مِن أسماءِ الله الحُسنى
الصَّـمَد
في (مقاييس اللّغة) لابن فارس: «صَمَدَ،
أصلان، أحدُهما القَصد، والآخر الصّلابة في الشّيء. واللهُ جلّ ثناؤه الصَّمَد، لأنّه يَصمُد إليه عبادُه
بالدّعاء والطّلب».
وفي (التّحقيق في كلمات القرآن الكريم) للمصطفويّ:
«مقام الصّمديّة: وهو تعريفٌ عن مرتبة الأُلوهيّة، وكشفٌ جامعٌ عن اسم «الله»،
فإنّ الصّمد هو المقام العالي الثّابت الحقّ، المرتفع عن أيّ جهة وفي أيّ وصف، وهو
العلوّ المطلق يعلو كلّ شيء، ويخضع لديه كلّ شيء، وهو الرّفيع الدّرجات في حياة وقدرة
وعلم وإرادة، فالصّمد هو المُتعالي في جميع ما يتصوَّر عن أيّ وصف وخصوصيّة وكمال وجمال،
فلا بدّ أنّ كلّ موجود قاصدٌ نحوه وخاضع لديه وعابد وخاشعٌ لوجهه».
يرى العلّامة السيد
محمد حسين الطباطبائي أنّ «الأصل في معنى الصّمد القصد، أو القصد مع الاعتماد... وقد
فسّروا الصّمد - وهو صِفة – بمعانٍ مُتعدّدة مرجِع أكثرها إلى أنّه السيّدُ المَصمودُ
إليه، أي المقصودُ في الحوائج، وإذا أُطلق في الآية ولم يقيَّد بقيد
فهو المقصود في الحوائج على الإطلاق. وإذا كان الله تعالى هو الموجِد لكلّ ذي وجود
ممّا سواه يحتاج إليه، فيقصُده كلّ ما صدق عليه أنّه شيء غيره، في ذاته وصفاته وآثاره.
قال تعالى: ﴿..أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ..﴾ الأعراف:54،
وقال تعالى وأطلق: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ النّجم:42،
فهو الصّمد في كلّ حاجة في الوجود لا يقصد [أحدٌ] شيئاً إلّا وهو الذي ينتهي إليه قصدُه،
وينجح به طلبته، ويقضي به حاجته». (ج 20: ص 388)
الصّمد في الرّوايات
- رُوي عن الإمام الصّادق،
عن أبيه الباقر، عن أبيه السّجّاد عليهم السّلام، أنّ أهلَ البصرة كتبوا إلى الحسين
بن عليّ، عليهما السّلام، يسألونه عن الصَّمد، فكتب إليهم:
«بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ
الرَّحيمِ، أَمّا بَعْدُ، فَلا تَخوضوا في القُرْآنِ، وَلا تُجادِلوا فيهِ، وَلا تَتَكَلَّموا
فيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَقَدْ سَمِعْتُ جَدِّي رَسولَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ يَقولُ: مَنْ قالَ في القُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ
مِنَ النّارِ، وَإِنَّ اللهَ، سُبْحانَهُ، قَدْ فَسَّرَ الصَّمَدَ فَقالَ: ﴿اللهُ أَحَدٌ
اللهُ الصَّمَدُ﴾، ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقالَ: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يولَدْ وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ كُفُواً أَحَدٌ..﴾».
- الإمام السّجّاد عليه السّلام: «الصَّمَدُ
الّذي لا شَريكَ لَهُ، وَلا يَؤودُهُ حِفْظُ شَيْءٍ، وَلا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ».
- وعنه عليه السّلام: « الصَّمَدُ الّذي إِذا
أَرادَ شَيْئاً قالَ لَهُ: كُنْ، فَيَكونُ، وَالصَّمَدُ الّذي أَبْدَعَ الأَشْياءَ
فَخَلَقَها أَضْداداً وَأَشْكالاً وَأَزْواجاً، وَتَفَرَّدَ بِالوَحْدَةِ بِلا ضِدٍّ،
وَلا شكْلٍ، وَلا مِثْلٍ وَلا نِدٍّ».
- عن جابر بن يزيد الجعفيّ،
قال: سألتُ أبا جعفر [الباقر] عليه السّلام عن شيءٍ من التّوحيد، فقال: «إِنَّ اللهَ
تَبارَكَتْ أَسْماؤُهُ الّتي يُدْعى بِها، وَتَعالى في عُلُوِّ كُنْهِهِ، واحِدٌ تَوَحَّدَ
بِالتَّوْحيدِ في تَوَحُّدِهِ، ثُمَّ أَجْراهُ عَلى خَلْقِهِ، فَهُوَ واحِدٌ صَمَدٌ
قُدّوسٌ، يَعْبُدُهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَيَصْمُدُ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ، وَوَسِعَ كُلَّ
شَيْءٍ عِلْماً».
- عن داود بن القاسم الجعفريّ،
قال: قلت لأبي جعفر الثّاني [الجواد] عليه السّلام: ما الصَّمد؟ قال: «السَّيِّدُ
المَصْمودُ إِلَيْهِ في القَليلِ وَالكثيرِ».