الموقع ما يزال قيد التجربة
أللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما حَمَلَ وَحْيَكَ وَبَلَّغَ رِسالاتِكَ، وصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما أَحَلَّ حَلالَكَ وَحَرَّمَ حَرامَكَ وَعَلَّمَ كِتابَكَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما أقامَ الصَّلاةَ وَأدَّى الزَّكاةَ وَدَعا إِلى دِينِكَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما صَدَّقَ بِوَعْدِكَ وَأَشْفَقَ مِنْ وَعِيدِكَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما غَفَرْتَ بِهِ الذُّنُوبَ، وَسَتَرْتَ بِهِ العُيُوبَ، وَفَرَّجْتَ بِهِ الكُرُوبَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما دَفَعْتَ بِهِ الشَّقاءَ، وَكَشَفْتَ بِهِ العَماء، وَأَجَبْتَ بِهِ الدُّعاءَ، وَنَجَّيْتَ بِهِ مِنَ البَلاءِ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما رَحِمْتَ بِهِ العِبادَ وَأَحْييْتَ بِهِ البِلادَ وَقَصَمْتَ بِهِ الجَبابِرَةَ وَأَهْلَكْتَ بِهِ الفَراعِنَةَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما أضْعَفْتَ بِهِ الأمْوالَ وَحذَّرْت بِهِ مِنَ الأهْوالِ، وَكَسَرْتَ بِهِ الأصْنامَ، وَرَحِمْتَ بِهِ الأنامَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ كَما بَعَثْتَهُ بِخَيْرِ الأدْيانِ وَأَعْزَزْتَ بِهِ الإيْمانَ وَتَبَّرْتَ بِهِ الأوْثانَ وَعَصمت بِهِ البَيْتَ الحَرامَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ الأخْيارِ وَسَلّم تَسْلِيماً.
ـــــ الشيخ حسين كوراني ـــــ
تلتقي الوهّابيّةُ المقنّعةُ -ولو عن حُسْنِ نيّة- مع الوهّابيّة «السّعوديّة»، ومع خلفيّات أجهزةِ المخابرات العالميّة المحرّضةِ للمرتدّ »رشدي» وأضرابِه، وحمَلاتِ الرّسوم المُسيئة، في إضعافِ العلاقةِ الرّوحيّةِ للأُمّة والبشريّة بسيّد النّبيّين الإنسانِ الأوّل، والشّاهدِ على الأنبياء، وسرِّ الخَلْقِ بإذنِ الله تعالى. ما يلي، مقاربة لهذه الإشكاليّة الثّلاثيّة الأطراف، تُقدّمها «شعائر» في أجواء احتفال الأمّة بذكرى مولد الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله. |
واجهت الجاهليّةُ الأولى و«قريش» بالتّحديد وبنو أميّة بالخصوص، دعوةَ توحيد الله تعالى التي بلّغها خاتمُ النبيّين وسيّدُهم صلّى الله عليه وعليهم، بالأساليب الثّلاثة وشنّت الغاراتِ والحروبَ المتتاليةَ للقضاء على الرّسول والرّسالة، ثمّ لجأتْ، بعد الفشلِ في كلِّ جولاتِها، إلى «النّفاق» فتظاهرت «قريش» عبر الأمويّين، وغيرِهم بالإسلام.
ولقد سجّلَ القرآن الكريم هذه المواجهات -في التّشكيك بالمرسِل والرّسول والرّسالة- بآياتٍ كثيرة منها قولُه تعالى: ﴿..وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا * وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا﴾ الإسراء:46-49.
وعندما فشلت كلُّ أساليبِ الطّعن والتّشكيك هذه في محاصرةِ الدّعوة الإسلاميّة، أعلنت الجاهليّةُ الأولى الحربَ العسكريّة للقضاء على هذا التّحدّي الخطير الذي مثَّلته رسالةُ التّوحيد التي حملَها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله للعالَمين.
