وصايا

وصايا

08/03/2013

حافظ على العلم


وصيّة أُستاذ لتلميذه:
حافِظ على العِلم، بالتّقوى واجتناب المعاصي
ـــــ ابنُ أبي جمهور الأحسائيّ رحمه الله ـــــ 


الشيخ محمّد بن عليّ بن إبراهيم، المعروف بـ «أبي جمهور الأحسائيّ» المتوفّى بحدود سنة 901 للهجرة، صاحبُ المصنّف الشّهير (عوالي اللّآلي)، و(الأقطاب الفقهيّة) وغيرهما.
ترجمَ له المحدّث القمّيّ في (الفوائد الرّضويّة)، و(الكُنى والألقاب)، وذكر قسماً من وصيّته للشّيخ ربيعة بن جمعة، المدرجة ضمنَ إجازته له، وقد أوردَ العلّامة المجلسيّ في الجزء 105 من (بحار الأنوار) متنَ هذه الإجازة، والنَّصُّ التّالي منقولٌ عنها:



..عليكَ برعايةِ العلم والقيامِ بخدمته، وإيَّاك وتدنيسه بالطَّمع والخُرْق، [فتهتكَ] بذلك حُرْمَته ".." فَصُنْهُ يا أخي كلَّ الصّيانة، وأَقِمْ جَاهَهُ من الاجتهاد في الدِّيانة. وعليك بالجدِّ في طلبِه وتحصيلِه، ولا تملّ من السُّؤال عنه لتكميلِه، فقد رويَ عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال: «لو عَلِمَ النّاسُ ما في طلبِ العلم، لَطَلبوه ولو بِسَفْكِ المُهَج..» ".."
وإيَّاك وكتمانَ العلمِ ومنعَه من المتعلِّمين، فقد قال الله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ..﴾ آل عمران:187، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إذا ظَهَرت البِدَع في أمَّتي فليُظْهِرِ العالِمُ عِلْمَه، فمَن لم يفعَل فَعَليه لعنةُ الله»، وقال أيضاً: «مَن كَتَم عِلماً نافعاً ألْجَمَه الله يوم القيامة بلِجامٍ من نار»، وقال الإمام عليّ عليه السلام: «ما أخذ اللهُ على الجهَّال أن يتعلَّموا حتّى أخذَ على العلماءِ أن يعلِّموا» .
وإيّاك أن تبذلَه في محلِّ المَنْع، وإنّه عند الكلِّ مذموم، قال سيِّدُ البشر صلّى الله عليه وآله: «لا تُؤتوا الحكمة غيرَ أهلِها فتَظلموها..»، وقال أيضاً: «لا تطرحوا الدُّرَّ في أفواهِ الكلاب» ".."
وعليك بكَثرة الدّرس والمذاكرة، فإنَّ العلمَ ميتٌ وإحياؤه الدَّرس، والدَّرسُ ميتٌ وإحياؤه المذاكرة، قال الإمام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السلام: «تَلاقوا، وتَحادثوا العلم، فإنّ بالحديثِ تُجلى القلوبُ الرّائنة، وبالحديثِ إحياءُ أمرِنا، فَرَحِمَ اللهُ مَن أحيا أمرَنا».
وعليك بالحفظِ والتّذكار، فإنَّ خيرَ العلم ما حواه الصَّدر ".." فَكُنْ في جميعِ الأحوال مُراعياً له مُقبلاً عليه، فإنَّ آفةَ العلم النّسيان، ولا تتَّكل على جَمْعِه في الكُتُب، فإنّها موكَّلٌ ضايع ".." وإذا أنعمَ اللهُ عليك بتلك النّعمة الجليلة، واقتناءِ تلك الفضيلة، حافِظْ معها على تقوى اللهِ وتَرْكِ محارمِه، لأنَّ ارتكابَ معاصيه مُوجِبةٌ لزوال النِّعَم ".." قال النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «أَدِمِ الطّهارة، يَدُم عليك الرِّزق» .

حقوقُ المعلِّم

وأُوصيك بما يتعلَّقُ بأُستاذِك ومعلِّمك، وهو أن تعلمَ أوَّلاً أنَّه دليلُك وهاديك ".." والّذي كدَّ نفسَه في [إرشادِك] إلى الطّريق حتّى عرفْتَ مَسْلَكَ الحقِّ بالتّحقيق ".." فَقُمْ بِحَقِّه كلّ القيام ".." [و] إذا دخلْتَ مجلسه فَقُم بالسَّلام، وخُصَّهُ بالتَّحيَّة والإكرام، وتجلسْ أينما انتَهى بك المجلس، و[توقِّر] مجلسَه، فلا تُشاور فيه أحداً، ولا ترفع صوتَك على صوتِه، ولا تَغْتَب أحداً بحضرتِه .ومتى سُئِلَ عن شيءٍ فلا تُجِب أنت حتّى يكون هو الذي يُجيب، وتُقبل عليه وتُصغي إلى قولِه وتَعتقد صحّتَه، ولا ترُدَّ قوله، ولا تُكرِّر السُّؤالَ عندَ ضجرِه، ولا تُصاحِب له عدوّاً، ولا تُعادِ له وليّاً، وإذا سألْتَهُ عن شيءٍ فلم يُجبك فلا تُعِدِ السُّؤال .وتَعُودَه إذا مرض، وتسأل عن خَبَرِه إذا غاب، وتشهدَ جنازتَه إذا مات، فإذا فعلْتَ، عَلِمَ اللهُ أنّك إنَّما قصَدْتَهُ لتستفيدَ منه تقرُّباً إلى الله، وطَلَباً لِمَرضاتِه، وإذا لم تفعل ذلك، كنتَ حقيقاً أن يسلبَكَ اللهُ تعالى العلمَ وبهاءَه .

اخبار مرتبطة

  أيها العزيز

أيها العزيز

نفحات