من لوازم الإيمان اليَقظة
وعلامتُها المراقبة، وهي «قرارٌ بالتزام قانون الله تعالى: الشِّرعة والمنهاج»
تماهياً مع اليقين والحبّ: اليقينِ به تعالى، وحبِّه سبحانه.
في المناجاة الشّعبانيّة:
«وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ، وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ، وَلا يَغْفَلُ
عَنْ شُكْرِكَ، وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ. إِلهِي وَأَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ
الأبْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً،
يا ذا الجَلالِ وَالإكْرامِ».
وأبرزُ كُتُب
المراقبات: كتاب (إقبال الأعمال) لسيّد العلماء المراقبين، السّيّد ابن
طاوس، و(المراقبات) للفقيه الكبير الشّيخ الملَكيّ التّبريزيّ، وفي هَديهما:
هذا الباب.
مراقبات
شهر جُمادى الأولى
السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الحُجَجِ عَلى
النّاسِ أَجْمَعِينَ
_____
إعداد: «شعائر» _____
*
من أهمّ مُستحبّات شهر جمادى الأولى زيارةُ السّيّدة الزّهراء، عليها السّلام، في
الثّالثَ عشر والرّابعَ عشر والخامسَ عشر منه، وإقامةُ مأتمها استناداً إلى الرّواية
بأنّها، عليها السّلام، عاشت بعد أبيها صلّى الله عليه وآله خمسةً وسبعين يوماً.
*
وفي الخامس عشر منه ذكرى ولادة الإمام زين العابدين، عليه السّلام برواية الشيخ
المفيد. (المعروف، كما عند الشيخ بهاء الدين العاملي، أنها في الخامس من شهر شعبان)،
فيُستحبّ زيارته عليه السلام فيه، والصّيام والتّطوّع بالخيرات، فضلاً عن كونه آخر
الأيّام البِيض من الشهر.
*
وفي اليوم الخامس من جمادى الأولى سنة 5 للهجرة كانت ولادة الصّدّيقة الصّغرى
السّيّدة زينب عليها السّلام.
اليوم الأوّل: دعاء غرّة الشّهر
* روى السّيّد رضيّ
الدّين عليّ بن طاوس في (إقبال الأعمال) دعاءً يقرَأ في اليوم الأوّل من
هذا الشّهر، فقال: «الدّعاء في غرّة جُمادى الأولى:
أللّهمَّ أنتَ اللهُ وأنتَ
الرّحمنُ الرّحيمُ، وأنتَ المَلِكُ القدُّوسُ، وأنت السَّلامُ المؤمنُ، وأنتَ المُهَيمنُ،
وأنتَ العزيزُ، وأنتَ الجبَّارُ، وأنتَ المتكبِّرُ، وأنتَ الخالِقُ، وأنتَ البارِئُ،
وأنتَ المُصَوِّرُ، وأنتَ العزيزُ الحكيمُ، وأنتَ الأوَّلُ والآخِرُ والظَّاهرُ
والباطِنُ، لكَ الأسماءُ الحُسنى...».
(الدعاء
بتمامه تجده في المصدر، وفي أعداد أشهر جمادى الأولى السابقة من شعائر)
اليوم الثّالث
عشر: شهادةُ الصّدِّيقة الكُبرى عليها السلام (على رواية)
* قال المحدّث الشيخ عبّاس القمّيّ في (مفاتيح الجنان)
في كيفيّة زيارة السّيّدة الزّهراء في يوم شهادتها صلوات الله عليها:
«تُصلّي
صلاةَ الزّيارة، أو صلاتها عليها السّلام؛ وهي ركعتان:
- تقرأ
في كلٍّ منهما بعد (الحمد) سورة (قل هو الله أحد) ستّين مرّة. فإنْ لم تقدر فاقرأ بعد
(الحمد) في الأولى (قل هو الله أحد) وفي الثّانية: (قل يا أَيّها الكافرون).
- فإذا
سلّمتَ فقُل: (السَّلامُ عَليكِ يا سَيِّدَةَ نِسَاءِ
العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الحُجَجِ عَلى النّاسِ أَجْمَعِينَ، السَّلامُ
عَلَيْكِ أَيَّتُها المَظْلومَةُ المَمْنُوعَةُ حَقَّها. أللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ
وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ، صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى
عِبادِكَ المُكَرَّمِينَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَأَهْلِ الأَرْضِينَ).
فقد
رُوي أنَّ مَن زارها بهذه الزّيارة واستغفر اللهَ، غفر اللهُ له وأدخلَه الجنّة».
***
* صلاة الطّاهرة فاطمة صَلَواتُ الله عَلَيهاِ:
قال
الشّيخ الطّوسيّ قدّس سرّه في كتابه (مصباح المتهجّد):
«صلاة
الطّاهرة فاطمة عليها السّلام: هما ركعتان:
-
تقرأ في الأولى (الحمد)، ومائة مرّة (إنّا أنزلناه في ليلة القدر)، وفي الثّانية (الحمد)،
ومائة مرّة (قل هو الله أحد)، فإذا سلّمت سبّحت تسبيح الزّهراء عليها السّلام.
-
ثمّ تقول: سُبْحانَ ذِي العِزِّ الشَّامِخِ المُنِيفِ،
سُبْحانَ ذِي الجَلالِ الباذِخِ العَظِيمِ، سُبْحانَ ذِي المُلْك ِالفاخِرِ القَدِيمِ،
سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ البَهْجَةَ وَالجَمالَ، سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّى بِالنُّورِ وَالوَقارِ،
سُبْحانَ مَنْ يَرى أَثَرَ النَّملِ فِي الصَّفا، سُبْحانَ مَنْ يَرى وَقْعَ الطَّيْرِ
فِيالهَواءِ، سُبْحانَ مَنْ هُوَ هكذا لا هكذا غَيْرُهُ».