كانت الجولات العسكريّة عاتيةً لم يخطر ببالِ أحدٍ آنذاك أن تدورَ فيها الدّائرةُ على قريش وأصنامِها والجاهليّة الأولى، وينتصر التّوحيدُ وتدخل كلُّ القبائل في دين الله أفواجاً.
هالَ قريشاً أن ترى هيبتَها قد تلاشت، فقد تحطّمت شوكتُها العسكريّةُ في الصحاري المحيطة بالمدينة المنوّرة وعلى أعتابِها، وكم من فارسٍ يعَدُّ بألف وكم من فرعونٍ «أعتَى من فرعون موسى» -كما وصفَ الصّادقُ الأمينُ بذلك أبا جهل- حصدَتهم سيوفُ عليٍّ عليه السلام والملائكة المسوِّمين وسائرِ المسلمين.
قرّرتْ قريش أنْ تنحني للعاصفةِ إرصاداً وترقُّباً للّحظةِ المناسبةِ لإطلاقِ الثّورة المضادّة بالأسلوبِ الذي تبلورُ أفضليّتَه المستجدّات.
خطّة قريش كما حدّدها الإمام عليّ عليه السلام |
جاءَ في هذا النَّصّ البالغ الأهميّة قولُ أمير المؤمنين عليه السلام:
«..إِنّ العَرَب كَرِهَتْ أَمْرَ محمّدٍ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم، وحَسدَتهُ عَلى ما آتاه اللهُ من فَضْلهِ، واستطَالَت أيّامَهُ حتّى قَذَفَتْ زَوجَته، ونَفَّرَتْ به ناقَتَه، مع عظيمِ إحسانِه إليها، وجَسيمِ مِنَنهِ عندها، وأجمَعَت مُذْ كانَ حَيّاً على صَرْفِ الأَمْرِ عن أهل بَيْتهِ بَعدَ مَوتهِ، ولَولا أنّ قريشاً جَعَلَتْ اسمَه ذَريعةً إلى الرّياسَة، وسُلّماً إلى العِزّ والإمْرَةِ، لَما عَبَدَتِ اللهَ بعد مَوتِهِ يَوماً واحداً، ولَارْتَدّتْ في حافرتِها، وعاد قارحُها جَذَعَاً، وبازلُها بَكراً، ثمّ فَتحَ اللهُ عَلَيها الفتُوح، فأثْرَتْ بعدَ الفاقَة، وتموّلَتْ بعد الجُهدِ والمخمَصةِ، فحَسُنَ في عُيونها من الإسلام ما كان سَمجاً، وثبتَ في قلُوبِ كثيرٍ منها من الدِّين ما كانَ مضطرباً، وقالت: لَولا أنّه حَقٌّ لَما كان كذا، ثمّ نسبَتْ تلكَ الفتُوحَ إلى آراء وُلاتِها، وحُسْنِ تدبيرِ الأمَراءِ القائمينَ بها، فتَأكّدَ عند النّاسِ نَباهَةُ قَومٍ وخمولُ آخرين، فكُنّا نَحنُ مِمّن خَمَلَ ذِكرُهُ، وخَبَت نارُهُ، وانقطَعَ صَوتُهُ وَصِيتُه، حتّى أكلَ الدَّهرُ عَلَينا وشربَ، ومَضَتْ السّنون والأحْقابُ بما فيها، ومات كثيرٌ مِمّن يعرف، وَنَشأ كثيرٌ ممّن لا يَعرف..».
يكشفُ الإمام عليّ عليه السلام عن مدى ضَراوة أحقادِ العرب وقريش -التي يخصُّها عليه السلام بالذّكر عادةً- على رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأنّ هذه الأحقاد الدّفينة اعتملتْ في نفوسِ أصحابِها حتّى وصلتْ بعد استطالةِ أيّامِه إلى محاولاتِ قتلِه صلّى الله عليه وآله.
لم يذكر أميرُ المؤمنين عليه السلام -هنا- من هذه المحاولات إلّا مؤامرةَ العقَبة التي جرى فيها تنفيرُ النّاقةِ في سياقِ ما هو معروفٌ في مصادر السّيرَة.
الحقدُ الدّفينُ على رسول الله ﴿أَفَإنْ مَاتَ أَوْ قُتِل﴾؟!
