الموقع ما يزال قيد التجربة
سَبْيُ عِتْرة الرّسول!
إقرأ في الملف
استهلال ---------------------------------- من الصّلوات الكبيرة
هل رافق الإمام الحسين عليه السّلام موكب السَّبي ببدنه البرزخيّ؟ --- الفقيه الشّاه آبادي قدّس سرّه
تجلّيات الغضب الإلهيّ كما وردت في مصادر السّنّة ----------- إعداد: الشّيخ علي جمعة
قراءة في خطاب الإمام السّجّاد عليه السّلام في الشّام ----------- الشّيخ حبيب الهديبيّ
استهلال
الصَّلاة على عليّ بن الحسين عليه السّلام
أللَّهُمَّ صَلِّ على عليِّ بنِ الحُسينِ سيِّدِ العابدينَ الّذي استَخلَصْتَهُ لِنفسِكَ، وجَعَلْتَ منهُ أئمّةَ الهُدى الّذين يَهدُونَ بالحقِّ وبِهِ يعدِلون، اختَرتَهُ لِنفسِكَ، وطَهَّرْتَهُ من الرِّجْسِ، واصْطَفَيْتَهُ، وجَعَلْتَهُ هادِياً مَهدِيّاً، أللَّهُمَّ صلِّ عليه أفضلَ ما صَلَّيْتَ على أحدٍ مِن ذُرِّيّةِ أنبيائِكَ، حتّى تَبلُغَ بهِ ما تَقَرُّ بهِ عَيْنُهُ في الدُّنيا والآخرةِ إنَّكَ عزيزٌ حكيمٌ...
من الصّلوات الكبيرة الّتي أملاها الإمام العسكريّ عليه السّلام سنة 255 للهجرة.
هل رافق الإمام الحسين عليه السّلام موكب السَّبي ببدنه البَرْزخيّ ؟*
ظهور الأرواح في المُلك، إنَّما هو بالأبدان البرزخيّة
---الفقيه العارف الشّاه آباديّ، أستاذ الإمام الخميني قدّس سرّهما----
في كتاب (رشحات البحار) للفقيه الكبير «العارف الحاجّ ميرزا محمّد علي شاه آباديّ قدّس سرّه» – دار المعارف الحكميّة ص 60-61 – الطّبعة الأولى 2010، موجزٌ بالغُ الأهمّيّة في كلّياتٍ ترتبط بالرّجعة والأبدان المُلكيّة والبرزخيّة، رأت «شعائر» تقديمه إلى القرّاء لأنّ كاتبها هو أستاذ الإمام الخمينيّ، الّذي يعبِّر عنه الإمام بقوله «روحي فداه»، و«كلّ ما عندنا فهو من الشّاه آباديّ».
الآيات الدالّة على عدم الرّجوع -مثل قوله تعالى: ﴿..كَلاَ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا..﴾ المؤمنون:100 بعد سؤال الرّجعة عن ربّهم: ﴿..قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ..﴾ المؤمنون:99-100، وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ يس:31- دالّة على عدم إمكان الرّجوع بالأبدان المُلكيّة، لا بالتّمثُّل، كما في الأرواح المطلقة، ولا بالتّقيُّد كما في الأبدان البرزخيّة للأرواح المُقيّدة، لامتناع الأوّل عقلاً، وإمكانِ الثّاني، كما سيأتي، بداهةَ أنَّ الأبدان المُلْكيّة إن لم تكن موجِدة للصّورة المُنشَأة، فهي:
· إمّا في صراطِ التّركيب، فهي مستعدّةٌ لحصول روحٍ خاصّ لم يخرج من القوّة إلى الفعل، بل حصوله للبدن الخاصّ أوّل خروجه من القوّة إلى الفعليّة، وهذا كالأبدان الرّحِميّة.
· وإمّا في صراط التّحليل إلى البسائط كأبدان الموتى، فما لم تنحلّ إليها ولم تشرع في صراط التّركيب الخاصّ، لم تستعدّ لإنشاء روحٍ خاصّ هو غيرها وإن كانت واجدةً للصُّورة الإنشائيّة فلم تستعدّ لروحٍ أخرى بداهةَ وحدانيّة كلّ شخصٍ شخص.
وأمّا الأرواح، فإنّها خَرَجت من القوّة إلى الفعل ولو في الجملة، فلا يمكن أن يقيّدها ويُخرجها عن الفعليّة إلى القوّة ثانياً، مع أنّه في أيّ مادةٍ تفرض فهي مستعدّة للرّوح الخاصّ بها، ويَمتنع اجتماعُ النّفسين.
وأمّا الأبدان البرزخيّة فهي [تتحقّق وتحصل] لها [للأرواح] في [عالَم] المُلك أيضاً.
**
إذا عرفْتَ هذا، فنقول: إنَّ ظهورَ الأرواح في المُلك إنّما هو بأبدانها البرزخيّة لا بأبدانها المُلْكيّة، وذلك باقتدار الرّوح على تكثيُفِ البدن، والاستمداد، والاستزادة من الهواء والأثير فهو الدّابّة.
وسرُّ التّعبير بالدّابّة كما في الآية، هو اقتدارُ [الرُّوح] على إظهار نفسِه على أهلِ المُلك، بحيث يَرَونه مع تقييدهم بالمُلك من غير تجريدٍ لهم، كما أنَّ عليّاً عليه السّلام أظهرَ جسَدَه البرزخيّ على ولدَيه حين حَمَل مقدمَ نعشه بنفسه، وأَظهرَ الرّسولُ نفسَه لأبي بكر في مسجد «قُبا» وبدنُهُ الشّريف في قبر المدينة، وأظهرَ الصّادق عليه السّلام مولانا الباقرَ وبدنُه المادّيّ في قبره.
وقد تتعلّق مشيئة الرّوح بإظهار يدِه وكتابته، كما رأى ظَلَمَةُ الإمام الحسين عليه السّلام في الطّريق يداً تكتب على الجدار:
أتَرجو أمّةٌ قتلت حسيناً شفاعةَ جدِّه يومَ الحسابِ
كما [قد] تتعلّق مشيئته بإعلان صوته في المُلك حتّى يُسمع السّامعة المقيَّدة، مثل أنّ مولانا الحسين عليه السّلام قرأ آية الكهف: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ الكهف:9.
وقال أيضاً: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ الشّعراء:227، كما ورد في الأخبار الكثيرة ظهورُ أشخاصٍ [بعينِهم]، ولا يخفى على المنصف، فتدبّر فيه.
وبالجملة، تظهر الأرواحُ في المُلك بأبدانِها البرزخيّة بالتّكثيف، والاستمداد، والاستزادة، حتّى يراها أهلُ [عالم] المُلْك بحواسِّهم المقيَّدة، ومنه تمثُّل جبرئيل عليه السّلام في المُلك بصورة «دِحْيَة»، وتَمَثُّله لـ «مريم»، وظهوره لتخريب «مدينة لوط».
