الزُّهد
العيشُ في الدنيا للآخرة
ــــــــــــــــــــ
المحقّق الشيخ حسن المصطفوي* ـــــــــــــــــــــ
الزُّهْدُ: خلافُ
الرغبة، والزّاهِدُ في الدنيا: التاركُ لها ولما فيها، والجمع زُهّاد. والإزهاد:
الفقر. والزَّهيدُ: القليل من كلّ شيء.
* في (المصباح المنير) للفيومي:
«زَهَدَ في الشَّيْءِ وَزَهَدَ عَنْهُ أيضاً زَهْداً وَزَهادَةً: بمعنى ترَكَه
وأعرض عنه، فهو زاهِدٌ، والجمع زهّاد. ويقال للمبالغة زهّيد.
وَزَهِدَ يَزْهَدُ، لُغَة.
ويتعدّى بالتضعيف فيقال زَهَّدْتُهُ فيه، وهو يَتَزَهَّدُ فيه، كما يقال يَتَعَبَّدُ.
وقال الخليل: الزَّهادَةُ في الدنيا والزُّهْدُ في الدّينِ، وشيءٌ زهيدٌ مثل قليل
لفظاً ومعنى».
* وفي (مقاييس اللغة) لابن فارس:
«زَهَدَ: أصلٌ يدلُّ على قلَّةِ الشَّيْءِ. والزَّهيدُ: الشَّيْءُ القليل، وهو مُزْهِدٌ:
قليلُ المال. قال اللحيانيّ: يقال رجلٌ زهيدٌ: قليل المَطْعَمِ، وهو ضَيِّقُ الخُلُقِ
أَيْضاً. وقال بعضهم الزَّهيد: الوادي القليلُ الأخذ للماء. والزَّهادُ: الأرضُ
الَّتي تسيلُ من أدنى المطر. وممّا يقربُ من الباب قولهم: خذْ زَهْدَ ما يَكْفيكَ
- أي قَدْرَ ما يَكْفيكَ».
* وفي (أساس البلاغة) للزمخشري:
«زَهِدَ في الشَّيْءِ: رَغِبَ عَنْهُ. وفُلانٌ زاهِدٌ زهيدٌ بيّنُ الزهادة، والزُّهدُ
وهي قلَّةُ الطُّعْمِ، ويقال زَهيدُ الطُّعْمِ. وقد أَزْهَدَ إِزْهاداً. وَقَدَّمَ
إليهم طَعاماً فتزاهدوه، أي رأوه زهيداً قليلاً وتحاقروه..
ومن المجاز وادٍ زَهيدٌ:
قليل الأخذ للماء. ورجلٌ زهيدٌ: قليل الخير. والنّاسُ يُزَهِّدونَهُ: يُبَخِّلونَهُ.
وهو زَهيدُ العَيْنِ: يُقْنِعُهُ القَليلُ. وَنَقيضُهُ رَغيبُ العَيْنِ. وَله عَيْنٌ
زَهيدةٌ وَعَيْنٌ رَغيبَة».
التحقيق
الأصل الواحد في هذه
المادّة: هو ما يقابل الرغبة، أي الميل الشديد والرغبة إلى التَّرْك.
* فإنّ الترك هو رفع
اليد قهراً أو اختياراً في ما كان مقدوراً.
* والتخلية هو الفراغ
عمّا كان عليه.
* والزيغ تمايلٌ عن
الحقّ.
* والرغبة هو التمايل
الأكيد، كما أنّ الشوق هو الرغبة الأكيدة.
* والإعراض هو جعل الشَّيء
في جانبٍ وعَرَض.
* والانصراف هو عدولٌ
إلى جانبٍ آخر.
والفرق بين إطلاقات: زَهَدَهُ، زَهَدَ عَنْهُ، وَزَهَدَ فيهِ،
زَهَدَ إِلَيْهِ؛ هو:
* أنّ النظر في الأوّل
(زهده) إلى نفس المفعول، من حيث هو.
* وفي الثاني (زهد
عنه) يكون النظر إلى موردٍ معيّن بالإعراض عنه.
* وفي الثالث (زهد فيه)
يكون النظر إلى جميع خصوصيّات المورد ومتعلَّقاته.
* وفي الرابع (زهد
إليه) يتحقّق الزهد بنظرٍ إلى جانبه.
وأمّا الزهد المتعارف:
فهو الزهد في الدنيا، أي تركٌ أكيدٌ للرغبة في ما يتعلَّق بالحياة الدنيا، بأنْ لا
يكون له تعلُّق ورغبة باطنيّة إلى الدنيا وزينتها، وتكون معيشته في هذه الدنيا
للآخرة.
قال تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ
بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ﴾ يوسف:20،
أي وكانت السيّارة من الزاهدين في ما يتعلَّق بيوسف عليه السلام من شرائه
ومباشرتهم في تحوّلات أمره، ولم تكن لهم رغبة في التعلُّق به والاستفادة منه، خوفاً
من عواقب هذا الأمر، والابتلاء به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* (التحقيق في كلمات
القرآن الكريم).