الإمام
الخميني قبل خمسين عاماً:
إحذروا
«إسرائيل»، والإسلام الأمريكي الوهّابي
بقلم:
الشيخ حسين كوراني
«إنّ
أهل السّنّة أنفسهم
لا يعترفون بالوهّابيّين».
الإمام الخميني
2 ربيع الأول 1402 هجريّة
قبل
ثلاثة عقود ونصف كانت أميركا توشك أن تجهز على «الاتّحاد السوفييتي» لتصبح «القطب
الأوحد».
وكانت
«إسرائيلها» قد شرّدت الملايين من الشّعب الفلسطيني، وحوَّلت بيوت مَن بقي منهم
إلى مقاصل وطوامير وزَنازين.
وقتها،
كان حجر الزاوية في المشروع الغربي للإمساك بتلابيب الأمّة والعالم في هذا الشرق
الاستراتيجيّ في كلّ خصائصه - وأوّلها الفكر والحضارة - هو الغدّة السرطانيّة بوجهَيها الصّهيونيّ، والوهّابيّ.
كم
هو الفرق فلكيّ، بين ما كان عليه المشهد السياسيّ العالميّ والإقليميّ، وبين
الراهن السياسيّ المعاصر؟
هل
يشكّ منصف، في أنّ كلّ هذه الانتصارات رهن توفيق الله تعالى لعبدَين صالحَين من
عباده ومسدَّدين: الإمام الخمينيّ، وتلميذه الإمام الخامنئيّ؟
أيسر
واجب الوفاء للإمام الخمينيّ أن نعرف كيف أسّس لهذا الراهن الذي تحقّق على يد
تلميذه الظاهرة.
وأيسر
واجب الوفاء للإمام الخامنئيّ أن تلتقط الأجيال مدار منظومته العقديّة ورؤاه
التوحيديّة المتماهية مع سياسة «قادة البلاد، وساسة العباد»، التي مكّنته من ضبط
مسار «خطّ الإمام» الذي هو «الإسلام» ومواصلة الزحف برايته الخفّاقة، يُرْقِل بها
من نصرٍ إلى نصر، يدعو الأجيال إلى نعيم عقلانيّتها والتحرّر، باسم «مدرسة السيّد
علي القاضي، القدوة للجميع: العلماء الكبار والصغار، وجميع الناس والشباب بالخصوص».
***
قبل
خمسين سنة، هي نصف قرنٍ بالتمام والكمال، كان للإمام الخمينيّ خطاب نقرأ في مشخّصاته
في «صحيفة الإمام، ج1، ص: 343» ما يلي:
* التاريخ 18 شهريور 1343 ه. ش/ 2 جمادى الثانية 1384 ه. ق
* المكان: مدينة قم، المسجد الأعظم.
*
المناسبة: بدء الدروس الحوزوية.
* الموضوع: التحذير من خطر نفوذ إسرائيل في إيران ومؤامرات
الاستعمار في الدول الإسلاميّة.
* الحضور: علماء الدين وطلبة العلوم الدينية وجمع من كَسَبة وأهالي
قم.
بعض
ما في هذا الخطاب التاريخيّ:
«والآن فإنّ الكثير من أفضل مزارع إيران بيد إسرائيل، لقد قال لي
أحد كبار هؤلاء المسؤولين حين التقاني: إنّ قضيّة إسرائيل منتهية،
(أي لا تحاربوها) ولا أعلم أيّة قدرة يمتلكها هؤلاء السّادة على القول خلاف
الحقيقة.
لقد
كتبت صحيفة إسرائيليّة وصلتني، أنّ سفير إسرائيل في طهران - يقول (إنّنا، (السيد
الخميني ) السادة (عموماً) لا شأن لنا بإسرائيل - ولقد عقد في اليومَين أو الثلاثة
الماضية في السادس عشر من [شهر] شَهْريوَر اجتماعاً مع اليهود في (حي) (دروازهْ
دولت) بطهران، اجتمع فيه أربع مئة أو خمس مئة يهودي لصّ، وكان مختصر ما قالوه هو:
تمجيد جماعة وذمّ جماعة أخرى، ثمّ قالوا: إنّ المجد لليهود، وإنّ اليهود هم شعب الله المختار، وإنّنا شعب يجب أن نحكم، وإنّنا نعارض
الاستبداد ونعارض الهتلريّة. ".."