وأمّا تَنَزُّله فهو غير التَّمثّل كما وَقَع في ليلة القدر مع الملائكة، كما قال تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا..﴾ القدر:4، وهو ظهوره على قلب النّبيّ صلّى الله عليه وآله، كما قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ الشّعراء:193-194.
هذا [بالنّسبة] إلى الأرواح القويّة السَّعيدة، وأمّا أرواح الضّعفاء والأشقياء، فلمشيئة أرواح الأولياء..".
(بتصرّفٍ يسير).
من غرائب ما بعد شهادة الحسين عليه السلام
تجلّيات الغضب الإلهيّ كما وَرَدَت في مصادر السُّنّة*
---- إعداد: الشّيخ عليّ جمعة- لبنان-----
تقدّم «شعائر» إلى القرّاء مختاراتٍ من ثلاثة كُتُب لأعلامٍ سُنّة، تحدَّثوا عن «تجلّيات الغضب الإلهيّ لمقتل سيِّد الشُّهداء عليه السّلام»:
الكتاب الأوّل: الصّواعق المحرقة في الرّدّ على أهل البِدَع والزّندقة- المؤلِّف: أحمد بن حجر الهيتميّ المكّيّ - الطّبعة الثّانية ص 196- سنة الطّبع: 1385هـ - 1965 م- المطبعة: شركة الطّباعة الفنّيّة المتّحدة- النّاشر: مكتبة القاهرة لصاحبها: عليّ يوسف سليمان - شارع الصّنادقيّة - بميدان الأزهر بمصر.
الثّاني: ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام من (طبقات ابن سعد) - المؤلِّف: ابن سعد- الوفاة: 230 للهجرة- الطّبعة الأولى- النّاشر: الهدف للإعلام والنّشر.
الثّالث: تاريخ مدينة دمشق- المؤلِّف: ابن عساكر- الجزء: 14- المجموعة: أهمّ مصادر رجال الحديث عند السّنّة - سنة الطّبع: 1415 للهجرة- النّاشر: دار الفكر للطّباعة والنّشر والتّوزيع - بيروت – لبنان.
أورد ابن حجر الهيتميّ المكّيّ في كتاب (الصّواعق المحرقة في الرّدّ على أهل البِدَع والزّندقة)، ما يلي:
· أخرجَ التّرمذيّ أنَّ أمّ سلمة رأت النّبيّ باكياً وبرأسِه ولحيَتِه التّراب، فسَألَته فقال: قتل الحسين آنفاً.
· وكذلك رآه ابن عبّاس نصف النّهار أشعثَ أغبَرَ بيده قارورة فيها دم يَلتقطهُ، فسألَهُ فقال: دمُ الحسين وأصحابه، لم أزل أتتبَّعه منذ اليوم فنظروا فوجدوه قد قُتل في ذلك اليوم، فاستُشهد الحسين كما قال له بكربلاء من أرضِ العراق، بناحية الكوفة، ويُعرَفُ المَوضِع أيضاً بالطّفّ، قَتَلَهُ سنان بن أنس النّخعيّ، وقيل غيرُه، يوم الجمعة عاشر المحرّم سنة إحدى وستّين، وله ستّ وخمسون سنة وأشهر، ولمّا قتلوه بعثوا برأسه إلى يزيد فنزلوا أوّل مرحلةٍ، فجعلوا يشربون بالرّأس، فبينما هم كذلك إذ خرجت عليه من الحائط يدٌ معها قلمٌ من حديدٍ فكَتبت سطراً بدمٍ:
أَترجو أمّةٌ قتلت حسينا * شفاعة جدّه يوم الحساب
فهربوا وتركوا الرّأس. أخرجَه منصور بن عمّار.
وذكر غيرُه أنّ هذا البيت وُجِدَ بحجرٍ قبل مبعثه بثلاثمائة سنة، وأنّه مكتوب في كنيسةٍ من أرض الرُّوم لا يُدرَى مَن كتَبَه.
وذكر أبو نعيم الحافظ في كتاب (دلائل النّبوّة): فأصبحنا وحِبابنا (جمع حِبّ: آنية من فخّار أكبر من الجرّة الكبيرة) وجرارنا مملوءة دماً.
وكذا رُوي في أحاديث غير هذه.
وممّا ظهر يوم قتله من الآيات أيضاً:
1- أنَّ السّماء اسودَّت اسوداداً عظيماً، حتّى رُؤيت النُّجوم نهاراً ولم يُرفَع حجرٌ إلّا وُجِد تحتَه دمٌ عبيط.
2- وحكى ابن عيينة عن جدّته أنَّ جمّالاً ممّن انقلب ورْسُه رماداً أخبرنا بذلك.
3- ونحروا ناقةً في عسكرهم فكانوا يَرَون في لحمها مثل الفيران، فطبخوها فصارت مثل العلقم.
4- وأنَّ السّماء احمرَّت لقتله.
5- وانكسفت الشّمس حتّى بدت الكواكب نصف النّهار، وظنَّ النّاسُ أنَّ القيامة قد قامت.
6- ولم يُرفع حجرٌ في الشّام إلَّا رُؤي تحته دمٌ عبيط.
وأخرج عثمان بن أبي شيبة أنَّ السَّماء مكثت بعد قتله سبعة أيّامٍ تُرى على الحيطان كأنَّها ملاحف معصفرة من شدّة حمرتها وضربت الكواكبُ بعضها بعضاً.
ونقل ابن الجوزيّ عن ابن سيرين أنَّ الدُّنيا أظلَمت ثلاثة أيّامٍ ثمّ ظهرت الحمرة في السّماء.
وقال أبو سعيد ما رُفِع حجرٌ من الدُّنيا إلَّا وُجِد تحته دمٌ عبيطٌ، ولقد مَطرت السّماء دماً بقيَ أثرُه في الثّياب مدّةً حتّى تقطّعت.
· وأخرج الثّعلبيّ وأبو نعيم ما مرَّ من أنّهم مُطروا دماً، وزاد أبو نعيم فأصبحنا
وحبابنا وجرارنا مملوءةٌ دماً.
· وفي روايةٍ أنّه مطر كالدّم على البيوت والجُدُر بخراسان والشّام والكوفة، وأنّه لمّا جيء برأسِ الحسين إلى دار زياد سالت حيطانُها دماً.
· وأخرج الثّعلبيّ أنّ السّماء بَكَت وبكاؤها حُمْرتها.
· وقال غيرُه احمرَّت آفاقُ السّماء ستّة أشهر بعد قتله، ثمّ لا زالت الحُمرةُ تُرى بعد ذلك، وأنَّ ابن سيرين قال أخبرَنا أنَّ الحمرة لم تُرَ في السّماء قبل قتله.
قال ابن الجوزيّ: وحكمته أنَّ غضبَنا يؤثِّر حُمرةَ الوجه، والحقُّ منزَّهٌ عن الجسميّة، فأظهرَ تأثيرَ غضبِه على مَن قتلَ الحسين بِحمرةِ الأفق إظهاراً لِعِظَمِ الجناية.
