دعاء الإمام الصادق عليه السلام عند الشدائد
____ رواية السيّد ابن طاوس قدّس سرّه ____
من أدعية الإمام الصادق عليه السلام في الشدائد، ما رواه سيّد
العلماء المراقبين السيّد ابن طاوس في (مهج الدعوات)، قال: «كان الإمام الصادق
عليه السلام، إذا ألمّت به شدّة أو محنة فزع إلى الله، وتضرّع إليه، وكشف عن
ذراعيه، وانتحب باكياً، ودعا بهذا الدعاء الجليل»:
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْ أُلْقِيَ بِيَدِي وأُعِينَ عَلَى
نَفْسِي وأُخَالِفَ كِتَابَك،َ وقَدْ قُلْتَ: ﴿..ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ..﴾
﴿.. فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ..﴾، لَمَا انْشَرَحَ
قَلْبِي ولِسَانِي لِدُعَائِكَ والطَّلَبِ مِنْكَ، وقَدْ عَلِمْتَ مِنْ نَفْسِي
فِيمَا بَيْنِي وبَيْنَكَ مَا عَرَفْتَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَعْظَمُ جُرْماً مِنِّي وقَدْ
سَاوَرْتُ مَعْصِيَتَكَ الَّتِي زَجَرْتَنِي عَنْهَا بِنَهْيِكَ إِيَّايَ، وكَاثَرْتُ
الْعَظِيمَ مِنْهَا الَّتِي أَوْجَبْتَ النَّارَ لِمَنْ عَمِلَهَا مِنْ خَلْقِكَ، وكُلَّ
ذَلِكَ عَلَى نَفْسِي جَنَيْتُ وإِيَّاهَا أَوْبَقْتُ، إِلَهِي فَتَدَارَكْنِي
بِرَحْمَتِكَ الَّتِي بِهَا تَجْمَعُ الْخَيْرَاتِ لِأَوْلِيَائِكَ، وبِهَا
تَصْرِفُ السَّيِّئَاتِ عَنْ أَحِبَّائِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
التَّوْبَةَ النَّصُوحَ فَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وارْحَمْ عَبْرَتِي، وأَقِلْنِي
عَثْرَتِي. (غافر:60) (البقرة:186)
اللَّهُمَّ لَوْلَا رَجَائِي لِعَفْوِكَ لَصَمَتُّ عَنِ
الدُّعَاءِ، ولَكِنَّكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَا إِلَهِي غَايَةُ الطَّالِبِينَ، ومُنْتَهَى
رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ، واسْتَعَاذَةِ الْعَائِذِينَ، اللَّهُمَّ فَأَنَا
أَسْتَعِيذُكَ مِنْ غَضَبِكَ وسُوءِ سَخَطِكَ وعِقَابِكَ ونَقِمَتِكَ، ومِنْ
شَرِّ نَفْسِي، وشَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ،
وأَسْأَلُكَ الْغَنِيمَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي بِالْعَافِيَةِ أَبَداً مَا
أَبْقَيْتَنِي، وأَسْأَلُكَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ والرَّحْمَةَ إِذَا
تَوَفَّيْتَنِي، فَإِنَّكَ لِذَلِكَ لَطِيفٌ وعَلَيْهِ قَادِرٌ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ كُلَّ حَاجَةٍ لَا
يُجِيرُنِي مِنْهَا إِلَّا أَنْتَ، يَا مَنْ هُوَ عُدَّتِي فِي كُلِّ عُسْرٍ ويُسْرٍ،
يَا مَنْ هُوَ حَسَنُ الْبَلَاءِ عِنْدِي، يَا قَدِيمَ الْعَفْوِ عَنِّي، إِنَّنِي
لَا أَرْجُو غَيْرَكَ، ولَا أَدْعُو سِوَاكَ، إِذَا لَمْ تُجِبْنِي، اللَّهُمَّ
فَلَا تَحْرِمْنِي لِقِلَّةِ شُكْرِي، ولَا تُؤْيِسْنِي لِكَثْرَةِ ذُنُوبِي،
فَإِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ.
