مصطلحات

مصطلحات

09/01/2013

«البَيْعة»


«البَيْعة»
عزمٌ بالقلب، وإشهارٌ باللِّسان
ـــــ إعداد: «شعائر» ـــــ




في كتابِه القيّم والنّوعيّ (مكيالُ المكارم في فوائد الدّعاء للقائم عليه السلام) تطرّق الميرزا السيّد محمَّد تقي الموسوي الأصفهاني قدّس سرّه إلى معنى «البَيْعة» لغةً وشرعاً، وقد وَرَد تعريفُه لها في سياق حديثه على «تجديد البيعة للإمام المهديّ عليه السلام» بعد الفرائض، ويومَ الجمعة من كلّ أسبوع.

قد يُطلَق لفظ «البَيْعة» و«المُبايعة» على المُعاهدة والمُعاقدة.
قال في (مجمع البحرين): «المُبايعة المُعاقدة والمُعاهدة، كأنَّ كلّاً منهما باع ما عنده مِن صاحبه، وأعطاهُ خالِصَة نفْسه، ودَخيلة أمرِه».
أقول: الحاصلُ من معنى المُبايعة هو التزامُ المُبايِع، وعهدُه المؤكَّد وميثاقُه المسدَّد، بأنْ يَنصُرَ مَن يُبايعه بنفسِه، ومالِه، ولا يَبخل عليه بشيءٍ من ذاتِ يده وما يَتعلَّق به في نصرته، ويجعل نفْسَه ومالَه فداءً، ووقاءً له.
والبَيْعةُ بهذا المعنى مذكورةٌ في «دعاء العهد»، المَروي لكلِّ يوم، وفي «دعاء العهد» المروي لأربعين صباحاً. [وردَ في الأوّل: «أللّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي هذا اليَوْمِ، وَفِي كُلِّ يَوْمٍ، عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً فِي رَقَبَتِي». وفي الثاني: «أللّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبيحةِ يَوْمِي هذا، وَما عِشْتُ مِنْ أيّامِي، عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي، لاأَحُولُ عَنْها وَلاأ َزُولُ أَبَداً».]
وقد أمَرَ رسول الله صلّى الله عليه وآله جميع الأمَّة بمبايعة الأئمَّة عليهم السلام بهذه البَيْعة، الشَّاهد منهم والغائب في خطبة الغدير المرويّة في (الاحتجاج) للشّيخ الطَّبرسي [ج1، ص66، النعمان]. ولا شكَّ أنَّ المبايعة بهذا المعنى من لوازِم الإيمان، وعلاماته، بل لا يَتحقَّق الإيمان من دونها؛ فالمُبايع هو المؤمِن، والمُشتري هو الله عزَّ وجلَّ، ولذلك قال عزَّ من قائل: ﴿إنَّ الله اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ..﴾ التوبة:111.
وقد بَعَث اللهُ تعالى أنبياءَه وَرُسُلَه لتجديد تلك المبايعة وتأكيدها؛ فمَن بايَعَهُم فقد بايعَ الله، ومَن تَولَّى عنهم فقد تَولَّى عن الله، ولهذا قال جلَّ شأنُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيماً﴾ الفتح:10. وفي هذه الآية الشَّريفة أيضاً دلالة على كَوْن المُراد بالبَيْعة والمُبايعة هو العهد المؤكَّد والميثاق المُسَدَّد مع الله ورسولِه، ووَعَدَ المُوفِينَ بتلك المعاهدة الأجرَ العظيم.
وهذه البيعة إنَّما تتمّ بأمرَين:
الأوّل: العَزْمُ القلبيّ الثّابتُ والرّاسخ على إطاعة أمر الإمام ونصرته بِبَذْل النّفس والمال.
الثاني: إظهارُ ما قَصَدَه وعَزَم عليه قلباً بلسانِه.
وقد تُطلَق البَيْعة والمبايعة على المُصافقَة باليد، وكذا تُطلَق الصَّفقة على البَيْعة أيضاً كما ذكرَه أهلُ اللّغة. يُقال: صفقةٌ رابحة أو خاسرة، أي: بَيْعة.
وفي (الكافي) عن أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام: «مَن فارَق جماعة المسلمين، ونَكَثَ صَفْقَة الإمام، جاء إلى الله عزَّ وجلَّ أَجْذَم». [الأجذم هو مقطوعُ اليَد]
ولا يَخفى أنَّ المصافقة نفسَها ليست بيعةً حقيقة، بل هي علامةٌ لوقوع البيعة وتماميَّتها، والظَّاهر أنَّ إطلاق المبايعة والبَيْعة على المُصافَقَة من باب تسمية المُسبَّب باسم السَّبب، وأصلُ البَيْعة وحاقُّها [صميمُها] كما حقَّقنا، هو العهدُ والميثاق المؤكَّد، وبه يدخلُ الإنسان حقيقةً في زُمْرَة أهل الإيمان المُشترين للجِنان، وإنْ لم يُبايِع الرَّسول أو الإمام بالمُصافقة باليد، كما هو الحال في أكثر المؤمنين الحاضرين في زمن الأئمَّة عليهم السلام. (مختصَر)

اخبار مرتبطة

  الملف

الملف

18/01/2013

إستهلال

نفحات