بالكلام
ابْيَضَّتِ الوُجُوه، واسْوَدَّت
كلامُكَ من عملِك، مذخورٌ في صحيفَتِك
ــــــــــــــــــــ إعداد: محمّد ناصر
ــــــــــــــــــــ
مجموعةٌ مختارة من الأحاديث الشّريفة، تبيّن مدى خطورة الكلام في فلاح
المرء أو هوانه، وأنّه من العمل، يُحاسَب عليه خيراً أو شرّاً. يليها توضيح وبيان
للفقيه النّراقيّ من كتابه (جامع السّعادات) للفرق بين الخوْض في ما لا يعني وفضول
الكلام، وكلاهما خسارة.
*
رسول الله صلّى الله عليه وآله:
«إنَّ الرّجُلَ ليَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رضْوانِ اللهِ مَا كَانَ يَظُنُّ
أنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَت، يَكتب اللهُ تَعالى لَهُ بِها رِضْوانَهُ إلى يَوْمِ يَلْقاه،
وإنَّ الرَّجُلَ ليَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ سخطِ اللهِ ما كانَ يَظُنُّ أنْ تَبْلغَ
مَا بَلَغَت، يَكتبُ اللهُ لَهُ بِها سخطه إلى يَوْمِ يَلْقَاه».
*
الإمام عليّ عليه السّلام:
«مَغْرسُ الكَلامِ القَلْبُ، ومُسْتَوْدَعُهُ الفِكْرُ، ومُقَوِّمُهُ العَقْلُ،
ومُبْدِيهِ اللّسانُ، وجِسْمُهُ الحرُوفُ، ورُوحُهُ المَعْنَى، وحِلْيَتُهُ الإعْرابُ،
ونِظَامُهُ الصَّواب».
* وعنه عليه السّلام: «..ومَا خَلَقَ
اللهُ عَزّ وَجَلّ شَيئاً أحسنَ مِنَ الكَلامِ وَلَا أَقْبَحَ مِنْهُ، بِالكَلامِ
ابْيَضَّتِ الوُجُوه، وبالكلامِ اسْوَدَّتِ الوُجوه».
الحَثُّ على تَرْكِ مَا
لا يَعني مِن الكلام
*
رسول الله صلّى الله عليه وآله:
«مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المَرْء تَرْكُهُ الكَلام في ما لا يَعْنِيه».
*
وعنه صلّى الله عليه وآله: «أكثر النّاس ذنوباً أكثرهم كلاماً في ما لا يعنيه».
*
الإمام عليّ عليه السّلام لمَّا مَرَّ بِرَجُلٍ يتكلَّم بفضول الكلام: «إنَّكَ تُمْلِي
على حَافِظَيْكَ كِتَاباً
إلى
رَبِّكَ، فَتَكَلَّمْ بِمَا يَعْنِيكَ وَدعْ مَا لا يَعْنِيك».
وعنه
عليه السّلام: «إِيَّاكَ وفُضُولَ الكَلام، فَإِنَّهُ يُظْهِرُ مِنْ عُيُوبِكَ مَا
بَطَنَ، وَيُحَرِّك عَلَيْكَ مِنْ أَعْدَائِكَ مَا سَكَن».
*
الإمام الحسين عليه السَّلام لابن عباس: «لا تَتَكَلَّمَنَّ في ما لا يَعْنِيكَ
فَإنِّي أَخافُ علَيكَ الوِزْرَ، ولا تَتَكَلَّمَنَّ في ما يَعْنِيكَ حتّى تَرى
لِلْكلامِ مَوْضِعاً».
اعتبار
الكلام من العمل
*
رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنَّ مَنْ حَسبَ كَلامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ
كَلامُهُ إلَّا في ما يَعْنِيه».
* الإمام عليّ عليه السّلام: «كَلامُكَ مَحْفُوظٌ عَلَيْكَ مُخَلَّدٌ
فِي صَحِيفَتِكَ، فاجْعَلْهُ في ما يُزْلِفُكَ».
قال العلماء
التَّكلُّم بِما لا يعني أو بِالفضول،
والمُراد بالأوّل: التّكلُّم بما لا فائدة فيه أصلاً، لا في الدِّين ولا في
الدُّنيا، والثّاني: أعَمّ منه، إذ يتناول الخوض في ما لا يعني والزّيادة في
ما يعني عن قدر الحاجة؛ فإنَّ مَن يعنيه أمرٌ ويتمكّن من تقريره وتأديته وتأدية مقصوده
بكلمةٍ واحدة، ومع ذلك ذكر كلمتَين، فالثّانية فضول، أي فضل عن الحاجة. ولا ريبَ في
أنَّ التّكلُّم بِما لا يعني وبالفضول مذموم، وإن لم يكن فيه إثم، والسِّرّ في ذمّه
أنّه يوجب تضييع الوقت، والمنع من الذِّكر والفِكر، فمَن ترك ذكرَ الله والفِكرَ في
عجائب قدرته، واشتغل بِمباحٍ لا يعنيه، وإن لم يأثَم، إلّا أنّه قد خسر، حيث فاته الرّبح
العظيم بذكر الله وفكره. فإنّ رأسَ مال العبد أوقاتُه، ومهما صرفها إلى ما لا يعنيه،
ولم يدّخر بها ثواباً في الآخرة، فقد ضيّع رأس ماله.
(جامع السّعادات -
مختصر)