الشّهيد
____ الشّهيد الصدر
الثاني*
رحمه الله
____
للشهيد عدة معاني في
اللُّغة: نذكر أهمّها:
* فالشّهيد:
اسمٌ من أسماء الله سبحانه وتعالى.
* والشّهيد:
الشّاهدُ في حقٍّ ونحوه.
* والشّاهد والشّهيد:
الحاضر.
وما يهمّنا منها هو
المعنى الأخير، حيث قالوا: «الشّهيد: المقتولُ في سبيل الله. والجمع: شهداء.
والاسم: الشهادة. واستُشهد: قُتل شهيداً. وتشهّد: طلبَ الشهادة».
وقالوا في سبب تسميته بالشّهيد:
1 - كأنّ أرواحهم أُحضرت
دار السلام أحياء، وأرواح غيرهم أُخِّرت إلى البعث.
2 - سمِّي الشّهيد
شهيداً لأنّ الله وملائكته شهودٌ له بالجنّة.
3 - وقيل سمُّوا شهداء
لأنّهم ممّن يشهد يوم القيامة مع النّبيّ صلَّى الله عليه وآله، على الأمم الخالية.
قال الله عزّ وجلّ: ﴿..لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ
عَلَيْكُمْ شَهِيداً..﴾ البقرة:143.
قال أبو منصور الأزهريّ: «والشَّهادة تكون للأفضل فالأفضل من الأُمّة، فأفضلهم مَن
قُتل في سبيل الله».
4 - وقيل: لأنّه حيٌّ
لم يمت، كأنّه شاهدٌ، أي حاضر.
5 - وقيل: لأنّ ملائكة
الرحمة تشهده، أي تحضرُه.
6 - وقيل: لقيامه
بشهادة الحقّ في أمر الله حتّى قُتل.
7 - وقيل: لأنّه يشهد
ما أعدّ الله له من الكرامة بالقتل. وقيل غير ذلك، فهو فعيل بمعنى فاعل وبمعنى
مفعول، على اختلاف التأويل.
الشّهيد في السنّة
الشريفة
يستفاد من السُّنّة
الشّريفة بهذا الصدد، أنَّ هذه الشّهادة تحدث لأحد أمرين:
الأمر الأوّل:
القيام بوظيفة شرعيّة ضروريّة، واجبة أو مستحبّة، وحصول الموت بسببها، كالذي قُتل
في سبيل ماله وعرضه. ومَن قُتل لأنّه قال كلمة الحقّ أمام سلطانٍ جائر.
الأمر الثاني:
الموت مع حصول قدرٍ داهم، لا بدّ للفرد في ردّه، كالغرَق والحرَق والهدْم، وبعض
أنواع المرض المؤدّي إلى الوفاة، بل جميعها، ما لم يكن من الفرد تسامحٌ في إيجادها
أو استمرارها.
وأعظم أنواع الشهادة
عند العارفين، هو أن يصبح الفرد شاهداً أو مشاهِداً لدرجات الرحمات الخاصّة العليا
المُعدّة عند الله سبحانه، لأوليائه والخاصّة من خلقه. ولعلّ المقتول في سبيل الله
تعالى، إنّما سمِّي بذلك لأجل بلوغه شيئاً من هذه الدرجات من أجل همّته في طاعة
الله، عزّ وجلّ، حتّى حصول الوفاة له.
سادة الشُّهداء
وسيّد الشُّهداء، لقبُ
تشريفٍ عظيمٍ يُطلَق على ثلاثة؛ كلّهم عظماء نالوا الشهادة في صدر الإسلام.
فأوّلهم:
في نيل الشهادة حمزة سيّد الشُّهداء وأسد الله ورسوله، الذي قُتل في جيش رسول الله
صلَّى الله عليه وآله، في غزوة أُحد.
وثانيهم:
في الترتيب التاريخيّ أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين الإمام عليّ بن أبي طالب،
صلوات الله عليه، وقد ورد في الدعاء: «السَّلامُ عَلَيْكَ يا سَيَّدَ الشُّهَداءِ».
وأحرى به أن يكون كذلك، لعظمة ذاته: بل هو أَوْلى من الاثنين الأخيرين الملقّبين
بهذا اللّقب الجليل [الإمام
الحسين والحمزة عليهما السلام]، لأنّه خيرٌ منهما،
وأعظم منزلة، وأعلى درجةً عند الله بلا إشكال. بل هو إمامهما وقائدهما ووليّهما
المفترض الطاعة أمام الله سبحانه لهما. فهو أَوْلى أن يكون سيِّد الشُّهداء منهما،
بالرغم من جلالة قدرهما.
وثالثهم:
في الترتيب التاريخي الإمام السبط سيّد شباب أهل الجنة وسيِّد الشُّهداء الإمام
الحسين بن عليّ عليه السَّلام، وتسميته بهذا اللقب أوضحُ من الشَّمس فلا تحتاج إلى
نقل. وفي الحديث «لا تَطْلُبْ أثَراً بَعْدَ عَيْن».
_________________________
* مختصَر عن كتابه (ما
وراء الفقه)