ويجدرُ التّأمّلُ جيّداً في إشارةِ القرآنِ الكريم إلى هذه المحاولات، بقولِه تعالى: ﴿..أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ..﴾ آل عمران:144. لدلالةِ ذلك البيّنةِ على تربُّص الكثيرين وانتظارِهم المريبِ لمرحلةِ ما بعد الرّسول، وهو بعضُ ما عناه أميرُ المؤمنين عليه السلام باستطالةِ العرب أيّامَه صلّى الله عليه وآله.
وعلاقةُ هذا بما نحن فيه هنا أنّ الحقدَ الدّفين على رسولِ الله الذي ظهرَ بعد وفاتِه صلّى الله عليه وآله، ضدَّه وضدَّ أهلِ البيت عليهم السلام، والذي يتوالى فصولاً و«آياتٍ» شيطانيّة إلى الحاضر، كان خزينُه المكتوم امتداداً لأحقادِ أبي لهب وأبي جهل و«دار النّدوة» وأبي سفيان وهند، وقد ورثَه آلُ أبي سفيان وارتكبوا به الفظائعَ ضدَّ أهل البيت، ولم يكن ذلك إلّا استهدافاً لرسول الله صلّى الله عليه وآله.
إنّ من أولى واجباتِ المسلم الإعتقاديّة التّنبُّهَ إلى حقيقة أنّ أهل البيت عليهم السلام لم يستهدَفوا إلّا من منطلَق الحقدِ على رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلو أحبَّ بنو أميّة الرّسولَ لمَا تعقّبوا عترتَه بالقتل. وكذلك غيرُ بني أمية وإلى يومنا هذا، تلك قاعدةٌ مطّردةٌ تتوقّفُ على إدراكِها سلامةُ المعتقَد وحسنُ العاقبة والمصير.
من أبرز ما عبّرَ به بنو أميّة عن إلحادِهم وشديدِ حقدِهم على رسولِ الله صلّى الله عليه وآله ما قاله معاويةُ في حوارٍ بينَه وبين المغيرة بن شعبة.
«دَفناً.. دَفناً»
أوردَ كلامَ معاوية هذا إبنُ أبي الحديد المعتزليّ تحت عنوان «أخبارٌ متفرّقة عن أحوال معاوية»، فقال: «وقد طعنَ كثيرٌ من أصحابنا في دينِ معاوية، ولم يقتصروا على تفسيقِه، وقالوا عنه إنّه كان ملحداً لا يعتقدُ النّبوّة، ونقلوا عنه في فلَتات كلامِه، وسقطَات ألفاظِه ما يدلُّ على ذلك. وروى الزّبيرُ بن بكّار في (الموَفّقيّات) -وهو غيرُ متَّهَمٍ على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقادِ الشّيعة، لما هو معلومٌ من حالِه من مجانبةِ عليٍّ عليه السلام، والانحرافِ عنه- : قال المطرفُ بنُ المغيرة بنِ شعبة: دخلتُ مع أبي على معاوية، فكان أبي يأتيه، فيتحدّث معه، ثمّ ينصرف إليَّ فيذكر معاويةَ وعقلَه، ويُعجب بما يرى منه، إذ جاء ذاتَ ليلةٍ فأمسكَ عن العشاء، ورأيتُه مغتمّاً فانتظرتُه ساعة، وظننتُ أنّه لأمرٍ حدثَ فينا، فقلت: ما لي أراك مغتمّاً منذ اللّيلة؟
فقال: يا بنيّ، جئتُ من عند أكفرِ النّاس وأخبثِهم. قلت: وما ذاك؟
قال: قلتُ له [لمعاوية] وقد خلوتُ به. إنّك قد بلغتَ سنّاً يا أميرَ المؤمنين، فلو أظهرتَ عدلاً، وبسطتَ خيراً فإنّك قد كبرت، ولو نظرتَ إلى إخوتِك من بني هاشم، فوصلتَ أرحامَهم فَوَالله ما عندَهم اليومَ شيءٌ تخافُه، وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكرُه وثوابُه.
