تالي العصمة علماً وعملاً

تالي العصمة علماً وعملاً

03/07/2011

شيخ الفقهاء والمجتهدين الشيخ مرتضى الأنصاري

إعداد: أكرم زيدان

* كان المحقّق النراقي لا يملّ من مذاكراته، وقال: «لقيتُ خمسين مجتهداً لم يكن أحدهم مثله».
* أكثر المجتهدين والعلماء المُحقّقين -ما بين أواسط القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر- من تلامذته.
* نظراً لما قدّمه من أبحاث فقهية وأصوليّة متجدّدة، فقد استحقّ لقب «الشيخ»، وهو اللّقب الذي أُطلق من قبل على شيخ الطائفة الطوسي حصراً.
* قال فيه أحد تلامذته: «هو تالي العصمة علماً وعملاً..».
ما يلي، خلاصة مُكثّفة لسيرة الفقيه الإمام الشيخ مرتضى الأنصاري قدّس سرّه، صاحب كتابَي (الرسائل) و(المكاسب).


هو الشيخ مرتضى ابن الشيخ محمّد أمين ابن الشيخ مرتضى التستري الدزفولي الأنصاري، وينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه. وُلد يوم عيد الغدير الأغرّ في الثامن عشر من شهر ذي الحجّة سنة (1214ﻫجريّة/ 1793م) بمدينة دزفول في إيران، وكان والده الشيخ محمد أمين من العلماء العاملين ومن وجهاء مدينته، وله -إلى الشيخ مرتضى- ابنان آخران هما الشيخ منصور، وكان فقيهاً أصوليّا حافظاً للقرآن الكريم، والشيخ محمد صادق، وكان عالماً جليل القدر فاضلاً زاهداً.
أمّا والدته فكانت من العابدات في زمانها، بحيث لم تترك نوافل الليل إلى آخر عمرها، وكانت قد رأت قُبيل ولادة الشيخ مرتضى الإمامَ الصادق عليه السلام في منامها وقد أعطاها مُصحفاً مُذهّباً.


الدّراسة

قرأ الشيخ الأنصاري بدايةً على عمّه الشيخ حسين من وجوه علماء دزفول، ثمّ خرج مع والده إلى زيارة مشاهد العراق وهو في العشرين من عمره، فورد كربلاء وكانت المرجعيّة العلميّة فيها لكلٍّ من السيّد محمد المجاهد وشريف العلماء الشيخ المازندراني، فرغب السيّد المجاهد إلى والده أن يتركه في كربلاء للتحصيل، وكان ذلك إثر مباحثة علميّة طرح فيها الشيخ مرتضى الأنصاري الأدلّة على وجوب إقامة صلاة الجمعة في زمن الغيبة، ثمّ شرع في الرّد على الأدلّة إيّاها.  
بقي الشيخ الأنصاري في كربلاء المقدّسة مدّة أربع سنوات يأخذ عن السيّد المجاهد وشريف العلماء إلى أن حوصرت المدينة بجنود داود باشا العثماني فتركها العلماء والطلّاب -وفي جملتهم الشيخ الأنصاري- إلى مشهد الكاظمين عليهما السلام، ثمّ عاد منها إلى وطنه حيث بقي زهاء سنتين أمضاهما في التطواف على البلدان للقاء العلماء والأئمّة، ثمّ عاد إلى كربلاء وأقام فيها سنة يختلف إلى شريف العلماء.
بعد ذلك بعام واحد، وتحديداً سنة 1239 هجريّة خرج الشيخ الأنصاري إلى النجف الأشرف فأخذ عن الفقيه الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء سنةً أو أكثر، ثمّ عزم سنة 1240 هجريّة على زيارة مشهد الإمام الرضا عليه السلام في خراسان، مارّاً في طريقه على مدينة كاشان الإيرانيّة حيث فاز بلقاء أستاذه المحقّق الشيخ أحمد النراقي صاحب (مستند الشيعة) ممّا دعاه إلى الإقامة فيها نحو ثلاث سنين مضطلعاً بالدرس والتأليف.
ونُقل أنّ المحقّق النراقي كان لا يملّ من مذاكراته ومباحثته، وقال: «لقيتُ خمسين مجتهداً لم يكن أحدهم مثل الشيخ مرتضى..».
سنة 1244 هجريّة عاد الشيخ الأنصاري إلى وطنه دزفول، فأقام فيه خمس سنوات، ثمّ خرج إلى النجف الأشرف سنة 1249 هجريّة أيّام مرجعيّة الشيخ علي كاشف الغطاء ابن الشيخ جعفر والشيخ محمد حسن النجفي صاحب (الجواهر)، فاختلف الشيخ الأنصاري إلى مدرسة الشيخ علي عدّة اشهر، وكان يحضر مجلس درس الشيخ النجفي تبرُّكاً واحتراماً، ثمّ انفرد واستقلّ بالتدريس والتأليف.
وإضافة إلى الفقهاء الأعلام الذين سبقت الإشارة إليهم، فقد ذُكِر كلٌّ من السيد صدر الدين العاملي، والشيخ محمد سعيد الدينوري، في جملة مشايخه في القراءة والرواية.

