مراقبات

مراقبات

منذ يومين

مراقبات شهر رجب


مراقبات شهر رجب

خابَ الوافِدونَ عَلى غَيْرِكَ

_____ إعداد: «شعائر» _____

شهرُ رجب من مواسم الدّعاء، ومن مهمّات المراقبات فيه تذكُّر حديث الملَك الدّاعي على ما روي عن النبيّ صلَّى اللَّه عليه وآله، أنّ الله تعالى نصبَ في السّماء السّابعة ملَكاً يُقال له الدّاعي، فإذا دخل شهرُ رجب يُنادي ذلك الملَك كلّ ليلةِ منه إلى الصّباح: «طُوبى للذّاكرين، طُوبى للطَّائعين، يقولُ اللهُ تعالى: أنا جليسُ مَن جالَسَني، ومطيعُ مَن أطاعني، وغافرُ مَن استغفَرني، الشهرُ شَهري والعبدُ عَبدي، والرّحمةُ رحمَتي، فمَن دعاني في هذا الشّهر أجبتُه، ومَن سألني أعطيتُه، ومَن استهداني هديتُه، وجعلتُ هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمَن اعتصمَ به وصلَ إليّ».

 

الأعمال العامّة

الصّوم

الصّوم، من أبرز الأعمال العامّة في شهر رجب، قال العلّامة الحلّي في (تذكرة الفقهاء): «يستَحبّ صوم رجب بأَسره عند علمائنا... وهو أحد الأشهر الحُرم. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: (مَنْ صامَ شَهْرَ رَجَبٍ كُلَّهُ كَتَبَ اللهُ تَعالى لَهُ رِضاهُ، وَمَنْ كَتَبَ لَهُ رِضاهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ). وكان أمير المؤمنين عليه السّلام يصومه ويقول: (رَجَبٌ شَهْري، وَشَعْبانُ شَهْرُ رَسولِ اللهِ، وَرَمَضانُ شَهْرُ اللهِ)».

* وفي (من لا يحضره الفقيه) للشّيخ الصّدوق: عن أبي عبد الله عليه السّلام قال: «إِنَّ نوحاً، عَلَيْهِ السَّلامُ رَكِبَ السَّفينَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ، فَأَمَرَ، عَلَيْهِ السَّلامُ، مَنْ مَعَهُ أَنْ يَصوموا ذَلِكَ اليَوْمَ، وقال: مَنْ صامَ ذَلِكَ اليَوْمَ تَباعَدَتْ عَنْهُ النّارُ مَسيرَةَ سَنَةٍ، وَمَنْ صامَ سَبْعَةَ أَيّامٍ أُغْلِقَتْ عَنْهُ أَبوابُ النّيرانِ السَّبْعَةُ، وَمَنْ صامَ ثَمانِيَةَ أَيّامٍ فُتِحَتْ لَهُ أَبوابُ الجِنانِ الثَّمانِيَةُ، وَمَنْ صامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً أُعْطِيَ مَسْأَلَتَهُ، وَمَنْ زادَ زادَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ».

* علّق المجلسيّ الأوّل على هذه الرّواية في (روضة المُتّقين) قائلاً: «كما أنّ للنّار سبعة أبواب ظاهراً، كذلك لها في الإنسان سبعة أبواب، وهي: السّمع، والبصر، واللّسان، والبطن، والفرج، واليد، والرِّجْل، فإنّها إذا استُعملت في مخالفة الله كانت سبباً لدخولها، فإذا صام المؤمن سبعة أيّام من رجب نزع الله عنها الميلَ إلى الشّهوات الجسمانيّة التي هي أسباب دخول النّار، فكأنّه أغلق عنه أبواب النّار، ومَن صام ثمانية أيّام فُتحت له أبواب الجنان الثّمانية ليدخل من أيّ بابٍ شاء، وهي تلك السّبعة مع باب القلب، ويوفّقه الله، تعالى، بأن يستعملها في ما يوجب رضاه».

