تحقيق

تحقيق

منذ أسبوع

بحثٌ حولَ موضعِ غدير خمّ


قامَ فِيهم وَهو مُتَوسِّدٌ يدَ عَليّ بن أبي طالب عليه السّلام

بحثٌ حولَ موضعِ غدير خمّ

ـــــــــــــــــــــــــــ العلّامة الشّيخ عبد الهادي الفضلي ــــــــــــــــــــــــــــــ

بحثٌ ميدانيٌّ للفقيه الكبير الرّاحل الشيّخ الدّكتور عبد الهادي الفضلي رحمه الله، حول موضع «غدير خُمّ»، بالإضافة إلى وصف الموقع تاريخيّاً، ووصف مشهد النّصّ بالولاية لأمير المؤمنين عليه السّلام، والإشارة إلـى الأعمال المندوب إليها شرعاً فيه.

تمتاز هذه الدّراسة، التي نُشرت لأوّل مرّة في مجلة تراثنا (شوّال 1411 للهجرة) بأمرَين أساسيّين:

أوّلاً: أنّ العلامة الفضلي تتبّع موارد الحديث عن «حادثة غدير خمّ» في أهمّ المصنّفات التّاريخيّة واللّغويّة والجغرافيّة والفقهيّة، فجاء بحثُه شاملاً ووافياً، موثّقاً بثَبت جميع المصادر المنقول عنها.

ثانياً: قام رحمه الله بجولتَين استطلاعيّتَين إلى منطقة الغدير في سنة 1982م، ثم سنة 1989م، وخلُص من هاتَين الجولتَين إلى جملة حقائق، أهمّها تحديد الطُّرق المؤدّية إلى منطقة الغدير.

المقال التّالي، يُوجز أهمّ ما ورد في دراسة الشّيخ الفضلي تغمّده الله تعالى بواسع رحمته.

إنّ موضع غدير خُمّ من المواضع الإسلاميّة التي شهدت أكثر من موقفٍ من مواقف النّبيّ صلّى الله عليه وآله، والتي يمكننا تلخيصها بالتّالي:

1- وقوعه في طريق الهجرة النّبويّة.

2- وقوعه في طريق عودة النّبيّ صلّى الله عليه وآله من حجّة الوداع.

3- وقوع بيعة الغدير فيه.

وكلّ واحد من هذه المواقف الثّلاثة يشكّل بُعداً مهمّاً في مسيرة التّاريخ الإسلامي .

فالهجرة كانت البدء لانتشار الدّعوة الإسلاميّة وانطلاقها خارج ربوع مكّة، ومن ثمّ إلى العالم كلّه .

وحجّة الوداع والعودة منها إلى المدينة المنوّرة كانت ختم الرّسالة؛ حيث كَمُل الدِّين فتمّت النّعمة .

 وبيعة الغدير هي التّمهيد لعهد الإمامة والإمام، حيث ينتهي عهد الرّسالة والرّسول .

ومن هنا اكتسب موضع «غدير خُمّ» أهمّيّته الجغرافيّة في التّراث الإسلاميّ، ومنزلته التّكريميّة كمَعْلَمة خطيرة من معالم التّاريخ الإسلامي .

واشتهر الموقع بحادثة الولاية للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، أكثر من شهرته موقعاً أو منزلاً من معالم طريق الهجرة النّبويّة، أو من طريق العودة من حجّة الوداع.

اسم الموقع

-1 اشتهر الموضع باسم: «غدير خُمّ»، ففي حديث السّيرة لابن كثير: «عن عبد الله بن محمّد بن عقيل: سمع جابر بن عبد الله يقول: كنّا بالجحفة بغدير خُمّ، فخرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وآله من خباء أو فسطاط..».

وفي حديث زيد بن أرقم، قال: «خطب رسول الله صلّى الله عليه وآله بغدير خُمّ تحت شَجَرات».

-2 كما أنّه يُسمّى بـ «وادي خُمّ»؛ أخذاً من واقع الموضع، قال الحازمي: «خُمّ: وادٍ بين مكّة والمدينة عند الجُحفَة، به غدير، عنده خَطَبَ رسول الله صلّى الله عليه وآله.

-3 وقد يُطلق عليه «خُمّ» اختصاراً، كما في كتاب (صفة جزيرة العرب) للهمداني.

-4 وأُطلق عليه في بعض الحديث اسم: الجُحْفَة؛ من باب تسمية الجزء باسم الكلّ، لأنّ خُمَّاً جزء من وادي الجحفة الكبير.

وقد جاء هذا في حديثٍ أخرجه النّسائي في (الخصائص)، ونصّه: «عن عائشة بنت سعد قالت: سمعتُ أبي يقول: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم الجُحْفَة..».

