كلمةُ
«الله» أعذبُ ألفاظِ العاشقين
من
توجيهات المرجع الدّيني السّيّد عبد الأعلى السّبزواريّ رحمه
الله
لأهميّة
المحتوى الإيمانيّ المعرفيّ لتوجيهات المرجع الدّيني السّيّد عبد الأعلى
السّبزواري، اختارت «شعائر» النّصوص التّالية من عدد من أعماله، ولا سيّما منها (تفسير
مواهب الرّحمن)، و(مهذّب الأحكام)، و(العارف ذو الثّفنات)، وقد تناولت قبسات
نورانيّة في التّوحيد والعرفان الحقيقيّ المستند إلى النّصّ المعصوم، إلى قبسات أخرى
متّصلة بآداب السّير والسّلوك.
«الله» أعذب ألفاظ العاشقين
«الله» أجَلُّ لفظٍ في
الممكنات كلّها... بهتَ في عذوبة لفظه كلّ سالكٍ مجذوب، وتحيّر في معناه جميع
أرباب القلوب، تتدفّق المحبّة والرّأفة
عن الاسم، فكيف بالمعنى؟!
فكأنّ
نفس المعنى يتجلّى فيه ويقول: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا..﴾ طه:14،
جُمعت فيه من الكمالات حقائقُها، ومن الألطاف والعنايات دقائقها ورقائقُها، تطلبه
الملائكة الكرّوبيّون كما يطلبه أهلُ الأرضين، والكلّ لا يصل إليه، ظهر
لغيره بالآثار، وخَفِيَ عن الجميع بالذّات، فما
أعظمَ شأنه! فقد عجزت العقول - وإنْ
قَوِيَت فطنتُها - عن درك أفعاله، فضلاً عن صفاته، فكيف ذاته؟ فكلّما زاد الإنسان
تأمّلا فيه زاد تحيّراً وجهلاً.
لا قيمةَ لغير عرفان المعصوم عليه السّلام
العرفان علمٌ جليلٌ ليس له مثيلٌ في سائر العلوم مطلقاً، في الشّموليّة والسّعة
والآثار، والسّالك والمسلوك فيه، والمقصد والغاية، وكلّها جلائلُ عِظام، والبحث في
كلّ واحدةٍ منها تقصر عنه الأفهام، إلّا لمَن كان ذا حظّ من العلم والمعرفة، وهم
الأنبياء العظام والأوصياء الكرام، فهم الأصل في هذا العلم الجليل، والقدوة في هذا
الطّريق، وغيرهم إنْ رجع ما قالوه إليهم فلا بأس به، وإلّا فهو مجرّد كلام لا
حقيقة له، وإن ادُّعي الكشف والشّهود في ما ادّعوه.
خطر جارحة اللّسان
اللّسان في الإنسان من أهمّ أسباب الحرمان، فقد ورد عن
نبيّنا الأعظم، صلّى الله عليه وآله، وقد سُئل عن زلّات اللّسان، فقال: «وَهَلْ
يَكُبُّ النّاسَ في النّارِ إِلّا حَصائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟». والسّرّ في ذلك
واضح، فإنّ اللّسان مفتاح القلوب، والمقال دليل النّوايا والسّرائر، فلا بدّ أن
يكون في سبيل الخير، وزمامه بيد العقل، لئلّا يخرج عن الاستقامة المطلوبة ويُحرَم
الإنسان من كلّ خير، فالآية الشّريفة: ﴿.. وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا..﴾ المائدة:64، ترشد المؤمن إلى هذه الخصيصة المهمّة، فلا يغفل عن نفسه، ولا يصدر منه ما
يستوجب البُعد والحرمان؛ ولذا كان الأنبياء والحكماء ومَن كَمُل إيمانه لا
يتكلّمون إلّا بقدر الضّرورة، وبعد التّفكّر وملاحظة الخصوصيّات، لئلّا يترتّب على
مقالهم أثرٌ سيّء، وقد ورد في الدّعوات المأثورة الاستعاذة بالله الكريم من زلّات
اللّسان وهفواته، فيجب أن لا يُغفل عن
عظيم الأثر المترتّب على الأقوال.