فقال: هيهاتَ هيهاتَ! أيّ ذكرٍ أرجو بقاءَه! مَلَكَ أخو تَيْمٍ فعدَلَ وفعلَ ما فعل، فما عدا أنْ هلكَ حتّى هلكَ ذكرُه، إلّا أن يقولَ قائلٌ: أبو بكر، ثمّ مَلَكَ أخو عَديٍّ، فاجتهدَ وشمّرَ عشرَ سنين، فما عدا أن هلكَ حتّى هلكَ ذكرُه، إلّا أن يقولَ قائلٌ: عمر، وإنّ ابنَ أبي كبشة (!!يقصد الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وآله) لَيُصاحَ به كلَّ يومٍ خمسَ مرّات: (أشهدُ أنّ محمّداً رسول الله)، فَأيُّ عملي يبقى، وأيّ ذِكرٍ يدومُ بعدَ هذا لا أباً لك! لا وَاللهِ إلّا دَفْناً دفناً». (ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج 5، ص 129)
استئصالُ أهل البَيت لفصلِ الأمّة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله |
لا يعني «الدّفن الدّفن» إلّا قراراً أُمويّاً باستئصالِ أهلِ البيت عليهم السلام -معنويّاً باختلاقِ البديلِ الموهومِ عنهم كما يأتي، وماديّاً بالمطاردةِ والتّشريد والقَتل- لأنّ بقاءَهم المعنويَّ في مرتبتِهم السّامية في أذهان المسلمين، وعدم استهدافِهم بالقتل، يخلِّدُ ذكرَ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويُبقي تعاليمَه في متناولِ الأجيالِ دونَ تحريف، وذلك هو الخطرُ الأكبرُ الذي كانت قريشٌ تريدُ مواجهتَه والتّخلُّصَ منه.
ما تقدّم هو محورٌ منهجيٌّ مركزيٌّ بالغُ الدّلالات والنّتائج يُضيء على السّببِ المركزيّ في قتلِ الإمام الحسن عليه السلام بالسّم، ثمّ في منعِ دفنِه عليه السلام عندَ جدِّه صلّى الله عليه وآله، وقد قال مروانُ بن الحكم يومَها لأمّ المؤمنين عائشة: «إنْ دُفِنَ الحسنُ عندَ جدِّه ذهبَ فخرُ أبيك وصاحبِه إلى يوم القيامة» كما يُضيءُ هذا المحورُ على السّببِ في منعِ الماء عن معسكرِ الإمام الحسين عليه السلام ليهلكَ حتّى الصّغارُ عطشاً، وعلى ذبْحِ الطّفلِ الرّضيع بين يدَي أبيه سيّدِ الشهداء بسهمٍ من الوريد إلى الوريد، كما يُضيءُ على سبب كلِّ ذلك الإصرارُ على قتلِ الإمام السجّاد عليّ بن الحسين عليهما السلام وتعدُّد المحاولات لإنجاز ذلك وعظَمة الإعجازِ الإلهيّ في نجاتِه عليه السلام من القتلِ خصوصاً في الشّام. [أنظر: ملف العدد السابق]
اختلاقُ البديلِ عنهم |
الثّقافة الأمويّة، ثقافة الثّورة المضادّة والمنافقة |
ولَئِن كان الأمويّون قد فشلوا في تحقيقِ هدفِهم كليّاً، فإنّهم أحرزوا تقدّماً خطيراً ما تزالُ الأمّةُ تعاني من آثارِه ونتائجِه حتّى اليوم.
فشلت الإمبراطوريّةُ الأمويّةُ في القضاء على جميعِ أهل البيت عليهم السلام جسديّاً، إلّا أنّها قتلت السّبطَين وعدداً من الأئمّة الإثني عشر النّقباءِ الخلفاء، والأسباط.
