عندَ مولد الحسين، وفي السّنوات الأولى
كيف أسّسَ الوحيُ والنبيُّ لكربلاء
ـــــ من دروس «المركز الإسلامي» ـــــ
عاش الإمام الحسين مع جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله سبع سنين، وتتوزّع الرّوايات في هذه الفترة -ما بين ولادة الإمام الحسين عليه السلام ووفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله- على محورين:
الأوّل: ما ورد في روايته تحديدُ عمر الإمام الحسين عليه السلام.
الثاني: ما لم يرِد في روايته تحديدُ عمره الشّريف سلام الله عليه. |
* تناول الملفّ السّابق في عدد شعبان [1432 هجريّة، العدد 15]، ما ورد عن الإمام الحسين عليه السلام، قبل خلْق النبيّ آدم عليه السلام، ثمّ في سيرة النبيّين.. وصولاً إلى إخبار الله تعالى النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله -قبل ولادة سبطه الحسين- بشهادته عليه السلام، وهي كلُّها محاور تأسيسيَّة في باب معرفة سيّد الشهداء سلام الله تعالى عليه.
* وتناول الملف الذي تلاه، في عدد محرّم من السنة الماضية «تربة الحسين عليه السلام في حديث الملائكة»، وهو محورٌ تتوزّع رواياته على مرحلة ما قبل الولادة وما بعدها.
* ويتناول هذا الملف -كما تقدّمت الإشارة في الإستهلال- ما رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في مرحلة ولادة الإمام الحسين إلى وفاة الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله. ويُمكن تصنيف هذه الرّوايات النبويّة إلى محورَين رئيسَين هما:
الأوّل: ما ورد في روايته تحديدُ عمر الإمام الحسين عليه السلام.
الثاني: ما لم يرِد في روايته تحدُيد عمره الشريف سلام الله عليه.
***
O تتوزّع روايات المحور الأوّل -ما ورد فيه تحديد العمر- على ما يلي:
1- عندما كان الحسين عليه السلام جنيناً.
2- عند الولادة.
3- عندما كان الحسين عليه السلام يحبو.
4- عندما كان عمره سنة.
5- عندما أكمل السّنتَين.
تجدر الإشارة إلى أنّ وفرة الرّوايات في غالب هذه المحاور الفرعيّة تحتِّم الإكتفاء -هنا- ببعضها، على أمل أن تستكمَل في الأبحاث المطوّلة.
كما تجدر الإشارة إلى أنّ المزيد من تتّبع الرّوايات قد يكشف رواياتٍ أخرى غير ما ذُكِر هنا، ورد فيها التّصريح بتحديد عمر الإمام الحسين عليه السلام، أو وردت فيها قرائن قويّة تُتيح التّحديد.
O وتتوزّع روايات المحور الثاني الرئيس -ما لم يرِد فيه تحديدُ العمر- على المحاور الفرعيّة التالية:
الأوّل: حديث النبيّ صلّى الله عليه وآله مع أهل البيت عليهم السلام حول شهادة الإمام الحسين عليه السلام.
الثاني: مع أمّهات المؤمنين.
الثالث: مع الصّحابة. فرادى، ومجتمعين. في مجلسٍ أو على المنبر. [أنظر: المقال التالي]
يتّضح أنّ هذا المحور الرئيس يشمل جميع الرّوايات النبويّة بما فيها روايات تحديد عمر الإمام الحسين عليه السلام، ولولا الميزة الهامّة جداً والبالغة الدّلالة في تحديد العمر لَوجب الإقتصار على هذا المحور وما يتفرّع عنه.
تظهر فوائدُ هذا التّقسيم -أي بحسب عمر الإمام الحسين عليه السلام- من خلال التأمّل في طبيعة روايات هذه المرحلة وخصائصها التي من أهمّها حديث رسول الله عن شهادة الحسين على المنبر عند تمام السّنة الثانية من عمره عليه السلام.