قال: وأنينُ العبّاس وهو مأسورٌ ببدرٍ مَنَع النّبيّ النّوم فكيف بأنينِ الحسين، ولمّا أسلم وحشيّ قاتل حمزة قال له النّبيّ: غَيِّب وجهَك عنّي، فإنّي لا أحبّ أن أرى مَن قَتَل الأحبّة.
قال: وهذا والإسلامُ يَجبُّ ما قبله، فكيف بِقلبِه أن يَرى مَن ذبح الحسين وأمَرَ بقتله وحملَ أهلَه على أقتاب الجمال.
* وما مرَّ من أنَّه لم يُرفع حجر في الشّام أو الدّنيا إلّا رُؤيَ تحته دمٌ عبيطٌ وَقَع يومَ قُتِلَ عليٌّ أيضاً كما أشار إليه البيهقيّ؛ فإنّه حكى عن الزّهريّ أنّه قدمَ الشّام يريد الغزو، فدَخَل على عبد الملك فأخبَرَه أنَّه يومَ قُتِلَ عليٌّ لم يُرفع حجرٌ من بيت المقدس إلَّا وُجِد تحته دمٌ، ثمَّ قال له: لمْ يبقَ مَن يعرف هذا غيري وغيرك، فلا تُخبِر به، قال: فما أَخبرتُ به إلّا بعد موته.
وحكى عنه أيضاً أنّ غير عبد الملك أخبرَ بذلك أيضاً.
قال البيهقيّ والّذي صحَّ عنه أنّ ذلك حين قُتل الحسين ولعلَّه وُجِد عند قتلهما جميعاً (انتهى).
وأخرج أبو الشّيخ أنَّ جمعاً تذاكروا أنَّه ما مِن أحدٍ أعانَ على قتلِ الحسين إلَّا أصابه بلاءٌ قبل أن يموت، فقال شيخٌ: أنا أعنْتُ وما أصابَني شيءٌ، فقام ليُصلح السّراج فأخذَتهُ النّارُ، فجَعلَ ينادي: النّار النّار، وانغمس في الفرات ومع ذلك فلم يزل به حتّى مات.
· ونقل سبط ابن الجوزيّ عن السّدّيّ أنّه أضافه رجل بكربلاء فتذاكروا أنّه
ما شارك أحدٌ في دمِ الحسين إلّا مات أقبح موتة، فكذَّب المضيف بذلك وقال إنّه ممَّن حضرَ، فقام آخر اللّيل يُصلح السِّراج فوثَبَت النّارُ في جسده فأحرقته.
قال السّدّيّ فأنا والله رأيتُه كأنّه حُممة [القطعة من الفحم].
*وعن الزّهريّ لم يبق ممَّن قتله إلّا مَن عوقب في الدّنيا إمّا بقتلٍ، أو عمًى، أو سوادِ الوجه، أو زوال المُلك في مدّةٍ يسيرةٍ.
* وحكى سبط ابن الجوزيّ عن الواقديّ أنّ شيخاً حضر قتلَه فقط فعَمي، فسُئل عن سببه فقال إنّه رأى النّبيّ حاسراً عن ذراعيه وبيده سيف وبين يديه نطع، ورأى عشرةً من قاتلِي الحسين مذبوحين بين يديه ثمّ لعنه وسبَّه بتكثيره سوادهم، ثمّ أَكحله بمرود من دمِ الحسين فأصبح أعمى.
* وأخرج أيضاً أنّ شخصاً منهم علّق في لببِ فرسه رأسَ الحسين بن عليّ، فرؤي بعد أيّامٍ ووجهه أشدّ سواداً من القار، فقيل له: إنّك كنتَ أنضر العرب وجهاً، فقال: ما مرَّت عليَّ ليلةٌ من حين حَملتُ تلك الرّأس إلّا واثنان يأخذان بضبعَي ثمّ ينتهيان بي إلى نار تأجّج، فيدفعاني فيها وأنا أنكص فتَسفعني كما ترى، ثمّ مات على أقبح حالة.
* وأخرج أيضاً أنَّ شيخاً رأى النّبيّ في النّوم وبين يديه طست فيها دم والنّاس يُعرَضون عليه فيلطّخهم حتّى انتهيتُ إليه فقلت: ما حضرت، فقال لي: هَويت، فأومأ إليّ بإصبعه فأصبحتُ أعمى.
* ومرَّ أنَّ أحمد روى أنَّ شخصاً قال: قتلَ اللهُ الفاسقَ ابن الفاسق الحسين، فرماه الله بكوكَبين في عينَيه فعمي.
* وذكر البارزيّ عن المنصور أنّه رأى رجلاً بالشّام وجهُه وجهُ خنزيرٍ، فسأله فقال إنّه كان يلعن عليّاً كلّ يومٍ ألف مرّة، وفي الجمعة ألف مرّة وأولاده معه، فرأيتُ النّبيّ وذكر مناماً طويلاً من جملته أنّ الحسنَ شكاهُ إليه فلعنه ثمّ بصق في وجهه، فصار موضع بصاقه خنزيراً وصار آيةً للنّاس.
* وأخرج الملا عن أمّ سلمة أنّها سمعت نوحَ الجنِّ على الحسين، وابن سعد عنها أنّها بكت عليه حتّى غشيَ عليها.
* وروى البخاريّ في صحيحه والتّرمذيّ عن ابن عمر أنّه سأله رجلٌ عن دمِ البعوض طاهرٌ أو لا، فقال له: ممَّن أنت؟ قال: من أهل العراق، فقال: انظروا إلى هذا يَسألني عن دمِ البعوض، وقد قتلوا ابن النّبيّ وقد سمعتُ النّبيَّ يقول: هما رَيحانتاي من الدّنيا.
ووَرَد حول ترجمة الإمام الحسين عليه السّلام من (طبقات ابن سعد)، قال:
· قال: أخبرنا عفّان بن مسلم ويحيى بن عبّاد وكُثير بن هشام ومسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل، قالوا: حدَّثنا حمّاد بن سلمة، قال أخبرنا عمّار بن أبي عمّار، عن أمّ سلمة، قالت: سمعتُ الجنَّ تنوح على الحسين .
· قال: أخبرنا عليّ بن محمّد، عن عليّ بن مجاهد، عن حنش بن الحارث، عن شيخ من النّخع، قال: قال الحجّاج: مَن كان له بلاءٌ فليَقُم، فقام قوم فذكروا. وقام سنان بن أنس، فقال: أنا قاتلُ حسين، فقال: بلاءٌ حَسَن! ورجع سنان إلى منزله فاعتُقِل لسانُه وذَهب عقلُه، فكان يأكل ويُحدِث في مكانِه .
· قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، قال حدّثتنا أم شوق العبديّة، قالت: حدّثتني نضرة الأزديّة، قالت: لمّا قُتل الحسين بن عليّ مطرت السّماء دماً، فأصبحت خيامُنا وكلُّ شيءٍ منّا مُلِئ دماً.