آثار مجالسة المُستهترين بالدّين
الحُجب الّتي تحيط بالإنسان كثيرة، فإذا تراكمت بسبب الغفلة عن إزالتها
تصير ظلماتٌ بعضُها فوق بعض، بل إنّ بعضاً منها من المُهلكات التي توقع النّفس في
الهاوية، فتخرجها عن طور الإنسانيّة إلى أسوأ دَرَكات البهيميّة، وتجعلها في مصافّ
الحيوانات الرّديئة كالقردة والخنازير، وقد نُهي المؤمنون عن اتّخاذ المستهترين
بالدّين أولياء، لأنّ النّفس تتأثّر بأفعالهم وتنكدر بأقوالهم، ويُسلَب منها
التّوفيق برؤيتهم:
فللنّفس من جُلّاسِها كُلُّ نِسْبَةٍ
|
وَمِنْ خُلَّةٍ لِلْقَلْبِ تِلْكَ الطَّبائِعُ
|
ويكفي أنّ النّظر إلى تارك الصّلاة يسلب التّوفيق، فكيف
باتّخاذهم أولياء، فذلك الهلاك للنّفس.
الاستخارة مظهر التّوحيد الفعليّ
الاستخارة مُستحبّة في جميع الأشياء؛ لأنّها دُعاء
ومسألة من الله تعالى، وإيكال الأمر إلى علمِه ومَشيئته، وإظهار ذلّ العبوديّة لدى
حضرة المعبود وتسليم الأمور إلى القهّار على طبقِ أحسن الحكمة وأتمّ النّظام،
فالاستخارة بهذا المعنى نحو توحيد فعليّ وإظهار عمليّ لمعنى: «لا جبرَ ولا
تفويضَ، ولكنْ أمرٌ بين الأمرين»، فإنّ الرّوح عند الحيرة تتوجّه إلى الله
تعالى، وإلّا فتَقف في الغيب الممكن، ولا يمكنها التّوجّه إلى الغيب الواجب
بالذّات لقصور ذاتها عن ذلك.
أهمّيّة الأحكام الشّرعيّة
الأحكام أمانات من الله تعالى عندنا، لا بدّ من مراعاتها
وردِّها إلى أهلها، وإنّما جُعلت لأجل ارتباط الإنسان به، جلّ شأنه، ولا يحصل هذا الارتباط
لو تخلّف أحدٌ عن تلك الأحكام ولم يؤدِّ حقّها.
شعائر الحسين عليه السّلام
إنّ
من أهمّ وسائل النّجاة، وأوثق أسباب التّوسّل، إقامة الشّعائر الحُسينيّة وتعظيمها
وإدامتها،
فإنّها من شعائر الله جلّت عَظَمتُه.
بركات مراقد المعصومين عليهم السّلام
لا
شبهةَ عند كلّ عاقل أنّ أهل السّعادة والأبرار، ممَّن يَتبرّك النّاس بهم في
حياتهم،
وتلك البركات لا تنقطع بموتهم، بل تزداد لورودهم إلى
معدن الخيرات والبركات، وانقطاع نفوسهم الشّريفة عن عالم المادّيّات والشّهوات، والعقل
يحكم بحسن التماس تلك البركات والسّعي في عدم الحرمان عنها.
الصّلاة مفتاح العروج
الصّلاة
تفتح أبواب الغيوب، وبها تطمئنّ القلوب، وبها ترفع الدّرجات، وفيها المناجاة برفع
الأستار،
وتتّسع فيها ميادين الأسرار، وبها تشرق شوارق
الأنوار، وبها تُزال الحجب والأستار بالقرب إليه، عزّ وجلّ،
وبها تصفو المحبّة من كدر الجفاء، ويتّصل المُحبّ مع
حبيبه في محلّ الصّفا.
نفحات الأسحار
وكم لله من نفحةٍ عطرةٍ يمنّ بها على مَن يشاء، وجائزة موفرة
يخصّ بها مَن أخلص في الدّعاء،
وكم من
عبادة فيه - أي وقت نافلة اللّيل - هبّت عليها نسَمات القبول، ودعوةٍ من ذي طَلبةٍ
مشفوعةٍ ببلوغ المأمول، ومشكلِ مسائل اتّضح بمصابيح الهداية، وعريضٍ من المطالب
افتتح بمفاتيح الهداية،
فهو وقت
العلماء العاملين والعرفاء المُتعبدّين، والسّعيد من سعد بإحياء هذا الوقت الشّريف،
واستدرّ
به أخلاف الكرام من الجواد اللّطيف.