الذّكر البديل للصّوم: ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله الحثُّ الشّديد على صوم شهر رجب، فسُئِلَ صلّى الله عليه وآله: «يا نبيَّ الله، فمَن عجزَ عن صيام رجب بضَعفٍ أو علّة ".." يصنع ماذا ليَنال ما وصفتَ؟

فقال صلّى الله عليه وآله: يَتَصَدَّقُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ بِرَغيفٍ ".." قيل: يا رسولَ الله، فمَن لم يقدر على الصّدقة يصنع ماذا.... قال: يُسَبِّحُ اللهَ في كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيّامِ رَجَبٍ إِلى تَمامِ الشَّهْرِ هَذا التَّسبيحَ مِائةَ مَرَّةٍ: (سُبْحانَ الإِلَهِ الجَليلِ، سُبْحانَ مَنْ لا يَنْبَغي التَّسْبيحُ إِلّا لَهُ، سَبْحانَ الأَعَزِّ الأَكْرَمِ، سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ العَزَّ وَهُوَ لَهُ أَهْلٌ)».

الدّعاء

(مناهل الرّجاء): «هناك أدعية يستحبّ قراءتها في كلّ يومٍ من أيّام رجب، ينبغي الالتفات إليها من أوّل يوم، حتّى لا يحرَم المؤمن من بركاتها العميمة، ومن مظاهر الاهتمام بها أن يحتفظ الرّاغب فيها بنسخة منها تكون معه حتّى في تنقّلاته، ريثما يتمكّن من حفظها أو بعضها، ولا أقلّ من الاقتصار على كتابة صلاة كلّ ليلة، والدّعاء بعد كلّ فريضة (يَا مَن أَرجُوه لكلّ خَير).. وأحد الأدعية اليوميّة، (خابَ الوافِدون عَلى غَيرِك..). يكتب ذلك ويحمله معه، ليكون في متناوله». [انظر: باب «لولا دعاؤكم» من هذا العدد]

 

الصّلاة

يحفل شهر رجب بالصّلوات؛ منها ما يُؤتى به كلّ ليلة، ومنها أوّل ليلة جمعة في الشّهر وهي ليلة الرّغائب، ومنها في أوّل الشّهر وأوسطه وآخره كصلاة سلمان، وغيرها. [انظر: «كتاباً موقوتاً» و«بصائر» من هذا العدد]

الأذكار

(مناهل الرّجاء): «..يخيَّل إليك وأنت تقرأ الرّوايات الرّجبيّة، أنّ شهر رجب هو شهر التّبرّي لكَثرة ما يُطلب فيه قراءة سورة (الجحد)، وشهر التّولّي لكثرة ما يُطلَب فيه قراءة سورة (التّوحيد)، وكأنّ ربيع رجب مناخُ رعاية غَرسة التّوحيد في القلب ".." فَلنرحم أنفسنا باغتنام فرَص العمر هذه، ولنُكثِر من التّهليل والاستغفار، وقراءة (التّوحيد) في رجب وغيره، على أن لا يفوتنا المزيد من ذلك في رجب لأنّ الثّواب فيه مضاعف». [انظر: باب «يذكرون» من هذا العدد]

 

الغسل

قال المحقّق البحرانيّ في (الحدائق النّاضرة) عند تعداده للأغسال المندوبة: «ومنها غُسل ليلة النّصف من رجب، ويوم المبعث وهو اليوم السّابع والعشرون منه...والّذي وقفتُ عليه من الأخبار ممّا يتعلّق بهذا المقام ما في (الإقبال)، قال: وجدت في كُتب العبادات عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: مَنْ أَدْرَكَهُ شَهْرُ رَجَبٍ فَاغْتَسَلَ في أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ خَرَجَ مِنْ ذُنوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»  .

العمرة الرّجبيّة

قال الشّيخ المفيد في (مسارّ الشّيعة): «وللعمرة فيه فضلٌ كبيرٌ قد جاءت به الآثار».

وفي (مصباح المُتَهجّد) للشيخ الطوسي: «ويستحبّ العمرة في رجب، وروي عنهم، عليهم السّلام، أنّ العمرة في رجب تلي الحجّ  في الفضل».

قال الفقيه الجليل السّيّد محمّد العامليّ في (مدارك الأحكام): «وأمّا أنّ أفضلها ما وقع في رجب فيدلّ عليه روايات، منها... عن أبي عبد الله، عليه السّلام، أنّه سُئل أيّ العمرة أفضل، عمرة رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال: لا، بَلْ عُمْرَةٌ في رَجَبٍ أَفْضَلُ..».

 

 

زيارة الإمام الرّضا عليه السّلام

 (مناهل الرّجاء): «ورغم هذه الأهمّيّة البالغة للعمرة الرّجبيّة، فإنّ الأفضل منها زيارة الإمام الرّضا، عليه السّلام، في رجب، وعليه أيضاً تُجمع كلمة العلماء، في ما يبدو من تتبُّع كلماتهم، وقد عقد في (الوسائل) باباً تحت عنوان: (استحباب زيارة الرّضا عَلَيْهِ السَّلامُ، وخصوصاً في رجب، على الحجّ والعمرة المندوبَين).

والرّوايات كثيرة جدّاً في عظيم ثواب زيارة الإمام الرّضا عليه السّلام، مُطلقاً، وتقصر العقول عن إدراكها، خصوصاً عندما نجد مثل العلّامة الحلّيّ يصرّح بصحّة سند الرّواية الّتي تتضمّن أنّها أفضل من زيارة سيّد الشّهداء عليه السّلام، ما يجعل لزيارته عليه صلوات الرّحمن في شهر رجب أهمّية لا تُضاهى».

الأعمال الخاصّة

في ما يلي، إشارة إلى أهمّ أوقات شهر رجب الحرام، مع بيان فضائلها وشيءٍ من خصوصيّاتها، والإشارة إلى أبرز الأعمال الواردة فيها، على أن تُراجع كُتب الأدعية للوقوف على جميع العبادات المسنونة في أيّام الشّهر المبارك، مثل كتاب (مفاتيح الجنان)، و(مناهل الرّجاء – أعمال شهر رجب)، ومختصره وهو «كتاب شعائر الرّابع» الحاوي لجميع الأعمال مع متون الأدعية والزّيارات.

 

اللّيلة الأولى

قال الميرزا الملكيّ التّبريزيّ في (المراقبات): «وأوّلُ ليلةٍ منه [من رجب]، من اللّيالي الأربع التي يتأكّد استحباب إحياؤها، والدّعاء عند الاستهلال بما رُوي..».

اليوم الأوّل

ورد عن الإمام الصّادق عليه السلام: «..مَن صامَ ذَلِكَ اليَوْمَ تَباعَدَتْ عَنْهُ النّارُ مَسيرَةَ سَنَةٍ..».

* ومن أبرز أعمال هذا اليوم، زيارة سيّد الشّهداء عليه السّلام. روى الشّيخ الطّوسيّ، عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَنْ زارَ الحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، عَلَيْهِما السَّلامُ، في أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ البَتَّةَ».

* ومن العبادات التي يتوجّب تعاهدُها بالرّعاية والاهتمام، بدءاً من هذا اليوم الأوّل، الصّلاةُ التي رواها الشّيخ الطّوسيّ في (مصباح المُتَهجّد)، وتُعرف بـ «صلاة سلمان». [انظر: باب «كتاباً موقوتاً» من هذا العدد]

 

اليوم الثّالث عشر: مولد أمير المؤمنين عليه السّلام

(مفاتيح الجنان): «وكان في هذا اليوم على المشهور ولادة أمير المؤمنين صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ في الكعبة بعد ثلاثين سنة من عام الفيل. وهو أوّل الأيّام البيض، وقد ورد للصّيام في هذا اليوم واليومَين بعده أجرٌ جزيل، ومَن أراد أن يدعو بدعاء أم داود فليبدأ بصيام هذا اليوم».

