(المعجم الموضوعي) للعلّامة
المحقّق الشيخ علي الكوراني
توثيقٌ موسوعيّ
لسيرة الإمام المهديّ الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف
____
قراءة: محمود إبراهيم ____
الكتاب: المُعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهديّ عجّل الله
تعالى فرجه الشريف
المؤلّف: الشيخ علي الكوراني العاملي
الناشر: «دار المعروف للطباعة والنشر»، الطبعة السابعة، قمّ
المقدّسة 1436 للهجرة
يُنظر إلى العمل
الموسوعيّ، كمجهودٍ له خصوصيّته العلميّة، بما هو حقلٌ فسيحٌ تُستنتج منه المعارف،
وعلى معطياته تُبنى المنظومات الفكريّة والعَقَديّة وما يليها من نظائر.
في متناولنا إصدارٌ
حديث يندرج في هذا السياق. وذاك ما نجده في المجهود المتميّز الذي قدَّمه العلّامة
المحقّق الشيخ علي الكوراني العاملي من خلال عمله الموسوعي الصادر مؤخّراً بطبعته «السابعة»
المنقّحة والمَزيدة تحت عنوان (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف).
فلو كان من ميزة
معرفيّة تُقال في المعجم، فسيكون لنا أن نلاحظها من غير وجه:
- من وجهٍ، في
انضمامه إلى أمّهات المعاجم التي تستجيبُ لمطالب الباحثين والمحقّقين.
- من وجه ثانٍ،
لخصوصيّة الموضوع ونُدرته في مجال التدوين المعجمي.
- ومن ثالث، لكون
المؤلّف من أهل الاختصاص في الحقل المعجمي ومناهجه، فضلاً عن تخصّصه بسيرة الإمام
المهديّ عجّل الله تعالى
فرجه الشريف، وتحقيقه الكثيرَ
من الوثائق والمدوّنات النادرة المتّصلة بسيرته المقدّسة.
ولنا أن نذكر في
المجال عينه أنّ العلّامة المحقّق، أسّس في مدينة قمّ المقدّسة، وبرعاية المرجع
السيّد الكلبايكاني قدّس
سرّه، «مركز المعجم
الفقهيّ»، الذي أصدر برنامج (المعجم الفقهيّ) في ثلاثة آلاف مجلّد، وهو أوّل
برنامج في العالم الإسلامي، جرى تفعيله لاحقاً ليناهز أكثر من 4700 مجلّد، صدرت في
إطار المشروع الذي يشرف عليه تحت اسم (مكتبة أهل البيت عليهم السلام).
وزيادةً على
مشروعه المميّز علميّاً وتقنيّاً، أسّس المحقّق الكوراني برعاية المرجع السيّد السيستاني،
«مركز المصطفى للدراسات الإسلاميّة»، فأصدر سلسلة العقائد الإسلاميّة المقارنة، في
خمس مجلّدات، وبعض الكتب الأخرى، وأصدر (برنامج المعجم العقائدي) في 700 مجلّد من
مصادر العقائد، ونحو ألفين من موضوعات العقائد. وقد أُدمج أخيراً في (مكتبة أهل
البيت عليهم السلام) التي احتوى إصدارها الثاني على أكثر من سبعة آلاف مجلّد.
لا تتوقّف منجزات
صاحب المعجم عند حدود الإدارة والإشراف على إنتاج المعارف الموسوعيّة، فقد شهدت له
المكتبة الإسلاميّة حضوراً بيِّناً لأعماله وأبحاثه الفقهيّة والعقائديّة
والتاريخية. نذكر منها على سبيل المثال: (عصر الظهور)، و(تدوين القرآن)، و(آيات
الغدير)، و(الوهّابيّة والتوحيد)، و(الحقّ المبين في معرفة المعصومين)، وغيرها في
المحتوى والمنهج.
