موجز في التّفسير
سورة (النّجم)
ـــــ إعداد: سليمان بيضون ـــــ
* سورة
(النّجم) هي السُّورة الثّالثة والخَمسون في ترتيب سُوَر المُصحف الشّريف، نزلتْ بعد سورة (التّوحيد).
* آياتُها اثنتان وستّون،
وهي مكّيّة، تُورِثُ المداومةُ على قراءتها محبّةَ النّاس.
* سُمِّيتْ بسورة (النّجم) لابتدائها بقوله تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ..﴾.
* إحدى سُوَر العزائم الأربع، عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «إنّ
العَزائِمَ أَرْبَعٌ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الّذي خَلَقَ، وَالنَّجْمِ، وَتَنْزِيلِ
السَّجْدَة، وَحَم السَّجْدَة».
|
قال
العلّامة الطّباطبائيّ في (تفسير الميزان): «في تفسير القمّيّ في قوله تعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ
إِذَا هَوَى﴾، قال: (النّجم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. ﴿.. إِذَا
هَوَى﴾: لمّا أُسْرِيَ بِه إلى السّماءِ وهو في الهواء..). أقول: وروى
تسميتَه صلّى الله عليه وآله وسلّم بالنّجم بإسناده عن أبيه، عن الحسين بن خالد،
عن الرّضا عليه السّلام، وهو من البطن». (المصدر:
ج 19)
وفي (تحقيق كلمات القرآن الكريم)
للشّيخ حسن المصطفوي أنّ معنى «النّجم» في الآية: «..هو نفسُ رسول الله صلّى الله
عليه وآله، الهابط من المحلّ الأعلى والمقام الأسنى، ومن مرتبة الحقّ في الحقّ إلى
جانب الخلق، بالرّسالة إليهم وهدايتِهم وسَوقِهم إلى الحقّ..».
مضامين سورة (النّجم)
هدفُ سورة النّجم المباركة هو التّذكير
بالأصول الثّلاثة؛ وحدانيّتُه تعالى في ربوبيّته، والمَعاد، والنُّبوّة. وهي في
ذلك تبدأ بالنّبوّة، فتصدّقُ الوحيَ إلى النّبيّ، صلّى الله عليه وآله وسلّم، وتَصِفُه،
ثمّ تتعرّضُ للوحدانيّة، فتنفي الأوثانَ والشّركاء أبلغَ النّفي، ثمّ تَصِفُ انتهاءَ
الخَلْق، وتنسبُ إليه تَعالى التّدبيرَ؛ من إحياء، وإماتة، وإضحاك، وإبكاء، وإغناء،
وإقناء، وإهلاك، وتعذيب، ودعوة، وإنذار. وتختمُ الكلامَ بالإشارة إلى المَعاد، والأمر
بالسّجدة والعبادة. (تفسير الميزان، للعلّامة الطّباطبائيّ)
ويُمكن تقسيم محتوى هذه السّورة إلى سبعة
أقسام:
1) بداية
السّورة، وهي تتحدّث عن حقيقة الوحي، واتّصال النّبيّ، صلّى الله عليه وآله مباشرةً
بمُنزِل الوحي «جبريل عليه السّلام».
2) في
القِسم الثّاني يجري الكلام على معراج الرّسول، صلّى الله عليه وآله، بعبارات موجزة
وغزيرة المعنى.
3) ثمّ
يجري الكلام عن خرافات المشركين، وعبادة الملائكة، ويُعنّفُ هذا القسم الكفّارَ، ويحذّرهم
من عبادة الأوثان.
4) يفتح
القرآنُ سبيلَ التّوبة بوجه المُنحرفين وعامّةِ المُذنبين، ويؤمّلُهم بمغفرة الله الواسعة،
ويؤكّد أنّ كُلّاً مسؤولٌ عن عمله.
5) إكمالاً
للأهداف المتقدّمة، يأتي القِسم الخامس لِيُبَيِّنَ جوانبَ من مسألة المعاد، ويقيم
دليلاً واضحاً على هذه المسألة بما هو موجودٌ في النّشأة الأولى، أي الدّنيا.
6) إشاراتٌ
إلى العواقب المؤلمة للأُمَم التي اتّخذت موقف العداوة والمعاندة للحقّ، كالذي حدث
لقوم نوح، وثمود، وعاد، وغيرهم.
7) تختم
هذه السّورة بالأمر بالسّجود لله تعالى وعبادتِه.
(تفسير الأمثل)
ثواب تلاوتها
* عن
النّبيّ صلّى الله عليه وآله: «مَنْ قَرَأَ سورَةَ النَّجْمِ أُعْطِيَ مِنَ الأَجْرِ
عَشْرَ حَسَناتٍ بِعَدَدِ مَنْ صَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ وَمَنْ جَحَدَ بِهِ».
(تفسير مجمع البيان)
* عن
الإمام الصّادق عليه السّلام: «مَنْ كانَ يُدْمِنُ قَراءَةَ ﴿وَالنَّجْمِ﴾ في كُلِّ
يَوْمٍ، أَوْ في كُلِّ لَيْلَةٍ، عاشَ مَحْموداً بَيْنَ النّاسِ، وَكانَ مَغْفوراً
لَهُ، وَكانَ مُحَبَّباً بَيْنَ النّاسِ﴾.
(ثواب الأعمال)
تفسيرُ آياتٍ منها
قولُه
تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ
وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ الآيات:1-4.
* الإمام الباقر عليه السّلام: «ما ضَلَّ
[صاحبكم] في عَلِيٍّ وَما غَوَى، وَما يَنْطِقُ فيهِ عِنِ
الهَوَى، وَما كانَ قالَ فيهِ إِلّا بِالوَحْيِ الذي أُوحِيَ إِلَيْهِ».
