من كتاب (النجم الثاقب) للمحدّث الطبرسي
أعمال لرؤية المعصوم أو
الميت في المنام
____ إعداد: «شعائر»
____
في
سياق كلامه عن الأعمال والآداب التي قد يتمكّن الإنسان ببركتها من أن يصل لشرف اللّقاء
بالإمام الحجّة صلوات الله عليه، ذكر المحدّث الفقيه الشيخ حسين النوري الطبرسي في
الجزء الثاني من (النجم الثاقب) أعمالاً خاصّة «لأجل الحاجة المذكورة، سواء كانت
مختصّة بإمام الزمان عليه السلام أو لباقي الأئمّة، بل الأنبياء عليهم السلام..».
هذا
المقال يتضمّن عملين اثنين من الأعمال المشار إليها، رواهما المحدّث الطبرسيّ عن
الجنّة الواقية/ المصباح) للشيخ الكفعمي، وعن (الاختصاص) للشيخ المفيد رضوان الله
تعالى عليهم أجمعين.
1- قال الشّيخ إبراهيم الكفعمي في (الجنّة
الواقية): «.. رأيت في بعض كُتب أصحابنا أنّه مَنْ أراد رؤية أحدٍ من الأنبياء
والأئمّة عليهم السلام، أو الناس، أو الوالدَين في نومه، فليقرأ (الشّمس)، و(الليل)،
و(القدر)، و(الجحد = الكافرون)، و(الإخلاص)، و(المعوّذتين)، ثمّ يقرأ (الإخلاص) مئةَ
مرّة، ويصلّي على النّبيّ وآله مئةً، وينام على الجانب الأيمن على وضوئه، فإنّه
يرى مَن يريده إن شاء الله، ويكلّمهم بما يريد من سؤالٍ وجواب.
ورأيت في نسخة أخرى هذا بعينه، غير أنّه
يفعل ذلك سبعَ ليالٍ بعد (هذا الدعاء..): (اللّهُمَّ
أَنْتَ الحَيُّ الَّذي لا يُوصَفُ وَالإيمانُ يُعْرَفُ مِنْهُ، مِنْكَ بَدَأَتِ الأشْياءُ
وَإلَيْكَ تَعُودُ، فـَمَا أَقْبَلَ مِنْها كُنْتَ مَلْجَأَهُ وَمَنْجَاهُ، وَما
أَدْبَرَ مِنْها لَمْ يَكُنْ لَهُ مَلْجَأٌ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلاّ إلَيْكَ،
فَأَسْأَلُكَ بِلا إلهَ إِلاّ أَنْتَ، وَأَسْأَلُكَ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ
الرَّحيمِ، وَبِحَقِّ حَبيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ سَيِّدَ
النَبِيّينَ، وَبِحَقِّ عَلِيٍّ خَيْرِ الوَصِيّينَ، وَبِحَقِّ فَاطِمَةَ
سَيِّدَةِ نِسَاءِ العَالَمِينَ، وَبِحَقِّ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ اللَّذَينِ
جَعَلْتَهُما سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ السَّلامُ،
أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَريَني مَيِّتِي فِي الحَالِ
الَّتِي هُوَ فِيهَا)».
* ولا يخفى أنّ هذا الدعاء رواه السيّد
عليّ بن طاوس في كتاب (فلاح السائل) بإسناده إلى بعض الأئمّة عليهم السلام، قال:
«إذا أردتَ أن ترى قتيلاً، فبِتْ على طُهر،
واضطجع على يمينك، وسبّح تسبيح فاطمة عليها السلام، ثمّ قل: (اللّهُمَّ أَنْتَ الحَيُّ الَّذي لا يُوصَفُ...) إلخ».
* وقال الشّيخ الطوسي في (مصباحه):
«ومن أراد رؤية ميّتٍ في منامه فليقل: اللّهُمَّ أَنْتَ الحَيُّ الَّذي لا يُوصَفُ
[إلى آخر الدعاء المتقدّم]
فإنّك تراه إن شاء اللهُ تعالى».
