يوم الاحتفال بالقرآن
والسُّنّة
عيد الغدير
ــــــــــــــــــــــــ
العلامة الشيخ محمد جواد مغنية* رحمه
الله ــــــــــــــــــــــــ
ما زلنا نسمع الحينَ
بعد الحين كلمةً تدور على لسان أكثر من واحد، وهي «لا سنّة ولا شيعة»، بل
مسلمون، وكفى. حتّى أنّ أحد الشيوخ ألّف كتاباً، أسماه بذلك.
وليس من شكٍّ أنّ بعض
مَن ردّد هذه الكلمة طيّب القلب، خالص النية، وأنّه عبّر بها عن أمنيته وهي أن
يسود الوئام، وتزول الحواجز بين المسلمين.
ولكنّ البعض الآخَر
أراد بها أن يَسكت الشيعة على ما يوجَّه إلى عقيدتهم من التزييف والطعون، وأن يتقبّلوا
ما يتقوّله عليهم الحفناوي، والجبهان، ومحبّ الدين الخطيب، و«إخوان السنّة» في
القاهرة، ومجلّة «التمدن الإسلامي» في دمشق، وغيرها. وبكلمة، يريد بها أنّ
المسلمين هم السنّة دون الشيعة، وأنّ عقيدة التشيّع يجب إلقاؤها في (مطاوي
النسيان)، لأنها بزعمه لا تمتّ إلى الإسلام بسبب. وقد جهل أو تجاهل أنّ نفي التشيع
هو نفيٌ للقرآن والحديث، وبالتالي، نفيٌ للإسلام من الأساس.
في سنة 1380 هجرية
[1960م]، احتفلت «جمعية البرّ والإحسان» في صور بعيد الغدير، وكان بين المتكلّمين
شيخٌ أزهريّ وأنا، وبعد أن ألقيتُ كلمتي تكلّم هذا الشيخ، وقال فيما قال: «ما لنا وليوم
الغدير؟ لقد ذهب بما فيه. والاحتفالُ به تَباعدٌ بين المسلمين، وهم أحوج إلى
التقريب والوئام».
وبعد أن انتهى من
كلامه عدتُ إلى منصّة الخطابة، وعقّبت على خطابه بقولي: «مهما نهى الشيخ عن شيءٍ،
فإنّه لن يستطيع هو ولا غيره أن ينهى عن كتاب الله وسُنّة نبيّه، ونحن لسنا مع عيد
الغدير، ولا مع عليّ بن أبي طالب لو لم يكن الله ورسوله معه، وإذا لم يترك الله والرسول عليّاً عليه السلام فماذا نصنع؟ هل
نتركه نحن؟ ثمّ إذا تركنا عليّاً – والحال هذه – هل نكون مسلمين حقاً؟
إنّ احتفالنا بهذا
اليوم هو احتفالٌ بالقرآن الكريم وسنّة النبيّ العظيم بالذات، احتفالٌ بالإسلام ويوم
الإسلام. إنّ النهي عن يوم الغدير تعبيرٌ ثانٍ عن النهي بالأخذ بالكتاب والسنة، وتعاليم
الإسلام ومبادئه».
ويحضرني هنا أنّ الشيخ
عبد الله العلايلي قال في خطبة أذاعتها محطة «الإذاعة اللبنانية» يوم الثامن عشر
من ذي الحجّة من السنة نفسها: «إن عيد الغدير جزء من الإسلام، فمن أنكره فقد أنكر
الإسلام بالذات».
وتلك كتب الأحاديث والسِّيَر
متخمة بالأدلّة والبراهين القاطعة على أنّ تعظيم العترة الطاهرة تعظيمٌ لله تعالى ولكتابه،
وللرسول صلّى الله عليه وآله ولسُنّته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من كتابه (الشيعة في
الميزان)
الغدير امتدادٌ لخطّ النبوّات
«ينبغي أن لا يُنظر
إلى واقعة الغدير التاريخية الكبرى التي اتّخذناها اليوم عيداً على أنها مناسبة
مذهبية؛ فحادثة الغدير بمغزاها الحقيقي لا تخصّ الشيعة وحدَهم، وإن كان الشيعة يتّخذون
من يوم تنصيب مولى المتقين للإمامة والولاية عيداً ويًقيمون فيه مراسم الشكر، حيث
إن يوم الغدير يمثّل في الحقيقة امتداداً لخطّ الرسالات الإلهية بأَسْرها، وهو
تتويجٌ لهذا الخطّ الأرحب الزاهر على مرّ التاريخ.
وإذا ما ألقينا نظرة
على الرسالات الإلهية نجد أن الأنبياء والرُّسَل قد توارثوا هذا الخطّ الأرحب عبر
التاريخ حتّى آل إلى النبيّ الأكرم الخاتَم صلّى الله عليه وآله، ثم تجسّد وتبلور
عند نهاية حياته صلّى الله عليه وآله على هيئة واقعة الغدير».
الإمام
الخامنئي دام ظلّه