ثمَّ قالَ: «وَيَنبَغي
لِمَن صَلَّى هذهِ الصَّلاة وفَرغَ مِن التَّسبيح أَن يَكشف رُكبتيه وذراعَيه ويُباشر
بجميع مَساجِده الأرض بِغير حاجزٍ يَحجز بَينه وبَينهما، ويَدعو ويَسأل حاجته وما شاءَ
مِنَ الدّعاء، ويَقول وهُوَ ساجِد: (يَا مَنْ لَيْسَ
غَيْرَهُ رَبُّ يُدْعى، يا مَنْ لَيْسَ فَوْقَهُ إِلهٌ يُخْشى، يا مَنْ لَيْسَ دُونَهُ
مَلِكٌ يُتَّقى، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ وَزِيرٌ يُؤْتى، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ حاجِبٌ يُرْشى،
يا مَنْ لَيْسَ لَهُ بَوَّابٌ يُغْشى، يا مَنْ لا يَزْدادُ عَلى كَثْرَةِ السُّؤالِ
إِلّا كَرَماً وَجُوداً، وَعَلى كَثْرَةِ الذُّنُوبِ إِلّا عَفْوا وَصَفْحاً، صَلِّ
عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا)، ويَسأل حاجَتَه».
اليوم الخامس عشر: ولادةُ الإمام السّجّاد عليه السّلام (على رواية)
* قال الشيخ المفيد في (مسارّ الشّيعة):
«النّصف منه [جُمادى الأولى] سنة ستّ وثلاثين من الهجرة كان مولد سيِّدنا أبي محمّد،
عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السّلام، وهو يوم شريف يستحبّ فيه الصّيام
والتّطوُّع بالخيرات».
* وحول صيام أيّام ولادات الأئمّة عليهم
السّلام، ورد في الحديث عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «إنّ الصّومَ لا يكونُ للمصيبة، ولا يكونُ
إلّا شكراً للسّلامة..». أي إنّ الصّوم إنّما يستحبّ في الأيّام
التي يتجدّد فيها الفرح والسّرور، دون الأيام التي يحدث فيها التّرح والشّرور.
***
*
صلاة الإمام زين العابدين عليه السّلام ودعاؤه:
(مفاتيح
الجنان): «صلاة الإمام زين العابدين عليه
السّلام أربَع ركعات: كُلّ ركعة بـ (الفاتحة) مَرَّة و(قل هو الله أحد) مائة مَرَّة.
*
دعاؤه عليه السّلام:
يا مَنْ أَظْهَرَ الجَمِيلَ وَسَتَرَ القَبِيحَ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ
بِالجَرِيرَةِ وَلَمْ يَهْتِك السِّتْرَ، يا عَظِيمَ العَفْوِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ
يا واسِعَ المَغْفِرَةِ، يا باسِطَ اليَدَينِ بِالرَّحْمَةِ، يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى،
يا مُنْتَهى كُلِّ شَكْوى، يا كَرِيمَ الصَّفْحِ، يا عَظِيمَ الرَّجاءِ، يا مُبْتَدِئاً
بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها، يا رَبَّنا وَسَيِّدَنا وَمَوْلانا، يا غايَةَ رَغْبَتِنا،
أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ».
اليوم الخامس: ولادة
الصّدِّيقة الصُّغرى عليها السلام
كانت ولادة عقيلة
بني هاشم مولاتنا السيّدة زينب عليها السّلام في اليوم المبارك الخامس من شهر جمادى
الأولى، في السّنة الخامسة، وقيل في غرّة شعبان من السّنة السّادسة للهجرة.
***
* العقيلة زينب
عليها
السّلام
المتهجّدة
العابدة:
أشبَهَت عقيلةُ بني هاشم عليها السّلام أمَّها سيّدةَ نساء العالمين فاطمةَ الزهراء عليها السّلام في عبادتها، فكانت تقضي ليلها بالصّلاة والتّهجّد، ولم تترك نوافلها حتّى في أحلَك الظروف وأصعبها.
نُقل عن ريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله، الإمام الحسين عليه السّلام، أنّه لمّا ودّع أخته زينب عليها السّلام وَداعَه الأخير قال لها: «يا أُختَاه، لا تَنسِيني في نَافلة اللّيل».
وروي عن الإمام زين العابدين عليه السّلام أنّ عمّته السيدة زينب عليها السّلام ما تَرَكت نوافلها الليليّة مع تلك المصائب والمِحن النازلة بها في طريقهم إلى الشام،
فلم تَقعُد بها تلك المصائب الراتبة التي تَهدّ الجبالَ عن أن تتهجّد وتُناجي ربّها الكريم.
وروى الجواهري في (مثير الأحزان) عن فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السّلام أنّها قالت: «..وأمّا عمّتي زينب فإنّها لم تَزَل قائمةً في تلك الليلة - أي ليلة العاشر من المحرّم - في محرابها تستغيث إلى ربّها، فما هدأتْ لنا عينٌ ولا سكنتْ لنا رَنّة».
وفي هذه الأخبار دلالة لا أوضح منها على أنّ السّيّدة زينب عليها السّلام كانت من القانتات اللّائي وَقَفنَ حركاتهنّ وسكناتهنّ وأنفاسهنّ للباري تعالى، فحصلنَ بذلك على المنازل الرّفيعة والدّرجات العالية التي حَكَت برفعتها منازلَ المُرسلين ودرجات الأوصياء عليهم الصّلاة والسّلام.
(مصادر)