كلمة سواء

كلمة سواء

26/01/2014

ضرورةُ التّواصل الخَلَّاق


في العلاقة بين الوعي ومجتمع المعرفة

ضرورةُ التّواصل الخَلَّاق

ـــــ حسين زين الدّين* ـــــ

 

قيل: إنَّ لكلِّ شيءٍ جوهراً، وجوهرُ الإنسانِ عقلُه، وجوهرُ العقلِ الوعيُ في طريقة رؤيتِه للأشياء. في مقدّمة كتابه (ميلاد الوعي)، يقول منصور الزّغيبي: «إنَّ مفردةَ الوعي تحتلُّ قيمةً تفوق كلَّ المفرداتِ الأخرى، لأنّها هي المدخلُ الرّئيس لعوالمِ المصطلحات الّتي تشكِّلُ حياةَ الإنسان..».

فالنَّقدُ يشكِّلُ إحدى مفاتيِحه الرّئيسة في نموِّه وتطوُّره، فهو «كالفِكر، أو هو فكرٌ لا يتغذَّى ولا ينمو إلَّا بالتّساؤل المستمرّ»، كما يعتقد بعض المعاصرين. فالسُّؤال هو المحفِّز الأوّل في عمليّة توليد الأفكار، إذ يفتحُ على الإنسان آفاقاً معرفيّةً ومفاهيمَ جديدةً، ويجعلُه يعيشُ العصرَ بكلّ تجلّياته في أُطرٍ جديدةٍ، لكنْ، بعد أن يتجاوزَ العقلُ كلَّ ما هو سائدٌ في النّظام الاجتماعيّ، ويتمتّعَ بعقليّةٍ متجدِّدةٍ، وباستقلاليّةٍ مفردةٍ ومنفصلةٍ عن تأثيرات الواقع.

***

بدلاً من الانشغال بالعلوم والمعارف الإنسانيّة الّتي تدفع بالوعي المجتمعيّ إلى الرُّقيّ والتّقدّم، راحت مجتمعاتُنا تنشغل بالأمور السّطحيّة والجانبيّة الّتي تدفعُنا إلى مزيدٍ من التّخلُّف الفكريّ والأخلاقيّ، وتَستنزفُ من قدراتنا العقليّة والفكريّة في أمورٍ لا قيمةَ لها. وقد ساهمَ في ما وصلنا إليه الإعلامُ بشعاراته المخادعة المضلِّلة، والمكرّسةِ لخدمة كلِّ ما من شأنه إبعاد الأمّة عن الاستضاءة بنور المشروع النّهضويّ، إضافةً إلى الخطاب التّكفيريّ المنغلق الّذي يُلغي الوعيَ ويتقصّدُ إلغاء فاعليّة العقل بالكامل.

لقد أصبح لزاماً علينا في مجتمعنا العربيّ - حكوماتٍ وشعوباً - أن نَعِيَ حقيقةَ مجتمع المعرفة في ظلِّ التّطوّر البشريّ على صعيد العلوم التّقنيّة والمعرفيّة، والّتي تشكِّلُ مقياساً لمعنى القوّة والتّفوُّق المادّيّين.

اليوم، أصبح من الضّرورة بمكان التّفكيرُ في صناعة ذلك المجتمع القادر على مواجهة التّحدّيات، وحلحلة العُقَد المُعيقة لحالة التّنمية المعرفيّة. ويمكننا أن نعرِّف مجتمع المعرفة على أنّه «مجموعةٌ من النّاس ذَوِي الاهتمامات المتقاربة، الّذين يحاولون الاستفادةَ من تجميع معرفتِهم سويّاً بشأن المجالات الّتي يهتمُّون بها، وخِلال هذه العمليّة يُضيفون المزيد إلى هذه المعرفة، وهكذا فإنّ المعرفة هي النّاتجُ العقليّ والمُجدي لعمليّات الإدراك والتّعلُّم والتّفكير».

وفيه يمكننا أنْ نفتتحَ بعض المداخل للاقتراب من واقع المعرفة والتّفكير، في سبيل النُّهوض بمتطلِّباته.

أوّلاً: ضرورةُ توفيرِ بيئاتٍ حاضنةٍ ومؤسّساتٍ وسياساتٍ داعمةٍ لإنتاج المعرفة واستحداثها في الوطن العربيّ.

ثانياً: دفعُ مبدأ التّواصل مع العالَم من دون إغفال مبدأ التّواصل مع الذّات، مع إصلاح ما بها من خللٍ واعوجاجٍ، ومنحِها القدرةَ على أن يكون تواصلُها مع العالم مُنتجاً وفاعلاً.

ثالثاً: تأسيسُ مراكزَ ومراصدَ وطنيّة وقوميّة منتجة للمعلومات والإحصاءات في مجتمعاتنا العربيّة.

رابعاً: تعزيزُ علاقة المعرفة بالحرّيّة، وبكلّ ما يمكن أن يساهم في تعزيز الكرامة الإنسانيّة.

(نقلاً عن مركز دلتا للأبحاث)

____________________

* كاتب من الحجاز

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

26/01/2014

دوريات

  كتب أجنبيّة

كتب أجنبيّة

نفحات