وفشلت هذه الإمبراطوريّةُ الجاهليّةُ في فصلِ الأمّة كليّاً عن أهل البيت عليهم السلام فما تزالُ الأمّةُ إلى يومِنا هذا لا تقدّمُ الصّحابةَ على أهل البيت، إلّا أنّ بني أميّة نجَحوا في تشويشِ الأذهان ونشْرِ سُحُبِ التّضليل على نطاقٍ واسع، الأمرِ الذي جعلَ الوصولَ إلى معرفةٍ حقيقيّةٍ برسول الله صلّى الله عليه وآله، وحصْر الطّريق الموصلِ إليه بأهلِ البيت عليهم السلام صعبَ المنال. ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ فصّلت:35
اعتمدَ بنو أميّة لتثبيتِ انقلابِهم على الأعقاب، الأُسسَ التّالية:
أُسُس المخطّط الأمويّ
1- الإلحاد المكتوم، لعدمِ الجرأةِ على الجَهر به، فالحربُ على الرّسول، فرعُ إنكارِ المرسِل، وهو ما يجعلُ المخطَّطَ الأمويّ ماديّاً لا يؤمنُ بالغَيب.
2- استبدال حجّيةِ العقل أي «ما تسالمَ عليه العقلاء»، بحجّيةِ الرّأي والمزاج، والاستحسانِ والاستغراب.
3- نزع القداسة عن رسولِ الله صلّى الله عليه وآله: ﴿..بَشَرٌ مِثْلُكُم..﴾ الكهف:110، ولا تُكمِل الآية! ولقد تمادت حركةُ الوَضع في اختلاقِ «رواياتٍ» تصبُّ في هذا الهدف.
4- نزع القداسةِ عن أهلِ البيت عليهم السلام واستبدالهم بآل أبي سفيان، وسائرِ الصّحابةِ الذين استُشهدوا، أو لم يواجهوا الأمويّين.
5- تحريف الحديثِ الشّريف، والسّيرة النّبويّة، وتزوير التّاريخ حيثُ أمكَن.
6- اعتماد طبقةٍ من «الفقهاء» لا خَلاقَ لهم في الفقه ولا في الدّين. «وعّاظ السّلاطين».
7- تثبيت مفهومِ الجَبر كضمانةٍ لتجنُّب الخروجِ على الحاكمِ الظّالم.
ثقافة العبّاسيّين والعثمانيّين، أمويّة. |
وثقافةُ المستشرقين، والوهّابيَّتَين، أمويّة |
الوهّابيّة المقَنَّعة |
وثقافةُ أدعياء الحداثة، والتكفيريّين، أمويّة |
الإساءة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله |
الموقفُ من الاحتفال بالمولدِ النّبويّ |
______إعداد: «أسرة التّحرير»______
لا يخفى على المؤمنِ المراقب لقلبِه وفعلِه أنَّ تعظيمَ شعائر الله تعالى، لا يقتصرُ على الإحياء الظّاهري فحسب، بل الأصل والمنطَلَق هو القلب السّليم، ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ الحج:32. في رحاب المولد النبويّ الشّريف، تأمُّلاتٌ ذاتُ صِلة، لسيّد العلماء المراقبين، السيّد ابن طاوس من كتابه (إقبال الأعمال)، ومن كتاب (المراقبات) للميرزا الملكي التّبريزي قدّس سرّهما. |
(إقبال الأعمال): لا يقوى قلبي ولا عقلي ولا لساني ولا قلمي، على شرح مِنَن اللهِ جلَّ جلالُه بإظهار أنوار الولادة المقدَّسة، وعظيمة الشَّأن، لسيِّدنا ومولانا رسول ربِّ العالمين صلّى الله عليه وآله، فقد اشتَمَلت هذه الولادة الشَّريفة، كما الرِّسالة النّبويّة المعظَّمة على فضلٍ من اللهِ جلَّ جلالُه لا يَبلُغ وَصْفي إليه.
* فمِن ذلك أنَّه صلّى الله عليه وآله جاء بعد مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبيّ:
منهم: مَن اصطفاه اللهُ تعالى، وأَسْجَدَ له ملائكتَه.
ومنهم: مَن اتَّخذَه اللهُ جلَّ جلالُه خليلاً.
ومنهم: مَن سَخَّر الله جلَّ جلالُه له الجبال، ﴿..يسبِّحن معه بالعشيّ والإشراق﴾ ص:18.