ومقتضى عموم صدر الخبر، فإنّ الدعاء يُقرأ
لرؤية كلّ ميّت حتّى الأنبياء والأئمّة عليهم السلام، حيّاً أو ميّتاً، فعلى مَنْ
يقرأ هذه النّسخة أن يبدل آخر الدعاء بما يناسب مقام الإمام الحيّ والنبيّ الحيّ،
بل الظاهر أن يغيّر فيه سواء كان النبيّ أو الإمام حيّاً أو ميتاً، ويؤيّده ما في
كتاب (تسهيل الدواء) أنّه قال بعد ذكر الدعاء المتقدّم:
«وذكر مشايخنا رضوان الله عليهم أنّ من
أراد أن يرى أحداً من الأنبياء أو أئمّة الهدى صلوات الله عليهم، فليقرأ الدعاء
المذكور، إلى قوله: أن تصلّي على محمّدٍ وآل محمّدٍ،
ثمّ يقول: أن تريني فلاناً، ويقرأ بعده سورة (الشمس)، و(الليل)، و(القدر)، و(الجحد)،
و(الإخلاص) و(المعوذتين)، ثمّ يقرأ مائة مرّة سورة (التّوحيد)، فكلّ مَن أراده
يراه ويسأله ما أراده، ويُجيبه إن شاء الله تعالى».
***
2- روى الشيخ المفيد رحمه الله في (الاختصاص)
عن أبي المغرا، عن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: «سمعتُه يقول: مَنْ
كَانَتْ لَهُ إِلَى اللهِ حَاجَةٌ، وأَرَادَ أَنْ يَرانَا، وَأَنْ يَعْرِفَ مَوْضِعَهُ
مِنَ الله، فَليَغْتَسِلْ ثَلاثَ لَيَالٍ يُنَاجِي بِنَا، فَإِنَّهُ يَرَانَا، ويُغْفَرُ
لَهُ بِنَا، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَوْضِعُه».
وإنّ هذا الغسل المذكور في هذا الخبر هو
من الأغسال المستحبّة التي ذكرها الفقهاء رضوان الله عليهم، كما ذكره العلّامة
الطباطبائي بحر العلوم، رحمه الله، في (منظومته) في ضمن غايات الغسل:
ورُؤيَة
الإمامِ في المَنامِ
|
لِدَرْكِ
مَا يقصدُ مِنْ مَرَامِ
|
والظاهر بل المقطوع به أنّ نظر السيّد
إلى هذا الخبر كما صرّح به صاحب (المواهب) وغيره.
ولكنّ المحقّق الجليل والعالم النبيل
جناب الآقا الآخوند الملا زين العابدين الكلبايكاني رحمه الله، قال في (شرح
المنظومة) بعد أن ذكر البيت المذكور: «يدلّ عليه الحديث النبويّ المرويّ في (الإقبال)
في أعمال النصف من شعبان، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال: (مَنْ
تَطَهَّرَ لَيلَةَ النّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَأَحْسَنَ الطُّهْرَ.. إلى أن
يقول صلّى الله عليه وآله: ثُمَّ إِنْ سَأَلَ أَنْ يَرانِي مِنْ لَيْلَتِهِ رَآنِي).
وإنْ كان ظاهر هذا الخبر أنّه مختَصٌّ
به صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولكنّه يجري في باقي الأئمّة عليهم السلام، لِما في
بعض الأخبار أنّ منزلتهم عليهم السّلام، بمنزلته صلّى الله عليه وآله وسلّم، فيجري
بحقّهم ما يجري بحقّه».
وهذا كلامٌ متين، فإنّ عمومات المنزلة
تفي فتشمل هذه الموارد. أما أنّ هذا الخبر ليس هو مراد السيّد رحمه الله بهذا
البيت ليتكلّف بدخول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في موارده، ولو أنّ رسول
الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، إمامٌ أيضاً حقيقةً، ولكنّه غير متعارف في
ألْسِنة الفقهاء والمحدّثين بل جميع المتشرّعين، إطلاقُه عليه، صلّى الله عليه
وآله وسلّم، وبناءً على عموم المنزلة الذي ذكره فلا يُستبعَد ذلك.