معنى «الصِّراط المُسْتَقِيم»
الولاءُ
لأمير المؤمنين عليه السّلام
ـــــ الشّيخ المفيد قدّس سرّه ـــــ
مقتطف من كتاب (تصحيح اعتقادات
الإماميّة) للشّيخ المفيد قدّس سرّه، يشرح فيه معنى «الصّراط المستقيم»،
مبيّناً أنّه سلوكُ سبيلِ رضوان الله عزّ وجلّ، واتّباعُ نبيِّه صلّى الله عليه
وآله، وعلامةُ ذلك، تَولِّي أمير المؤمنين والأئمّة من ذرّيّته صلوات الله عليهم
أجمعين.
الصّراطُ في اللّغة هو الطّريق، فلذلك سُمِّي الدِّينُ
صِراطاً، لأنّه طريقٌ إلى الصّواب، وبه سُمِّي الولاء لأمير المؤمنين والأئمّة من ذرّيّته عليهم السّلام صراطاً.
ومن معناه قال أمير المؤمنين عليه السّلام:
«أَنَا صِرَاطُ اللهِ المُسْتَقِيْمُ، وَعُرْوَتُهُ الوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ
لَهَا». يعني: أنَّ معرفتَه عليه السّلام والتّمسُّكَ به طريقٌ إلى الله سبحانه.
وقد جاء الخبر بأنَّ الطّريقَ يومَ القيامةِ
إلى الجنّة، كَالجِسر يمرُّ به النّاس، وهو الصّراطُ الّذي يَقِفُ عن يمينه رسولُ الله
صلّى الله عليه وآله، وعن شماله أميرُ المؤمنين عليه السّلام، ويأتيهما النّداء من
قِبل الله تعالى: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ ق:24.
وجاء الخبر أنّه لا يعبرُ الصِّراطَ يومَ
القيامة إلّا مَن كان معه براءةٌ، من عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، من النّار.
الصِّراط، دينُ الله
تعالى
وردَ في الخبر بأنّ الصِّراط أدَقُّ من
الشّعرة وأحَدُّ من السّيفِ على الكافر. والمرادُ بذلك أنّه لا تثبتُ لكافرٍ قدمٌ على
الصّراط يومَ القيامة من شدّة ما يَلحقُهم من أهوال يوم القيامة ومخاوفها، فهم يَمشون
عليه كالّذي يمشي على الشّيء الّذي هو أدقُّ من الشّعرة وأحدّ من السّيف. وهذا مَثَلٌ
مضروبٌ لِما يلحقُ الكافرَ من الشّدّةِ في عبوره على الصِّراط.
وهو طريقٌ إلى الجنّة وطريقٌ إلى النّار، يُشرِفُ
العبدُ منه إلى الجنّة، ويرى منه أهوالَ النّار. وقد يعبَّر به عن الطّريق المعوَجّ،
فلهذا قال الله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ..﴾ الأنعام:153، فميَّز بين طريقِه الّذي دعا إلى سلوكِه
من الدِّين، وبين طُرُق الضّلال. وقال اللهُ تعالى في ما أمرَ به عبادَه من الدُّعاء
وتلاوة القرآن: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ الفاتحة:6، فدلَّ على أنَّ ما سواه صراطٌ غير مستقيم.
وصراطُ الله تعالى دينُ الله، وصراطُ الشّيطان
طريقُ العصيان، والصِّراط في الأصل – على ما بيّناه – هو الطّريق، والصِّراطُ يومَ
القيامة هو الطّريقُ المسلوكُ إلى الجنّة أو النّار، على ما قدّمناه.