تاريخ
من أسباب
تفرُّق العلويّين في الأرض
لمّا بنى المنصور [العبّاسيّ] الأبنيةَ ببغداد،
جعلَ يطلب العَلويّة طلباً شديداً، ويجعلُ مَن ظفرَ به منهم في الأُسطوانات المجوّفة
المَبنيّة من الجُص والآجرّ!
فظفر ذاتَ يوم بغلامٍ منهم حسن الوجه، عليه شَعرٌ
أسود، من وُلد الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، فسلّمه إلى البنّاء الذي كان
يَبني له، وأمرَه أن يجعله في جوف أسطوانة ويبني عليه، ووكّل عليه مِن ثُقاته مَن يراعي
ذلك حتّى يجعلَه في جوف أسطوانةٍ بمشهده!
فجعلَه البنّاء في جوف أُسطوانة، فدخلته رقّةٌ عليه
ورحمةٌ له، فترك في الأسطوانة فُرجةً يدخلُ منها الرّوح (نسيمُ الرِّيح)، فقال للغلام:
«لا بأسَ عليك، فاصبِر فإنّي سأُخرجك من جوف هذه الأسطوانة إذا جنّ اللّيل».
فلمّا جنّ الليلُ جاء البنّاء في ظُلمةٍ فأخرجَ
ذلك العلويّ من جوف تلك الأسطوانة، وقال له: «اتّقِ اللهَ في دمي ودَمِ الفَعَلة الذين
معي، وغيِّبْ شخصَك، فإنّي إنّما أخرجتُك ظلمةَ هذه الليلة من جوف هذه الأسطوانة لأنّي
خفتُ إنْ تركتُك في جوفها أن يكونَ جدّك رسول الله صلّى الله عليه وآله يومَ القيامة
خصمي بين يدَي الله عزّ وجلّ».
ثمّ أخذ شعرَه بآلات الجَصّاصين كما أمكن، وقال:
«غَيِّبْ شخصَك وانجُ بنفسك، ولا ترجِعْ إلى أمّك».
فقال الغلام: «فإنْ كان هذا هكذا، فعرِّف أمّي أنّي
قد نجوتُ وهربتُ لتطيبَ نفسُها ويقلَّ جَزَعُها وبكاؤها، وإن لم يكن لعَودي إليها وجه»!
فهرب الغلامُ ولا يُدرى أين قصدَ من وجه أرض الله
تعالى ولا إلى أيّ بلد وقع.
قال ذلك البنّاء: «وقد كان الغلامُ عرَّفَني مكانَ
أمّه وأعطاني العلامة، فانتهيتُ إليها في الموضع الذي دلّني عليه، فسمعتُ دويّاً كدويّ
النحل من البكاء، فعلمتُ أنّها أمّه، فدنوتُ منها وعرّفتُها خبرَ ابنها، وأعطيتُها
شَعرَه وانصرفت».
(الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام)
بلدان
الحِيرة
الحِيرة
مدينة تاريخيّة قديمة تقع في جنوب وسط العراق. كانت عاصمة المناذرة وقاعدة ملكهم، تقع
أنقاضها على مسافة سبعة كيلومترات إلى الجنوب الشّرقي من مدينتي النّجف والكوفة، وتمتدّ
أنقاضها من قرب مطار النّجف حتّى ناحية الحيرة التّابعة لقضاء المناذرة (أبو صخير).
ولا تزال ناحية الحيرة التي تشكّل جزءاً من مدينة الحيرة القديمة مأهولة بالسّكّان.
تشتهر
الحيرة بإقامتها تمثيليّة واقعة عاشوراء كلّ محرّم، حيث تجري الواقعة في ساحة كبيرة،
ويقوم ممثّلون محترفون بالتّمثيل، وتتجّدد المسرحيّة عاماً بعد عام، مع إضافة
لمسات فنيّة وإبداعيّة تليق بواقعة كربلاء.
ورد
في معجم البلدان للحمويّ: «الحِيرَةُ بِالكَسْرِ ثُمَّ السُّكونِ وَراءٍ: مَدينةٌ كانَتْ
عَلى ثَلاثَةِ أَمْيالٍ مِنَ الكوفَةِ عَلى مَوْضِعٍ يُقالُ لَهُ النَّجَفُ، زَعَمُوا
أَنَّ بَحْرَ فارِسٍ كانَ يَتَّصِلُ بِهِ. وبالحيرة الخورنق [قصر] بقربٍ منها ممّا
يلي الشرق على نحو ميل، والسّدير [قصر آخر] في وسط البرّيّة التي بينها وبين الشّام.
كانت مسكنَ ملوك العرب في الجاهليّة من زمن نصر ثمّ من لخم النّعمان وآبائه ".."
ويقال لها الحيرة الرَّوْحاء".." وقيل: سمّيت الحيرة لأنّ تُبّعاً
الأكبر لما قصد خراسان خلّف ضَعَفة جنده بذلك الموضع وقال لهم حيّروا به: أي
أقيموا به، وقال الزّجاجيّ: كان أوّل من نزل بها مالكُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ عَمْرِو
بْنِ فَهْمِ، فلمّا نزلها جعلها حيراً وأقطعها قومه فسمّيت الحيرة بذلك.. وفي كتاب
أحمد بن محمّد الهمذانيّ: إنّما سُمّيت الحيرة لأنّ تبّعاً لما أقبل بجيوشه فبلغ
موضع الحيرة ضلّ دليلُه وتحيّر، فَسُمّيت الحيرة...».