الغِيبة
____
الفقيه الكبير (صاحب الجواهر)، الشيخ محمّد حسن النجفي قدّس سرّه ____
حول
المعنى اللغويّ لـ(الغِيبة) ورد في معاجم اللّغة التعريفات التالية:
*
في (القاموس المحيط) للفيرزآبادي: «غابَه:
عابَه وذكرَه بما فيه من السّوء»، ضرورةَ غلَبة الكراهة لو سمع ذلك.
*
وفي (المصباح المنير): «اغتابَه إذا ذكرَه بما يكرهُه من العيوب، وهو حقّ».
*
وفي(الصّحاح)، و(مجمع البحرين): «أن يتكلّم خلفَ إنسان مستور بما يغمّه لو سمعَه».
وأمّا
المعنى الشرعيّ:
فقد
ورد في الخبر المرسَل عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: «أَتَدْرُونَ مَا الغِيبَة؟
فقالوا:
الله ورسوله أعلم.
قال:
ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ.
قيل:
أَرأيتَ إنْ كان في أخي ما أقول؟
قال:
إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ
بَهَتَّهُ»، ونحوه خبر وصايا أبي ذرّ.
وفي
رسالة ثاني الشهيدَين أنّ في الاصطلاح لها تعريفَين:
الأول
(وهو المشهور): «ذِكرُ الإنسان حالَ غَيبته بما يكرهُ نسبتَه إليه ممّا يُعَدّ
نقصاناً في العُرف، بقصد الانتقاص والذمّ».
والثاني:
«التنبيهُ على ما يكره نسبتَه إليه».
وقال
الشهيد الثاني في هذا الأخير: «وهو أعمّ من الأول لشمول مورده اللّسانَ، والإشارةَ،
والحكايةَ، وغيرها، وهو أَولى لما سيأتي من عدم قَصر الغِيبة على اللّسان».
قلت:
قد صرّح بذلك غيره أيضاً. ويؤيّده ما رُوي عن عائشة، إنّها قالت: «دخلتْ علينا
امرأةٌ، فلمّا وَلَّتْ أومأتُ بيَدي، أي قصيرة، فقال صلّى الله عليه وآله: اغْتَبْتيها».
بل
المعلوم أنّ حُرمتَها بالقول باعتبار إفادته السامع ما يُنقصه ويَعيبه [الضمير عائد للمغتاب
اسم مفعول] وتفهيمُه [الضمير عائد إلى السامع]
ذلك، وحينئذٍ فيعمّ الحكم كلّ ما يفيد ذلك، من الكتابة التي هي إحدى اللِّسانيْن،
والحكاية التي هي أبلغ في التفهيم من القول والتعريض والتلويح وغيرها، بل لعلّ
التعريف الأوّل أيضاً كذلك، ضرورة إرادة الأعمّ من القول بالذِّكر، إذ دعوى أنّه
بمعنى القول واضحة المنع.
وكذا
لا فرق في ما ينقصه بين تعلّقه بالبدن والنَّسَب والخَلق والفعل والقول والدين والدنيا،
بل والثوب والدابّة والدار، كما أشار إلى ذلك الصّادق عليه السلام بقوله: «وُجُوهُ
الغِيبَةِ تَقَعُ بِذِكْرِ عَيْبٍ فِي الخَلْقِ، وَالخُلُقِ، وَالعَقْلِ، وَالفِعْلِ،
وَالمُعَامَلَةِ، وَالمَذْهَبِ، وَالجَهْلِ، وَأَشْبَاهِه».
نعم،
ظاهر المشهور اعتبارُ الغَيبة فيها – أي في الغِيبة - كما هو صريحُ ما سمعتَه من (الصحاح)،
ولا بأس به. وإنْ كان ذِكرُ ذلك في حال الحضور مساوياً له في الحُرمة، أو أشدّ؛ للإيذاء
الفعليّ والتبكيت ونحوهما، كما أن الظاهر أيضاً اعتبارُ وجود العيب فيه فيها، وإلّا
كان بُهتاناً...
_____________________________________
*
من الموسوعة الفقهيّة الأشهر: (جواهر الكلام) - بتصرّف