فرادة منهجيّة
في مقام الكلام
على المنهج الذي اشتغل عليه المحقّق الكوراني في إنجاز هذه الطبعة من المعجم، نستطيع
القول، إنّه انفرد بمنهجيّة مخصوصة ذات خطوط وأنساق متعدّدة في الكتابة البحثيّة. ومثل
هذه الفرادة ما كانت لِتَرد على هذا النحو، لولا فرادة الشخصيّة والقضيّة موضوع
هذا المعجم. ذلك بأنّ المحقّق يدرك وهو يجتهد في تظهير سيرة مخلّص البشرية، أنّ
المعجم الذي يُنجزه هو بمنزلة هندسة إيمانيّة ومعرفيّة للأزمنة الراهنة والآتية.
ولنا أن نوضح انطلاقاً
من هذا الإدراك، أنّ ماهيّة المعجم والقضية الجوهريّة التي تتدفّق بين صفحاته، هي
التي افترضت مثل هذه المنهجيّة المركّبة. ولعلّ أوّل ما يُلاحظه قارئ المعجم أنّ
المحقّق لم يشأ أن يأخذ بالتقنيّة المعتمدة في تأليف الموسوعات والمعاجم، ولا سيّما
لجهة الترتيب الأبجدي، والأخذ بالأحرف الأولى لعناوين الموضوعات، بل ذهب إلى
الموضوعات نفسها ثمّ رتّبها على نحو ما تجري عليه تقنيّات التوثيق العلمي للقضايا.
فالأحاديث المرويّة هي نفسُها الموضوعات التي جاء ترتيبها طبقاً لتَسلسُلها في مدوّنات
الرواة والمحقّقين المسلمين، ولا سيّما منهم أولئك الموثوق بهم من السنّة والشيعة.
لقد جرى توزيع
الموضوعات على امتداد أربعين فصلاً. لكلّ فصلٍ وقائعُه ومرويّاتُه ووثائقه، وكلّها
تدخل في مسار تدوين سيرة الإمام عليه السلام، منذ ولادته والظروف الاجتماعيّة والسياسيّة
التي أحاطت بها، مروراً بالغَيبة الصغرى حيث استترَ الإمام عليه السلام، عن أنظار
السلطة الجائرة لما يقرب من سبعين سنة، تولّى فيها سفراؤه الأربعة إدارة شؤون الأمّة
من خلال توجيهاته وعناياته بأدقّ القضايا... لكنّ المعجم سيمضي في التوثيق وصولاً إلى
الغَيبة الكبرى التي ستمتدّ حتّى يأذن الله تعالى بظهور وليّه الخاتم ليملأ الأرض
عدلاً بعدما مُلئت جوراً.
في مقدّمته على
هذه الطبعة من المعجم ينبِّه المحقّق الشيخ علي الكوراني إلى جملة من الإجراءات
التي أضافها، منها إشارته إلى القبول الذي لقيَه الكتاب من جانب العلماء
والباحثين وعامّة الناس، ومنها سعيه إلى تدقيقه وتنقيحه، وإعادة كتابة بعض فصوله،
كفصل الدجّال، وفصل الأتراك، وفصل مصر. كذلك عنايته الخاصّة والمهمّة بدلالة
الأحاديث وأسانيدها، وأماكن ذِكر النصّ كاملاً، أو ذِكر الشاهد منه، والإشارة إلى
مواضعه في أماكن أُخَر.
وإلى ذلك، يذكر المحقّق ما بذله من عنايةٍ إضافيّة، لجهة إعادة
الصياغة في الكثير من المطارح. منها على سبيل المثال لا الحصر، عكوفه على التخفيف من
المصادر المتعدّدة للنصّ الواحد، مكتفياً بأهمِّها، خصوصاً الأصليّة، كما اكتفى
بنماذج محدّدة ومحدودة من أدعية الإمام وزياراته، نظراً لورودها في الكتب المتخصّصة.
ختاماً، لا حاجة إلى البيان أنّ (المعجم الموضوعي
لأحاديث الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه
الشريف) يشكّل منجزاً معرفيّاً في ميدان البحث
العلمي، فضلاً عن كونه أوّلاً وأساساً استجابة موفّقة لمقتضيات الثقافة المهدويّة
في المنعطف الاستثنائي الحالي الذي تعبره الحضارة الإسلاميّة المعاصرة.