وصايا

وصايا

01/08/2016

وصيةُ الحكيم الإلهيّ ابن مَسْكَوَيْه


وصيةُ الحكيم الإلهيّ ابن مَسْكَوَيْه

الانتصارُ على هوى النفس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شهِد التاريخُ الإسلاميّ على حكيمٍ إلهيّ كان له الحضور الأبرز في ميدان التأسيس لفلسفة الأخلاق. عنينا به الفيلسوفَ الشهير أبا عليّ الخازن، أحمد بن محمّد بن يعقوب، المعروف بـ«ابن مسكويه». [مَسْكَوَيْه لفظة أعجميّة تعني رائحة المسك]

ولعلّ أهمّ كُتبه في حقل الحكمة الأخلاقيّة، كتابه: (تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق)، وقد اشتهر به؛ وله أيضاً نحو سبعة عشر مؤلّفاً دارت جميعاً مدار آداب المعاملة وفنون المعاشرة الفاضلة، وعلوم السير والسلوك.

ويُجمع المحقّقون على أن ابن مَسْكَوَيْهِ المولود في مدينة الريّ في إيران (توفّي عام 421 للهجرة/1030م) هو أوّل علماء الإسلام الذين كتبوا في علم الأخلاق بمفهومه العلميّ الفلسفيّ، كما لمع نجمه في الفلسفة حتّى لقبه البعض بـ«المعلّم الثالث» بعد أرسطو والفارابي.

يُذكر أنّه قرأ (تاريخ الطبري) على أحمد بن كامل القاضي، ودرس علوم الأوائل على يد أبي الحسن بن سوار بن بابا بن بهرام المعروف بـ«ابن الخمّار»، الذي كان بارعاً بالطبّ، وماهرًا في العلوم الحكميّة، وخبيرًا بالترجمة، حيث نقل كتبًا كثيرة باللّغة السريانيّة إلى العربيّة.

ما نحن بصدده هنا، هي واحدة من أبرز وصاياه الأخلاقيّة، وتتعلّق بالصّفات والأفعال المحمودة التي على الإنسان العاقل الأخذ بها ليبلغ كماله وسعادته.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما عاهد عليه أحمدُ بن محمّد، وهو يومئذ آمِنٌ في سربه، معافًى في جسمه، عنده قوتُ يومه، لا تدعوه إلى هذه المعاهدة ضرورةُ نفسٍ ولا بدن، ولا يريد بها مراءاةَ مخلوق، ولا استجلابَ منفعةٍ ولا دَفْعَ مضرّةٍ منهم. عاهدَه على أن يُجاهد نفسه ويتفقّد أمره فَيَعِفَّ وَيَشْجُعَ وَيَحْكُم.

* وعلامةُ عفّته: أن يقتصد في مآرب بدنه حتّى لا يحمله الشَّرَهُ على ما يضرّ جسمه أو يهتكَ مروءته.

* وعلامةُ شجاعته: أن يحارب دواعيَ نفسه الذميمة حتّى لا تقهره شهوةٌ قبيحة، ولا غضبٌ في غير موضعه.

* وعلامةُ حكمته: أن يستبصرَ في اعتقاداته حتّى لا يفوته بقدر طاقته شيءٌ من العلوم والمعارف الصالحة؛ لِيُصلِحَ أوّلاً نفسه ويهذّبها، ويحصل له من هذه المجاهدة ثمرتُها التي هي العدالة، وعلى أن يتمسّك بهذه التّذْكِرة ويجتهد في القيام بها والعمل بموجبها؛ وهي خمسة عشر باباً:

1-   إيثارُ الحقّ على الباطل في الاعتقادات، والصّدقِ على الكذب في الأقوال،  والخيرِ على الشرّ في الأفعال.

2-    وكثرةُ الجهاد الدائم لأجل الحرب الدائم بين المرءِ وبين نفسه.

3-    والتمسّكُ بالشريعة ولزوم وظائفها.

4-    وحفظُ المواعيد حتّى ينجزها؛ وأوّلُ ذلك ما بيني وبين الله جلّ وعزّ.

5-    وقلّةُ الثقة بالناس بترك الاسترسال.

6-    ومحبّةُ الجميل لأنّه جميل؛ لا لغير ذلك.

7-    والصّمتُ في أوقات حركات النفسِ للكلام حتّى يُستشار فيه العقل.

8-    وحفظُ الحال التي تحصل في شيء، حتى تصير ملَكَةً ولا تفسدَ بالاسترسال.

9-    والإقدامُ على كلّ ما كان صواباً.

10-    والإشفاقُ على الزمان الذي هو العُمر؛ لِيُستَعملَ في المهمّ دون غيره.

11-    وتركُ الخوف من الموت والفقر لعمل ما ينبغي، وتركُ التواني، وتركُ الاكتراث لأقوال أهل الشرّ والحسد لئلّا يشتغلَ بمقاتلتهم، وتركُ الانفعال لهم.

12-    وحُسنُ احتمال الغِنى والفقر والكرامة والهوان بجهةٍ وجهة.

13-    وذكرُ المرضِ وقتَ الصحّة، والهَمِّ وقتَ السرور.

14-    والرضا عند الغضب ليقلّ الطَّغيُ والبَغي.

15-    وقوّةُ الأمل وحُسن الرجاء والثّقة بالله عزّ وجلّ، وصرفُ جميع البال إليه.

 

اخبار مرتبطة

  شعائر العدد الثامن و السبعون -شهر ذو القعدة 1437-أيلول

شعائر العدد الثامن و السبعون -شهر ذو القعدة 1437-أيلول

نفحات