· قال: أخبرنا سليمان بن حرب وموسى بن إسماعيل، قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة، قال: حدّثنا سليم القاصّ، قال: مَطِرنا دمٌ يوم قُتِل الحسين. قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال: حدّثني نجيح، عن رجلٍ من آل سعيد يقول: سمعتُ الزّهريّ يقول: سألني عبد الملك بن مروان، فقال: ما كان علامة مقتل الحسين؟ قال: لم تكشف يومئذٍ حجراً إلّا وجدْتَ تحته دماً عبيطاً! فقال عبد الملك: أنا وأنت في هذا غريبان .
· قال: أخبرنا محمّد بن عمر، قال حدّثني عمر بن محمّد بن عمر بن عليّ، عن أبيه، قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ فقال ابن رأس الجالوت: ما كشف يومئذٍ حجرٌ إلّا وُجد تحته دمٌ عبيط.
· قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابيّ، قال حدّثنا خلّاد –صاحب السّمسم، وكان ينزل بني جحدر- قال: حدّثتني أمّي، قالت :كنّا زماناً بعد مقتل الحسين وإنَّ الشّمسَ تطلعُ محمرَّةً على الحيطان والجدران بالغداة والعشيّ، قالت: وكانوا لا يرفعون حجراً إلَّا وجدوا تحته دماً .
· قال: حدّثنا عفّان بن مسلم، قال حدّثنا حمّاد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن محمّد بن سيرين، قال: لم تُر هذه الحمرة في آفاق السّماء حتّى قُتل الحسين بن عليّ رحمه الله .
· قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال حدّثنا يوسف بن عبدة، قال: سمعتُ محمّد بن سيرين، يقول: لم تكُن تُرى هذه الحمرة في السّماء عند طلوع الشّمس وعند غروبها حتّى قُتل الحسين رضي الله عنه .
· قال: أخبرنا عليّ بن محمّد، عن عليّ بن مدرك، عن جدّه الأسود بن قيس، قال: احمرّت آفاقُ السّماء بعد قتل الحسين ستّة أشهر، يُرى ذلك في آفاق السّماء كأنّها الدّم .
قال: فحدّثتُ بذلك شريكاً فقال لي: ما أنت من الأسود؟
قلت: هو جدّي أبو أمّي، قال: أما والله إنّه كان لَصدوق الحديث، عظيمَ الأمانة، مكرِماً للضّيف .
وورد في (تاريخ مدينة دمشق) لمؤلِّفه ابن عساكر، ج 14:
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقنديّ أنا [أخبرنا] أحمد بن أبي عثمان وأحمد بن محمّد بن إبراهيم قال: لمّا قُتل الحسين اسودّت السّماء، وظهرت الكواكب نهاراً، حتّى رأيتُ الجوزاء عند العصر، وسقط التُّراب الأحمر.
· عن عليّ بن مسهَّر عن جدّته، قالت: لمّا قُتِل الحسين كنتُ جاريةً شابّةً، فمَكَثت السّماء سبعة أيّامٍ بلياليها كأنّها علقة.
· عن خلّاد صاحب السّمسم وكان ينزل بني جحدر، قال: حدّثتني أمّي، قالت: كنّا زماناً بعد مقتل الحسين وإنَّ الشّمس تطلع محمرّةً على الحيطان والجدر بالغداة والعشيّ، قالت: وكانوا لا يرفعون حجراً إلّا وُجد تحته دم.
· عن عليّ بن مدرك عن جدّه الأسود بن قيس، قال: احمرّت آفاقُ السّماء بعد قتل الحسين ستّة أشهرٍ، يُرى ذلك في آفاق السّماء كأنّها الدّم.
· عن عيسى بن الحارث الكنديّ، قال: لمّا قُتل الحسين مكَثْنا سبعة أيّامٍ إذا صلّينا العصر فنظرنا إلى الشّمس على أطراف الحيطان كأنّها الملاحف المُعصفرة، ونَظَرنا إلى الكواكب يَضربُ بعضُها بعضاً.
· عن مسلم بن إبراهيم قال حدّثتنا أمّ شرف العبديّة، قالت: حدَّثتني نصرة الأزديّة، قالت: لمّا أنْ قُتِل الحسين بن عليٍّ مطرت السّماء دماً فأصبحتُ وكلُّ شيءٍ لنا ملآنُ دماء، وفي حديث البيهقيّ مُلىء دماً.
· عن أبي قبيل، قال: لمّا قُتل الحسين بن عليّ كُسِفَت الشّمسُ كسفةً بَدَت الكواكبُ نصف النّهار حتّى ظننَّا أنّها هي [أي القيامة].
· عن حمّاد بن زيد عن هشام عن محمّد، قال: تعلم هذه الحُمرة في الأفق مِمَّ هي؟ فقال: من يوم قتل الحسين بن عليّ.
· عن جعفر بن سليمان قال حدّثتني خالتي أمّ سالم، قالت: لمّا قُتل الحسين بن عليّ مُطرنا مطراً كالدّم على البيوت والجدر، قال: وبلَغَني أنّه كان بخراسان والشّام والكوفة.
· عن بوّاب عبيد الله بن زياد أنّه لمّا جيء برأسِ الحسين فوُضِعَ بين يديه، رأيتُ حيطان دار الإمارة تَسايَلُ دماً.
· عن أمّ حيّان قالت: يوم قُتِل الحسين أظلَمَت علينا ثلاثاً ولم يمسّ أحدٌ من زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق، ولم يُقلَب حجرٌ ببيت المقدس إلَّا أصبحَ تحته دمٌ عبيط.
· أوّل ما عُرف الزّهريّ أنّه تكلّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيُّكم يعلم ما فَعلت أحجارُ بيت المقدس يوم قُتِل الحسين بن عليّ؟ فقال الزّهريّ -زاد عبد الكريم وابن السّمرقنديّ بلغني وقالوا- أنّه لم يُقلب حجرٌ إلّا -زاد ابن السّمرقنديّ وُجدَ تحته- وقال البيهقيّ: إلّا وتحته دمٌ عبيط. [أورد قول الزّهري، وأدخلَ في السياق اختلاف اللّفظ بحسب الرواة، وخلاصة قول الزهريّ ما تحته خطّ]
· حدّثني عمر بن محمّد بن عمر بن عليٍّ عن أبيه، قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتلِ الحسين علامة؟ قال ابنُ رأس الجالوت: ما كُشِف يومئذٍ حجرٌ إلّا وُجِد تحته دمٌ عبيط.
_________________________________
* بالاستفادة من كتاب (الموكب الحسيني من المدينة إلى المدينة)، والرجوع إلى المصادر الثلاثة والاختيار منها.
قراءةٌ في خطاب الإمام السّجّاد عليه السّلام في الشّام*
التّعريفُ بأهل البيت يكشِف «يزيد» وآل أبي سفيان
----- الشّيخ حبيب الهُدَيبي - البحرين -----
* «.. بُهت الحاضرون وبُهروا مِن هذا الفتى العليل، الّذي ردَّ على الخطيب وطلبَ الكلام، وقد رفض يزيد إجابته فألحَّ عليه الجالسون بالسّماح له .
