من لوازم الإيمان اليَقظة
وعلامتُها المراقبة، وهي «قرارٌ بالتزام قانون الله تعالى: الشِّرعة والمنهاج»
تماهياً مع اليقين والحبّ: اليقينِ به تعالى، وحبِّه سبحانه.
في المناجاة الشّعبانيّة:
«وَأَنْ تَجْعَلَنِي مِمَّنْ يُدِيمُ ذِكْرَكَ، وَلا يَنْقُضُ عَهْدَكَ، وَلا يَغْفَلُ
عَنْ شُكْرِكَ، وَلا يَسْتَخِفُّ بِأَمْرِكَ. إِلهِي وَأَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ
الأبْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً، وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً، وَمِنْكَ خائِفاً مُراقِباً،
يا ذا الجَلالِ وَالإكْرامِ».
وأبرزُ كُتُب
المراقبات: كتاب «إقبال الأعمال» لسيّد العلماء المراقبين، السّيّد ابن
طاوس، و«المراقبات» للفقيه الكبير الشّيخ الملَكيّ التّبريزيّ، وفي هَديهما:
هذا الباب.
أعمال شهر جُمادى الآخرة
«فاطمة
بضعةٌ منّي، يُؤذيني مَا آذاها»
_____ إعداد: «شعائر» _____
*
من أهمّ مُستحبّات شهر جمادى الآخرة زيارةُ السّيّدة الزّهراء، عليها السّلام، في
الثّالثَ منه، وإقامةُ مأتمها.
*
وفي العشرين منه ذكرى ولادة الصّدّيقة الكبرى، عليها السّلام. فيُستحبّ زيارتها
عليها السّلام فيه، والصّيام والتّطوّع بالخيرات.
*
وفي أيّ وقتٍ من الشّهر يستحبّ أداء صلاة جمادى الآخرة، وهي صلاةٌ جليلة، وقد جاء
في ثوابها أنّ مَن صلّى هذه الصّلاة فإنّه تُصَانُ نفسُه
ومالُه وأهلُه وولدُه ودِينُه ودُنياه إلى مثلِها من السّنة القابلة، وإنْ مات في
تلك السّنة ماتَ على الشَّهادة.
اليوم الثّالث: شهادةُ
الصِّدّيقة الكُبرى عليها السّلام
* (مفاتيح الجنان): «في اليوم الثّالث من هذا الشّهر، سنة إحدى
عشرة للهجرة، توفّيت مولاتنا فاطمة صلوات الله عليها، فينبغي أن يُقيمَ الشّيعةُ عزاءَها ويزوروها
ويَلعنوا ظالميها وغاصِبي حقِّها، وإنَّ السّيّد ابن طاوس - في (الإقبال) - قد ذكرَ
وفاتَها في هذا اليوم، ثمّ ذكر لها هذه الزِّيارة:
السَّلامُ عَليكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ
العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الحُجَجِ عَلى النّاسِ أَجْمَعِينَ، السَّلامُ
عَلَيْكِ أَيَّتُها المَظْلومَةُ المَمْنُوعَةُ حَقَّها.
ثمّ تقول: اللّهُمَّ
صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ صَلاةً تُزْلِفُها
[تقرِّبُها] فَوْقَ زُلْفى عِبادِكَ
المُكَرَّمِينَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَأَهْلِ الأَرْضِينَ».
وقد رُوي أنَّ مَن زارها بهذه الزِّيارة واستغفرَ
اللهَ، غَفَرَ اللهُ له وأدخلَهُ الجنّة.
أقول: قد أوردَ هذه الزّيارة نجلُ السّيّد ابنِ
طاوس أيضاً في كتاب (زوائد الفوائد) وقال: إنَّها تخصّ يوم وفاتها عليها السّلام وهو
الثّالث من جُمادى الآخِرة.
وقال في كيفيّة الزّيارة: تصلِّي صلاةَ الزّيارة
أو صلاتَها عليها السّلام؛ وهي ركعتان، تقرأ في كلٍّ منهما بعد (الحمد) سورة
(التّوحيد) ستّين مرّة، فإنْ لم تقدر فاقرأ بعد (الحمد) في الأولى (التّوحيد)، وفي
الثّانية (قل يا أيّها الكافرون)، فإذا سلَّمْتَ فقل: السَّلامُ عَلَيْكِ.. إلى
آخر الزّيارة».
* (إقبال الأعمال):
«أقول وقد فضح الله جلَّ جلاله بدفنها ليلاً على وجه المساترة عيوب مَن أحوجها إلى
ذلك الغضب الموافق لغضب جبّار الجبابرة، وغضب أبيها، صلوات الله عليه، صاحب
المقامات الباهرة، إذا كان سخَطُها سخطه ورضاها رضاه، وقد نقل العلماء أنّ أباها
عليه السّلام قال: فاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنّي يُؤْذيني ما آذاها».
