمرَ عائلتَه بالاستعداد للسّفر لزيارة السيّدة المعصومة عليها السلام.

المعصومة، وحوزةُ قمّ العلميّة


نُقل عن المرحوم آية الله السيّد صدر الدين الصدر (والد الإمام السيّد موسى الصدر) أنّه قال:
تصدّيتُ لِتسيير أمور الحوزة العلميّة في قمّ مدّةً من الزمن بعد ارتحال المرحوم آية الله الحائري، وكنت أدفعُ الرواتب الشّهرية للطَّلبة. وحدث مرّةً أنْ عجزتُ عن دفع الرواتب في أحد الأشهُر، فاضطُرِرتُ إلى الاقتراض، ثمّ حلَّ الشهر التالي فاقترضتُ أيضاً، وحلَّ شهرٌ ثالث دون أن يصل إلى يدي شيءٌ من الحقوق الشرعيّة، فلم أجرؤ على الاقتراض.
وتجمهرَ عددٌ من الطّلبة في بيتي لاستلام رواتبِهم، فأنبَأتُهم أنّ دفع الرّواتب متعذَّر، وأنّي مَدينٌ بمبلغٍ كبير لا أجرؤ معه على الاقتراض، فارتفعت أصواتُ الطّلبة بالشكوى، وتساءلوا: فما العمل إذاً؟! إنّنا لسنا في أمان في المدرسة (نظراً للضغوط الشديدة التي تعرّضوا لها آنذاك في عهد رضا بهلوي)، ولسنا نقدر على العودة إلى أوطاننا، ولا نفقةَ لدينا تُقِيمُ أودَنا. وهكذا استمرّ الطلبة يعدّدون شكاواهم حتّى اغرورَقت عيناي بالدموع، فقلت: تفضّلوا بالانصراف، وسأدفع الرواتب يوم غدٍ إن شاء الله تعالى!
وحلّ السَّحَر فتوضّأت ويَمّمتُ شطرَ الحرَم المطهّر للسيّدة المعصومة سلام الله عليها، فصلّيتُ صلاةَ الفجر وعقّبت، ثمّ دَنَوتُ من الضّريح المطهَّر وقد مَثُلَت وجوه الطّلبة الضّارعة أمام عيني، فهمستُ أُخاطِبُ المعصومة في حالةِ انفعالٍ وتأثّرٍ شديدَين:
يا عمّتي المعصومة، ليس من الإنصاف أن يلجأ إلى جوارك طائفة من الطّلبة الغرباء فتتركيهم يموتون جوعاً! إنْ أمكنَك إنقاذَهم فعلتِ، وإلّا فأَرسِليهم إلى أخيك الأكبر عليِّ بن موسى الرضا عليه السلام، أو إلى جدّك أمير المؤمنين عليه السلام! (أقصد انتقال الحوزة العلميّة من قمّ إلى مدينة مشهد أو إلى النجف الأشرف). قلتُ هذا ونهضتُ، فغادرتُ الحرم وعُدت إلى حجرتي وقد تغيّرت حالي، ومنظرُ الطّلبة لا يغادر خيالي. وفيما كنت كذلك فُتِح باب الغرفة، واستأذن رجلٌ وَقور في الدخول، ثمّ دخل فوضع حقيبتَه جانباً وقال: اعتذرُ عن إزعاجكم، فقد وصلتُ للتوّ. كنتُ مسافراً [إلى شيراز] مع جماعة في سيّارة كبيرة، فلمحتُ قبّة السيّدة المعصومة عليها السلام وسلّمتُ عليها، فخطرَ في بالي أنّ من الممكن -وأنا أسافر بهذه الوسيلة التي لا تخلو من الخطر- أن لا [أبقى على قيد الحياة حتّى] يُحالفَني التوفيق بتسديد ما في ذمّتي من الحقوق الشرعيّة (الخُمس) بعد عودتي، فطلبتُ من السائق التوقّف في قمّ ساعة ليُمكنَني المثول لديكم. ثمّ فتح الحقيبة وسلّمني مبلغاً، سدّدتُ منه المبالغَ التي اقترضتُها، ودفعت منه رواتبَ الطّلبة لسنةٍ كاملة.

السيّدة تُدرك زوّارها

نُقل عن المرحوم آية الله السيّد المرعشي النجفي أنّه قال:
أرِقتُ ليلةً من ليالي الشتاء القارس، ففكّرت في الذهاب إلى حرم السيّدة المعصومة لزيارتها. ثمّ إنّي فطنتُ إلى أنّ الوقت لا يزال مبكّراً، وما تزال أبواب الصّحن الشريف مغلقة. فعدتُ أحاول النوم واضعاً يدي تحت رأسي، خشيةَ أن أستغرقَ في نومٍ عميق، فشاهدتُ في عالم الرؤيا السيّدة المعصومة سلام الله عليها وهي تهتفُ بي: «انهض وتعالَ إلى الحرَم فأدرِكْ زوّاري الواقفين خلفَ أبواب الصّحن، فانّهم أشرَفوا على الهلاك من شدّة البرد»!
قال السيّد: نهضتُ وارتديت ملابسي على عجَل، وأسرعت إلى الصّحن الشريف، فشاهدتُ مجموعة من الزوّار الباكستانيّين بملابسهم المحليّة الخاصّة وهم في حالة يُرثى لها، يرتجفون خلف باب الصّحن من شدّة البرد. طرقتُ الباب، فعرفني أحد خدّام الحرم -واسمُه الحاج حبيب- ففتحَ الباب، فوردتُ الصّحن مع أولئك الزوّار الذين هرَعوا لزيارة السيّدة، في حين توضّأتُ أنا وانصرفتُ إلى أداء الصّلاة والزّيارة.