كان ذلك بدايةَ وعيٍ عند أهل الشّام، فقال يزيد لهم: إنْ صعد المِنبر لم ينزل إلَّا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان. فقالوا له: ما قَدر ما يُحسن هذا العليل.. فقال لهم: إنَّه مِن أهل بيت قد زقُّوا العلم زقَّاً» .
* في هذا السّياق تأتي هذه المقاربة التّحليليّة لخطاب سيِّد السّاجدين في الشّام، وتقدِّمها «شعائر» إلى القرّاء الكرام بمناسبة «أيّام السّبي».
إكمالاً للدّور الإعلاميّ المَهدوف في الشّام، اندفع الإمام زين العابدين عليه السّلام للإدلاء ببيانه للتّعريف بأهل البيت عليهم السّلام في أوساط المُجتمع الشّاميِّ المخدوع، وذلك حينما أراد يزيد مواجهة إعلام الثّورة الحسينيَّة في الشّام، فأمرَ الخطيبَ بأنْ يصعد المنبر ويُكثر الثّناء والتّمجيد للأُمويِّين، وينال مِن كَرامة أمير المؤمنين ووَلده الحسين عليهما السّلام، جرياً على السُّنَّة الّتي سَنَّها أبوه مُعاوية مِن قَبله، فصعد الخطيب المِنبر وقال كما أراد يزيد .
فانتفض الإمام زين العابدين وصاح به: ويلك أيُّها الخطيب، اشتريْتَ رضا المخلوق بِسخطِ الخالق، فتبوَّأ مَقعدَك مِن النّار .
والتفت إلى يزيد، فقال له: أتأذنُ لي أنْ أصعد هذه الأعواد، فأتكلَّم بكلمات فيهنَّ لله رضًى، ولهؤلاء الجالسين أجرٌ وثواب.
وبُهت الحاضرون وبُهروا مِن هذا الفتى العليل، الّذي ردَّ على الخطيب والأمير، وقد رفض يزيد إجابته فألحَّ عليه الجالسون بالسّماح له .
ويُعتبر ذلك بداية وعيٍ عند أهل الشّام، فقال يزيد لهم: إنْ صعد المِنبر لم ينزل إلّا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان، فقالوا له: وما قَدر ما يُحسن هذا العليل.. فقال لهم: إنَّه مِن أهل بيتٍ قد زقُّوا العلم زقَّاً .
فأخذوا يُلحُّون عليه، فانصاع لقولهم فسمح للإمام، فاعتلى أعواد المنبر، فحمدَ الله وأثنى عليه، ويقول المؤرِّخون: إنَّه خطب خُطبةً عظيمةً أبكى منها العيون، وأوْجل منها القلوب.
ويظهر أنَّ التاريخ لم يَحفظ لنا خُطبة الإمام بأجمعها، إلّا أنَّ القِسم المذكور منها واضح بأنَّها كانت تدور حول مِحورٍ واحدٍ، وهو الكشفُ عن مكانة أهل البيت، والتّعريف بهم للمُجتمع الشّاميّ كإعلامٍ مُضادٍّ للإعلام الأُمويّ، الّذي عَمِل لمُدَّة عشرين عاماً في تشويه الحقيقة في أذهان أهل الشّام، وإعطائهم صورةً مُشوَّهة عن عميد العِترة النّبويَّة أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم السّلام.
قال عليه السَّلام :
«أيُّها النّاس، أُعطينا سِتَّاً وفُضِّلنا بسبعٍ، أُعطينا العِلم والحِلم والسَّماحة والفصاحة والشّجاعة والمَحبَّة في قلوب المؤمنين، وفُضِّلنا بأنَّ مِنَّا النّبيّ المُختار محمّد، ومِنَّا الصِّدِّيق، ومِنَّا الطيَّار، ومِنَّا أسد الله وأسد الرّسول، ومِنَّا سيِّدة نساء العالمين فاطمة البتول، ومِنَّا سِبطا هذه الأُمَّة وسِيِّدا شباب أهل الجَنَّة» .
في هذا الجزء مِن بيانه عليه السّلام ".." أشار إلى الفضائل الّتي جَمَعَها اللهُ تعالى في الأُسرة الهاشميَّة؛ حيث جعل منهم نُخبَة هذه الأُمَّة وقادتها .
أمَّا المُميِّزات السِّتّ الّتي أشار إليها الإمام، فهي :
1- العِلم: وكون العِلم ميزة لأهل البيت، إنَّما يعني العَطاء العلميّ الإلهيّ؛ لأنَّهم لم يأخذوا مِن غيرهم، فهُمْ أغنياء عَمَّن سواهم مِن الأُمَّة في علومهم ومعارفهم، بينما غيرهم مِن سائر الأُمَّة مُحتاجٌ إليهم، فلهم قنواتهم الخاصَّة الّتي يَستقون منها علومهم ومعارفهم .
القناة الأُولى: التّعلُّم المُباشر مِن الرّسول الأعظم، وهذا يتمُّ بالنّسبة إلى أمير المؤمنين والحسنين عليهم السّلام، أو تلقِّي الإمام اللّاحق عن الإمام السّابق، وهذا بالنّسبة إلى سائر الأئمَّة عليهم السّلام.
القناة الثّانية: المصادر الخاصَّة بهم، وهي الكُتُب الّتي دُوِّنت بخَطِّ عليٍّ وإملاء رسول الله صلّى الله عليه وآله، ككتاب جامعة أمير المؤمنين وأنَّها مِن جِلدٍ وطولها سبعون ذِراعاً، فيها جميع ما يحتاج إليه النّاس مِن حلالٍ وحرامٍ وغير ذلك، حتَّى أنَّ فيها أَرْش الخَدش، وذلك كلُّه تفصيل ما جاء في القرآن الشّريف مِن الأحكام وغيرها .
وقد سُمِّيت في ما ورد عن الصّادقَين عليهما السّلام مِن الرّوايات: بالجامعة، والصّحيفة، وكتاب عليٍّ، والصّحيفة العتيقة، وقد رآها عند الباقر والصّادق بعضُ الرّواة الثّقات مِن أصحابها كأبي بصير وغيره، وأنَّ الأئمَّة يتَّبعون ما في هذه الصّحيفة، ولا يحتاجون إلى أحدٍ مِن النّاس في علومهم.
ومنها: الجَفْر الأبيض والجَفْر الأحمر. وهما كتابان أو وعاءان مِن الجِلد، أحدهما أبيض والآخر أحمر، يحتويان على علوم مُدوَّنة مِمَّا خَصَّهم الرّسول صلّى الله عليه وآله بها بإملائه وخَطِّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
القناة الثّالثة: هي المَدد الغيبيِّ والإلهام الرَّبَّانيّ، في المجالات الّتي تَحتاج إلى هذا الفيض والمَدد الإلهيّ الخاصِّ"..".
2- الحِلم: وهو العقل والتّؤدة وضبط النّفس عن هيجان الغضب.. وذوو الأحلام والنّهى ذوو الأناة والعقول."..".
ونجد هذا الخُلق بأروع مظاهره في سيرة أئمَّة أهل البيت عليهم السّلام، فإنَّ الله تعالى قد منحهم مِن مكارم الأخلاق أرفعها وأكملها .