أيّها
السّادة، هؤلاء يأتون بمَرأى ومسمع من حكومتنا، ويقولون هذا الكلام! ".."
من العار أن تعتمد دولة على اليهود. ".." إنّ من تعاسة بلد إسلامي ومن
تعاسة المسلمين إقامة العلاقة والتحالف مع دولة تُعادي الإسلام، وتقف الآن في
مواجهة المسلمين، وتغتصب فلسطين. إنّني أقول للحكومات الإسلامية: أيّها السّادة
لماذا تتنازعون حول "نهر"، وفلسطين مغتصبة؟ أطردوا اليهود منها. ".."
أخرَجوا
الآن مليوناً أو أكثر من العرب المضطَهدين، وجعلوهم ينامون جياعاً في الصّحارى.
ألا يجب على الحكومات الإسلامية أن تستنكر هذا وترفع صوتها به؟
أتتحالفون
مع هذه الدولة التي طردت مليون مسلم أو أكثر وشرّدتهم؟ وإذا كنتم غير متحالفين
معها فدعوا ما أقول من الكلام يُكتب وينتشر. فإنْ لم تسمحوا، فاعلموا أنّكم متحالفون
مع اليهود، مع إسرائيل، وترون عملاء اسرائيل يعيثون في البلاد خراباً. ".."
هؤلاء عملاء إسرائيل، أينما تضعْ إصبعك تجد أحدهم في مركز حسّاس وخَطِر. ".."
أيّها
السّادة، إخشوا هؤلاء، فوالله إنّي أُريد خيرَكم، وأخشى أن تفتحوا عيونكم يوماً
وقد زال مُلككم. أو دعونا نقضي عليهم،
وأنا سأقضي عليهم في يومٍ مّا!!..».
***
وفي «الوهّابيّة» الوجه الآخر للغدّة السّرطانيّة
يقول الإمام الخمينيّ في خطابين – غير ما تقدّم:
1) الوهّابيّة مذهبٌ ملؤه
الخرافات، يسوق الشّعوب الغافلة إلى (أحضان) القوى العظمى عبر استغلال الإسلام
العزيز والقرآن الكريم...
2) ألا يرى المسلمون
أنّ مراكز الوهابيّة في العالم تحوّلت إلى مراكز فتنة وجاسوسيّة وهي:
أ) تروّج لإسلام «المترفين»، إسلام أبي سفيان، إسلام الملالي
القذرين، إسلام أدعياء القداسة عديمي الشعور في الحوزات العلميّة والجامعات، إسلام
الذلّ والنكبة، إسلام المال والقوّة، إسلام الخداع والمساومة والاستعباد، إسلام
حاكميّة الرأسمال والرأسماليّين على المظلومين والحفاة، وبكلمة: الإسلام الأمريكي!
ب) ومن
جهةٍ أخرى تسجد على أعتاب سيّدتها «أمريكا» آكلة العالم! لا يعرف المسلمون إلى مَن
يشكون هذا الألم.
***
ما
تقدّم: بعض مناخ التأسيس للمأزق الأميركيّ - الصهيونيّ - الوهابيّ، في مشهده
الراهن والآتي الأعظم.
وفي
هذا الصراط أحرز الإمام الخامنئيّ - بفرادة تسديد إلهيّ - للأمّة والبشرية جمعاء،
ما لم يخطر على قلب مستكبرٍ ولا مستضعَف، وما تزال الإنتصارات تتوالى فصولاً.
في
خطابه - بتاريخ (08/02/2015م)، في «ضبّاط القوّات الجوّيّة» تحدّث الإمام الخامنئيّ عن هزائم السياسات
الأمريكيّة في سورية والعراق ولبنان وفلسطين، خصوصاً غزّة، وأفغانستان وباكستان،
وكذلك هزيمة أمريكا في أوكرانيا، وخاطب الأمريكان مؤكّداً: «إنّكم أنتم الذين تُمْنَوْن
بالهزائم المتلاحقة على مدى سنين طويلة، أمّا الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة
فتتقدّم إلى الأمام، وهي اليوم لا تُقاس إطلاقاً بما كانت عليه قبل ثلاثين ونيِّف
من السنين».