ويشمل كلٌّ من هذَين المحورَين الرّئيسَين العديد من المحاور الفرعيّة، والرّوايات فيهما متكثّرة جداً، رُويت مسندةً في كُتب الشيعة والسنة، وقد اعتنى العلماء بتقييمِها والنصِّ على ما صحّ منها؛ وهو كثيرٌ بالغ الأهميّة، عظيم الدّلالة.
***
المحور الأوّل: الرّوايات التي ورد فيها تحديدُ عمر الإمام الحسين عليه السلام. |
1- عندما كان عليه السلام، جنيناً: |
* «.. ورُوي أنّ الله تعالى هنّأ النبيَّ صلّى الله عليه وآله بحَمْل الحسين وولادته، وعزّاه بقتله [ومصابه] فعرفتْ فاطمة عليها السلام فكرهتْ ذلك، فنزلت: ﴿..حملته أمه كرها ووضعته كرها، وحمله وفصاله ثلاثون شهراً..﴾ الأحقاف:15. ".." ولم يولد مولودٌ لستَّةِ أشهر عاشَ غيرُ عيسى والحسين». (ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب: ج 3، ص 209)
** وقد وردَ تفصيلُ ما تقدّم في روايةٍ مبسوطة أوردَها الشيخ الصّدوق في (علل الشرائع) جاء فيها عن الإمام الصّادق عليه السلام:
«إنّ جبرئيل عليه السلام نزلَ على محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وما وُلد الحسينُ بعدُ. فقال له يولَد لك غلامٌ تقتلُه أمّتك من بعدك، فقال: يا جبرئيلَ، لا حاجةَ لي فيه. فخاطبَه ثلاثاً، ثمّ دعا عليّاً فقال له إنّ جبرئيل عليه السلام يُخبرني عن الله عزّ وجلّ أنّه يولَد لك غلامٌ تقتلُه أمّتك من بعدك. فقال: لا حاجة لي فيه يا رسول الله، فخاطبَ عليّاً عليه السلام ثلاثاً، ثمّ قال: إنّه يكون فيه وفي وُلدِه الإمامة والوراثة والخزانة، فأرسل إلى فاطمة عليها السلام أنّ الله يبشِّركِ بغلامٍ تقتلُه أمّتي من بعدي. فقالت فاطمة: ليس لي حاجة فيه يا أبة. فخاطبَها ثلاثاً، ثمّ أرسلَ إليها: لابدّ أن يكون فيه الإمامة والوراثة والخزانة، فقالت له: رضيتُ عن الله عزّ وجلّ».
* وربّما أضاء على معنى هذا التّخيير الإلهي، أنَّ الله تعالى أراد أن يكون قبول النبيّ والأمير والزّهراء عليهم السلام، بشهادة الحسين عليه السلام باختيارهم لا بالفرض، فجاء السّؤال خالياً عن بيان المصلحة فلم يقبلوا، ثمّ عرّفهم سبحانه المصلحةَ فقبلوا رضاً برضا الله تعالى.
والفرق كبيرٌ بين الشّهادة اختياراً وبملء الإرادة، وبين الإضطرار للشّهادة، ولذا خيَّر سيّدُ الشّهداء أصحابه في كربلاء: «وهذا اللّيل قد غَشِيَكم فاتّخذوه جَمَلاً..». وكذلك الفرق بين قبول النبيّ صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والزّهراء عليهما السلام بما اختاره الله تعالى من دون تخييرهم، وبين ما اختاروه بعد رفضِه حين طرح عليهم كسؤالٍ من دون بيان المصلحة، ثمّ قبلوه على ما فيه، لأنّ المصلحةَ موردُ رضاه عزّ وجلّ.