* من وصيّتها صلوات الله عليها:
(شرح إحقاق الحقّ) للسّيّد
المرعشيّ: «ورد في الخبر أنّها عليها
الصّلاة والسّلام قالت: يا رسول الله إِنَّ بناتِ النّاسِ يَتَزَوَّجْنَ بِالدَّراهِمِ،
فَما الفَرْقُ بَيْني وَبَيْنَهُنَّ، أَسْأَلُكَ أن تردّها وَتَدْعُوَ اللهَ، تَعالى،
أَنْ يَجْعَلَ مَهْري الشَّفاعَةَ في عُصاةِ أُمَّتِكَ، فنزل جبريل، عليه السّلام،
ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها: جَعَلَ اللهُ مَهْرَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ شَفاعَةَ
المُذْنِبينَ مِنْ أُمَّةِ أَبيها، فلمّا احتضرت أوصت بأن توضع تلك البطاقة
على صدرها تحت الكفن فوُضعت، وقالت: إِذا حُشِرْتُ يَوْمَ القِيامَةِ، رَفَعْتُ
تِلْكَ البِطاقَةَ بِيَدي، وَشَفَعْتُ في عُصاةِ أُمَّةِ أَبي».
اليوم العشرون، ولادةُ الصِّدّيقة الكُبرى عليها السّلام
* «ويوم
العشرين منه يوم ولادة فاطمة، صلوات الله عليها، على رواية الشّيخ المفيد، رضوان
الله عليه، قال: يوم العشرين منه مولد السّيّدة الزّهراء، صلوات الله، عليها سنة
اثنتين من المبعث، وهو يوم شريف يتجدّد فيه سرور المؤمنين، ويستحبّ صيامه والتّطوّع
فيه بالخيرات والصّدقات».
* ويقول المحقّق الشّيخ عبّاس القمّيّ في كتابه
(الأنوار البهيّة) حول مناقب فاطمة الزّهراء عليها السّلام: «كانت فاطمة، صلوات الله
عليها، من أهل العباء والمباهلة والمهاجرة في أصعب وقت، وكانت فيمن نزلت فيهم آية التّطهير،
وافتخر جبرائيل، عليه السّلام، بكونه منهم، وشهد الله لهم بالصّدق، ولها أمومة الأئمّة،
وعقب الرّسول صلّى الله عليه وآله إلى يوم القيامة.
وهي سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين،
وأحد الرّكبان الأربعة يوم القيامة، ولها المصحف الّذي كان عند الأئمّة عليهم السّلام،
وكانت أشبه النّاس كلاماً وحديثاً برسول الله صلّى الله عليه وآله، تحكي شيمتُها شيمته،
وما تخرم مشيتُها مشيته. وكانت إذا دخلت عليه رحَّب بها وقبَّل يدَيها وأجلسها في مجلسه،
فإذا دخل
عليها قامت إليه فرحّبت به وقبّلت يديه، وكان، صلّى
الله عليه وآله، يُكثر تقبيلها وكلّما اشتاق إلى رائحة الجنّة يشمّ رائحتها، وكان يقول:
(فاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنّي، مَنْ سَرّها فَقَدْ سَرّني، وَمَنْ ساءَها
فَقَدْ ساءَني. فاطِمَةُ أَعَزُّ النّاسِ إِلَيَّ)».
*
أمّا زيارتها عليها السلام في هذا اليوم، فقد أورد السّيّد ابن طاوس قدّس سرّه زيارةً في (إقبال الأعمال)، ووردت
الزّيارة بِعَينها في كتاب (مفاتيح الجنان)، وأوّلها: «السَّلامُ عَلَيْكِ
يا بِنْتَ رَسولِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ نبيِّ الله، السَّلامُ عَلَيْكِ
يا بِنْتَ حَبيبِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَليلِ اللهِ، السّلامُ عَلَيْكِ
يا بِنْتَ أمينِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا بِنْتَ خَيْرِ خَلقِ اللهِ، السَّلامُ
عَلَيْكِ يا بِنْتَ أَفْضَلِ أَنْبِياءِ اللهِ..».
صلاة جمادى الآخرة
وهي عظيمة
الشأن، في أيّ يوم من الشهر
* في (ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ) نقلاً عن ﺍﻟسّيّد ابن طاﻭﺱ ﻓﻲ
(ﺇﻗﺒﺎﻝ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ) ﺻﻼة عظيمة ﺍﻟﺸّﺄﻥ تُصلّى ﻓﻲ ﺃيّ وقتٍ من الشّهر، ﻭﻟﻬﺎ من الفضل
ﻭﺍﻟثّواب ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ إلّا الله تعالى.
* من يؤدّﻳﻬﺎ ﺑﺈﺧﻼﺹٍ ﻭﺻدﻕ نيّة يُصاﻥ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ
ﻭﻣﺎﻟﻪ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻭوُلدﻩ ﻭﺩﻳﻨﻪ ﻭﺩﻧﻴﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟسّنة ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ، ﻭﺇﻥ ﻣﺎﺕ ﻓﻲ تلك
ﺍلسّنة ﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟشّهاﺩﺓ، ﺃﻱ ﻛﺎﻥ له ثواب ﺍﻟشّهداءﺀ..
* ﻓﻲ (التّحفة ﺍلرّضويّة) تحت
عنواﻥ: (ﺻﻼﺓ مجرّبة للحفظ من ﺍﻟبلاء): «ﻛﺎﻥ ﺍﻟسّيّد العلّامة ﺍلوَرِﻉ التّقيّ
ﻭﺍﻟدﻱ ﻗدّﺱ سرّه، ﻛثيراً ﻣﺎ ﻳﺤثّنا ﻋﻠﻰ هذه ﺍﻟصّلاﺓ ﻭيأمرﻧﺎ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ كلّ ﻋﺎﻡ،
ويقوﻝ: إنّها من ﺍﻟمجرّﺑﺎﺕ لكفاﻳﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤّﺎﺕ ﻭﺩﻓﻊ الشّرﻭﺭ ﻭﺍﻟبليّات، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ طاب
ثراه، غائباً عن ﺍلنّجف ﻓﻲ ﺟﻤﺎﺩﻯ الآخرة، بعث ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻛﺘﺎباً يأمرنا ﻓﻴﻪ ﺑﻬﺎ. وحدّثني
قدّس سرّه:
* عن ﺍﻟﺸّﻴﺦ الجليل ﺍلمرحوﻡ ﺣﺴين
ﻫﻤدﺭ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻲّ (ﺭﺽ) أنّه ﻗﺎﻝ: ﻛﺎﻥ ﺍﻟسّيّد ﻗدّﺱ سرّه ﺇﺫﺍ دخل ﺟﻤﺎﺩﻯ الآخرة أمرني
بكتابة هذه الصّلاة ﻓﻲ قراطيس ﻭتوزﻳﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ المؤمنين.. ﻭﺣدّﺛﻨﻲ ﻭﺍﻟدﻱ أيضاً عن
ﺍﻟﺸّﻴﺦ ﻏﻼﻡ ﺭﺿﺎ ﺍﻟﻨّﺎﺩﺏ، ﻗﺎﻝ: ﻓﻲ السّنة ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺎﺭﺕ ﺃعراب ﻧﺠد (الوهّابيّون) ﻋﻠﻰ
كربلاء ﺍﻟﻤﻘدّﺳﺔ، ﻭنهبت ﻣﺎ ﻓﻲ دُورها، كنتُ صلَّيتُ هذه ﺍﻟصّلاة، فدخلوا ﺍﻟدُّﻭﺭ
ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ لدﺍﺭﻱ ولم يدخلوا ﺩﺍﺭﻱ».
* هذه الصّلاة، عبارة عن أربع
ركعات بتَسليمتَين:
الرّكعة الأولى: (الحمد) مرّة،
وآية (الكرسيّ) مرّة، وسورة (إنّا أنزلناه) خمساً وعشرين مرّة.
الرّكعة الثّانية: (الحمد) مرّة،
وسورة (ألهاكم التّكاثر) مرّة، و(قل هو الله أحد) خمساً وعشرين مرّة.
الرّكعة الثّالثة: (الحمد) مرّة،
و(قل يا أيُّها الكافرون) مرّة، و(قل أعوذ بربِّ الفلق) خمساً وعشرين مرّة.
الرّكعة الرّابعة: (الحمد) مرّة،
و(إذا جاء نصر الله) مرّة، و(قل أعوذ بربِّ النّاس) خمساً وعشرين مرّة.
فإذا سلّمْتَ، فَقُل:
1- سبعين مرّة «سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلّا اللهُ واللهُ
أكبر».
2- سبعين مرّة «أللَّهمَّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد».
3- ثمّ قُل ثلاث مرّات: «أللّهمَّ اغفِر للمؤمنينَ والمؤمنات».
4- ثمّ تسجد وتقول في سجودك ثلاث
مرّات: «يا حيُّ يا قيّومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ،
يا اللهُ يا رَحمنُ يا رحيمُ يا أرحمَ الرَّاحمينَ».
ثمّ تسأل اللهَ
تعالى حاجتَك.