تُعَرِّف
أهلَ الشّام أموراً لا نريدُ أن يعرفوها
اتّفقت المصادر
على أنَّ أوّل مَن صنّف في السّيرة عُبيد الله بن أبي رافع خادم النّبيّ صلّى الله عليه
وآله. ".." وكان أبوه أبو
رافع رحمه الله، مرجعاً في السِّيرة: «كان ابن عبّاس يأتي أبا رافع فيقول: ما صنع النّبيّ
صلّى الله عليه وآله يوم كذا؟ ومع ابن عبّاس ألواحٌ يكتبُ فيها». (تقييد العلم لابن
عبد البرّ: 92؛ والإصابة لابن حجر: 4 / 125). فأين هذا الكنز
الثّمين: كتاب ابنُ أبي رافع رحمه الله؟! لا تعجب إنْ أحرقَته الحكومات، فقد كان الإحراقُ
من سياستهم!
قال الزُّبير بن
بكّار في (الموفّقيّات، ص 222)، وهو من علماء السُّلطة:
«قَدِمَ سليمانُ
بن عبد الملك إلى مكّة حاجّاً سنة 82 للهجرة، فأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سِيَر
النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ومغازيه، فقال له أبان: هي عندي، قد أخذتُها مصحّحةً
مِمَّن أثقُ به. فأمر سليمان عشرةً من الكتَّاب بنسخها، فكتبوها في رقٍّ. فلمّا صارت
إليه، نظر فإذا فيها ذِكرُ الأنصار في العقبَتَين وفي بدر، فقال: ما كنتُ أرى لهؤلاء
القوم هذا الفضل! فإمّا أن يكون أهل بيتي غمصوا [كذبوا] عليهم، وإمّا
أن يكونوا ليس هكذا!
فقال أبان: أيُّها
الأمير، لا يمنعنا ما صنعوا أن نقولَ بالحقّ، هم على ما وَصَفْنا لكَ في كتابنا هذا!
فقال سليمان: ما حاجتي إلى أن أنسخَ ذاك حتّى أذكره لأمير المؤمنين لعلّه يخالفه، ثمّ
أمر بالكتاب فحُرِق!
ورجع فأخبر أباه
عبد الملك بن مروان بذلك الكتاب، فقال عبد الملك: وما حاجتُك أن تَقْدِم بكتابٍ ليس
لنا فيه فضل، تُعَرِّفُ أهلَ الشّام أموراً لا نريد أن يعرفوها؟! قال سليمان: فلذلك
أمرتُ بتحريق ما نسختُه، فصوَّبَه».
(جواهر
التّاريخ، الشّيخ علي كوراني)
العراق
سُمّي العراقُ
عِراقاً لأنّه سفلَ على نجد، ودَنا من البحر، كعِراق القِربة وهو الخرز المثنيّ الّذي
في أسفلِها، وهو الّذي يضعُه السقّاءُ في صدره. وقيل: العراقُ
في كلامهم الطَّيْر، قالوا: وهو جمع عَرَقة، والعَرَقة: ضربٌ من الطّير.
ويقال أيضاً: العراق
جمع عِرق، وقال قطرب: إنّما سمِّي العراقُ عراقاً لأنّه دنا من البحر وفيه سِباخٌ [جمع سَبَخَة،
وهي أرض ذات ملح وماء] وشَجَر، يُقال: استَعرقتْ
إبلُهم إذا أتتْ ذلك الموضع.
وقال الخليل: العراق
شاطئُ البحر، وسمِّي العراقُ عراقاً لأنّه على شاطئ دجلة والفرات مدّاً حتّى يتصل بالبحر
على طوله.
وقال الأصمعيّ:
ما دونَ الرّمل عراق، وقال المدائنيّ: عملُ العراق من هيت إلى الصّين والسّند والهند،
ثمّ كذلك الرّيّ وخراسان، والدَّيلم وجيلان والجبال، وإصبهان سرّةُ العراق، ومَن وَلِي
العراقَ فقد ولي البصرة والكوفة والأهواز وفارس وكرمان والهند والسّند وسجستان وطبرستان
وجرجان. ويُقال للبصرة والكوفة، معاً، العِراقان.
والعراق في الطّول
من عانة إلى البصرة، والبصرة تُتاخمُ الأهواز، والأهواز تتاخمُ فارس، وفارس تتاخمُ
كرمان، وكرمان تتاخم كابل، وكابل تتاخم زرنج [كانت قصبة
سجستان]، وزرنج تتاخم الهند.
وقال بعض أهل النّظر:
أهلُ العراقِ هم أهلُ عقولٍ صحيحة، وشمائلَ موزونة، وبراعةٍ في كلّ صناعة، مع اعتدال
الأعضاء، واستواء الأخلاط، وسُمرة الألوان، وهي أعدلُها وأقصدُها..
(مصادر)
المجلة
