الصَّدَقة
من مصاديقها الضيافة، والكلمة الليّنة
____ الشهيد الأول* قدّس
سرّه ____
الصدقة هي العطيّة
المتبرَّع بها - بالأصالة من غير نصاب – للقُربة. قال الله تعالى: ﴿..وَمَا تُنْفِقُوا
مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ..﴾ البقرة:272.
وقال النبيّ صلَّى الله عليه وآله: «الصَّدَقَةُ تَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ»،
وقال عليه السّلام: «إنَّ اللهَ ليَدفَع بالصَّدَقةِ الدَّاءَ والدُّبَيلةَ [داءٌ
يُصيب الجوف] والحَرَقَ والغَرَقَ
والهَدْمَ والجُنُون..»، إلى أنْ عَدَّ سَبْعِينَ
بَابَاً مِنَ السُّوءِ.
* وقال الصادق عليه
السّلام: «الْمَعْرُوفُ شَيْءٌ سِوَى الزَّكَاةِ، فَتَقَرَّبُوا إِلَى الله عَزَّ
وجَلَّ بِالْبِرِّ وصِلَةِ الرَّحِمِ».
* وقال الباقر عليه
السّلام: «صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَدْفَعُ مَصَارِعَ السُّوءِ».
* وقال النبيّ صلَّى
الله عليه وآله: «الصَّدَقَةُ بِعَشَرَةٍ، والْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وصِلَةُ
الإِخْوَانِ بِعِشْرِينَ، وصِلَةُ الرَّحِمِ بِأَرْبَعَةٍ وعِشْرِينَ».
* وقال الصادق عليه السّلام:
«دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وادْفَعُوا الْبَلَاءَ بِالدُّعَاءِ، واسْتَنْزِلُوا
الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، وهِيَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وتَعَالَى قَبْلَ
أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ الْعَبْدِ».
ويستحَبّ للمريض أن يُعطي
السائلَ بيده ويؤمَر بالدعاء له، والصدقة عن الولد ويستحَبّ بيده، والتبكير بالصَّدَقة
لدفع شرٍّ يومه، وكذا في أوّل الليل للحاضر والمسافر. ويُكره ردّ السائل ولو كان
على فرسٍ، وخصوصاً ليلاً.
وثوابُ إطعام الهوامّ
والحيتان عظيم. والصدقة تقضي الدَّينَ وتخلف بالبركة وتزيد المال، وإنّ التوسعة
على العيال من أعظم الصدقات، ويستحبّ زيادة الوقود لهم في الشتاء.
وتجوز على الذمِّي وإن
كان أجنبيّاً، وعلى المخالف إلَّا الناصب، ومنع (بعضهم) من الصدقة على غير الذِّمّي
ولو كانت ندباً، وفي رواية في المجهول حاله: «أعْطِ مَنْ وَقَعَت لَهُ الرَّحمَةُ
فِي قَلْبِكَ». وأكثر ما يُعطى ثُلثا درهم، وإعطاء السائل ولو ظِلفاً محترقاً،
أو تمرة أو شقّها، وإكثارها أفضل، ولو كَثُر السؤال أعطى ثلاثةً وتخيّر في الزائد،
وَلْيُؤمَر السائلُ بالدّعاء ولو كان كافراً، والوكيل في الصدقة أحدُ المتصدّقين
ولو تعدّد.
وأفضلُ الصدقة جهدُ
المُقِلّ وهو الإيثار، وروي: «أَفْضَلُ الصَّدَقَة عَنْ ظَهْرِ غِنَى»،
والجمع بينهما أنّ الإيثار على نفسه مستحبّ بخلافه على عياله. ويستحبّ الصدقة
بالمحبوب وتُكره بالخبيث، والضيافة من أفضل الصدقة، وكذا سقيُ الماء، والحجّ عن
الميّت وخصوصاً الرَّحِم، وبذلُ الجاه، والكلمة الليّنة، والصدقة على الرحم والعلماء
والأموات، وإنظار المُعْسر، والإهداء إلى الإخوان، والبدأة بها قبل السؤال،
وتعجيلها وتصغيرها [في نفسه] وسَترُها،
ويجب شكر المنعِم بها ويحرم كفرانها.
ويُكره أن يتصدّق
بجميع ماله إلَّا مع وثوقه بالصبر ولا عيالَ له، وصدقة المديون بالمُجحِف [أي
بما يشقّ عليه]، والصدقة مع التضرّر بها والمَنِّ بها،
والسؤال لغير الله، فمَن فتح باب مسألة فتح اللهُ عليه باب فقر، وقال زين العابدين
عليه السّلام: «مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ اضْطُرَّ إلى السُّؤالِ مِنْ حَاجَة»،
وإظهار الحاجة وشكاية الفقر، ولو اضطُرّ إلى المسألة فلا كراهة.
وتُملَّك [الصدقة]
بالإيجاب والقبول والقبض وإنْ كان بالفعل، ولا بدّ
فيها من نيّة القُربة، ولا يصحّ الرجوع فيها بعد القبض لرَحِمٍ كانت أو لأجنبيّ،
وجوّز الشيخ [الطوسي] الرجوعَ
فيها وهو بعيد. والصدقةُ سرّاً أفضل، إلَّا أن يُتَّهم بترك المواساة أو يَقصد
اقتداء غيره به، أمّا الواجبة فإظهارها أفضل مطلقاً.
(مختصَر)
___________________________________
* من كتابه (الدروس
الشرعية في فقه الإمامية)