رُوي عن عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السّلام، أنَّه سبَّه رجل فرمى إليه بخَميصة كان عليه، وأمر له بألف درهم، فقال بعضُهم: جمع له خَمس خصالٍ محمودةٍ: الحلم، وإسقاط الأذى، وتخليص الرّجل مِمَّا يُبعد مِن الله عَزَّ وجَلَّ، وحَمله على النّدم والتوبة، ورجوعه إلى المَدح بعد الذمِّ، اشترى جميع ذلك بشيء مِن الدّنيا يسير.
3- السَّماحة: وهي الكَرم والسَّخاء، وهو مِن أبرز جوانب العطاء في حياة أهل البيت عليهم السّلام، فإنَّ حياتهم كلَّها عطاء وإنفاق وسَماحة مِن أجل بناء الأُمَّة مِن النّاحية المادِّيَّة والمعنويَّة، وسَدِّ ما فيها مِن ثغرات، نتيجة عدم تحكيم القوانين الإلهيَّة بالشّكل الكامل مِن قِبَل الحُكَّام الّذين كانت السُّلطة بأيديهم .
4- الفصاحة: وتعني مَلكة الشّجاعة الأدبيَّة في ميادين البيان وفنون الكلام، وأوضح دليل على ما منحه الله لأهل البيت مِن كمال في هذا المجال ما أُثر عنهم مِن كلامٍ، فإنَّ مدرستهم لها أساليبها الخاصَّة، وطابعها المُتميِّز سواء في مجال الخُطب، أمْ في مجال الأدعية، أمْ في الحِكَمِ والكلمات القِصار، أو النّصوص الحديثيَّة. فخُذْ أيَّ نَصٍّ مِن الكلام المنسوب إليهم، وقارن بينه وبين أيِّ كلامٍ آخر، فإنَّك سوف تجد الفَرق واضحاً جَليَّاً، فإنَّ كلامهم تحت كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين .
مِن هنا نجد علماءنا الأعلام كثيراً ما يغضُّون النّظر عن ضَعف السّند اعتماداً على قوَّة النَّصِّ، فقد صحَّحوا كثيراً مِن الأدعية مع ضَعف سندها، نظراً إلى ما هي عليه مِن قوَّة البلاغة والبيان؛ حيث ينسجم مع مدرستهم وأساليبهم في البيان.
5- الشّجاعة: وهي قوَّة الإرادة والثّبات في الميادين الصّعبة والمواقف الخطيرة، ولا ينحصر ذلك في ميادين القتال، بلْ في كلِّ مجالٍ مِن مجالات الحياة وتحدِّياتها الّتي يحتاج الإنسان فيها إلى الشّجاعة وقوَّة الإرادة والثّبات، ولقد كان أهل البيت عليهم السّلام، المَثل الأعلى في الشّجاعة والصّمود في كلِّ ميدان مِن ميادين التّحدِّي، وسيرتهم أعظمُ شاهدٍ على ذلك .
إلاَّ أنَّ مواقفهم في الحياة اختلفت، وتفاوتت أساليبهم في العمل، لكنّها لم تختلف مِن حيث الهدف، وإنَّما هذا الاختلاف اقتَضته اختلافات الظّروف التي مَرَّت بها أُمَّة الإسلام .
6- المَحبَّة في قلوب المؤمنين: كيف لا تكون المَحبَّة لهم في قلوب المؤمنين ومَحبَّتهم جزء مِن الدِّين، بلْ هي روح الإيمان، وقد أوجبها الله على الأُمَّة في قوله تعالى﴿..قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى..﴾ الشّورى:23، فلا يكتمل إيمانُ عبدٍ إلَّا بمحبَّتهم ومودَّتهم، وقد أوعد الله المؤمنين الصّادقين بمودَّة القلوب في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدَّاَ﴾ مريم:96 .
وقد ورد في أسباب النّزول -مِن طُرق الشّيعة وأهل السُّنَّة- أنَّ الآية نزلت في عليٍّ عليه السّلام.
وفي (المَجمع) في الآية: قيل: فيه أقوال: أحدها أنَّها خاصَّة في عليٍّ، فما مِن مؤمن إلَّا في قلبه مَحبَّة لعليٍّ، عن ابن عبّاس. وفي تفسير أبي حمزة الثُّماليّ: «حدَّثني أبو جعفر الباقر، قال: قال رسول الله لعليٍّ: قلْ: أللّهمَّ، اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي في قلوب المؤمنين وُدَّاً. فقالها فنزلت الآية».
فلو أخذنا بإطلاق الآية الكريمة، وبكونها وعداً إليها لعموم المؤمنين الصّادقين، فإنَّ عليَّاً ووُلده هُمْ أكمل وأوضح المصاديق لمفهوم الآية الكريمة .
ثمَّ انتقل الإمام إلى ما فضَّل الله تعالى هذه الأُسرة، الأُسرة الهاشميَّة بأنْ جعل فيهم نُخبَة الأُمَّة وطليعتها، بِدءاً مِن الرّسول المُختار صلّى الله عليه وآله، الّذي جاء بهذا الدّين، الّذي أنقذ به البشريَّة وأخرجها مِن الظّلمات إلى النّور، وبنى كيان هذه الأُمَّة ورفعها فوق سائر الأُمَم، وقد لقي في سبيل ذلك المتاعب وواجه التّحدِّيات كافَّة مِن أجل أُمَّته، حتَّى أصبحت خَيرَ أُمَّة أُخرِجت للنّاس.
ومنهم سادة المُجاهدين بين يدي الرّسول الأعظم مِن أجل هذه الأُمَّة ورسالتها، وعلى رأسهم أمير المؤمنين وأوَّل المسلمين وخَير الصّادقين والمُصدِّقين للرّسول الأعظم عليُّ بن أبي طالب عليه السّلام، فكان صِدِّيق هذه الأُمَّة .
ومنهم جعفر بن أبي طالب الطّيَّار، الشّهيد في واقعة مؤتة، وقد قُطعت يداه في المعركة دفاعاً عن دين الله وأُمَّة الإسلام، فأخبر النّبيُّ صلّى الله عليه وآله عن فضله، وبأنَّه قد عوَّضه الله تعالى بجَناحين يطير بهما في الجَنَّة مع الملائكة .
ومنهم أسد الله وأسد الرّسول، وهو عَمُّ النّبيّ الحمزة بن عبد المُطَّلب الّذي استُشهد في سبيل الله تعالى في وقعة أُحد، فكان سيِّد شُهداء أُحد، أو سيِّد الشّهداء الّذين استُشهدوا بين يدي الرّسول الأعظم وتحت قيادته .
ومنهم سيِّدة نساء العالمين وبِضعة الرّسول فاطمة الزّهراء صلوات الله عليها، الّتي لم تَعرف الدّنيا امرأةً أفضل ولا أكمل منها، كما نطقت به النّصوص النّبويَّة، كقوله صلّى الله عليه وآله: «فاطمة سيِّدة نساء أهل الجَنَّة».