إِلَهِي أَنَا مَنْ قَدْ عَرَفْتَ، بِئْسَ الْعَبْدُ أَنَا،
وخَيْرُ الْمَوْلَى أَنْتَ؛ فَيَا مَخْشِيَّ الانْتِقَامِ، ويَا مَرْهُوبَ
الْبَطْشِ، يَا مَعْرُوفاً بِالْمَعْرُوفِ، إِنّي لَيْسَ أَخَافُ مِنْكَ إِلَّا
عَدْلَكَ، ولَا أَرْجُو الْفَضْلَ والْعَفْوَ إِلَّا مِنْ عِنْدِكَ، وأَنَا
عَبْدُكَ ولَا عَبْدَ لَكَ أَحَقُّ بِاسْتِيجَابِ جَمِيعِ الْعُقُوبَةِ وبِذُنُوبِي
مِنِّي، ولَكِنِّي وَسِعَنِي عَفْوُكَ وحِلْمُكَ، وأَخَّرْتَنِي إِلَى الْيَوْمِ،
فَلَيْتَ شِعْرِي يَا إِلَهِي لِأَزْدَادَ إِثْماً أَخَّرْتَنِي، أَمْ لِيَتِمَّ
لِي رَجَائِي مِنْكَ ويَتَحَقَّقَ حُسْنُ ظَنِّي بِكَ، فَأَمَّا بِعَمَلِي فَقَدْ
أَعْلَمْتُكَ يَا إِلَهِي أَنَّنِي مُسْتَحِقٌّ لِجَمِيعِ عُقُوبَتِكَ بِذُنُوبِي،
غَيْرَ أَنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، وأَنْتَ بِي أَعْلَمُ مِنْ نَفْسِي، وعِنْدَ
أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ رَجَاءُ الرَّحْمَةِ، فَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ لَا
تُشَوِّهْ خَلْقِي بِالنَّارِ، ولَا تَقْطَعْ عَصَبِي بِالنَّارِ يَا اللهُ، ولَا تَفْلِقْ
قِحْفَ رَأْسِي بِالنَّارِ يَا رَحْمَنُ، ولَا تُفَرِّقْ بَيْنَ أَوْصَالِي
بِالنَّارِ يَا كَرِيمُ، ولَا تُهَشِّمْ عِظَامِي بِالنَّارِ يَا عَفُوُّ، ولَا
تَصِلْ شَيْئاً مِنْ جَسَدِي بِالنَّارِ، يَا رَحْمَنُ، عَفْوَكَ عَفْوَكَ، ثُمَّ
عَفْوَكَ عَفْوَكَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُكَ، وأَنْتَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
يَا مُحِيطاً بِمَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ، ومُدَبِّرَ
أُمُورِهِمَا أَوَّلِهَا وآخِرِهَا، أَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ وآخِرَتِي، وأَصْلِحْ
لِي نَفْسِي ومَالِي ومَا خَوَّلْتَنِي، يَا اللهُ خَلِّصْنِي مِنَ الْخَطَايَا،
يَا اللَّهُ مُنَّ عَلَيَّ بِتَرْكِ الْخَطَايَا، يَا رَحِيمُ تَحَنَّنْ عَلَيَّ
بِفَضْلِكَ، يَا عَفُوُّ تَفَضَّلْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ، يَا حَنَّانُ جُدْ عَلَيَّ
بِسَعَةِ عَافِيَتِكَ، يَا مَنَّانُ امْنُنْ عَلَيَّ بِالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ،
يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ أَوْجِبْ لِيَ الْجَنَّةَ الَّتِي حَشْوُهَا
رَحْمَتُكَ وسُكَّانُهَا مَلَائِكَتُكَ، يَا ذَا الْجَلَالِ والْإِكْرَامِ
أَكْرِمْنِي ولَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ عَلَيَّ سَبِيلًا أَبَداً مَا
أَبْقَيْتَنِي، فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ، وأَنْتَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ، لَكَ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وأَنْتَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ.