مصطلحات

مصطلحات

09/01/2013

البرجوازيّة*


البرجوازيّة*
تقديسُ الآلة، وتهميشُ الإنسان
_______ إعداد: أحمد فقيه _______



«البرجوازيّة» مصطلحٌ قديم، شاعَ استخدامُه في العصر الحديث، لِوَصف الفئاتِ المُسيطرة في الغرب، حيث مثّلت البرجوازيّة طبقةَ أصحاب رؤوس الأموال القادرة على الإنتاج، وبالتّالي السّيطرة على المجتمع، ومؤسّسات الدّولة، للمحافظة على امتيازاتها ومكانتِها.

البرجوازيّة -من الفرنسيّة «Bourgeoisie»، ومن اللَّاتينيّة المتأخِّرة «Burgus» المدينة المحصّنة- وكانت تعني أصلاً، في القُرون الوسطى، سكّانَ المُدن المحصّنة من الفئات الاجتماعيّة الميسورة الأحوال، التي هي وَسَطٌ بين الشّعب والنّبلاء. بمعنى أنّها طبقة اجتماعيّة مُحدَّدة، وتضمُّ الأشخاصَ ذوي الدّخل المستقلّ، أو الّذين يحقِّقون لأنفسهم نوعاً من الاكتفاء الذّاتي، ولهم سِماتٌ وعاداتٌ اجتماعيّة خاصّة بهم. ويعيش المُنتمون إلى البرجوازيّة في الأغلب حياةً ميسورة. وبتعبيرٍ آخَر، تتألّف البرجوازيّة من الأشخاص الذين لا يمارسون أيّ مهنةٍ من المِهَن اليدويّة. وبهذا التّحديد يخرج العمّالُ والفلّاحون وصغارُ الموظّفين من إطار البرجوازيّة، التي هي نقيضُ الطّبقة العاملة.

مفهوم البرجوازيّة تاريخيّاً

اتَّخذ مفهوم البرجوازيّة تاريخيّاً العديدَ من المعاني، ففي مطلع القرن الحادي عشر كانت كلمة «Burgenses» الفرنسيّة تعني سكّان مدينة حديثة النّشأة، يعيشون نَمَطاً حياتيّاً جديداً في المُدن خارج حدود الأرض التي يمتلكها الإقطاعي، ويُمارِسون في الغالب مهنة التّجارة، ثمّ غدت كلمة «Burgenses» مرادِفةً لِكلمة تاجر قبل أن تأخذ الكلمة «Bourgeois» معناها المعروف في القرون الوسطى، إذ باتت تعني الشّخص الذي يملك حقوقاً تتعلّق بملكيّة قطعة أرضٍ في المدينة أو بملكيّة عقاريّة. ثمَّ تطوَّر مفهوم البرجوازيّة في القرن الثامن عشر في فرنسا حتّى صار يعني طبقةً اجتماعيّةً مؤلّفةً من التُّجّار ومالكِي العقارات وأصحاب المِهَن الحرّة، كما صار تعبير البرجوازيّة نظاماً اقتصاديّاً واجتماعيّاً وسياسيّاً أيضاً، إضافة إلى كَوْنه يُعبِّر عن ذهنيّةٍ لها مظاهرها الخاصّة التي نَبَعَت من صميمِها أفكارُ «الثّورة الفرنسيّة». فبَعد أنِ اغتَنَت البرجوازيّة بفضل الامتيازات التي حصلت عليها وبفضل تطوُّر التّجارة، دَخَلَت عالمَ الحياة السّياسيّة، وصارت حليفةً للنِّظام المَلَكي في مواجهة طبقة النّبلاء المتمرّدة. وقد استمرّ هذا التَّحالف حتّى نهاية القرن الثّامن عشر حين قامت «الثّورة الفرنسيّة» وأحدَثَت زلزالاً في العلاقة بين الملكيّة والبرجوازيّة.
تمثّل البرجوازيّة مرحلةً من مراحل التّحوّل الاجتماعي، وتُعَدّ أساساً للكثير من الأفكار والمظاهر الاجتماعيّة الحديثة. فقد نَشأت البرجوازيّة في أحشاء المجتمع الإقطاعي حاملةً أسلوب الإنتاج الرأسمالي «الأرقى»، وارتبطت بالتَّراكُم الأوَّلي لرأس المال الذي قام على انتزاع الأراضي وأدوات العمل من الجماهير الشّعبيّة الواسعة. ومع تطوُّر القوى المُنتِجة، حلّت المانيفاكتورة (المصنع اليدويّ) محلّ نظام الإنتاج الحِرفي. ثمَّ تلتها الصِّناعة الآليّة الضَّخمة، وامتَلَك رأسُ المال الصِّناعي وسائلَ الإنتاج، وتركّزت ثروة ماليّة هائلة في أيدي البرجوازيّة.
وتوطّد النّظامُ الرّأسماليّ بقِيَمه البرجوازيّة، وأهمّها: الفرديّة، والمبادرة، وفكرة الفُرَص المتكافئة، والنّجاح الشّخصيّ.
والبرجوازيّة -وفقاً لبعض التوصيفات- هي الطّبقة الغالِبة في المجتمع الرّأسمالي، المالِكة لكلّ وسائل الإنتاج والتَّبادل، المُسْتَغِلَّةِ للعمل المأجور، فقد حطّمت نَمَط الحياة الذي كان غالباً في العصور الوسطى، من حيث إسهامها في تقديس التّقانة (التّكنولوجيا)، وفي استبدال العامل -الإنسان بالآلة، بهدف رفع إنتاجيّة العمل، ومضاعفة أرباحها، تمهيداً لتمتينِ نفوذِها الاجتماعي، فالسّياسي.
وبنتيجة الثّورات البرجوازيّة الممتدّة من القرن السّادس عشر إلى النّصف الأوّل من القرن التّاسع عشر، وصلت البرجوازيّة إلى السّلطة السّياسيّة وأصبحت هي الحاكِمة في أغلب بلدان أوروبا الغربيّة، وفي الولايات المتحدّة الأميركيّة.
___________________________
* نقلاً عن (الموسوعة العربيّة) - بتصرُّف

اخبار مرتبطة

  شعائر العدد الرابع و الثلاثون-شهر ربيع الأول 1433 -كانون الثاني/ شباط 2013

شعائر العدد الرابع و الثلاثون-شهر ربيع الأول 1433 -كانون الثاني/ شباط 2013

نفحات