2- عند الولادة: التّسمية إلهيّة. إخبارُ النّبيّ بشهادتِه. تكنيتُه بأبي عبد الله، نبويَّة: |
* أورد العلّامة المجلسي عن (أمالي) الطوسي: بإسنادِ أخي دعبل، عن الرّضا، عن آبائه، عن عليِّ بن الحسين عليهم السلام قال: «حدّثتني "أسماء بنت عُمَيْس الخَثْعَمِيَّة" قالت: قَبِلْتُ [كنتُ قابِلَةَ] جدّتك فاطمة بنت رسول الله بالحسن والحسين. قالت: فلمّا ولدَت الحسن جاء النبيُّ صلّى الله عليه وآله فقال: يا أسماء هاتي ابني. قالت: فدفعتُه إليه في خرقةٍ صفراء، فرمى بها وقال: أَلم أعهَد إليكم أنْ لا تلفّوا المولود في خرقةٍ صفراء، ودعا بخرقةٍ بيضاء فلفَّه بها، ثم أذّنَ في أُذُنه اليُمنى، وأقام في أُذُنه اليسرى، وقال لعليٍّ عليه السلام: بما (ما) سمّيتَ ابني هذا؟ قال: ما كنتُ لِأَسبقَك باسمِه يا رسول الله.
قال: وأنا ما كنتُ لِأَسبقَ ربّي عزّ وجلّ. ".." فهبطَ جبرئيل، فقال: إنّ الله يقرأُ عليك السلام، ويقول لك: يا محمّد، عليٌّ منك بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنَّه لا نبيَّ بعدَك، فسمِّ ابنَك باسم ابن هارون.
قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: وما اسمُ ابنِ هارون؟ قال جبرئيل: شُبَّر، قال: وما شُبَّر؟ قال: الحَسَن. قالت أسماء: فسمّاه الحَسن.
قالت أسماء: فلمّا ولدتْ فاطمةُ الحسين عليه السلام نَفَسْتها به [تولّيت أمرَها] فجاءَني النبيُّ فقال: هلمَّي ابني يا أسماء، فدفعتُه إليه في خرقةٍ بيضاء، ففعلَ به كما فعلَ بالحسن. قالت: وبكى رسولُ الله ثمّ قال: إنّه سيكون لك حديث! أللّهمّ العنْ قاتلَه، لا تُعلِمي فاطمةَ بذلك.
قالت أسماء: فلمّا كان في يوم سابعِه جاءَني النبيُّ فقال: هلمّي ابني، فأتيتُه به: ففعلَ به كما فعل بالحسن، وعقَّ عنه كما عقَّ عن الحسن كبشاً أمْلح، وأعطى القابلةَ الوِركَ ورِجْلاً، وحَلَقَ رأسَه، وتصدَّق بوزن الشَّعر ورِقاً، وخلَّق رأسَه بالخَلوق، وقال: إنّ الدّم من فعل الجاهليّة.
قالت: ثمّ وضعَه في حِجره ثمّ قال: يا أبا عبد الله عزيزٌ عليّ، ثمّ بكى.
فقلت: بأبي أنت وأمّي فعلتَ ".." هذا اليوم [السّابع] وفي اليوم الأوّل، فما هو؟
قال: أبكي على ابني هذا، تقتلُه فئةٌ باغيةٌ كافرةٌ من بني أميّة لعنَهم الله. لا أنالَهم الله شفاعتي يومَ القيامة، يقتله رجلٌ يَثْلم الدّين ويكفرُ بالله العظيم.
ثمّ قال: أللّهمّ إنّي أسألك فيهما ما سألَك إبراهيمُ في ذرّيّته. أللّهمّ أحِبَّهما وأحبَّ مَن يحبُّهما، والعَنْ مَن يُبغضُهما ملءَ السّماء والأرض». (المجلسي، بحار الأنوار: ج 44، ص 250 -252؛ وانظر أمالي الشيخ الطوسي: ص368)
* وينبغي التدبّر جيِّداً في أنّ تكنيةَ سيِّد الشهداء بأصغر أولاده «عبد الله الرّضيع» قد جرَت على لسان سيِّد النبيّين صلّى الله عليه وآله، وهي كنيتُه التي اشتهرت، وقد وردت في مصادر الشّيعة والسنّة.