ومنهم الحسن والحسين سِبطا هذه الأُمَّة، وسيِّدا شباب أهل الجَنَّة، كما قال في حَقِّهما جَدُّهما الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله: «الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجَنَّة» .
فهذه النّماذج الرّفيعة، الّتي أشار إليها الإمام السّجّاد في خطابه، تجعل هذه الأُسرة هي القاعدة الّتي انطلقت منها الدّعوة، وهي الّتي احتضنت الرّسالة، ودافعت عنها في الظّروف الحرجة، وبذلت الأموال والدّماء مِن أجل انتصارها .
فكان لها النّصيب الأوفر في حَمل الإسلام والدّفاع عنه، والتّضحية مِن أجله، ولم يتأتَّ ذلك وبهذا المُستوى لأيِّ أُسرةٍ في الإسلام .
والجدير بالمُلاحظة أنَّ الإمام السجَّاد عليه السّلام، في ذِكره هذه النُّخبَة البشريَّة مِن أُسرته وأسلافه، ذَكَرهم بالألقاب المُشعرة بالفضل والعظَمة، فذكر النّبيَّ المُختار، والصِّدِّيق، والطيَّار، وأسدَ الله وأسد رسوله، وسيِّدةَ نساء العالمين، وسِبطي هذه الأُمَّة وسيِّدَي شباب أهل الجَنَّة، توضيحاً لمكانة هذه الأُسرة، الّتي كانت مجهولة لدى أهل الشّام، فلا يعرفون شيئاً مِن تاريخها ومواقفها الجهاديَّة، وما جمع الله لها مِن جوانب الفضل والفضيلة .
وبعد أنْ أشار الإمام بهذه الإشارات إلى ما فُضِّل به أهل البيت بصورةٍ إجماليَّةٍ، أخذ يُفصِّل بشيءٍ مِن التّفصيل فتحدَّث عن جَدِّه الرّسول الأعظم أوَّلاً، حينما تحدَّث عن حَسبه ونَسبه؛ ليوضِح عَلاقة هؤلاء السّبايا برسول هذه الأُمَّة، فقال :
«فمَن عَرفني فقد عَرفني، ومَن لم يَعرفني أنبأتُه بحَسبي ونَسبي، أنا ابنُ مَكَّة ومِنى، أنا ابنُ زَمزم والصّفا، أنا ابنُ مَن حمل الزَّكاة بأطراف الرّداء، أنا ابنُ خَير مَن ائتزر وارتدى، أنا ابنُ خَير مَن انتعل واحتفى، أنا ابنُ خير مَن طاف وسعى، أنا ابنُ خَير مَن حَجَّ ولبَّى، أنا ابنُ خَير مَن حُمِل على البِراق في الهوا، أنا ابن ُمَن أُسري به مِن المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فسبحان مَن أسرى، أنا ابنُ مَن بَلَغ به جبرائيل إلى سِدرة المُنتهى، أنا ابنُ مَن دنا فتدلَّى فكان مِن رَبِّه قابَ قوسين أو أدنى، أنا ابنُ مَن صَلَّى بملائكة السماء، أنا ابنُ مَن أوْحى إليه الجليلُ ما أوْحى، أنا ابنُ محمّد ٍالمصطفى» .
وغرض الإمام عليه السّلام مِن حديثه عن جَدِّه الرّسول الأعظم، وذكره بهذه الخصائص الّتي جَمَعها اللهُ تعالى لحبيبه ورسوله المُصطفى صلّى الله عليه وآله، غرضه هو أنْ يقول للنّاس: إنَّنا نحن الّذين نُمثِّل تلك الفضائل المحمّديَّة، ونحن الامتداد الطّبيعيّ لحياة تلك الشّخصيَّة، الّتي هي الأكمل والأفضل مِن بين كافَّة البشريَّة، وليس كما يدَّعيه الأُمويُّون لأنفسهم بأنَّهم قادة المسلمين وحُكَّامهم، وبأنَّهم أقربُ النّاس إلى الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله .ثمَّ انتقل إلى الحديث عن جَدِّه أمير المؤمنين، الّذي شوَّه النّظامُ الأُمويُّ سُمعتَه، وكان المُجتمع الشّاميُّ يجهل مواقفه وجهاده، وما يتحلَّى به مِن خصائص ربَّانيَّة، وعَلاقة خاصَّة بالرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله.
فقال عليه السّلام :
«أنا ابن عليٍّ المُرتضى، أنا ابن مَن ضرب خراطيم الخَلق حتَّى قالوا: لا إله إلاَّ الله، أنا ابنُ مَن ضربَ بين يدي رسول الله بسيفَين، وطعن برُمحَين، وهاجر الهِجرتَين، وبايع البيعتَين، وصلَّى القبلتَين، وقاتل ببدرٍ وحُنين، ولم يكفر بالله طَرفة عين. أنا ابنُ صالح المؤمنين، ووارث النّبيِّين، وقاطع المُلحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المُجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكَّائين، وأصبر الصّابرين، وأفضل القائمين مِن آل ياسين ورسول رَبِّ العالمين، أنا ابنُ المؤيَّد بجبرئيل المنصور بميكائيل .
أنا ابنُ المُحامي عن حُرَمِ المسلمين، وقاتلِ النّاكثين والقاسطين والمارقين، والمُجاهدِ أعداءه النّاصبين، وأفخرِ مَن مَشى مِن قريشٍ أجمعين، وأوَّل مَن أجاب واستجاب لله مِن المؤمنين، وأقدم السّابقين، وقاصم المُعتدين، ومُبير المُشركين، وسَهْم مِن مرامي الله على المُنافقين، ولسان حِكمة العابدين، وعَيبة علم الله. سَمحٌ سَخيٌّ بُهلولٌ، زكيُّ أبطحيٌّ رضيٌّ مرضيٌّ مُقدام هُمام صابرٌ صوَّام، مُهذبٌ قوَّام شجاع قمقام، قاطع الأصلاب، ومُفرِّق الأحزاب، أربطُهم جِناناً، وأطلقُهم عِناناً، وأجرؤهم لساناً، وأمضاهم عزيمة، وأشدُّهم شكيمة. أسدٌ باسل، وغيثٌ هاطل، يطحنهم في الحروب، ويذروهم ذرو الرّيح الهشيم، ليثُ الحِجاز، صاحبُ الإعجاز، وكَبشُ العراق، الإمامُ بالنَّصِّ والاستحقاق، مَكِّيٌّ مَدنيٌّ أبطحيٌّ تِهاميٌّ، خيفيٌّ عقبيٌّ بدريٌّ أُحديٌّ، وشَجريٌّ مُهاجريٌّ. مِن العرب سيِّدها، ومِن الوغى ليثها، وارث المِشعرَين، وأبو السّبطين الحسن والحسين، مُظهر العجائب، ومُفرِّق الكتائب، والشِّهاب الثّاقب، والنّور العاقب، أسد الله الغالب، مطلوب كلِّ طالب، غالب كلِّ غالب. ذاك جَدِّي عليُّ بن أبي طالب».