تلامذته

كان الشيخ الأنصاري يُملي دروسه في الفقه والأصول صباح ومساء كلّ يوم في الجامع الهندي، حيث كان يغصّ فضاؤه بما ينيف على الأربعمائة من العلماء والفقهاء. ولو تفحّصنا في الفترة ما بين أواسط القرن الثالث عشر وأوائل القرن الرابع عشر لوجدنا أكثر المجتهدين والعلماء المُحقّقين من تلامذته، ومن أبرزهم:
السيّد محمّد حسن الشيرازي المعروف بالشيرازي الكبير، وكان عازماً على العودة إلى إيران، فلمّا التقى بالشيخ الأنصاري عدل وبقي في النجف الأشرف، الشيخ محمّد الإيرواني المعروف بالفاضل الإيرواني، الشيخ محمّد كاظم الخراساني المعروف بالآخوند، الشيخ محمّد طه نجف، الشيخ حسين النوري الطبرسي (خاتم المحدّثين)، الشيخ حسين قلي الهمداني، الشيخ عبدالله نعمة العاملي، الشيخ حسين البعلبكي اليونيني، الميرزا حبيب الله الرشتي، الشيخ محمود الميثمي الذي كتب تقرير أبحاث الشيخ الأنصاري وسمّاه (لوامع النكات)، السيّد محمد كاظم اليزدي صاحب (العروة الوثقى)، الشيخ محمد حسن المامقاني، الميرزا أحمد ابن الملّا فيض الكاشاني، السيد محمد حسين الكوهكمري، والذي كان مجتهداً يُدرّس البحث الخارج، فلمّا تبيّن له أنّ الشيخ الأنصاري أعلم منه، تحوّل هو وطلّابه لحضور درسه رضوان الله عليهم أجمعين.

الموقع العلمي والمؤلّفات

يُعدُّ الشيخ مرتضى الأنصاري إماماً مؤسِّساً لِعلمَي الفقه والأصول في عصره، ومنه انطلقت التحقيقات الجديدة والإستنباطات التي لم يسبق إليها سابق، فهو مجدِّد الحركة العلميّة في مدينة النجف الأشرف في القرن الثالث عشر الهجري، وأوصل مدرستها الأصولية الحديثة إلى طور جديد، وبقيت مصنّفاته مدار التدريس حتى يومنا هذا، وشذَّ مَن لم يُعلّق عليها من مشاهير العلماء بعده.
ومن المُسلّم به في الوسط العلميّ أنّ كُتب الشيخ الأنصاري في الأصول والفقه تُدهش الواقف عليها وعلى ما فيها من الدقائق العجيبة والتحقيقات الغريبة، مع لزوم الجادة المستقيمة والسليقة المعتدلة. ونظراً لما قدّمه من أبحاث فقهية وأصوليّة متجدّدة، فقد استحقّ عليها لقب «الشيخ»، وهو اللّقب الذي أُطلق على شيخ الطائفة الطوسي، فلمّا أُطلق على الشيخ الأنصاري بقي ملازماً له، حتّى قيل: «هو الشيخ بقول مُطْلق في عرف فقهائنا المتأخِّرين».
هذا، وتمتاز مصنّفات الشيخ الأنصاري بالدقة المتناهية في العبارة، وفيها إحاطةٌ بالمسألة من إشكالاتها الأصوليّة والفقهيّة والكلاميّة كافّة، ما جعل الدليل الذي يسوقه دليلاً قويّاً يصعب دفعُه.