-5 ويقال له: «الخرّار»، قال السّكوني: «موضع الغدير غديرِ خُمّ يقال له: الخرّار».

-6 ويختصر ناسُنا اليوم الاسم فيُطلقون عليه: «الغدير».

-7 الغُرَبَة، وهو الاسم الرّاهن الذي يُسمّيه به أبناء المنطقة في أيّامنا هذه، قال البلادي في (معجم معالم الحجاز): «ويُعرف غدير خُمّ اليوم باسم "الغُرَبَة"، يقع شرق الجُحفة على ثمانية أميال [هكذا]، وواديهما واحد، وهو وادي الخرّار» .

ويُقيّد لفظ «الغدير» بإضافته إلى «خُمّ» تمييزاً بينه وبين غُدران أُخَر، قُيّدت - هي الأخرى - بالإضافة، أمثال:

- غدير الأشطاط: موضع قرب عسفان.

- غدير البنات: في أسفل وادي خماس .

وقد يُطلق على غديرنا: «غدير الجُحْفة»، كما في حديث زيد بن أرقم: «أقبل النّبيّ صلّى الله عليه وآله في حجّة الوداع حتّى نزل بغدير الجُحفة بين مكّة والمدينة..».

سبب التّسمية

نستطيع أن نستخلص من مجموع التّعريفات التي ذكرَتها المعجمات العربيّة للغدير، التّعريف التالي:

الغدير: هو المنخفض الطّبيعيّ من الأرض، يجتمع فيه ماء المطر أو ماء السَّيل، ولا يبقى إلى القيظ.

وعلّلوا تسمية المنخفض الذي يجتمع فيه الماء «غديراً» بــأنّه اسمُ مفعول لمغادرة السَّيل له؛ أي أنّ السَّيل عندما يملأ المنخفض بالماء يغادره؛ بمعنى يتركه بمائه .

 أمّا «خُمّ»، فعَن الزمخشري أنّه قال: «خُمّ: اسمُ رجلٍ صبّاغ، أُضيف إليه الغدير الّذي بين مكّة والمدينة بالجحفة». وقِيل: «إنّ خُمّاً اسمُ غيضةٍ هناك، وبها غديرٌ نُسِبَ إليها» .

تحديد الموقع جغرافيّاً

نصَّ غيرُ واحدٍ من اللّغويّين والجغرافيّين والمؤرّخين على أنّ موقع غدير خُمّ بين مكّة والمدينة. ففي (لسان العرب) - مادّة خمم: «وخُمّ: غدير معروف بين مكّة والمدينة».

وفي (النّهاية) لابن الأثير، مثلُه.

ويبدو أنّه لا خلاف بينهم في أنّ موضع غدير خُمّ بين مكّة والمدينة، وإنّما وقع شيء قليل من الخلاف بينهم في تَعيين مكانه بين مكّة والمدينة، فذهب الأكثر – ومنهم ابن منظور في (لسان العرب)، والفيروزآبادي في (القاموس المحيط) - إلى أنّه في «الجُحفة»، ويعنون بقولهم: «في الجحفة» أو «بالجحفة» وادي الجحفة، لا القرية الّتي هي الميقات؛ وذلك بقرينة ما يأتي من ذِكرهم تحديد المسافة بين غدير خُمّ والجُحفة، الذي يعني أنّ غدير خُمّ غير الجحفة (القرية)؛ ولأنّ وادي الجحفة يبدأ من الغدير وينتهي عند البحر الأحمر، فيكون الغدير جزءاً منه، وعليه لا معنى لتحديد المسافة بينه وبين الوادي الذي هو جزءٌ منه .

وتفرّد الحميري في (الرّوض المعطار) فحدّد موضعه بين الجُحفة وعسفان، وهو - من غير ريبٍ - وَهْمٌ منه.

ونخلص من هذا إلى أنّ غدير خُمّ يقع في وادي الجُحفة، على يسرة طريق الحاجّ من المدينة إلى مكّة، عند مبتدأ وادي الجُحفة، حيث منتهى وادي الخرّار .ومن هنا كان أنْ أسماه بعضهم بالخرّار.

أمّا المسافة بين موضع غدير خُمّ والجحفة (القرية = الميقات)، فَحُدّدت - فيما لديَّ من مراجع - بالتّالي:

حدّدها البكري في (معجم ما استعجم) بثلاثة أميال، ونَقل عن الزمخشري: أنّ المسافة بينهما ميلان.