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ الآيتان:8-9.
* الإمام الكاظم عليه السّلام: «..فَلَمّا
أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَكانَ مِنْ رَبِّهِ كَقابِ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى، رُفِعَ لَهُ حِجابٌ مِنْ حُجُبِهِ، فَكَبَّرَ رَسولُ اللهِ،
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يَقولُ الكَلِماتِ الّتي تُقال
في الافْتِتاحِ، فَلَمَّا رُفِعَ لَهُ الثّاني كَبَّرَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى
بَلَغَ سَبْعَةَ حُجُبٍ وَكَبَّرَ سَبْعَ تَكْبيراتٍ، فَلِذَلِكَ العِلَّةِ تُكَبِّرُ
للافْتِتاحِ في الصَّلاةِ سَبْعَ تَكْبيراتٍ...».
قوله
تعالى: ﴿ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ الآية:14.
* عن الإمام الحسين، عليه السّلام، أنّ
يهوديّاً من يهود الشّام وأحبارهم قالَ لأمير المؤمنين عليه السّلام: «.. فَإِنَّ
موسى ناجاهُ اللهُ تَعالى عَلى طورِ سَيْناءَ. قالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: لَقَدْ
كانَ كَذَلِكَ، وَلَقَدْ أَوْحَى اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، إِلى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَآلِهِ عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهى، فَمَقامُهُ في السَّماءِ مَحْمودٌ، وَعِنْدَ
مُنْتَهى العَرْشِ مَذْكورٌ...».
* الإمام الباقر عليه السّلام: «إِنَّما
سُمِّيَتْ سِدْرَةَ المُنْتَهى لِأَنَّ أَعْمالَ أَهْلِ الأَرْضِ تَصْعَدُ بِها المَلائِكَةُ
الحَفَظَةُ إِلى مَحَلِّ السِّدْرَةِ، وَالحَفَظَةُ البَرَرَةُ دونَ السِّدْرَةِ يَكْتُبونَ
ما يُرْفَعُ إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْمالِ العِبادِ في الأَرْضِ..».
قوله
تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ..﴾
الآية:32.
* الإمام الصّادق عليه السّلام: «الفَواحِشُ:
الزِّنا، وَالسَّرِقَةُ. وَاللَّمَمُ: الرَّجُلُ يَلُمُّ بِالذَّنْبِ فَيَسْتَغْفِرُ
اللهَ مِنْهُ».
قوله
تعالى: ﴿.. فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ الآية:32.
سُئل الإمام الصّادق عليه السّلام: هل يجوز
أن يُزكّي المرء نفسَه؟ قال: «نَعَمْ، إِذا اضْطُرَّ إِلَيْهِ، أَما سَمِعْتَ قَوْلَ
يوسُفَ: ﴿.. اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ يوسف:55، وَقَوْلَ العَبْدِ الصّالِحِ: ﴿.. وَأَنَا
لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾ الأعراف:68».
قوله
تعالى: ﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى﴾ الآية:37.
عن الإمام الباقر عليه السّلام، في
تفسير هذه الآية، أنّ النّبيّ إبراهيم عليه السّلام كان إذا أصبحَ قال: «..أَصْبَحْتُ
ورَبِّي مَحْمُودٌ، أَصْبَحْتُ لَا أُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً ولَا أَدْعُو مَعَه إِلَهاً
ولَا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِه وَلِيّاً - ثَلَاثاً - وإِذَا أَمْسَى قَالَهَا ثَلَاثاً..».
قوله
تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى﴾
الآيتان:39-40.
* رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إِنَّ
المُؤْمِنَ إِذا غَلَبَهُ ضَعْفُ الكِبَرِ أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ المَلَكَ أَنْ
يَكْتُبَ لَهُ في حالَتِهِ تِلْكَ، مِثْلَ ما كانَ يَعْمَلُ وَهُوَ شابٌّ نَشيطٌ صَحيحٌ،
وَمِثْلَ ذَلِكَ إِذا مَرِضَ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ مَلَكاً يَكْتُبُ لَهُ في سَقَمِهِ
ما كانَ يَعْمَلُ مِنَ الخَيْرِ في صِحَّتِهِ حَتّى يَرْفَعَهُ اللهُ وَيَقْبِضَهُ،
وَكَذَلِكَ الكافِرُ إِذا اشْتَغَلَ بِسَقَمٍ في جَسَدِهِ، كَتَبَ اللهُ لَهُ ما كانَ
يَعْمَلُ مِنْ شَرٍّ في صِحَّتِهِ».
* الإمام
الصّادق عليه السّلام: «لَيْسَ يَتْبَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنَ الأَجْرِ
إِلّا ثَلاثُ خِصالٍ: صَدَقَةٌ أَجْراها في حَياتِهِ فَهِيَ تَجْري بَعْدَ مَوْتِهِ
إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ صَدَقَةً مَوْقوفَةً لا تُوَرَّثُ، وَسُنَّةُ هُدًى سَنَّها
وَكانَ يَعْمَلُ بِها وَعَمِلَ بِها مِنْ بَعْدِهِ غَيْرُهُ، وَوَلَدٌ صالِحٌ يَسْتَغْفِرُ
لَهُ».
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾ الآية:48.
أمير المؤمنين عليه السّلام: «أَغْنَى
كُلَّ إِنْسانٍ بِمَعيشَتِهِ، وَأَرْضاهُ بِكَسْبِ يَدِهِ».
قوله
تعالى: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾ الآية:56.
الإمام الصّادق عليه السّلام: «يَعْني
مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَيْثُ دَعاهُمْ إِلَى الإِقْرارِ بِاللهِ
في الذَّرِّ الأَوَّلِ».
(الشّيخ الحويزيّ، تفسير نور الثّقلين)