ومنهم: مَن آتاه مَن المُلك ما لم يؤتِ أحداً من العالمين.
ومنهم: مَن كَلَّمَه اللهُ جلَّ جلالُه تكليماً، ووَهَبه مقاماً جليلاً عظيماً.
ومنهم: مَن جعلَهُ اللهُ جلَّ جلالُه رُوحاً منه، ومكَّنَه من إحياء الأموات.
وهؤلاء -من الأنبياء والأوصياء- انقَضَت أيَّامُهم وأحكامُهم وشرائعُهم وصنائعُهم، ولم يَتَّفق لأحدٍ منهم أن يَفتح من أبواب العلوم الدِّينيّة والدُّنيويّة، وأن يُنجِح من أسباب الآداب الإلهيّة والبشريّة ما بلغ إليه سيِّدُنا محمَّد صلوات الله عليه. ثمّ إنَّه صلّى الله عليه وآله بلَغَ بِأُمّته -وبَلَغَت أمَّتُه به صلوات الله عليه- إلى حالٍ يعجزُ الإمكان والزَّمان عن شرح ما جَرَت علومُه وعلومُهم منه عليه السلام، وقد ملَأوا أقطارَ المشارق والمغارب بالمعارف.
* ومنها: [من الفضائل] أنَّ زمان تمكينِه من هذه العلوم المبسوطة في البلاد والعباد كانت مدَّةً يسيرةً لا تكفي في العادة لهذا المراد، إلّا بآياتٍ باهرة أو معجزاتٍ قاهِرةٍ من سلطان الدُّنيا والمعاد. لأنَّه أيّامَ مقامه صلّى الله عليه وآله بمكّة رسولاً -مدّة ثلاثة عشرة سنة- كان ممنوعاً من التَّمكين. وكان صلّى الله عليه وآله مدّةَ مقامه بالمدينة -وهي عشر سنين- مشغولاً بمحاربة الكافرين، ومقاساة الضّالّين والمنافقين والجاهلين. ولو أنَّه صلوات الله عليه كان في هذه الثّلاثة وعشرين سنة متفرِّغاً لِما بَلَغ حالُ علومِه إليه، لكان ذلك الزَّمان قليلاً -في الإمكان- بالنِّسبة إلى ما جرى من الفضل، وبَسْط لسان العقل والنَّقل. فَلِهذا عُدَّ ذلك من آيات الله جلَّ جلالُه العظيمة الشَّأن، وآياته صلوات الله عليه التي تعجز عنها عبارةُ القلم واللّسان.
* ومنها أنَّه صلّى الله عليه وآله أحيا العقولَ والألباب، وقد ماتت وصارت كالتُّراب، وصار أصحابُها كالدَّواب.
* ومنها: أنَّه صلّى الله عليه وآله نَصَر العقلَ بعد إحيائه، وقد كان انكسرَ عسكرُه، واستولت عليه يدُ أعدائه.
* ومنها: أنّه صلوات الله عليه كَشَف من حال شرف مواضعِ الأنبياء السابقين، وتُحَفِ شرائعِهم وأسرارهم وأنوارهم، ما لم يبلغ إليه المدَّعون لنقل أخبارهم وآثارهم.
* ومنها: أنَّه صلوات الله عليه شُرِّف باثنَي عشر من مقدَّس ذريّته، قائمون بأمره وسرِّه على منهجٍ واحدٍ كامل، لابسين لِخلَع العصمة، ومُتوَّجين بتاج الكرامة والفضائل، منهم المهديّ عليه السلام الذي يُنادَى باسمِه من السَّماء.
لباسُ التّقوى، وعمائمُ المراقبة |
«لا يُعقَل أنْ يشكَّ أحدٌ في جوازِ الاحتفالِ بمولدِ النبيِّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، احتفالاً دينيّاً فيه رضى الله ورسولِه، ولا تصحُّ تسميتُه بدعة، إذْ البدعةُ هي التي ليس لها أصلٌ في الكتاب والسُّنّة، وليس المرادُ من الأصلِ الدّليل الخاصّ، بل يكفي الدّليلُ العامُّ في ذلك».
