الملف

الملف

منذ 0 ساعة

على أعتاب عَظَمة الصّدّيقة الكُبرى عليها السّلام

 

على أعتاب عَظَمة الصّدّيقة الكُبرى عليها السّلام

إنْ قلتَ «فاطمـة»، فقد قلتَ «رسول الله..»

 

* هل الحديث عمّا جرى على الزّهراء عليها السّلام، يُنافي الوحدة الإسلاميّة؟

* إنْ كانت الوحدة تعني الوحدة بين محبِّي أهل البيت عليهم السّلام وبين أعدائهم الأمويّين الوهّابيّين النّواصب، فالحديث عمّا جرى على الزّهراء عليها السّلام يضربُ هذه الوحدة لأنّها ليست وحدةً إسلاميّة إلّا بالاسم والادّعاء والتّزييف.

* أمّا إنْ كانت الوحدة الإسلاميّة - كما أرادها الله تعالى وأَكّدَها سيّدُ النّبييّن صلّى الله عليه وآله وسلّم - وهي التقاء المسلمين ووحدتُهم على حبّ أهل البيت عليهم السّلام، فإنّ كلّ محمّديٍّ صادق يتلهّفُ إلى الحديث عمّا جرى للزّهراء عليها السّلام، لأنّه لا يكتمل دينُ مسلمٍ إلّا بحبّ الزّهراء ومعرفتِها عليها السّلام.

 

يُجمع المسلمون على عَظَمة الزّهراء عليها السّلام.

وليست عَظَمة الزّهراء الإلهيّة المجمَع عليها، نتيجة مجرّد أنّها بنت رسول الله، وزوجة أمير المؤمنين، وأمّ الأئمّة صلوات الله تعالى عليهم أجمعين.

إنّها، عليها صلوات الله تعالى، من الخمسة أهل الكساء، أي إنّها عليها السّلام في قلب دائرة العظَمة المحمّديّة، رسول الله صلّى الله عليه وآله.

«وقد سُئل الإمام أبو بكر بن داوود: أخديجةُ أفضل أم عائشة؟

فأجاب بأنّ عائشة أقرأَها رسولُ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم من جبرئيل، وخديجة أقرأَها جبرئيلُ السّلامَ من ربّها على لسان نبيّه!

فقيل: خديجةُ أفضل أم فاطمة؟

فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنّي)، ولا أعدلُ ببضعة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أحداً. وهو استقراء حَسَن، يشهدُ بذلك أنّ أبا لبابة لمّا ربطَ نفسه وحلفَ أن لا يحلّه إلّا رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، فجاءت فاطمة لتحلَّه فأبى من أجل قسَمه، فقال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: (إِنَّما فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنّي) ".."

وَمِنْ شَرَفِها أَنَّ المَهْدِيَّ الّذي يَمْلَأُ الأَرْضَ عَدْلاً مِنْ وُلْدِها ".."

وفضائلُها، رضوان الله عليها، أكثرُ من أن تُحصَى. ذكرَ ذلك كلّه الإمام السّهيلي رحمه الله في كتابه (روضُ الأُنُف)، والله أعلم».

 (ابن الدّمشقي، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي عليه السّلام: ج 1، ص 149 - 152)

 

مرتبتُها الإلهيّة بين المعصومين

بالرّجوع إلى بحوث العلماء المسلمين العقائديّة، وبشرط التّمييز بين المسلم السّني أو الشّيعي، وبين مدّعي الإسلام من الوهّابيّين والنّواصب، يتّضح غاية الوضوح أنّ مرتبة الصّدّيقة الكبرى عليها السّلام، هي فوق مراتب جميع الأنبياء، ما عدا رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهذا ما هو صريحُ ما تقدّمَ عن أبي بكر بن داود وهو قوله: «ولا أَعْدِلُ ببَضعةِ رسولِ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أحداً».

 

ما هو سِرُّ هذه العظَمة؟

* لدى محاولة البحث عن محاور هذه العظَمة الفاطميّة - المحمّديّة، يُمكن تسجيل المحاور التّالية:

1) اليقين: بمُقتضى قوله تعالى ﴿..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ..﴾ الحجرات:13، يتعيّن أن يكون مقياسُ مرتبة الموحِّد، هو يقينُه بالله تعالى، لأنّ اليقين فوقَ التّقوى بدرجة – كما في الرّواية - أي أنّ التّقوى تتعاظم فتكون يقيناً، وبمأ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله سيّد المُوقِنين، فمن الطّبيعي أن تكون بضعتُه صلّى الله عليه وآله من اليقين في المقام الأوّل.

2) العبادة: والحديث عن عبادة الصّدّيقة الكبرى، عليها السّلام، محور أبحاثٍ يَعسرُ استقصاؤها، إلّا أنّه يكفي أن نقفَ عند ما ورد من أنّها عليها السّلام، أشبَهتْ في العبادة سيّدَ النّبيّين صلّى الله عليه وآله، وقد عُرف عن الحسن البصريّ قوله: «لم يكن في هذه الأمّة أعبد من فاطمة عليها السّلام».

3) العِلم: أعلمُ الخلق مَن ارتضاهم اللهُ تعالى وأظهرَهم على غَيبه، ومن الواضح أنّ الصّدّيقة الكبرى الزّهراء عليها السّلام، هي واسطةُ العِقد المحمّديّة في سادة المعصومين عليهم السّلام، وفي ما رُوي عنها عليها السّلام، من كنوز العلم ما يعجزُ كبارُ العلماء ادّعاءَ استيعابِه، بل يَقفون على أعتابه يحاولون استلهامَه، ولو لم يكن إلّا خطبتُها عليها السّلام، في المسجد النّبويّ بعد وفاته، صلّى الله عليه وآله، لكفى بها دليلاً على علمٍ لَدُنِّيٍّ، هو تَجلّي علمِ مدينةِ العلم ونَفْسِه صلّى الله عليهم وآلهم أجمعين.

