خصال المُصلّين
ذروةُ الجزاء، إنزالُهم
منزلةَ الملائكة
_____ آية الله الشيخ جوادي آملي
_____
مجموعة من الخصال تؤشّر إلى بلوغ صلاة
العبد مرتبة «معراج المؤمن»، و«عمود الدين»، ذكرها المولى، سبحانه وتعالى، في سورة
المعارج، وقد توقّف الشيخ جوادي آملي عند هذه الآيات في كتابه (أسرار الصّلاة)،
ومنه كان هذا المقتطف.
من
هم المصلّون؟
1) ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى
صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ المعارج:23.
فهم محافظون على الصلاة لا يتركونها.
2) ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ
حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ المعارج:24-25.
فالمُصلّي لا يستأثر بالمال لنفسه، بل
هو كثيرُ العطاء، ينفق ممّا أعطاه الله، عزَّ وجلَّ، من المال الحلال، وفي هذا
المال حصّة للآخرين الذين هم قسمان، الأوّل: الذين يسألون الناس، والثاني: الذين
لا يسألون.
3) ﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ
بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ المعارج:26.
المُصلّون هم المؤمنون بيوم القيامة؛ فَذِكرُ
المعادِ يطهِّر الإنسان، وإنّ جميع ما يعانيه من ويلات ومصائب هو بسبب نسيانه يومَ
القيامة، وعندما يذكر القرآن الكريم عِلّة الفِسق والفاسقين، يشير إلى نسيانهم يوم
القيامة. فهؤلاء ارتكبوا المعاصي والذنوب لأنّهم نسوا يوم الحساب، بخلاف المُصلّين
الذين هم على ذكرٍ منه.
4) ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ
عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾ المعارج:27-28.
إنّهم خائفون من عذاب الله سبحانه،
لأنّ الصلاة تذكّرهم بيوم المعاد. فمن ذا الذي يأمن عذاب الله؟ ومن الذي استلم
ورقة أمان من الله، عزَّ وجلَّ، ليكون آمناً؟
5) ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ
وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ المعارج:32.
أولئك الذين حفظوا أماناتهم الماليّة
وغير الماليّة، وعهودهم، وإنّ الله، عزَّ وجلَّ، لِقربه منّا يقول: عندما تعقدون
العقود اجعلوني طرفاً في المُعاملة.
كتب بعض العلماء رسائل أسموها «رسالة العهد»،
ومن بين هذه الرسائل رسالة كتبها ابن سينا بيَّن فيها تعهّداته، وكتب العهود في
هذه الرسالة. فمثلاً يتعهّد أن لا يذكر بلسانه
إلّا الحقّ، ويتعهّد أن لا يشترك في مجالس السوء والفحشاء، وذلك لأنّ الله قريبٌ
من المؤمنين.
6) ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ
قَائِمُونَ﴾ المعارج:33.
فالقائمون بالحقّ هم الثابتون على
الشهادة، التي هي شهادة الوحدانيّة، وشهادة الرسالة، وشهادة الحقّ في المسائل
الحقوقيّة.
7) ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى
صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ المعارج:34.
فهم يحافظون على فعل الصلاة وعلى
أوقاتها.
* ﴿أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ
مُكْرَمُونَ﴾ المعارج:35.
فهم يتنعّمون في كرامة الجنّة. و«الكرامة»
تعبير قرآني لطيف يختلف عن معنى التكريم، وقد وصف الله، عزَّ وجلَّ، الملائكة بهذه
الصفة، وقال في حقّهم إنّهم كرامٌ كاتبون، وملائكة مُكرَمون.
عندما كان عبد الله بن جعفر بن أبي
طالب في سفر، التقى سائلاً لا يعرفه فأعطاه مالاً كثيراً، فقال له أصحابه: يا عبد
الله، إنّك لست معروفاً في هذه المنطقة، وإنّ السائل كان يقنع بأقلّ من هذا،
فلماذا أعطيته هذا المال الكثير؟
فقال: إذا لم يعرفني الناس في هذه
المنطقة فأنا أعرف نفسي، وإذا كان السائل يقنع بأقلّ من هذا، فإنّ طبعي لا يقبل
بأقلّ من هذا العطاء، فأنا لا أرضى أن يكون عندي مال وأعطي الشيء القليل. هذه
الروح هي روح الكرامة، هي الروح العالية الكريمة.