حمزة الآذربيجاني


بعد انحلال الاتحاد السوفياتي وانقسامه إلى دول عديدة، فُتحت أبواب السفر بين إيران وجمهورية آذربيجان، فصمّم عدد من مسؤولي الحوزة العلميّة في قمّ على السفر إلى آذربيجان لاختيار عددٍ من شبابها اللّائقين، لدعوتهم للمجيء إلى قم لدراسة العلوم الإسلاميّة.
وفي «نَخْجَوان» التقَوا بشاب يُدعى «حمزة» طلب منهم السماح له بالسفر إلى قمّ للدراسة في حوزتها، فاعتذر منه أولئك المسؤولون، لأنّ من شروط الاختيار سلامة أعضاء بدن الفرد، وكانت إحدى عينَي «حمزة» معيوبة لا تبصر.
ذرف «حمزة» الدموع سِخاناً، وتساءل: لماذا أُحرَم من هذه النعمة مع وجود الرّغبة الشديدة للتعلّم لديّ؟! أصرّ والدُه أيضاً على قبوله لئلّا يَترك رفضُه أثراً سيّئاً في نفسيّته، فلم يجد المسؤولون بُدّاً -تحت تأثير العاطفة الإنسانيّة- من قبوله.
عادوا -ومعهم حمزة- مع عدد من الشبان المتطوّعين للدراسة، وجرى في العاصمة استقبال لهؤلاء الشباب الآذربيجانيّين المتحمّسين، وصُوّرت تفاصيل ذلك الاستقبال، وفي ضمن تصوير الفيلم عمد أحدُ المصوّرين -لسببٍ ما- إلى التركيز على عين الشاب حمزة المطفأة، فَرَكّز عدستَه عليها وقرّبها عدّة مرّات خلال مراسم الاستقبال.
بعدها ذهب أولئك الشباب إلى الحوزة العلميّة في قمّ، وتمّ إسكانهم في إحدى المدارس الدينيّة، فسُلِّم مسؤول تلك المدرسة نسخة من فيلم من تلك المراسم ليحفظَه في أرشيف المدرسة.
وحصل في أحد الأيّام أنْ عرض مسؤول المدرسة ذلك الفيلم في قاعة المدرسة أمام أولئك القادمين الجدد، كنوع من أنواع الترفيه عنهم، فإذا بأولئك الشباب -وكانت أعمارهم صغيرة نسبياً- يقهقهون ويتضاحكون كلّما ركّزت عدسة المصوّر على عين «حمزة»، حتّى أحسَّ صديقهم «حمزة» في تلك الجلسة بالضّعة والهوان.
نهض «حمزة» ليتشرّف بالذهاب إلى الحرم المطهّر للسيّدة المعصومة سلام الله عليها بقلبٍ منكسِر، فذرف دموعه بحرقة، وناجاها بلوعة: يا بنتَ بابِ الحوائج، لقد قطعتُ مئات الأميال من أجل أن أدرس تحت ظِلالك، فأُصبح مبلّغاً لديني، لكنْ لا طاقةَ لي على تحمّل كلّ هذا التحقير والاستهزاء، وها أنا أُجبر على العودة إلى بلدي ومدينتي، فأُحرم من نعمة مجاورة حرمِك!
ثمّ نهض وفي الحلق شجى، وفي القلب حزنٌ وأسى، فودّعَ السيّدة المعصومة الوداعَ الأخير، وملأَ من منظر ضريحها النورانيّ وقبّتها المتلألئة بصرَه، وعاد أدراجَه إلى المدرسة.
لكنّه لم يخطُ خارج الصّحن الشريف إلّا خطوات قليلة، حتّى صادفَ أحد زملائه في الدراسة، فسلّم عليه حمزة، فردّ عليه زميلُه السلامَ باستغراب وكأنّه لا يعرفه! فناداه حمزة باسمه، فعاد يتأمّل وجهَ حمزة في حيرة واندهاش، فناداه وتساءل: أَأَنت يا حمزة؟!
فأجابه: نعم، ولكن ما الأمر؟
قال له: فما بالُ عينك؟!
ففطِنَ حمزة -ويا لَلفرحة!- أنّ عينَه المطفأة المحزونة قد شُفيت ببركة السيّدة المعصومة عليها السلام، وأدرك أنّ كريمة أهل البيت لم تمسح بيدِها على قلبه الحزين وتُعيد إليه كرامتَه واحترامَه فحسب.. بل إنّه سيعيش إلى جوارها كفردٍ عزيزٍ فخور، وأنّه سيُعَدّ عند عودتِه إلى آذربيجان إحدى معجزات أهل البيت الأطهار عليهم السلام في تلك الديار.
حمزة في الوقت الحاضر أحد طَلبة الحوزة العلمية في قمّ، يشترك في المجالس والمحافل ويشرح قصّتَه بحماسة وشغف كبيرَين، ويُبدي شكرَه وامتنانَه العميقَين لكريمة أهل البيت عليها السلام.
وهناك أكثر من مائة طالب آذربيجاني يشهدون على هذه الواقعة، فضلاً عن الفيلم المسجّل الموجود في أرشيف المدرسة.
***

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 6 أيام

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات