عمل
ليلة الرّغائب
اهتمام الفقهاء به، رغم ضعف السَّند
من
أبرز أوراد المؤمنين عبر الأجيال
----
الشّيخ حسين كوراني-----
* مع إطلالة شهر رجب في
كلّ عام، يبدأ استعداد المؤمنين لأعماله، ومن أبرزها عمل ليلة الرّغائب.
* عمل الرّغائب عبارة عن صوم أوّل خميس من
رجب، ثمّ الإتيان بصلاةٍ خاصّة ليلة أوّل جمعة منه.
* في السّنوات الأخيرة طُرحت في لبنان شبهة
تسبّبت بحرمان بعض المؤمنين من بركات هذا العمل، فاقتضى الأمر التّصويب.
* عطفاً على ما أوردته «شعائر» في السّنوات
الماضية، اختارت لهذا العدد، نصّ رواية الحرّ العامليّ في (وسائل الشّيعة) لعمل
الرّغائب، مع رأي العلّامة الحلّيّ في الصّلوات المرويّة عموماً.
قال
الشّيخ الحرّ العامليّ في (وسائل الشّيعة: 8/98) ما يلي:
«بابُ
استحباب صلاة الرّغائب ليلة أوّل جمعة من رجب:
الحسن
بن يوسف المطهّر العلّامة في إجازته لبني زهرة بإسنادٍ ذكره، قال: قال رسول الله
صلّى الله عليه وآله: رَجَبٌ شَهْرُ اللهِ، وَشَعْبانُ شَهْري، وَرَمَضانُ شَهْرُ
أُمَّتي، ثمّ قال: مَنْ صامَهُ كُلَّهُ اسْتَوْجَبَ عَلى اللهِ ثَلاثَةَ أَشْياءَ:
مَغْفِرَةً لِجَميعِ ما سَلَفَ مِنْ ذُنوبِهِ، وَعِصْمَةً فيما بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ،
وَأَماناً مِنَ العَطَشِ يَوْمَ الفَزَعِ الأَكْبَرِ، فقام شيخٌ ضعيفٌ فقال:
يا رسولَ الله صلّى الله عليه وآله، إنّي عاجزٌ عن صيامه كلّه، فقال رسول الله صلّى
الله عليه وآله: صُمْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثالِها،
وَأَوْسَطَ يَوْمٍ مِنْهُ، وَآخِرَ يَوْمٍ مِنْهُ، فَإِنَّكَ تُعْطى ثَوابَ مَنْ
صامَهُ كُلَّهُ، وَلَكِنْ لا تَغْفُلوا عَنْ لَيْلَةِ أَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْهُ، فَإِنَّها
لَيْلَةٌ تُسَمّيها المَلائِكَةُ لَيْلَةَ الرَّغائِبِ، وَذَلِكَ إِنَّهُ إِذا مَضى
ثُلُثُ اللَّيْلِ، لا يَبْقى مَلَكٌ في السَّماواتِ وَالأَرْضِ إِلّا وَيَجْتَمِعونَ
في الكَعْبَةِ وَحَوالَيْها، وَيَطَّلِعُ اللهُ عَلَيْهِمْ فَيَقولُ لَهُمْ: يا مَلائِكَتي،
سَلوني ما شِئْتُمْ، فَيَقولونَ: يا رَبَّنا، حاجَتُنا إِلَيْكَ أَنْ تَغْفِرَ لِصُوّامِ
رَجَبٍ، فَيَقولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ، ثمّ قال رسول
الله صلّى الله عليه وآله: ما مِنْ أَحَدٍ يَصومُ يَوْمَ الخَميسِ، أَوَّلَ خَميسٍ
مِنْ رَجَبٍ، ثُمَّ يُصَلّي ما بَيْنَ العِشاءِ وَالعَتْمَةِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رَكْعَةً،
فَإِذا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ صَلّى عَلَيَّ سَبْعينَ مَرَّةً يَقولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ
عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقولُ في سُجودِهِ سَبْعينَ مَرَّةً:
سُبّوحٌ قُدّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ وَالرّوحِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقولُ:
رَبّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجاوَزْ عَمّا تَعْلَمُ، إِنَّك أَنْتَ العَلِيُّ الأَعْظَمُ.
ثُمَّ
يَسْجُدُ سَجْدَةً وَيَقولُ فيها ما قال في الأُولى، ثُمَّ يَسْأَلُ اللهَ حاجَتَهُ
في سُجودِهِ فَإِنَّها تُقْضى.
قال
رسول الله صلّى الله عليه وآله: وَالّذي نَفْسي بِيَدِهِ، لا يُصَلّي عَبْدٌ أَوْ
أَمَةٌ هَذِهِ الصَّلاةَ إِلّا غُفِرَ لَهُ جَميعُ ذُنوبِهِ وَلَوْ كانَتْ مِثْلَ
زَبَدِ البَحْرِ، وَيُشَفَّعُ يَوْمَ القِيامَةِ في سَبْعِمائَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ
مِمَّنِ اسْتَوْجَبَ النّارَ، الحديث. وهو طويل يشتمل على ثواب جزيل.
ورواه
ابن طاوس في (الإقبال) مرسلاً عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله، نحوه». (أي: قريباً
ممّا تقدّم).
* تجدر الإشارة إلى أنّ
السّيّد ابن طاوس يصرّح بأنّه نقل هذا العمل «من بعض كتب أصحابنا رحمَهم الله».
* وحول الاهتمام بالصّلوات المرويّة وإن لم
يثبت اعتبار السّند، قال العلّامة الحلّيّ في معرض الحديث عن المندوب (المُستحبّ)
من الصّلوات: «ومن المندوب: ما ليس مؤقّتاً، وهو كثير، كصلاة الشّكر، وصلاة الحاجة،
وصلاة التّوبة، وهي مذكورة في كتب العبادات، ومستندُها النّقل، ولو ضعف لم
يقدح لما يعضدُه من كون الصّلاة أفضل عبادات الإنسان».
* والنّتيجة،
ليس من الذّوق الفقهيّ السّليم تثبيط النّاس عن الاهتمام بصلاة ليلة الرّغائب، بل
ينبغي الحثّ عليها - كما هو دأب الفقهاء في كلّ جيل – غاية الأمر الإلفات إلى
إتيانها برجاء المطلوبيّة، ولْنَصْرِفَ نَهينا أيّها الفضلاء الأعزّاء إلى النّهي
عن المنكر.