كتاباً موقوتاً

كتاباً موقوتاً

منذ يوم

الوسواس في نيّة الصّلاة


الوسواس في نيّة الصّلاة

إخضاع نور العقل لحُكم إبليس

____ الإمام الخمينيّ قدّس سرّه ____

يتحدّث الإمام الخميني قدّس سرّه في (الآداب المعنوية للصلاة) عن مفهوم النيّة، مبيّناً أنّها «التصميم والعزم على إتيان شيء، وإجماع النّفس على إتيانه بعد تصوّره والتّصديق بفائدته، والحكم بلزوم إتيانه. وهو حالة نفسانيّة ووجدانيّة تكون بعد هذه الأمور ".." وهي موجودة في جميع الأمور الاختياريّة ولا يمكن تخلّف فعل إراديّ عنها».

يضيف رضوان الله تعالى عليه:

 

ومع ذلك فإنّ وسوسة الشّيطان الخبيث ودعابة الواهمة [الشيطانية يتحكّمان] بالعقل ويُعميان هذا الأمر الضّروريّ على الإنسان المسكين، وعوَضاً عن أنّ يصرف عمره في معارف التّوحيد ومعرفة الحقّ والسّعي وراءه، يوسوس له إبليس الخبيث فيصرف نصف عمره في ".." شيءٍ واجب الحصول.

".." إنّ للوسواس شؤوناً كثيرة وطرقاً عديدة ".." ولكنّ الوسوسة في النّيّة لعلّها أكثر أضحوكة وأعجبها بين أنواع الوسوسات؛ لأنّه إذا أراد أحد أن يقوم بكلّ قواه، وفي جميع عمره، بأمرٍ واحدٍ اختياريٍّ من دون دون نيّة، لا يمكن أن يكون هذا في عهدته، ومع ذلك ترى واحداً مسكيناً مريض النّفس وضعيف العقل يعطّل نفسه في كلّ صلاةٍ مدّةً مديدة لكي توجد صلاته مع النّيّة والعزم "..".

فالصّلاة التي ينبغي أن تكون لهذا المسكين معراجَ قُربِه ومفتاح سعادته، وبالتّأدّب بآدابها القلبيّة والاطّلاع على أسرار هذه اللّطيفة الإلهيّة، يُكمل بها ذاته ويؤمّن النّشأة الحياتيّة، [تراه] يغفل عن ذلك كلّه، بل لا يراه ضروريّاً لنفسه، بل يعدّ جميعها باطلة ويصرف رأس ماله العزيز في خدمة الشّيطان وإطاعة الوسواس الخنّاس، ويجعل عقله الموهوب من الله سبحانه - الذي هو نور الهداية - محكوماً لحكم إبليس.

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: «ذَكَرْتُ لأَبِي عَبْدِ الله عليه السّلام رَجُلاً مُبْتَلًى بِالْوُضُوءِ والصَّلَاةِ، وقُلْتُ: هُوَ رَجُلٌ عَاقِلٌ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله: وأَيُّ عَقْلٍ لَه وهُوَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ؟ فَقُلْتُ لَه: وكَيْفَ يُطِيعُ الشَّيْطَانَ؟ فَقَالَ: سَلْه، هَذَا الَّذِي يَأْتِيه مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ فَإِنَّه يَقُولُ لَكَ: مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ».

".." هذه الطّائفة الوسواسيّة فقط من بين النّاس يعملون على خلاف رسول الله والأئمّة المعصومين عليهم السلّام، وفقهاء المذهب وعلماء الملّة، ويعدّون أعمال النّاس جميعا كَأنها لا شيء، وعملَهم موافقاً للاحتياط! ".."

..فَإِذَا عُصِيَ لَمْ يَعُدْ

ليس لهذه المعصية والدّاء العضال علاجٌ سوى التّفكّر ".." ومقارنة عمله بعمل المؤمنين والعلماء والفقهاء رضوان الله عليهم، فإن رأى نفسه مخالفاً لهم فيُرغم أنف الشّيطان ولا يعتني بذاك اللّعين، فإذا وسوس له الشّيطان في وساوسه بأنّ عملك باطل، يُجيبه إذا كان عمل جميع فقهاء الأمّة باطلاً فليَكُن عملي أيضاً باطلاً. فمن المرجوّ أنّه إذا خالف الشّيطان مدّةً واستعاذ خلالها إلى الحقّ تعالى بالعجز والحاجة [للخلاص] من شرّه، أن يزول هذا المرض وتنقطع عين طمع الشّيطان عنه.

كما أنّه في الروايات قد ذكرت هذه الطّريقة لدفع كثرة الشّكّ الذي هو أيضاً من إلقاءات الشّيطان. ".." [عن] أبي جعفر الباقر عليه السّلام، قال: «إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ فَامْضِ فِي صَلَاتِكَ، فَإِنَّه يُوشِكُ أَنْ يَدَعَكَ، إِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ». ".." «إِنَّمَا يُرِيدُ الْخَبِيثُ أَنْ يُطَاعَ، فَإِذَا عُصِيَ لَمْ يَعُدْ إِلَى أَحَدِكُمْ».

هذه المعالجات المهمّة في جميع الأمور من إلقاءات الشّيطان ومن دعابات الواهمة الشّيطانيّة، وقد قُرِّرت في الأحاديث الشّريفة لذلك أدعية أيضاً، فمن أرادها فليراجع (وسائل الشيعة) و(مستدركها) في أواخر كتاب «الخَلل».


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

منذ 0 ساعة

دوريات

  إصدارات أجنبيّة

إصدارات أجنبيّة

نفحات