من وصايا السيّد الكشميري

من وصايا السيّد الكشميري

03/07/2011

مخالطة الصالحين، والحذر من أهل الإدّعاءات الباطلة

إعداد: علي حمّود

«المدخل الحصري لتحصيل الكمالات النفسانيّة يتمثّل في التقوى والتزام الأحكام الشرعيّة». هذه هي الفكرة التي طالما شدّد عليها الفقيه العارف السيّد عبد الكريم الرّضوي الكشميري قدّس سرّه في توجيهاته الأخلاقيّة للعامّة والخاصّة.
ما يلي، القسم الأوّل من توجيهاته رضوان الله عليه، تنشره «شعائر»، بعد أن كانت نشرت ترجمته في العدد السابع/ ذي الحجّة 1431.

بدايةً لا بدّ من الإشارة إلى العناوين الرئيسة التي أكّد السيّد عبد الكريم الكشميري قُدّس سرّه على ضرورة مراعاتها في عمليّة التزكية وتهذيب النفْس من أدْران المعاصي وأوساخ الغفلة:

1- لا بدّ للسالك من أُستاذ يرشده.
2- وجوب مراقبة النفس.
3- وجوب التوسُّلات والأدعية، وهي الغذاء الدائم والمُستمرّ للسالكين.
4- لا يترقّـى مَـن أراد الدنيا والآخرة معاً.
5- الذِّكر والتفكُّـر بإرشاد الأُستاذ الحاذق يدفع بالسالك إلى الأمام بنحو أفضل وأسرع.
6- لا بدّ من المجاهدة، ولا يَصِل الكَسول إلى نتيجة.
7- ترك الأطعمة الحيوانيّة والأغذية اللّذيذة لها تأثير أفضل في تهذيب النفس.
8- ينبغي الحَذَر من كلِّ عملٍ فيه شيء من تَسخير الجنِّ وأمثال ذلك.
9- يجب نفي الخواطر بالذِّكر والتفكُّـر، للحيلولة دون نفوذ الشيطان.
10- يظهر تأثير الأذكار طبقاً للروايات بعد المداومة عليها سنة كاملة.
11- ضرورة تحصيل العلم من غير إفراط وتفريط، لأنّ الإفراط يَجلب الغرور، والتفـريط يورث الجهل.
12- إحياء اللَّيل بالعبادة، والتهجُّد بالأسحار، وهو أفضل الأوقات.
13- تلاوة القرآن وختمُه، كما أنّ قراءة ختومات بعض السُّوَر والآيات من لوازم طريق السلوك.
14- لا يقبل العرفاء الشخص المتلوِّن وأولئك الذين لا يتمتّعون بحال الحضور.
15- ينبغي الحذر من أدعياء السلوك، وكلّ من اتَّخذ السلوك حانوتاً.