ومن أبرز مؤلّفاته -التي ناهزت الخمسين- في الفقه والأصول:

* (المكاسب) أو (المتاجر): تضمّن هذا الكتاب جملة من الفوائد المهمّة المتعلّقة بالبيع وسائر المعاملات وغيرها، وهو بمنزلة أطروحات عالية يقدّمها أعظم متخصص، لذلك تشبه جولات عامة في الفقه وقواعده مع إحاطة شاملة وإيجاز في المطالب واستقراء تام.

* (الرسائل): ويُعرف أيضاً باسم (الفرائد) أو (فرائد الأصول)، وهو كتاب في الأصول العمليّة، يشتمل على جملة مهمة من مباحث القطع والظنّ والشكّ. يقول السيد محسن الأمين العاملي: «وفيه [الرسائل] أورد الشيخ الأنصاري الأدلة من السُنّة وغيرها على صحّة العمل بظواهر الكتاب، وذكر البراهين الكافية على الأخذ بدليل العقل القاطع الكاشف عن الحكم الشرعي، أما الإجماع فقد طعن فيه ومزّقه تمزيقاً».

* عشرات الرسائل في العدالة، والقضاء عن الميت، والمواسعة والمضايقة، وفي من ملك شيئاً ملك الإقرار به، وفي قاعدة «لا ضرر»، وفي حجيّة الظن والقطع والبراءة والاستصحاب، وأصل البراءة والاحتياط، والتعادل والتراجيح، والإجماع، والرد على القائلين بأنّ الأخبار قطعيّة الصدور، وإثبات التسامح في أدلّة السُنن، وغيرها.

* شرح (شرائع الإسلام) للمحقّق الحلّي أبي القاسم نجم الدين، وشرح (إرشاد الأذهان) للعلّامة الحلّي أبي منصور الأسدي.

* رسالتان عمليّتان جمعهما بعض المتأخّرين عنه تحت عنوان: (سرور العباد) و(صراط النجاة).

* حواشي على (قوانين الأصول) للمحقّق القمّي و(عوائد الأيّام) لأستاذه النراقي، و(نجاة العباد) لصاحب (الجواهر).
وقد علّق على كتب الإمام الشيخ مرتضى الأنصاري، خصوصاً كتابيه (الرسائل) و(المكاسب) عددٌ كبيرٌ من تلاميذه كالآخوند الخراساني، والسيد محمد كاظم اليزدي، والشيخ محمد حسن المامقاني وغيرهم.
وللشيخ الأنصاري كتاب في الرجال، اقتصر فيه على نقْل ما في كتاب (الخلاصة) للعلّامة الحلّي، ورجال النجاشي ورجال الكشي. قال الشيخ الطهراني في (الذريعة): «إنّ رجال الشيخ مرتضى الأنصاري، جمع فيه الثُّقات والممدوحين الذين كان يعمل برواياتهم..».

أقوال العلماء في حقّه

1ـ الشيخ أحمد النراقي في إجازته له: «العالم النبيل والمهذّب الأصيل، الفاضل الكامل والعالم العامل». وقال أيضاً: «استفادتي من هذا الشاب، أكثر من إفادتي له».

2ـ المحدّث النوري الطبرسي: «ومن آثار إخلاص إيمانه وعلائم صدق ولائه -أي جابر بن عبد الله الأنصاري- أنْ تفضّل الله تعالى عليه وأخرج من صُلبه مَن نصر الملّة والدين بالعلم والتحقيق والدقّة، والزهد والورع والعبادة والكياسة..».

3ـ الشيخ عباس القمّي: «الشيخ الأجلّ الأعظم الأعلم العالم الزاهد، ".." خاتم الفقهاء والمجتهدين، وأكمل الربّانيين من العلماء الراسخين ".." المُنتهي إليه رئاسة الإمامية في العلم والورع والاجتهاد والتقى، العالم الربّاني، والمحقّق بلا ثاني».
 
4- الميزرا حبييب الله الرشتي: «هو تالي العصمة علماً وعملاً..».

