أيُّها العزيز

أيُّها العزيز

09/01/2013

تفريغُ القَلب، للصّلاة


تفريغُ القَلب، للصّلاة

عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لا تَتهاونْ بصلاتِك، فإنَّ النّبيَّ صلّى الله عليه وآله قالَ عند موتِه: ليس منِّي مَن استخفَّ بصلاتِه..».

يعلمُ اللهُ وحدَه حجمَ المصيبةِ العظمى النّاشئةِ من الانقطاعِ عن الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وآله، والخروجِ من تحتِ ظلِّ حمايتِه كما وَرَد في الحديث، كما أنَّ اللهَ يَعلمُ مستوى الخِذلان، عندما يُمنَى الإنسانُ بالحرمان من شفاعةِ رسول الله وأهل بيتِه العِظام.
لا تظنّ بأنَّ أحداً يرى رحمةَ الحقِّ سبحانه، ووجهَ الجنّة، من دون شفاعةِ رسول الله صلّى الله عليه وآله وحمايتِه ورعايتِه! والآنَ انتبهْ إلى أنَّ تقديم أيِّ عملٍ بسيط، بل المصلحة الموهومة، على الصَّلاة التي هي قُرَّةُ عين الرّسول صلّى الله عليه وآله، والوسيلة الرّفيعة لنزولِ رحمةِ الحقّ، وأنَّ إهمالَها وتأخيرَها إلى نهاية وقتِها من دون مسوِّغ، وعدم المحافظة على حدودِها، أليست هذه الأمور من التّهاون والاستخفاف بالصَّلاة؟ فإذا كان هذا من التّهاون في الصَّلاة، فاعلمْ، حسب شهادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وشهادة الأئمَّة الأطهار عليهم السلام، أنَّك قد خَرَجْتَ عن ولايتِهم، ولا تَنالُك شفاعتُهم.
انتبِهْ! إذا أردْتَ شفاعتَهم، ورَغِبْتَ في أن تكون من أُمّة رسول الله صلّى الله عليه وآله، اهتَمَّ بهذه الوديعة الإلهيّة، وعظِّم من أمرِها، وإلَّا فأنت تواجهُ العقابَ والعاقبةَ السّيِّئة. إنّ الله تعالى وأولياءَه في غنًى عن أعمالي وأعمالك، فيُخْشى أنَّك إذا لم تهتمّ بها، أن يؤدّي ذلك إلى تركِها، وينتهي الأمرُ إلى جحودِها، فتصيرَ من الأشقياء المؤبّدين، والهالكين الدَّائمين.
والأهمُّ من تفريغ الوقت، تفريغُ القلب، بل إنَّ تفريغَ الوقت، مقدِّمةٌ لتفريغ القلب أيضاً، وذلك أنَّ الإنسان لدى اشتغالِه بالعبادة، يُجرِّد نفسَه من هموم الدُّنيا وأعمالها، ويُنقِذُ قلبَه من الأوهام المتشتِّتة، والأمور المختلفة، ويُفرِّغ فؤادَه نهائيّاً، ويُخلِّصه مرّةً واحدةً للتَّوجُّه إلى العبادة والمناجاة مع الحقِّ المتعال. ولو لم يفرِّغ القلبَ من هذه الأمور، لَمَا حصلَ لقلبِه ولعبادتِه التَّفرُّغ. ولكنَّ شقاءَنا في أنَّنا نترُك كلَّ أفكارنا المتشتَّتة، وأوهامَنا المختلفة إلى وقت العبادة، وعندما نكبّر تكبيرةَ إحرام الصَّلاة، فكأنَّنا فتَحْنا بابَ المَتجر، أو دفترَ الحساب، أو كتابَ الدَّرس، ونرسل قلبَنا للانصرافِ إلى أمورٍ أخرى، ونغفل كليّاً عن العمل العباديّ، وعندما نَنتبه للعبادة نجدْ أنفسَنا في نهاية الصَّلاة!
إنَّه لَمِن الفضيحة أمرُ هذه العبادة، وممَّا يبعثُ على الخَجلِ أمرُ هذه المناجاة.
عزيزي، إجعل مناجاتك مع الحقّ سبحانه بمثابة التّحدُّث مع إنسانٍ بسيطٍ من هؤلاء النّاس؛ فماذا بك إذا تكلَّمتَ مع صديق، بل مع شخصٍ غريبٍ انصرفَ قلبُك عن غيره، وتوجّهْتَ بكلِّ وجودِك نحوَه أثناء التّكلُّم معه، ولكنّك إذا تكلَّمْتَ وناجيْتَ وليَّ النِّعَم، وربَّ العالمين، غفلْتَ عنه وانصرفْتَ عنه إلى غيرِه؟ هل إنَّ العبادَ يُقدَّرون أكثرَ من الذّات المقدَّس للحقّ؟ أو أنَّ التّكلُّم مع العباد أغلى من المناجاةِ مع قاضي الحاجات؟



اخبار مرتبطة

  الملف

الملف

منذ 3 أيام

إستهلال

نفحات