سرّ الخلق.. محمّد وآل محمّد
إعداد: محمّد العبد الله
ما يجب أن يعرفه كلّ مسلم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، أنّه سرّ الخلق، وأنّ الله تعالى خلق نوره قبل آدم عليه السلام.
تتعدّد الروايات المتَّفق عليها بين المسلمين، وهي كلّها تؤكِّد بما لا يقبل مجالاً للشكّ أنّ النبيّ آدم عليه السلام عندما خلقه الله تعالى رأى رسول الله بالصورة التي تتناسب مع ذلك العالم.
ورغم إجماع المسلمين على هذه الحقيقة الصريحة، إلّا أنّها تغيب عن أذهان الكثيرين لأنّها من نوع الحقائق التخصصيّة المعمّقة، والتي لا تنسجم مع الغزو الثقافيّ الماديّ الذي نشره الاستعمار القديم والحاليّ القائم الآن تحت برقع «الإستقلال» و«الأمم المتحدة» و«النظام الدوليّ الجديد».
عندما تغيب عن ذهن المسلم حقيقة أنّ رسول الله هو بقدرة الله تعالى ومشيئته سبحانه سرّ الخلق، فلا يمكنه أن يعرف رسول الله صلّى الله عليه وآله معرفة سليمة.
عندها يبدأ المسلم بالتعرّف على سيرة سيّد النبيّين بدءاً من الولادة في مكّة، زمن الجاهليّة، فإذا بالمسلم أمام تكوين صورة عن فرد من المجتمع الجاهليّ تميَّز بالتعبّد في غار حراء ثمّ نزل الوحي عليه.
والفرق كبير جدّاً بين هذه البداية في التعرّف إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وبين «لولاك ما خلقت آدم».
وأهل البيت «آل محمّد» صلّى الله عليه وعليهم، من الحقيقة المحمّديّة، والنور المحمّديّ، وإلى هذا يرمي توكيد رسول الله صلّى الله عليه وآله على أنّهم منه وهو منهم. سِلْمُهم سلمه، وحربهم حربه، من آذاهم فقد آذاه.
كما أنّ من ادّعى أنّه يعبد الله تعالى ولم يتّبع رسول الله صلّى الله عليه وآله، فإنّ عمله مردود عليه لا يقبله الله سبحانه، فكذلك مَن لم يتولَّ أهل البيت عليهم السلام، لا يَقبل الله تعالى منه عملاً ولا يُقيم له يوم القيامة وزناً.
وحدة الحقيقة المحمّديّة هي الأصل العقائديّ الذي أجمع عليه المسلمون، رغم الاختلاف الشديد في الالتزام بهذا الأصل، الذي بلغ حدّ التباين، إلّا أنّه تباين في تطبيق المبدأ والأصل، لا ينافي أنّ الاتفاق عليه قائم بمنتهى الوضوح والقوّة.
من أجل بناء العقيدة الصحيحة المستقيمة، لا بدّ أن نطيل التفكير والتدبّر في الأحاديث القدسيّة والحديث الشريف عن مرحلة ما قبل الخَلق، ثمّ عن مرحلة خلق آدم عليه السلام، ونتتبّع آراء العلماء من الشيعة والسنّة في تلك الروايات النبويّة الكثيرة جداً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله.
من الحديث القدسيّ:
* «لولاك ما خلقت آدم».
* «لولاك ما خلقت الأفلاك».
ومن الحديث الشريف:
* «كنتُ نبيّاً وآدم منجدلٌ في طينته».
* «بُعثتُ وآدم بين الروح والجسد».
* سئل صلّى الله عليه وآله: «متى كنتَ نبيّاً؟ فقال: وآدم بين الروح والجسد».
* قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوّة؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد».
وفي المصادر الشيعيّة والسنيّة عناية خاصّة بهذا الحديث الشريف:
«عن جابر بن عبد الله قال: قلت لرسول الله صلّى الله عليه وآله: أوّل شيء خلق الله ما هو؟ فقال: نور نبيّك يا جابر، خلقه الله ثمّ خلق منه كلّ خير...».
والحديث طويل، وهو مستفيض جداً في مختلف المصادر، يشكّل محوراً بارزاً في الحديث عن مرحلة ما قبل الخلق. وبالإضافة إلى التلازم بين خَلق رسول الله صلّى الله عليه وآله وبين خَلق أهل البيت عليهم السلام، الذي يعبَّر عنه بوحدة الحقيقة المحمّديّة، فإنّ الروايات الصريحة بخلق أهل البيت عليهم السلام قبل الخلق، هي أيضاً كثيرة جداً، ومنها:
*عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ الله خلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم عليه السلام حين لا سماء مبنيّة، ولا أرض مَدْحِيَّة، ولا ظلمة ولا نور، ولا شمس ولا قمر، ولا جنّة ولا نار. فقال العبّاس: كيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟ فقال: يا عَمّ، لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلّم بكلمة خلق منها نوراً، ثمّ تكلّم بكلمة أخرى فخلق منها روحاً، ثمّ مزج النور بالروح، فخلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين، فكنّا نسبّحه حين لا تسبيح، ونقدّسه حين لا تقديس، فلمّا أراد الله تعالى أن ينشئ خلقه فتق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري، ونوري من نور الله، ونوري أفضل من العرش. ثمّ فتق نور أخي عليّ فخلق منه الملائكة، فالملائكة من نور عليّ، ونور عليّ من نور الله، وعليّ أفضل من الملائكة. ثمّ فتق نور ابنتي فخلق منه السماوات والأرض، فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة، ونور ابنتي فاطمة من نور الله، وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض. ثمّ فتق نور ولدي الحسن فخلق منه الشمس والقمر، فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن، ونور الحسن من نور الله، والحسن أفضل من الشمس والقمر. ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق منه الجنّة والحور العين، فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين، ونور ولدي الحسين من نور الله، وولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين».
*عن الإمام عليّ عليه السلام: «ألا إنّي عبد الله وأخو رسوله وصدّيقه الأوّل، قد صدّقته وآدم بين الروح والجسد، ثمّ إنّي صدّيقه الأوّل في أمّتكم حقّاً، فنحن الأوّلون ونحن الآخرون».