5- السيّد محسن الأمين العاملي: «الأستاذ الإمام المؤسّس، شيخ مشايخ الإماميّة ".." وضع أساس علم الأصول الحديث عند الشيعة ".." وإليها [كُتُبه] يعود الفضل في تكوين النهضة العلميّة الأخيرة في النجف الاشرف ".." وعاش مع ذلك عيشة الفقراء المُعدمين، متهالكاً في إنفاق كلّ ما يُجلَب إليه على المحاويج من الإماميّة في السرّ خصوصاً، غير مُريدٍ للظهور والمُباهاة بجميع ذلك، حتى لم يبق لوارثه ما له ذِكرٌ قطّ».

6- الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه (علم الأصول في ثوبه الجديد): «فقد بذلت أقصى ما أملك من جهد بخاصّة من أجل تفهُّم أقوال الشيخ الأنصاري وتفهيمها بأوضح عبارة ".." كلّ من كتب في الأصول العمليّة بعد الشيخ الانصاري فقد اغترف من بحره الزاخر..».

المرجعيّة

عندما مرض الشيخ محمّد حسن النجفي قدّس سرّه صاحب (الجواهر) عام 1266ﻫجريّة مرض الموت، أمر بحضور جميع العلماء عنده، فحضر الجميع إلّا الشيخ الأنصاري، ولمّا بحثوا عنه وجدوه في حرم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يدعو لصاحب للشيخ النجفي بالشفاء، وعند انتهائه من الدعاء حضر عند الشيخ النجفي، فأجلسه إلى جواره، وأخذ بيده وَوَضَعها على قلبه وقال: «الآن طاب لي الموت».
ثمّ قال للحاضرين: «هذا المرجع من بعدي»، وقال للشيخ الأنصاري: «قلّل من احتياطاتك، فإنّ الشريعة سَمحة سهلة»، وهذا العمل من صاحب الجواهر ليس إلّا للتعريف بشخصيّة الشيخ الأنصاري وأعلميّته.
وبعد وفاة الشيخ النجفي، امتنع الشيخ الأنصاري عن الإفتاء، وأرسل إلى سعيد العلماء الشيخ محمّد سعيد المازندراني: «لمّا كنّا في كربلاء نحضر درس شريف العلماء كانت استفادك وفهمك أكثر منّي، فالآن الأولى لك أن تأتي إلى النجف وتستلم هذا الأمر المهم».
فأجابه سعيد العلماء: «قولك صحيح، لكنّك كنت في هذه المدّة مشغولاً بالدرس والتدريس والمباحثة، وأنا تصدّيت لأمور الناس، فأنت أولى منّي».
فلمّا وصلت رسالة سعيد العلماء إليه ذهب إلى حرم أمير المؤمنين عليه السلام وطلب منه أن يحفظه من الوقوع في الخطأ والزلل. وقد شاهده أحد خُدّام حرم الأمير وقت السحر واضعاً خدّه على الضريح المقدّس يبكي بكاء المُتفجّع ويتوسّل الإمام عليه السلام ليُعينه على أداء هذه المهمّة الخطيرة