4) تَجلّي الإنسان الكامل: تحدّث عن هذه الحقيقة المحوريّة المركزيّة، الإمام الخمينيّ قدّس سرّه مبيّناً ما خلاصتُه أنّ الأربعة عشر معصوماً، عليهم الصّلاة والسّلام، يُقال لكلٍّ منهم: «الإنسانُ الكامل»، إلّا أنّ الثّلاثة عشر معصوماً ينطبقُ عليهم هذا الوصفُ بالتّبَع لرسول الله صلّى الله عليه وآله، الذي هو وحده الإنسانُ الكامل على الإطلاق، أي بدون اتّباعِ أحدٍ من البشر.

وعليه فإنّ من المحاور المُغيَّبة في معرفة عظَمة الصّديقة الكبرى الزّهراء، أنّها عليها السّلام، الإنسانُ الكامل بالتّبعيّة لأبيها الذي هو الإنسانُ الكامل على الإطلاق.

5) القيادة الإلهيّة المعنويّة لمَسيرة البشريّة عبر القرون: أوضحُ معاني أنّ الزّهراء عليها السّلام من سادة المعصومين عليهم السّلام، أنّها في طليعة القادة الإلهيّين الذين حملوا الهُدى الإلهيّ للأجيال.

وقد تجلّت هذه القيادة في الدّنيا في مظاهرَ عديدة، منها توسُّل الأنبياء بها عليها السّلام، حيث ثبتَ أنّ جميعَ الأنبياء قد تَوسّلوا (بمحمدٍ وآل محمّد) صلّى الله عليه وآله.

كما رُوي عن الإمام الصّادق قولُه عليه السّلام: «.. وَعَلى مَعْرِفَتِها دارَتِ القُرونُ الأُولى».

وهذا يعني أنّ على معرفتِها عليها السّلام تدورُ القرون الأخيرة إلى يوم القيامة.

ثمّ إنّ التّجلّي الأعظم لقيادتها الإلهيّة للأولياء والأجيال، سيكون عبر شفاعتِها عليها السّلام في يوم القيامة، وما أدراكَ ما شفاعةُ فاطمة!

* ومن النّصوص الوثائقيّة التي تُظَهِّر هذا البُعد من ملامح عظَمة الزّهراء المحمّديّة:

أ) الرّوايات المتعدّدة الموثَّقة حول «اللّوح الأخضر»، الذي رآه الصّحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاريّ في يدها، عليها السّلام، حين قدّم لها التّهنئة بولادة الإمام الحسين عليه السّلام، وقد استنسَخ جابرُ اللّوحَ وفيه أسماءُ قادة البلاد، وسَاسةِ العباد من أبنائها عليها وعليهم السّلام.

ب) الرّوايات المتعدّدة والموثَّقة أيضاً حول «الصّحيفة الفاطميّة»، أو ما عُرف باسم «مصحف فاطمة»، ويعتبرُ الإمام الخمينيّ قدّس سرّه كَثرةَ نزول جَبرئيل عليها (سلام الله تعالى عليها وعلى جبرئيل) أعظمَ مناقبِها عليها السّلام.

 

 

الزّهراء عليها السلام هي المقياس

تتوقّف محمّديّةُ كلِّ مسلمٍ على فاطميّته، وقد تقدّم أنّ هذا من المُجمَع عليه بين المسلمين، وهو يعني بكلّ جلاء ومباشرة، أنّ مَن يريد أن يعرف استقامتَه وحُسنَ إسلامه، فإنّ المقياس هو الزّهراء. فهي عليها السّلام «يَرْضَى اللهُ تَعالى لِرِضَاهَا»، لذلك وجب على كلّ مسلمٍ أن يعرفَ ما يُرضيها في العقيدة، والأخلاق الفاضلة، وطاعة الله تعالى، ورسوله وأهل البيت عليهم السّلام، ليكونَ مشمولاً بدعائها وبركاتِها وشفاعتِها صلواتُ الله وسلامه عليها.

 

هل نعرفُ عَظَمة المعصومين الأربعة عشر عليهم السّلام؟

حول عظَمة الصّدّيقة الكبرى عليها السّلام، قال الإمام الخميني قدّس سرّه:

«أرى نَفسي عاجزاً حتّى عن التّلفُّظ باسمِها عليها السّلام».

وفي عظمة أهل البيت عموماً، قال وليّ أمر الأُمّة المرجع الدّينيّ القائد السّيّد الخامنئيّ دام ظلّه:

«يرتجفُ بدني حين أسمعُ البعض يذكرون الاسمَ المبارك لأمير المؤمنين عليه السّلام، أو الاسمَ المبارك لوليّ العصر روحي فداه، ثمّ يذكرون اسمي بعدَه.

بدني يرتجف..

أولئك حقائقُ النّور المطلَق، ونحن غَرقى في الظُّلمة.

نحن نباتُ فضاء هذه الدّنيا المعاصرة الملوّث.

أين نحن من أقلّ وأصغرِ تلامذتهم؟!

أين نحن من قَنبرِهم؟!

أين نحن من ذلك الغلام الحبشيّ الذي استُشهد مع الإمام الحسين عليه السّلام؟!

نحن لا نساوي حتّى التّراب تحت قدم هذا الغلام.

إلا أنّنا أناسٌ عرفنا طريقَنا».

 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات