الكتاب: «آخر
القوى الاقتصاديّة العُظمى: تراجع العولمة ونهاية السّيطرة الأميركيّة»
The Last Economic
Superpower: The Retreat of Globalization, The End Of American Dominance
المؤلّف: جوزف كوينلان
النّاشر: «McGraw-Hill»، نيويورك 2011م.
يبحث الكتاب الذي أعدّه
الأميركيّ «جوزيف كوينلان» - كبير استراتيجيّي السّوق في مصرف «بنك أوف أمريكا» -
خلال فصوله التّسعة، تأثيرات الأزمة الماليّة لعام 2008م في منظومة العلاقات الدّوليّة،
مشدّداً على أنّ العولمة التي قادتها الولايات المتّحدة الأميركيّة، والتي اقتصرت
فوائدها عليها وعلى الدول الغربيّة، ساعدت على تعجيل حدوث الأزمة الماليّة، كما
ساهمت في انتقال تأثيرات الأزمة الماليّة من الاقتصاد الأميركيّ إلى الاقتصاد
العالميّ.
في الفصل الثاني الذي
حمل عنوان «العاصفة المتراكمة» أجملَ الكتاب أهمّ مؤشّرات انتقال الأزمة للاقتصاد
العالميّ؛ وفي طليعتها: تدهور الموقف المالي للولايات المتّحدة التي أبدت سلوكاً
غير حريص في الاقتراض من الدّول الأخرى، وفي الإنفاق، وتزايد الصّادرات الصّينيّة
للولايات المتّحدة وإصرار الصين على تكريس هذا الوضع عبر شراء الدولار والعمل على
رفع قيمته.
في الفصل الرابع من
الكتاب، رصد المؤلّف خمسة متغيّرات من المتوقّع أن تختبر قدرة الولايات المتحدة
الأميركيّة على التكيّف في المستقبل، لينتقل في الفصل التالي الذي حمل عنوان «المارد
المعوّق.. الأسباب والنّتائج» إلى طرح التساؤل المركزي:
لماذا انتهت القيادة
الأميركيّة للاقتصاد العالميّ؟
يتعبر المؤلف كوينلان أنّ
السّبب وراء ذلك هو معاناة الاقتصاد الأميركيّ من أعباء حربَي العراق وأفغانستان،
فضلاً عن الأزمة الماليّة في عام 2008، إذ إنّ فاتورة كلّ من هذه العوامل تصل على
الأقل إلى تريليون دولار، بالإضافة إلى تآكل قدرات كلّ من أوروبا واليابان.
ولم يغفل الكاتب
الحديث عن صعود القوى الاقتصاديّة الجديدة التي كانت محور تركيزه في الفصل السّابع:
«أصحاب النّفوذ الجدد واستعراض العضلات»، ويتساءل كيف أمكن لدول مثل الصّين
والبرازيل إعادة تشكيل الاقتصاد العالميّ؟ مشيراً إلى أنّ الموارد الأكثر أهميّة
(أي المصادر الطبيعيّة، ورأس المال، والأيدي العاملة) تخضع الآن لسيطرة الدّول النّامية،
الأمر الذي يقوّض مكانة الولايات المتّحدة كقوّة اقتصاديّة عُظمى. فلا يمكن وصف
الاقتصاد الأميركيّ بأنّه اقتصاد قوّة عظمى، في حين أنّه يعتمد على النّفط
والمصادر الطبيعيّة التي تملكها دول أخرى، كما أنّه غارق في الدّيون، ويقوم على
مستهلكي دول أخرى.
رؤية استشرافيّة :
عرض الكتاب سيناريوهين
اثنين للمستقبل، يتنبّأ بأن يمرّ بأحدهما الاقتصاد العالميّ. السّيناريو الأوّل
يوضحه الفصل الثّامن المُعَنون «الحرب الباردة الاقتصاديّة القادمة»، وفيه تتّجه
الولايات المتّحدة لرفض التّكيّف مع المشهد العالميّ الجديد، والقبول بانحسار
دورها في الاقتصاد العالميّ، وتلجأ لسياسات لن تكون مقبولة لدى الدّول النّامية.
ونتيجة لذلك، تنشأ العديد من التّوتّرات بين كتلة «العالم المتقدّم» بقيادة
الولايات المتّحدة من ناحية، وكتلة الدّول النامية بقيادة الصّين من ناحية أخرى، ما
يؤدّي لأشكال مختلفة من السّياسات الحمائيّة، والموانع الحدوديّة، الأمر الذي يعيق
فكرة التّدفّق غير المُقيّد للأشخاص والسّلع ورأس المال. ومع وصول التّوتّرات إلى
نقطة حرجة واندلاع حرب اقتصاديّة باردة، سيكون المستهلك هو الخاسر الأكبر، مع
ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وغيرها من السّلع الحيويّة.
ويتحدّث الفصل التّاسع
الذي جاء بعنوان «الميلاد الجديد للعولمة» عن سيناريو مغاير، تصل دول العالم
المختلفة عبره لتفاهم فيما بينها، بحيث تصبح «مجموعة العشرين» هي الحاكم للاقتصاد
العالميّ، وتقبل الولايات المتّحدة وأوروبا بانحسار دورهما، ويصبح للدّول النامية
الرئيسيّة دور حقيقيّ على السّاحة العالميّة.