إنَّ المُقتضي لهذا الإسهاب مِن الإمام زين العابدين، في حديثه عن جَدِّه أمير المؤمنين عليه السّلام، هو ما أشرنا إليه مِن تعرُّض شخصيَّة جَدِّه لمُحاولة التّشويه مِن قِبَل الإعلام الأُمويّ، ومُحاولة طَمْس مآثره وفضائله وفواضله، ما أدَّى إلى جَهل أهل الشّام بكلِّ ما يتعلَّق بشخصيَّته حتَّى أصبح يُسَبُّ على منابرهم، فأراد الإمام السّجَّاد عليه السّلام أنْ يكشف لذلك المُجتمع أنَّ هذا الّذي شتَمه ويشتمُه خُطباء النّظام الأُمويّ، هو مَن يحمل هذه الفضائل الّتي لم تجتمع لأيِّ فردٍ مِن أفراد الأُمَّة، سواءٌ في الفضائل النّفسيَّة والكمالات الذّاتيَّة، أمْ المواقف الجهاديَّة. لقد كان القوَّة الضّاربة بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله في كلِّ ميادين الجهاد، ولم ينتصر المسلمون في حربٍ مِن الحروب في عهد الرّسالة، إلّا وكان محوَر ذلك الانتصار .
وأمَّا منزلته ومقامه مِن النّبيّ صلّى الله عليه وآله، فهي تلك المنزلة الّتي لم تكن لأيِّ فردٍ مِن الأفراد، مِمَّن كانوا حول الرّسول صلّى الله عليه وآله مِن الأقربين والأبعدين، فهو أخوه وناصرُه وأبو ذُرَّيَّته وخليفته، بلْ هو نفسه كما قرَّر ذلك كتاب الله في آية المُباهلة .
فأينَ هذه الصّورة الّتي عرضها الإمام السّجّاد لجَدِّه أمير المؤمنين عليه السّلام، مِن الصّورة الّتي كوَّنها الأُمويُّون في الذّهنيَّة العامَّة للمُجتمع الشّاميّ للإمام عليّ عليه السّلام .
فبهذا البيان مَزَّق ذلك الغِشاء، الّذي أراد الأُمويُّون به طَمس الحقيقة .
ثمَّ تابع الإمام السّجَّاد حديثه عن أسلافه، فقال :
«أنا ابنُ فاطمة الزّهراء، أنا ابنُ سيِّدة النّساء، أنا ابنُ الطُّهر البتول، أنا ابنُ بِضعة الرّسول صلّى الله عليه وآله، أنا ابنُ الحسين القتيل بكربلاء، أنا ابن المُزمَّل بالدّماء، أنا ابن مَن بَكى عليه الجِنُّ في الظّلماء، أنا ابنُ مَن ناحت عليه الطّيرُ في الهواء» .
ولم يزل يقول: أنا، حتَّى ضَجَّ النّاس بالبكاء والنّحيب.
هكذا أعطى الإمام عليه السّلام لأُسرته وأسلافه هذه الصّورة المُقدَّسة، الّتي توضِح مكانتهم مِن الإسلام وتُبيِّن مدى الإجحاف والظُّلم الّذي تعرَّض له أهل البيت مِن هذه الأُمَّة، مُقابل ما قدَّموه مِن خدماتٍ وتضحياتٍ لم تُقدِّمها أيُّ أُسرة أُخرى في الإسلام .
والجدير بالذِّكْر، أنَّه لولا هذه المسيرة الّتي قطعها سبايا أهل البيت إلى الشّام، لَمَا أُتيحت الفرصة لأيِّ فردٍ مِن أهل البيت، أو مِن أتباعهم بأنْ يقوم بهذا الدّور الخطير، الّذي قام به الإمام مع رَكْبِ السّبايا مِن زخمٍ إعلاميٍّ في خدمة أهداف الثورة ومُعطياتها، والتي مِن أهمِّها بيان مقام أهل البيت مِن الرّسول والإسلام والقرآن، حتَّى خشي الطّاغية مِن وقوع الفتنة وحدوث ما لا يُحمَد عُقباه. فقد أوجد خطاب الإمام انقلاباً فِكريَّاً في مجلس الطّاغية، وقد بادر بالإيعاز إلى المؤذِّن أنْ يؤذِّن؛ ليقطع على الإمام كلامه، فصاح المؤذِّن: اللهُ أكبر، فقال الإمام: كبَّرت كبيراً، لا يُقاس ولا يُدرك بالحواسّ، لا شيء أكبر مِن الله، فلمَّا قال المؤذِّن: أشهد أن لا إله إلَّا الله، قال عليُّ بن الحسين: شَهد بها شَعري وبشري ولحمي ودمي ومُخِّي وعَظمي.
ولمَّا قال المؤذِّن: أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله، التفت عليُّ بن الحسين إلى يزيد فقال له: يا يزيد، محمّد هذا جَدِّي أمْ جَدُّك؟! إنْ زعمتَ أنَّه جَدُّك فقد كذبْتَ، وإنْ قلت: إنَّه جَدِّي، فلم قتلْتَ عِترته؟
وبعد هذين الخطابَين -اللّذين أدلت بهما الحوراء زينب والإمام زين العابدين عليهما السلام- أصبحت فاجعةُ كربلاء هي الحديث الّذي يجري بين كلِّ اثنين في المُجتمع الشّاميّ، وبهذا وجدت أصداءُ الثّورة طريقها إلى الأفكار والقلوب، حتَّى تأكَّد يزيد أنَّ بقاء سبايا آل محمّد في الشّام يُشكِّل خَطراً عليه وعلى حُكمه؛ لذلك أمرَ بتعجيل إخراجهم وإرجاعهم إلى المدينة، وخرج ركبُ السّبايا راجعاً نحو الحِجاز بعد أداء تلك الرّسالة الإعلاميَّة المُقدَّسة.
* من كتاب «قراءاتٌ في بيانات الثّورة الحسينيَّة».
أللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ:
وَسَدِّدْني لأَنْ أعارِضَ مَنْ غَشَّني بِالنُّصْحِ
وَأجْزيَ مَنْ هَجَرَني بِالْبِرِّ
وَأثيبَ مَنْ حَرَمَني بِالْبَذْلِ
وَأكافِيَ مَنْ قَطَعَني بِالصِّلَةِ
وَأخالِفَ مَنِ اغْتابَني إلى حُسْنِ الذِّكْرِ
وَأنْ اشْكُرَ الحَسَنَةَ وَأغْضِيَ عَنِ السَّيِّئَةِ
من دعاء "مكارم الأخلاق" للإمام السجّاد عليه السلام
0
أيـــــــــــــــــــــــــن الرَّجبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون؟ يستحب في شهر رجب قراءة سورة التوحيد عشرة آلا مرة..
يدعوكم المركز الإسلامي- حسينية الصديقة الكبرى عليها السلام للمشاركة في مجالس ليالي شهر رمضان لعام 1433 هجرية. تبدأ المجالس الساعة التاسعة والنصف مساء ولمدة ساعة ونصف. وفي ليالي الإحياء يستمر المجلس إلى قريب الفجر. نلتمس دعوات المؤمنين.