التقوى والزهد

يُرجّح بعض المتتبّعين لسيرة الشيخ الأنصاري رضوان الله عليه، أنّ مزيّتَي الزهد والتُّقى اللّتين تجلّتا في شخصيّته، دفعتا صاحب (الجواهر) إلى ترشيحه للمرجعيّة من بعده. لا يعني ذلك التقليل من مكانته العلميّة التي لا تُبارى، إلى حدِّ أنّه استحقّ عليها -في جملة ما استحقّ- لقب «الشيخ» بلا منازع، لكنّ «مخالفة الهوى» بأبهى صورها اقترنت عنده بالفقاهة التي «لم يسبقه إليها سابق» فصار لزاماً على العوامّ أن يُقلّدوه.
كان الشيخ مرتضى الأنصاري مصداقاً لجميع مكارم الأخلاق، اقتداءً منه بالنبيّ الأكرم وآل بيته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، وهذه المكارم تجلّت في سيرته الشخصيّة بين أربعة جدران بيته، كما في سيرته العامّة مرجعاً للإماميّة في شرق الأرض وغربها، الأمر الذي لم يحُل دون أن يعيش عيشة أدنى الفقراء، فيكتفي من القوت بما يسدّ رمقه وعياله.
وعندما طالبته زوجته بأن يُخصّص مبلغاً أكبر من المال لتأمين احتياجات المنزل الضروريّة جدّاً، طلب إليها أن تغسل ثوبه، ثمّ أمرها أن تشرب غسالته القذرة، فلمّا أبَت وبدا منها الإشمئزاز، قال لها إنّ التصرّف في الأموال الشرعيّة عنده بمثابة شرب هذه الغسالة.
وكان إذا وصلته هديّة ثمينة، بادر إلى بيعها فوراً وتفريق المال على الفقراء، حتّى أنّه كان يخرج إلى بيوتهم سرّاً ويُعطيهم ما يحتاجونه من دون أن يُعرّفهم بنفسه، وكان يُرسل من خالص ماله لفكاك أسر زوّار المشهد الرضوي الذين يأسرهم العثمانيّون في الطريق.
وعندما طالبه بعض التجّار بتسديد ثمن الحنطة التي استلفها منه، استمهله أيّاماً ريثما يبيع السجّادة التي يقعد عليها.
هذا كلّه والأموال تُجبى إليه من كلّ مكان، وعلى ملّة الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام، كان يردُّ منها ما خالطه الحرام أو الشبهة. فها هي أموال الهند تُجبى إليه على كثرتها، فيرفضها لأنها مودعة في مصرف بريطاني، والهند تحت احتلال الإنكليز.
ومن مظاهر تواضعه، أنّه كان إذا سافر عادله خادمه من حيث الزّاد والمركب وسائر شؤون السفر، وكان يُصغي لكلّ من يُكلّمه، ولو كان من أصغر الطَلَبة، وحدث أنّه رضوان الله عليه، على الرّغم من كثرة مشاغله وخطورتها، خصّص وقتاً من يومه لتدريس أحد السادة مقدّمات الدروس الحوزويّة.
يقول أحد مُعاصريه: «رأيته يوماً يمشي وعليه عباءة صوف كدرة غليظة»، ووُصف بأنّه أبيض اللّون نحيف الجسم، يميل إلى الطول، وكان رضوان الله عليه يُعاني من ضعف البصر.
هذا بعضٌ من الإمام الشيخ مرتضى الأنصاري الذي نذر نفسه للفقراء منذ كان فتىً يافعاً في دزفول، يُشاطرهم طعام عشائه، الأنصاري الذي كان يفترش عمامته ثمّ يعتمّ بها متى أراد الخروج، والذي مات فلم يترك مالاً يكفي لإقامة مأتمه، فضلاً عن أن يُورِّث أهله وعياله شيئاً.
وللشيخ الأنصاري مع سيّد الشهداء عليه السلام سرٌّ خاصّ، فقد كان يُقيم مجلس عزاء في بيته كلّ ليلة جمعة، وكان يُواظب على قراءة زيارة عاشوراء مرّتين يوميّاً، وبعد وفاته رآه أحدهم في النوم ، فسأله عن حاله ، فقال في الجواب ثلاثاً: عاشوراء، عاشوراء، عاشوراء.

وفاته ومدفنه

تُوفِّى الشيخ الأنصاري في مدينة النجف الأشرف في منتصف ليلة السبت لليوم الثامن عشر من شهر جمادى الثانية عام 1281 هجريّة/ 1860م، فصلّى عليه بوصيّةٍ منه السيّد علي الشوشتري -يقول الإمام الخميني إنّ السيّد الشوشتري كان أستاذ الشيخ الأنصاري في الأخلاق- ودُفن في الحجرة التي دُفن فيها الشيخ حسين نجف، والشيخ محسن خنفر العفكاوي، على يسار الداخل إلى الصحن الحيدري الشريف من الباب القبلي.
ولمّا سمع الناس بنبأ وفاته هاجوا بجميع طبقاتهم من كلّ حدبٍ وصوب لتشييع جثمانه، حتى اتّصل السواد من سور النجف إلى ساحل البحر، وأُقيمت له المآتم في جميع بلاد الإماميّة، ورُثي بالعربية والفارسيّة.





 

اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

03/07/2011

  كتب أجنبية

كتب أجنبية

03/07/2011

  كتب عربية

كتب عربية

03/07/2011

نفحات