***
وقد وردت أكثر المضامين المتقدِّمة في رواية ثانيةٍ أيضاً عن الإمام السّجّاد عليه السلام، وهي كما يلي:
** «عن الثّمالي، عن زيد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهما السلام قال: لمّا ولدتْ فاطمةُ الحسنَ عليهما السلام قالت لعليٍّ عليه السلام : سَمِّه، فقال: ما كنتُ لِأَسبقَ باسمِه رسولَ الله، فجاءَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله فَأُخرجَ إليه في خرقةٍ صفراء، فقال: أَلم أَنهكم أن تلفّوه في [خرقةٍ] صفراء؟ ثمّ رمى بها وأخذَ خرقةً بيضاءَ فلفَّه فيها، ثمّ قال لعليٍّ عليه السلام: هل سمّيتَه؟ فقال: ما كنتُ لِأَسبقَك باسمِه، فقال صلّى الله عليه وآله: وما كنتُ لِأَسبقَ باسمِه ربّي عزّ وجلّ.
فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل أنّه قد ولِدَ لمحمّدٍ ابنٌ، فاهبِط فأَقرِئه السّلامَ وهنِّئه وقلْ له: إنَّ عليَّاً منك بمنزلة هارون من موسى؛ فسمِّه باسم ابنِ هارون. فهبطَ جبرئيل عليه السلام فهنّأَه من الله عزّ وجلّ، ثمّ قال: إنّ الله تبارك وتعالى يأمرُك أن تسمّيه باسمِ ابنِ هارون، قال: وما كان اسمُه؟ قال: شُبَّر. قال: لساني عربيّ. قال: سَمِّه الحَسَن. فسمّاه الحَسَن.
فلمّا وُلِدَ الحسين عليه السلام أوحى الله عزّ وجلّ إلى جبرئيل عليه السلام أنّه قد ولِد لمحمّد ابنٌ، فاهبِط إليه فهنّئه وقلْ له: إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى؛ فسمِّه باسمِ ابنِ هارون. قال: فهبطَ جبرئيل عليه السلام فهنَّأه من الله تبارك وتعالى، ثمّ قال: إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى فسمِّه باسمِ ابنِ هارون، قال: وما اسمُه؟ قال: شَبير، قال: لساني عربيّ، قال: سَمِّه الحسَين، فسمّاه الحسَين». (المجلسي، بحار الأنوار: ج 43، ص 238، نقلاً عن العِلل والأمالي للصّدوق؛ وانظر مسند زيد بن عليّ: ص 466 - 469)
*** ومن روايات هذا العنوان والسِّياق، الرّوايات التي ورد فيها اسمُ الملَك «فُطرس»، ومنها ما رواه المجلسي في (البحار) عن (أمالي) الصّدوق: «.. عن إبراهيم بن شعيب، قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنّ الحسينَ بن عليّ لمّا وُلِد أمرَ اللهُ عزّ وجلّ جبرئيلَ أن يهبطَ في ألفٍ من الملائكة فيُهنّئ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله من الله عزّ وجلّ ومن جبرئيل. فهبطَ جبرئيل فمرّ على جزيرةٍ في البحر فيها ملَك يُقال له: فطرس..».