التوجيهات العامّة

أوّلاً: ضرورة الأُستاذ الحقيقي للسالك: يعتقد السيِّد الكشميري أنّـه لا بدّ للسالك من أُستاذ يأخذ بيده، ويُرشده إلى ما ينبغي له عملُه في كلِّ مرحلة من مراحل الطريق. والأستاذ من اللّوازم الأوّليّة للتهذيب والجهاد الأكبر، والسُّلوك من دونه صعب جداً، لأنّ آفات النَّفس وعوارضها وشهواتها تحتاج في علاجها إلى مَن سار في هذا الطريق وكان حاذقاً فيه.
يُضيف: يسير السالك بهمّــةِ وليّ الله ونَـفَسه، حتّى يصل إلى هدفه، وكلّ حركة من غير أستاذ بصير ومطّـلع على الأمراض وعلاجها، هي بلا فائدة.
ويلتقي السيّد الكشميري في منهجه هذا مع الفقيه العارف السيّد علي القاضي حيث يقول: «لو قضى الإنسان نصف عمره في البحث عن الإنسان الكامل والأُستاذ، لم يكن عندي مَلوماً وكان عمله في محلّـه».
كما حذّر السيِّد الكشميري من الوقوع في فخّ من يدّعي مقام الأُستاذيّة، وفتح لنفسه حانوتاً يَستقطب فيه الآخرين، وكان رأيه أنّـه لا يكفي أن يكون الأُستاذ من أصحاب الكرامات أو الإستخارة الجيّدة وما إلى ذلك ممّا يركض وراءه البعض، بل يعتقد أنَّ التقوى هي المعيار الحقيقي الذي ينبغي البحث عنه في الأُستاذ، جنباً إلى جنب متانة العقيدة والإعراض عن الدنيا.
يقول الشيخ القائمي وهو أحد أبرز تلامذة السيّد الكشميري: «لقد رأيتُ عدداً من الشخصيّات الكبيرة تأتي إلى السيِّد الكشميري، ويسألونه: كيف نحصل على الكمال الفلاني؟ فيُجيبهم: تحصلون عليه بالتقوى».
هنا  يُطرح السؤال: كيف يُمكن التمييز بين الأُستاذ الحقيقي من غيره؟
ويُجيب السيّد الكشميري رضوان الله عليه بأنّ الخطوة الأولى في ذلك هي ملاحظة تطابُق أعماله مع الشرع، إذ يجب أن يكون الأُستاذ مُقيَّداً بالشريعة. والمُنحرفون من أصحاب الإدّعاءات الباطلة يُمكن تشخيصهم بمجرّد الإقتراب منهم والإطّلاع على مخالفتهم للشرع الحنيف.
يجب السَّير خطوة خطوة مع الشرع، وينبغي للإنسان من حيث حاله وتوجّـهه لله تعالى، ومن حيث توجّـهه لصاحب الزمان عليه السلام أن يشعر بتقرُّبه إلى الله تعالى. وهذه الحالة [أي الشعور بالتقرّب من الله تعالى ووليّه الأعظم صلوات الله عليه] لا يُمكن أن تحصل وتوجد عند كلِّ أحد، لأنّ أهل الإدّعاءات الباطلة يدعون الآخرين إلى أنفسهم، ويهمّهم أن يكبروا في نظر الناس يوماً فيوماً، ولا يهدون الناس إلى السبيل الواجب اتّخاذه، وهذه علامة [تدلُّ على بطلان دعواهم].
وأمّـا متى يكون السالك مُهيَّئاً لدرجة الأستاذيّة وأنْ يصير مرشداً للآخرين، فيقول السيِّد الكشميري: «عندما يصل هذا السالك إلى مقام الكشف والشهود».
وفي سؤال عمّا ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الأستاذ والتلميذ، قال السيِّد الكشميري: «ينبغي أن تكون هذه العلاقة مثل علاقة العبد مع سيّـده»، مؤكّداً على أنّ علاقته بأستاذه العارف الربّاني السيّد علي القاضي كانت على هذا النحو.
وعندما طُلِب منه أن يُعرِّف من هو الأستاذ الكامل في حينه، قال: «الشيخ بهجت، الشيخ بهجت».

* وأمّا عن الكرامات والأمور الخارقة للعادة التي تظهر من بعض الأشخاص فيقول أحد تلامذته: «لقد كان رأيه في الكرامات وأمثالها مُبتنياً على أنّ أصل الكرامات، إنْ كانت وفقاً لبعض الموازين ممّـا يجلب الإنتباه -مع أنّـها ليست كذلك-  فلها حساب مستقلّ، وهي غير ممدوحة حتى في موارد حقّانيّتها. وأمّا سائر الأُمور الخارقة للعادة والقدرات الروحيّة فلا علاقة لها بالكرامات. فَمِن الممكن أن يأتي شخص بعمل وهو ليس حقّـاً أو صدقاً، بل هي وسيلة وأداة في يده وصلت إليه بطريق آخر غير طريق الله عزَّ وجلَّ، والسيِّد الكشميري صاحب تشخيص جيِّد لأهل الحقّ عن الأدعياء من أهل الباطل. وطبعاً فإنَّ الأشخاص الذين يدّعون هذه الأُمور، إمّـا ليس لديهم شيء، أو حصلوا على بعض الأشياء بواسطة بعض الطُرق الباطلة والمخالِفة للشريعة، وتشخيص أصحاب الحقِّ من أصحاب الباطل هنا ليس أمراً سهلاً».

ثانياً: العزلة عن الناس، ومعاشرة الصالحين: لطالما أوصى السيِّد الكشميري السالكين بعدم مجالسة الأشخاص غير الملتزمين، ونهى أيضاً عن مجالسة المُتصدِّين للرئاسة، والطالبين للدُّنيا. وقال ذات مرَّة: «إنّ الأشخاص الذين يعملون بالعلوم الغريبة كالسِّحر والرَّمل وغيرها يتعرَّضون للإبتلاءات، وتترك مجالستهم أحياناً آثاراً سيّئة». وقال أيضاً: «ينبغي عدم معاشرة العلماء غير العاملين، فإنّه يترك أثراً سيّئاً في السلوك».
وعن رأيه في العزلة، يقول أحد تلامذته: «رأي السيِّد الأُستاذ هو أنّه ينبغي للسالك في بداية أمره تَرْكُ معاشرة الخلق، وأنّه كلّما زاد اشتغاله بالنَّاس كلّما سارع الفساد إلى ثمرة جهوده. ولكن عندما يصل الإنسان إلى درجة معيّنة في السلوك، فحينئذٍ لن يتأثّر بمعاشرة الناس».


اخبار مرتبطة

  دوريات

دوريات

03/07/2011

  كتب أجنبية

كتب أجنبية

03/07/2011

  كتب عربية

كتب عربية

03/07/2011

نفحات