مختارات تقدِّمها «شعائر» -بتصرّف- من كُتُب المرجع الدّيني الشيخ جعفر السّبحاني، بمناسبة ذكرى المولد النّبويّ الشّريف.
ويقول:
وقد ألقى هذه القصيدة في حضرةِ رسول الله صلّى الله عليه وآله وأصحابِه، ولم يُنكِر عليه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله.
• وهذا هو حسّانُ بن ثابت الأنصاريّ يرثي النبيَّ صلّى الله عليه وآله، ويذكرُ فيه مدائحَه، ويقول:
• وهذا هو عبد الله بنُ رواحة يُنشىء أبياتاً في هذا السّياق فيقول فيها:
هذه نماذجُ ممّا أنشأَه الشّعراءُ المعاصرون لعهدِ الرّسالة في النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله ونكتفي بها لدلالتِها على ما ذكرنا. وهناك شعراء مخلِصون صاغوا فضائلَ النبيّ ومناقبَه في قصائدَ رائعة وخالدة مستلهمينَ ما جاءَ في الذِّكر الحكيمِ والسُّنّة المطهّرة في هذا المجال، فشَكرَ اللهُ مساعيَهم الحميدةَ وجهودَهم المخلصة. ولو قام باحثٌ بجمعِ ما قيلَ من الأشعار والقصائد حول النبيّ الأكرم لَاحْتاجَ في تأليفِه إلى عشرات المجلّدات، فإنّ مدْحَ النبيّ كانَ الشّغلَ الشّاغلَ للمخلِصين والمؤمنين منذ أن لبّى الرّسولُ دعوةَ ربِّه، ولا أظنُّ أنّ أحداً عاش في هذه البسيطة، نالَ من المدحِ بمقدار ما نالَه الرّسول صلّى الله عليه وآله من المدحِ بمختلفِ الأساليب.
3 - تقبيل كلِّ ما يمتُّ إلى النبيّ بِصِلةٍ كبابِ داره، وضريحِه وأستارِ قبره انطلاقاً من مبدأ الحبِّ الذي عرفتَ أدلّتَه. وهذا أمرٌ طبيعيٌّ وفطريٌّ في حياةِ البشر حيث يلثمون ما يرتبطُ بحبيبِهم ويقصدون بذلك نفسَه. فهذا «قيس العامريّ» كان يقبِّلُ جدارَ بيتِ ليلى ويصرِّحُ بأنّه لا يقبّلُ الجدار، بلْ يقصدُ تقبيلَ صاحبِ الجدار، يقول:
4 - إقامة الاحتفالات في مواليدِهم وإلقاء الخطَب والقصائد في مدحِهم وذكرِ جهودِهم ودرجاتِهم في الكتاب والسُّنّة، شريطةَ أن لا تقترنَ تلك الاحتفالات بالمَنهيّات والمحرّمات. ومَن دعا إلى الاحتفال بمولد النبيّ صلّى الله عليه وآله في أيّ قرنٍ من القرون، فقد انطلقَ من هذا المبدأ، أي حبِّ النبيّ الذي أمرَ به القرآنُ والسُّنّة.
• يقولُ مؤلّفُ (تاريخ الخميس): «لا يزالُ أهل الإسلام يحتفلون بشهرِ مولدِه، ويعملون الولائم، ويتصدّقون في لياليه بأنواعِ الصّدَقات، ويُظهرون السّرور، ويزيدون في المبرّات، ويعتنون بقراءةِ مولدِه الشّريف، ويظهر عليهم من كراماتِه كلُّ فضلٍ عظيم».
• وقال «أبو شامة المقدسي» في كتابه [الذّيل على الرّوضتَين]: «ومن أحسنِ ما ".." في زماننا ما يفعَلُ في اليوم الموافق ليومِ مولدِه صلّى الله عليه وآله من الصّدَقات والمعروف بإظهارِ الزّينة والسّرور، فإنّ في ذلك -معَ ما فيه من الإحسان للفقراء- شعاراً لمحبّتِه».