وإلى القول بأنّ المسافة بينهما ميلان ذهب الحموي في معجمه، وقدّر الفيروزآبادي المسافة بثلاثة أميال، قال في (القاموس). وقدّرها بميل كلّ من نصر وعرّام.

وهذا التّفاوت في المسافة من الميل إلى الاثنين إلى الثّلاثة، أمر طبيعيّ؛ لأنّه يأتي - عادةً - من اختلاف الطّريق التي تُسلك.

وصفُ الموضع تاريخيّاً

احتفظ لنا التّاريخ بصورةٍ تكاد تكون كاملة المعالم، متكاملة الأبعاد، لموضع غدير خُمّ، فذكر أنّه يضمّ المعالم التّالية:

-1 العين: في (لسان العرب) – مادّة خمم: «قال ابن الأثير: هو موضعٌ بين مكّة والمدينة تصبّ فيه عين هناك».

وفي (معجم البلدان): «وخمّ: موضع تصّب فيه عين» وتقع هذه العين في الشّمال الغربي للموقع.

 -2 الغدير: وهو الّذي تصبّ فيه العين المذكورة، كما هو واضحٌ من النّصوص المنقولة المتقدّمة.

-3 الشّجر: في حديث الطّبراني: «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله خطب بغدير خُمّ تحت شجرات».

وفي حديث الحاكم: «لَمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وآله من حجّة الوداع، ونزل غدير خُمّ، أمر بدَوحات فقُمِمن».

والشّجر المشار إليه هنا من نوع «السَّمُر»، واحده «سَمُرَة»، وهو من شجر الطَّلَح؛ وهو شجرٌ عظيم، ولذا عُبِّر عنه بـ «الدّوح» كما في الأحاديث والأشعار، واحدُه «دَوحة»؛ وهي الشّجرة العظيمة المتشعّبة ذات الفروع الممتدّة .وهو غير «الغيضة» الآتي ذكرها؛ لأنّه متفرّقٌ في الوادي هنا وهناك .

-4 الغَيْضة: وهي الموضع الّذي يكثر فيه الشّجر ويلتفّ، وتُجمع على غياض وأغياض. وموقعها حول الغدير، كما ذكر البكري في (معجم ما استعجم)، قال: «وهذا الغدير تصبّ فيه عينٌ، وحوله شجرٌ كثيرٌ ملتفّ، وهي الغَيضة».

-5 النّبت البَرّي: نقل ياقوت الحموي في معجمه البلدانيّ عن عرّام، أنّه قال: «لا نبت فيه غير المَرْخ، والثُّمام، والأراك، والعشر».

-6 المسجد: وذكروا أنّ فيه مسجداً شُيِّد على المكان الّذي وقف فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله، وصلّى وخطبَ ونصبَ عليّاً للمسلمين خليفة ووليّاً .

وعَيّنوا موقعه بين الغدير والعَين، قال البكري في معجمه: «وبين الغدير والعين مسجدُ النّبيّ صلّى الله عليه وآله».

ويبدو أنّ هذا المسجد قد تَداعى ولم يبقَ منه في زمن الشّهيد الأوّل (استُشهد: ٧٨٦ للهجرة) إلّا جدرانه، كما أشار إلى هذا الشّيخ صاحب الجواهر في (الجواهر) نقلاً عن كتاب (الدّروس في فقه الإماميّة) للشّهيد الأوّل، قال: «وفي الدّروس: والمسجدُ باقٍ إلى الآن جدرانُه، والله العالم».

أمّا الآن، فلم نَجِد له أثَراً.

-7 ونقل ياقوت في (معجم البلدان) عن الحازمي أنّ «هذا الوادي موصوفٌ بكثرة الوخامة». يقال: وَخِم المكان وخامة: إذا كان غير ملائم للسّكنى فيه .

-8 ومع وخامته ذكر عرّام: «وبه أناسٌ من خُزاعة وكِنانة غير كثير».

وصفُ مشهدِ النصّ بالولاية

ويُنسَق على ما تقدّم مِن وصف الموضع تاريخيّاً، وصفُ حادثة الولاية بخطواتها المتسلسلة، والمترتّب بعضُها على بعض؛ لتكتمل أمام القارئ الكريم الصّورة للحادثة التي أعطت هذا الموضع الشّريف أهمّيّته كمَعْلَمٍ مهمٍّ من معالم السّيرة النبويّة المقدّسة، وتتلخّص بالتّالي:

 -1 وصول الرّكب النّبويّ بعد منصرَفه من حجّة الوداع إلى موضع غدير خُمّ، ضُحى نهار الثّامن عشر من شهر ذي الحجّة الحرام من السّنة الحادية عشرة للهجرة.

