الشّجرة الملعونة في القرآن
المحمّديّون (سُنَّةً
وشيعةً) رحماءُ بينَهم، همُ الأمّة. هم «مع» رسول الله صلّى
الله عليه وآله.
﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ
وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ..﴾ الفتح:29.
أمّا الّذين هم رحماءُ
على الكفّار أشدّاءُ بينهم فليسوا مع رسول الله. تبرأُ منهم الأمّة. يبرأُ السّنّةُ
منهم كما يبرأُ الشّيعة. ليسوا محمّديّين. إنّهم أتباعُ الشّجرةِ الملعونةِ في
القرآن.
قام التّحالفُ - بل
التَّماهي - قديماً بين تَشعُّبات الشّجرة الملعونة وبين «خَيبر» وعمومِ
اليهود.
وها هو «الجَوْلانُ»
المحتلُّ يشهدُ أحدَ الأدلّة الأبرز على تحالفِ امتداداتِ الشّجرة الملعونة
المعاصرة، مع بني صهيون.
بعد تطمينِ «شُرَيْحِ
القاضي» لأميركا واليهود من استهداف الكيان الصّهيونيّ لاحقاً، اقتضى «التّراحمُ»
أنْ تستقبلَ المشافي الصّهيونيّة جرحى يهودِ الأمّة التّكفيريين.
يتعاظمُ تسانُخ
اليهود مع «الأشدّاء بينَهم» حتّى لَتخالَ – وأنت صادقٌ - أنّ «حرب تمّوز»
قائمةٌ عبر جنون التّكفيريين ومشغّليهم. زاغتْ أبصارُهم وطارَ صوابُهم، والفؤادُ
هواء، لأنّ اليهودَ في مأزق.
يشتدُّ عداءُ اليهود
للمُحمّديّين. ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً
لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ
أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى
ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا
يَسْتَكْبِرُونَ﴾ المائدة:82.
المُحمّديّون رَحمانيّون.
لِينُ القلبِ دِثارُهم. الورعُ عن إراقةِ الدّمِ منهجُهم والشّعار. ﴿..لَا
يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا..﴾ القصص:83.
خدمةُ عباد الله عبادتُهم. مواجهةُ المتسلّطين والفراعنةِ دينُهم. إنْ لاحَ في أُفقِ
نفسِ أحدِهم بارقُ التّسلُّطِ فرَّ إلى اللهِ لاجئاً من شيطان الأمّارةِ بالسّوء.
أشباهُ المحمّديّين،
أتباعُ بني أميّة والطُّلَقاء، لا دينَ لهم إلّا القسوةُ والفظاظةُ والتّسلُّط،
وشقُّ الصّدورِ وتقطيعُ الأكباد، وسَيْلُ الدّمِ العَرِم، والدّفاعُ عن يزيد وآل
أبي سفيان.
**
قال تعالى: ﴿وَإِذْ
قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا
الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي
الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا﴾ الإسراء:60.
خلاصةُ تفسير هذه
الآية في أبرز المصادر، أنّها إمّا نصٌّ في بني أميّة – إلّا بعض الأفراد - أو
نصٌّ في مفهومٍ ينطبقُ على بني أميّة دونَ ريْب، سواء كان هذا المفهوم «شجرةَ الزّقوم»،
أو الكفّار، أو المنافقين.
نقرأ في (تاريخ أبي
الفداء (ت:732 هجريّة)
ج 2/ ص 57): «قال اللهُ
تعالى في كتابِه العزيز: ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ﴾، اتّفق المفسّرون أنّه أرادَ بها بني أميّة».
ولَئِن
أمكنَ للبعض – بدوافع أمويّةٍ أو رواسِبِها - أنْ يحاولَ صرفَ «الشّجرة
الملعونة» عن «بني أميّة» فإنّه لم يتمكّن من صرفِ انطباق «الرّؤيا» عن رؤيا النّبيّ
الأعظم صلّى الله عليه وآله بني أميّة «يَنزُونَ عَلَى مِنْبَرِه نَزْوَ القِرَدَةِ، فَمَا
اسْتَجْمَعَ بَعْدَ هذه الرّؤيا ضاحكاً».
