كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

31/08/2016

حقائق تتمّ بها حياة الصلاة


حقائق تتمّ بها حياة الصلاة

____ السيّد عبد الله شبّر رحمه الله ____

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «لا يَنْظُرُ اللهُ إِلى صَلاةٍ لا يُحْضِرُ الرّجلُ فيها قَلْبَهُ مَعَ بَدَنِهِ».

من كتاب (الأخلاق) للسيّد عبد الله شبّر، رحمه الله، اقتطفت «شعائر» مقالة تحدّد ستّ نقاط ينبغي للمصلّي الوقوف عليها، ليبعث الحياة في صلاةٍ، إن قُبَلِتْ، لَمْ يُعَذِّبْهُ اللهُ تعالى، كما جاء في الحديث الشريف.

 

ذكر العلماء أنّ المعاني الباطنة التي تتمّ بها حياة الصلاة يجمعها ستّة أمور، هي: حضور القلب، والتفهّم، والتعظيم، والهيبة، والرجاء، والحياء. وذكروا أسباب هذه المعاني الستّة.

 

فسبب حضور القلب الهمّة، فإنّ قلبك تابعٌ لهمّك، فلا يحضر إلّا في ما يُهمّك، ومهما أهمّك أمرٌ حضر القلب شاء أم أبى، فهو مجبولٌ عليه ومسخّرٌ فيه. والقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطّلاً، بل كان حاضراً فيما الهمّة مصروفة إلى أمور الدنيا. فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلّا بصرف الهمّة إلى الصلاة، والهمّة لا تنصرف إليها ما لم يتبيّن أنّ الغرض المطلوب منوطٌ بها، وذلك هو الإيمان والتصديق بأنّ الآخرة خيرٌ وأبقى، وأنّ الصلاة وسيلة إليه، فإذا أُضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا ومهانتها، حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة.

وأمّا التفهّم فسببه – بعد حضور القلب - إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى، وعلاجه هو علاج إحضار القلب مع الإقبال على الفكر، والجدّ لرفع الخواطر الشاغلة، وعلاج دفع الخواطر الشاغلة قطع موادّها، أعني النزوع من تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها، وما لم تنقطع تلك المواد لا تنصرف عنها الخواطر، فمن أحبّ شيئاً أكثر ذكره، فذكر المحبوب يهجم على القلب بالضرورة، ولذلك ترى مَن أحبّ غير الله لا يصفو له صلاة عن الخواطر.

وأمّا التعظيم، فهو حالة للقلب يتولّد من معرفتين: أحدهما معرفة جلال الله وعظمته، وهي من أصول الإيمان، فإنّ مَن لا يعتقد عظمته لا تذعن النفس لتعظيمه. والثانية معرفة حقارة النفس وخسّتها، وكونها عبداً مسخّراً مربوباً، حتّى يتولّد من المعرفتَين الاستكانة والانكسار والخشوع لله، فيُعبّر عنه بالتعظيم. وما لم تمتزج حقارة النفس بمعرفة جلال الربّ لا تنتظم حالة التعظيم والخشوع، فإنّ المستغني عن غيره، الآمن على نفسه، يجوز أن يعرف من غيره صفات العظمة. ولا يكون الخشوع والتعظيم حاله، لأنّ القرينة الأخرى – وهي معرفة حقارة النفس وحاجتها – لم تقترن إليه.

وأمّا الهَيبة والخوف، فحالة للنفس تتولّد من المعرفة بقدرة الله وسطوته ونفوذ مشيئته فيه مع قلّة المبالاة به، ولو أنّه لو أهلك الأوّلين ولآخرين لم ينقص من ملكه ذرّة. هذا مع مطالعة ما يجري على الأنبياء والأوصياء من المصائب وأنواع البلاء مع القدرة على الدفع. وبالجملة كلّما زاد العلم بالله، زادت الخشية والهيبة.

أمّا الرجاء فسببه معرفة لطف الله وكرمه، وعميم إنعامه ولطائف صنعه، ومعرفة صدقه في وعده الجنّة بالصلاة، فإذا حصل اليقين بوعده والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعها الرجاء لا محالة.

وأمّا الحياء فباستشعار التقصير في العبادة، وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حقّ الله، ويقوّي ذلك المعرفة بعيوب النفس وآفاتها وقلّة إخلاصها وخبث دخلتها، وميلها إلى الحظّ العاجل في جميع أفعاله مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال الله، والعلم بأنّه مطّلع على السريرة وخطرات القلب، وإنْ دقّت وخفيت، وهذه المعارف إذا حصلت يقيناً انبعث منها بالضرورة حالة تُسمّى الحياء.

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

31/08/2016

دوريات

نفحات