فعن زيد بن أرقم: «لَمّا حجّ رسول الله صلّى الله عليه وآله حجّةَ الوداع، وعاد قاصداً المدينة، قام بغدير خُمّ - وهو ماءٌ بين مكّة والمدينة - وذلك في اليوم الثّامن عشر من ذي الحجّة الحرام».

-2 ولأنّ هذا الموضع كان مفترَق الطُّرق المؤدّية إلى المدينة المنوّرة، والعراق، والشّام، ومصر، تفرّق النّاس عن رسول الله صلّى الله عليه وآله متّجهين وجهةَ أوطانِهم، فأمر صلّى الله عليه وآله عليّاً عليه السّلام أن يجمعَهم بردّ المتقدِّم وانتظار المتأخِّر .ففي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: «إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله نزل بخُمّ، فتنحّى النّاسُ عنه.. فأمر عليّاً فجمعَهم».

-3 ونزل الرّسول قريباً من خمس سَمُرات دوحات متقاربات، ونهى أن يُجلَس تحتهنّ.

في حديث عامر بن ضمرة وحذيفة بن أُسيد، قالا: «لَمّا صدر رسول الله صلّى الله عليه وآله من حجّة الوداع، ولم يحجّ غيرها، أقبل حتّى إذا كان بالجُحفة نهى عن شجرات بالبطحاء، متقاربات، لا ينزلوا تحتهنّ».

-4 ثمَّ أمر صلّى الله عليه وآله أن يُقَمَّ [يُكنَس] ما تحت تلكم السّمرات من شَوك، وأن تُشذّب فروعهنّ المتدلّية، وأنْ تُرشّ الأرض تحتهنّ.

ففي حديث زيد بن أرقم: «أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله بالشّجرات فقُمَّ ما تحتها، ورُشَّ».

-5 وبعد أن نزلت الجموع منازلها وأخذت أماكنها، أمر صلّى الله عليه وآله مناديه أن ينادي: «الصّلاةَ جامعةً».

يقول حبّة بن جوين العرني البجليّ: «لَمّا كان يوم غدير خُمّ دعا النّبيّ صلّى الله عليه وآله: (الصّلاة جامعة) نصفَ النّهار..».

-6 وبعد أن تكاملت الصّفوف للصّلاة جماعة، قام صلّى الله عليه وآله إماماً بين شجرتَين من تلكم السّمرات الخمس .

وفي رواية أحمد عن البراء بن عازب: قال: «كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله في سفر، فنزلنا بغدير خُمّ، فنُودي فينا: الصّلاة جامعة، وكُسِحَ لرسول الله صلّى الله عليه وآله تحت شجرتَين، فصلّى الظّهر».

 -7 وظُلِّلَ لرسول الله صلّى الله عليه وآله عن الشّمس أثناء صلاته بثوب، عُلّق على إحدى الشّجرتَين .

ففي رواية أحمد حديث زيد بن أرقم: «وظُلِّل لرسول الله صلّى الله عليه وآله بثوب على شجرة سَمُرة من الشّمس».

-8 وكان ذلك اليوم هاجراً شديد الحرّ .

يقول زيد بن أرقم: «فخرجنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، في يوم شديد الحرّ، وإنّ منّا مَن يضع بعض ردائه على رأسه، وبعضَه على قدمه من شدّة الرّمضاء».

-9 وبعد أن انصرف صلّى الله عليه وآله من صلاته، أمر أن يُصنَع له منبرٌ من أقتاب الإبل.

-10 ثمَّ صعد صلّى الله عليه وآله المنبر متوسّداً يدَ عليّ عليه السّلام.

في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري: «فأمر عليّاً فجمعَهم، فلمّا اجتمعوا، قام فيهم وهو متوسِّدٌ يد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام».

-11 وخطب صلّى الله عليه وآله خطبته ..

-12 «ثمَّ طفقَ القومُ يهنّئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وممّن هنّأه في مقدّم الصّحابة: الشّيخان أبو بكر وعمر، كلٌّ يقول: بخٍ بخٍ لك يا ابنَ أبي طالب! أصبحتَ وأمسيتَ مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنة».

-13 وقال ابن عبّاس: «وَجَبَتْ - واللهِ - في أعناق القوم»؛ يعني بذلك البيعة بالولاية والإمرة والخلافة.

-14 ثمَّ استأذن الرّسولَ شاعرُه حسّانُ بن ثابت في أن يقول شعراً في المناسبة.

الأعمال المندوب إليها شرعاً في هذا الموضع

-1 استحباب الصّلاة في مسجده المعروف - تاريخيّاً - بمسجد رسول الله، ومسجد النّبيّ، ومسجد غدير خُمّ.

-2 الإكثار فيه من الدّعاء والابتهال إلى الله تعالى.

عن أبي عبد الله الإمام الصّادق عليه السّلام: قال: «يُستَحَبُّ الصّلاةُ فِي مسجدِ الغدير؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلّى اللهُ عليه وآلِه أقامَ فيه أميرَ المؤمنين عليهِ السّلام، وهو مَوْضِعٌ أظهرَ اللهُ عزَّ وجَلَّ فيه الحَقَّ».

وفي الحديث الصّحيح عن عبد الرّحمن بن الحجّاج: قال: «سألتُ أبا إبراهيم [الإمام الكاظم] عليه السّلام عن الصّلاة في مسجد غدير خُمّ بالنّهار وأنا مسافر، فقال: صَلِّ فيه؛ فإنّ فيه فضلاً، وقد كانَ أبي يأمرُ بذلك».

* وقد ذَكر استحباب الصّلاة في مسجد الغدير [الموضِع] غيرُ واحد من فقهائنا الإماميّة، منهم: الشّيخ الطّوسي في (النّهاية)، والقاضي ابن البرّاج في (المهذّب)، والشّيخ ابن إدريس في (السّرائر)، والشّيخ ابن حمزة في (الوسيلة)، والشّيخ النّجفي في (الجواهر)، والسيّد محسن الحكيم في (منهاج النّاسكين)، قال: «وكذا يُستَحبّ الصّلاة في مسجد غدير خُمّ، والإكثار من الابتهال والدّعاء فيه».

وصفُ الموقع الرّاهن

وصَفَه المقدَّم عاتق بن غيث البلادي - المؤرّخ الحجازي المعاصر - في كتابه (معجم معالم الحجاز)، قال: «ويعرف غدير خُمّ اليوم باسم (الغُرَبَة)؛ وهو غدير عليه نخلٌ قليل لأُناسٍ من البلاديّة، من حرب ".." وكانت عين الجحفة تنبع من قرب الغدير ".."  وتركبُ الغديرَ من الغرب والشّمال الغربي آثارُ بلدة كان لها سُور حَجَري لا زال ظاهراً، وأنقاضُ الآثار تدلّ على أنّ بعضها كان قصوراً أو قلاعاً، وربّما كان هذا حيّاً من أحياء مدينة الجُحْفَة، فالآثار هنا تَتشابه».

وقد استطلعتُ - ميدانياً - الموضعَ من خلال رحلتَين:

- كانت أُولاهما: يوم الثلاثاء ٢ / ٣ / ١٩٨٢م .

- والثّانية: يوم الأربعاء ٢٥ / ١ / ١٩٨٩م .

الطُّرق المودّية إلى الموقع

إنّ هناك طريقين تُؤدّيان إلى موقع غدير خُمّ؛ إحداهما من الجُحفة، والأُخرى من رابغ .

-1 طريق الجحفة: تبدأ من مفرق الجُحفة عند مطار رابغ، سالكاً تسعة كيلوات مزفّتة إلى أوّل قرية الجُحفة القديمة ".." ثمَّ تنعطف الطّريق شمالاً، وسط حجارة ورمال كالسّدود، بمقدار خمسة كيلوات إلى قصر علياء، حيث نهاية قرية الميقات. ثمَّ تنعطف الطّريق إلى جهة اليمين، قاطعاً بمقدار كيلوين أكواماً من الحجارة وتلولاً من الرّمال، وحرّة قصيرة المسافة. ثمَّ تهبط من الحرّة يمنة الطّريق حيث وادي الغدير.

-2 طريق رابغ: وتبدأ من مفرق طريق مكّة - المدينة العامّ، الدّاخل إلى مدينة رابغ عند إشارة المرور، يمنة الطّريق للقادم من مكّة، مارّةً ببيوتات من الصّفيح، وأُخرى من الطّين يسكنُها بعض بدو المنطقة؛ ثمَّ يصعد على طريقٍ قديمة مزفَّتة تنعطف به إلى اليسار، وهي الطّريق العامّ القديمة الّتي تبدأ بقاياها من وراء مطار رابغ؛ وبعد مسافة عشر كيلوات، وعلى اليمين، يتفرّع منه الفرع المؤدّي إلى الغدير، ومسافته من رابغ إلى الغدير ٢٦ كيلواً تقريباً .

 وفي ضوء ما تقدّم:

يقع غدير خُمّ من ميقات الجُحفة - مطلع الشّمس - بحوالي ٨ كيلوات، وجنوب شرقي رابغ بما يقرب من ٢٦ كم .

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ أسبوع

دوريات

نفحات