**
نرجعُ إلى سنة 284
هجريّة لنجدَ في (حوليّات تاريخ الطّبريّ: ج
8/ ص 185-186) - نقلاً من الكتاب الذي أعدَّه «المعتضد»
العبّاسيّ ليُقرأَ على الأمّة ولم يُقرَأ تخوّفاً من ثورات الطّالبيِّين- ما
يُختَصر منه التّالي:
«أعظمُهم مخالفةً [للنّبيّ]
وأوّلُهم في كلِّ حربٍ ومُناصبَة، لا يُرفَع على الإسلام رايةٌ إلّا كانَ صاحبَها
وقائدَها ورئيسَها في كلِّ مواطنِ الحربِ من بدرٍ وأُحُد والخندق والفتح، أبو
سفيان بنُ حرب وأشياعُه من بني أميّة الملعونين في كتابِ الله ﴿..وَالشَّجَرَةَ
الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا
طُغْيَانًا كَبِيرًا﴾ الإسراء:60. ولا اختلافَ بين أحدٍ أنّه أرادَ بها بني أميّة.
ومنه
[من عداوة أبي سفيان، وبني أميّة للنّبيّ]:
ما يرويه الرّواة من قوله [أبي سفيان] ".."
(تَلَقَّفُوها تَلَقُّفَ الكُرَة فما هناك جَنَّةٌ ولا نار)، وهذا كفرٌ صُراحٌ
يلحقُه به اللّعنةُ من الله كما لحقتِ الذين كفروا من بني إسرائيل على لسانِ داودَ
وعيسى ابن مريم ﴿..ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ المائدة:78.
ومنه:
ما يَروون من وقوفه [أبي سفيان]
على ثنية أحد بعد ذهابِ بصرِه، وقوله لقائدِه: هَهنا ذَبَبْنا
[رَمَيْنا] محمّداً وأصحابه.
ومنه:
الرّؤيا الّتي رآها النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فوجمَ لها فما رُؤي ضاحكاً
بعدَها، فأنزل الله ﴿..وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا
فِتْنَةً لِلنَّاسِ..﴾ الإسراء:60
فذَكروا أنّه رأى نفراً من بني أميّة يَنْزُون على مِنبره.
ومنه:
ما أنزلَ اللهُ على نبيّه في سورة القدر ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ
شَهْرٍ﴾ من ملك بني أميّة».
**
ثقافةُ التّكفيريّين
أُمَوِيّة. أسّسَتْها نكراءُ معاوية. تَتالتْ فصولُ تثبيتِها على مدارِ ألفِ شهر. تقومُ
هذه الثّقافةُ على الغرائزيّةِ والأهواء والمادّيّة، والمتاجرةِ بالدِّين لتحقيقِ
الغَلَبة. وجدَ العبّاسيّون أنّها تخدمُ تهالكَهم على المُلكِ العقيمِ فَعزّزوها
على طريقتِهم ولصالحِهم. تلقَّفَ كلُّ المُتسلِّقين المُتسلّطين مشروعَ أبي سفيان «تَلَقُّفَ
الكُرة» وصولاً إلى «الإبن تَيمِيّين» وسائر المادّيين من مستشرقينَ
ومتغرّبين، وصهاينةٍ ومُتَصهينين.
أخطرُ ما في الثّقافة
الأمويّة، التّمويهُ بأنّها «ثقافةُ أهلِ السُّنّةِ والجماعة».
كان – وما يزال -
أخطر أهداف التّكفيريّين الأمويّين استفزاز «الشّيعة» لِحَملِهم على
استعداء «السُّنّة».
يتعاظمُ واجبُ شكرِ
المُنعم سبحانَه على أنّنا نشهدُ عصرَ الفرزِ بين الأمّة والتّكفيريّين.
حشرجاتُ «اللّات
وعُزّى»، و«أُعْلُ هُبَل» إرهاصاتُ فجرٍ محمّديٍّ صادقٍ يجمعُ كلمةَ الأمّةِ
صفّاً واحداً في مواجهةِ الجاهليّةِ الأولى، «دار النّدوة» و«أصنام
الكعبة».
**