ومن أبرز أعمال هذا اليوم زيارة أمير المؤمنين عليه السلام، لا سيّما بزيارة «أمين الله».

اللّيالي البيض

* نذكر الصّلوات الخاصّة باللّيالي البيض الثّلاث (13 – 14 – 15 رجب) وهي عبارةٌ عن اثنتَي عشرة ركعة. يُؤتى منها بركعَتين في ليلة 13، وأربع رَكعات ليلة 14، وستّ ركعات ليلة 15. يقرأ (الحَمد) مرّة، و(يس)، و(تبارك المُلك)، و(قل هو الله أحد)، مرّة، مرّة.

* أمّا ليلة النّصف من رجب: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إِذا كانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ، أَمَرَ اللهُ خازِنَ ديوانِ الخَلائِقِ وَكَتَبةَ أَعْمالِهِمْ، فَيَقولُ لَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُروا في ديوانِ عِبادي، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ وَجَدْتُموها فَامْحوها وَبَدِّلوها حَسَناتٍ».

* ويُستحبّ أن تُحيا ليلة النّصف من رجب حتّى الصّباح، ويزداد فضلُ الإحياء بالعبادة. يقول السّيّد ابن طاوس حولَ إحياءِ هذه اللّيلة: «ينبغي أن يكونَ المُصدّق لله وللرّسول، الموافقُ للإقبال والقبول، على قَدَم المراقبة طولَ ليلِه..».

اليوم الخامس عشر

* ورد الحثُّ على زيارة الإمام الحسين عليه السّلام في النّصف من رجب، فقد سُئِلَ الإمام الرّضا عليه السّلام: في أيّ شهرٍ نزورُ الحسينَ عليه السّلام؟ قال: «في النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ، وَالنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ».

* وفي هذا اليوم، تُصلّى الرّكعات العشر الثّانية من «صلاة سلمان» المتقدّم ذكرُها في اليوم الأوّل.

* ومن أهمّ عبادات اليوم الخامس عشر، عملُ «أمّ داود»، وهو بالغُ الأهمّية، ينتظرُه مَن يعرفُه من شهرٍ إلى شهر، حيث إنَّه وإنْ كان في الأصل يؤدَّى في منتصف رجب، ولكن وردت الرُّخصةُ في الإتيان به في كلّ شهر. [انظر: باب «بصائر» من هذا العدد]

اللّيلة السابعة والعشرون ويومها: المبعث النّبويّ الشّريف

وردّ عن الإمام الجواد عليه السّلام في فضيلة اللّيلة السّابعة والعشرين، وهي ليلة المبعث النّبويّ الشّريف: «إِنَّ في رَجَبٍ لَلَيْلَة خَيْرٌ مِمّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَهِيَ لَيْلةُ سَبْعٍ وَعِشْرينَ مِنْ رَجَبٍ ".." وَإِنَّ للعامِلِ فيها مِنْ شيعَتِنا أَجْرَ عَمَلِ سِتّينَ سَنَةٍ..».

واليومُ السّابع والعشرون من شهر رجب يومٌ عظيمٌ جدّاً، بل وَرَد في بعض الرّوايات أنّه أفضلُ الأيّام على الإطلاق، لأنَّه تَشَرّفَ بِبِعثة المُصطفى صلّى الله عليه وآله، وقد هدانا اللهُ، تعالى، لِنعمةِ الإسلام، ووَفَّقَنا للاعتقادِ به، عزَّ وجلَّ، من خلال الاعتقادِ بِرسولِه الأعظم صلّى الله عليه وآله، وأن نكونَ مِن أُمَّتِه. [انظر: باب «بصائر» من هذا العدد]

 

اخبار مرتبطة

  فرائد

فرائد

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

نفحات