وقد تقدّم الحديث عن هذه الرّوايات وقصّة الملك «فُطرس» بالتّفصيل في ملفٍّ خاصّ. [شعبان 1433، العدد 27]
3- عندما كان الحسين عليه السلام، يحبو: |
«..في (طبقات) ابن سعد، و(تاريخ) ابن عساكر واللّفظ للثّاني، عن عثمان بن مقسم عن المقبري، عن عائشة قالت: بينَا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله راقدٌ، إذْ جاءَ الحسينُ يحبو إليه فنحّيْتُه عنه، ثمّ قمتُ لبعضِ أمري فدنا منه فاستيقظَ يبكي، فقلت: ما يُبكيك؟
قال: إنّ جبريلَ أراني التّربةَ التي يُقتَل عليها الحسين، فاشتدَّ غضبُ الله على مَن يسفكُ دمَه، وبسطَ يدَه فإذا فيها قبضةٌ من بطحاء، فقال: يا عائشة، والّذي نفسي بيدِه إنّه لَيَحزُنني، فمَن هذا من أُمّتي يقتل حسيناً بعدي..». (السيد مرتضى العسكري، معالم المدرستين: ج 3، ص 34 - 35)
4- عندما كان عمرُه عليه السلام، سنة: |
* «في (مقتل) الخوارزمي:لمّا أتى على الحسين من ولادته سنةٌ كاملة هبطَ على رسول الله صلّى الله عليه وآله اثنا عشر ملَكاً محمرّةً وجوهُهم قد نشروا أجنحتَهم وهم يقولون: يا محمّد، سينزلُ بِولدِك الحسين ما نزلَ بهابيل من قابيل، وسيُعطى مثل أجرَ هابيل، ويحمَل على قاتلِه مثل وِزر قابيل، قال: ولم يبقَ في السّماء ملَك إلّا ونزلَ على النّبيّ يعزّيه بالحسين، ويخبرُه بثواب ما يعطى، ويعرض عليه تربتَه، والنّبيُّ يقول : أللّهمّ اخذُلْ مَن خذلَه، واقتلْ مَن قتلَه، ولا تمتِّعه بما طلبَه».
(السيد مرتضى العسكري، معالم المدرستين: ج 3، ص 28)
** «..وقال أصحابُ الحديث: فلمّا أَتتْ على الحسين سنةٌ كاملة، هبطَ على النّبيّ اثنا عشر ملكاً على صوَرٍ مختلفة -أحدُهم على صورة بني آدم- يُعزَّونه ويقولون: إنّه سينزلُ بولدِك الحسين ابنِ فاطمة ما نزلَ بهابيل من قابيل، وسيُعطى مثلَ أجر هابيل، ويحمل على قاتله مثل وِزر قابيل، ولم يبقَ ملَكٌ إلّا نزلَ إلى النبيّ يعزّونه، والنّبيّ يقول: أللّهمّ اخذُلْ خاذلَه، واقتلْ قاتلَه، ولا تمتِّعه بما طلبَه». (العلّامة المجلسي، بحار الأنوار: ج 44، ص 243 - 247).
5- عندما اكتمل عمره عليه السلام، سنتين: |
* واللهِ ما ينظرُ أحدٌ إلى رأس وَلدي الحسين فيفرَح، إلّا خالفَ اللهُ بين قلبِه ولسانِه *
«.. فلمّا أَتتْ على الحسين من مولدِه سنتان كاملتان خرجَ النّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في سفرٍ له، فلمّا كان في بعض الطريق وقفَ فاسترجَع ودمعتْ عيناه، فسُئل عن ذلك، فقال: هذا جبريلُ يُخبرُني عن أرضٍ بشاطىء الفراتِ يُقال لها كربلا، يُقتَل بها ولدي الحسينُ ابنُ فاطمة، فقيل: مَن يقتلُه يا رسولَ الله؟ فقال: رجلٌ يُقال له يزيد، لا باركَ اللهُ له في نفسِه! وكأنّي أنظرُ إلى مصرعِه ومدفنِه بها، وقد أُهدِيَ برأسه، وواللهِ ما ينظرُ أحدٌ إلى رأس ولدي الحسين فيفرح، إلّا خالفَ اللهُ بين قلبِه ولسانِه..». (ابن أعثم الكوفي، الفتوح: ج 4، ص 325)
وتأتي تتمّة هذه الرواية -وهي طويلة- في موضوعٍ مستقلٍّ في هذا الملفّ. مع مزيدِ إضاءاتٍ حولها لأنّها تتضمّن الحديثَ عن أوّل مجلسِ عزاءٍ عامٍّ يُقيمه سيّدُ النبيّين، ويتحدّث فيه عن الإمام الحسين عليه السلام، وغربتِه وشهادتِه وتخاذلِ الأمّة عن نصرتِه عليه السلام.