• وقال القسطلانيّ: «ولا زال أهلُ الإسلام يحتفلون بشهرِ مولدِه عليه السلام، ويعملون الولائم، ويتصدّقون في لياليه بأنواعِ الصّدَقات، ويُظهرون السّرور، ويزيدون في المبرّات، ويعتنون بقراءة مولدِه الكريم، ويظهرُ عليهم من بركاته كلُّ فضلٍ عظيم. فَرَحِمَ اللهُ امرءاً اتّخذَ ليالي شهر مولدِه المبارك أعياداً، ليكونَ أشدَّ علّةً على مَن في قلبِه مرضٌ وأَعْياه دَاء».
• إذا عرفتَ ما ذكرْناه، فلا نظنُّ أن يشكَّ أحدٌ في جواز الاحتفال بمولد النبيِّ الأكرم صلّى الله عليه وآله، احتفالاً دينيّاً فيه رضى اللهِ ورسولِه، ولا تصحُّ تسميتُه بدعة، إذْ البدعةُ هي التي ليسَ لها أصلٌ في الكتاب والسُّنّة، وليس المرادُ من الأصل، الدّليل الخاصّ، بل يكفي الدّليلُ العامُّ في ذلك.
• ويرشدُك إلى أنّ هذه الاحتفالات تجسيدٌ لتكريم النبيّ صلّى الله عليه وآله، وجدانُك الحرّ، فإنّه يقضي -بلا مِريَة- على أنّها إعلاءٌ لمقامِ النبيّ صلّى الله عليه وآله، وإشادةٌ بكرامتِه وعظَمتِه، بل يتلقّاها كلُّ مَن شاهدَها عن كَثب على أنّ المحتَفلين يعزِّرون نبيَّهم ويكرمونه ويرفعون مقامَه اقتداءً بقولِه سبحانه: ﴿وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَك﴾ الانشراح:4.
• وفي السنّة النبويّة ما يفيد كرامةَ يوم مولده صلّى الله عليه وآله:
أخرجَ مسلم في (صحيحه) عن أبي قتادة أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله سُئِلَ عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذاك يومٌ وُلِدْتُ فيه، وفيه أُنْزِلَ علَيَّ».
يقول الحافظُ ابنُ رجب الحنبلي -عندَ الكلام في استحبابِ صيامِ الأيّام التي تتجدّدُ فيها نِعَمُ الله على عبادِه- ما هذا لفظُه: «إنّ من أعظمِ نِعَمِ الله على هذه الأمّة إظهارَ محمّدٍ صلّى الله عليه وآله وبعثتَه وإرسالَه إليهم، كما قال اللهُ تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ..﴾ آل عمران:164، فصيامُ يومٍ تجدّدتْ فيه هذه النِّعمة من الله سبحانه على عبادِه المؤمنين حَسَنٌ جميل، وهو من بابِ مقابلةِ النِّعَمِ في أوقاتِ تجدُّدها بالشُّكر».
مفهومُ المَولد
الاحتفالُ بالمولد النّبويّ الشّريف ليست له كيفيّةٌ مخصوصةٌ لا بدّ من الالتزامِ أو إلزامِ النّاسِ بها، بل إنّ كلَّ ما يدعو إلى الخيرِ ويجمعُ النّاسَ على الهدى ويرشدُهم إلى ما فيه منفعتُهم في دينِهم ودنياهم يحصلُ به تحقيقُ المقصود من المولدِ النّبويّ.
من بحثٍ للعلّامة محمّد علوي المالكي الحَسني المكّي
|
0
أيـــــــــــــــــــــــــن الرَّجبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون؟ يستحب في شهر رجب قراءة سورة التوحيد عشرة آلا مرة..
يدعوكم المركز الإسلامي- حسينية الصديقة الكبرى عليها السلام للمشاركة في مجالس ليالي شهر رمضان لعام 1433 هجرية. تبدأ المجالس الساعة التاسعة والنصف مساء ولمدة ساعة ونصف. وفي ليالي الإحياء يستمر المجلس إلى قريب الفجر. نلتمس دعوات المؤمنين.