دعوةُ ابنِ نبيٍّ مُجابة
شذَرات
من علم الإمام الحسن ومعجزاته
عليه السلام
* ليس وصيّ النبيّ سليمان عليه السلام،
آصف بن برخيا، الذي
«عنده
علمٌ
من الكتاب»،
بأعلم
مِن وصيّ
«مَن
عنده
علمُ
الكتاب»،
وليست
معجزة
عصا موسى عليه السلام، ممّا يقصر عنها مقام الإمام الحسن المجتبى عليه
السلام، وهو سبط رسول الله صلّى الله عليه وآله وريحانته.
ما يلي، مختارات يسيرة من أجوبة الإمام الحسن عليه السلام في معارف مختلفة يعضدها ظهور بعض كراماته الدالّة على مقام ولايته عليه السلام.
«شعائر»
*
روى السّيوطيّ في (الدرّ المنثور): «عن الحسن بن عليّ عليهما السلام، قال: مَن
قرأ ثلاث آياتٍ من آخر سورة (الحشر) إذا أصبح؛ فمات من يومه ذلك، طُبع بطابع
الشّهداء. وإنْ قرأ إذا أمسى فمات في ليلته، طُبع بطابع الشّهداء».
*
قال المحّدث الطبرسيّ في (مستدرك الوسائل): «رُوي عن قطب الرّاونديّ في (فقه
القرآن)، عن الحسن بن عليّ عليهما السلام، في قوله تعالى: ﴿.. وَأَدْبَارَ
السُّجُودِ﴾: أنّها الرّكعتان بعد المغرب تطوّعاً». (ق:40)
*
قال الإربليّ في (كشف الغمّة): «قال الشّيخ كمال الدّين بن طلحة:..وكان الحسنُ
عليه السلام، يجلس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويجتمع النّاس حوله،
فيتكلّم بما يشفي غليل السّائلين، ويقطع حُجج القائلين.... وروى الإمام أبو الحسن
عليّ بن أحمد الواحديّ رحمه الله، في (تفسير الوسيط) ما يرفعه بسنده: إنّ رجلاً
قال: دخلتُ مسجد المدينة فإذا أنا برجلٍ يحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله،
والنّاس حوله، فقلت له: أخبرني عن ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾ (البروج:3).
قال:
نعم، أمّا الشّاهد فيوم الجمعة، وأمّا المشهود فيوم عرفة.
فجُزته
إلى آخر يحدّث، فقلت له: أخبرني عن ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾.
فقال:
نعم، أمّا الشّاهد فيوم الجمعة، وأمّا المشهود فيوم النّحر.
فجزتهما
إلى غلامٍ كأنّ وجهه الدّينار، وهو يحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقلت:
أخبرني عن ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾.
فقال:
نعم، أمّا الشّاهدُ فمحمّدٌ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأمّا المشهود فيومُ
القيامة، أما سمعتَه يقول ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
شَاهِداً..﴾ (الأحزاب:45)، وقال تعالى: ﴿..ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ
وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ (هود:103).
فسألت
عن الأوّل؟ فقالوا: ابن عبّاس، وسألت عن الثّاني؟ فقالوا: ابن عمر، وسألت عن
الثّالث؟ فقالوا: الحسن بن عليّ بن أبي طالب..».
* قال المجلسيّ: «..وصحّ
عن الحسن بن عليّ أنّه خطب الناس، فقال في خطبته: أنا مِن أهل البيت الذين افترضَ
اللهُ مودّتهم على كلّ مسلم، فقال: ﴿..قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا
إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا
حُسْنًا..﴾ (الشورى:23)، واقترافُ الحسنة مودّتنا أهلَ البيت».
* روى العلامة الحلّي في
(كشف اليقين): في تفسير قوله تعالى: ﴿..فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ..﴾ الفتح:29،
عن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، قال: «استوى الإسلامُ بِسَيفِ عليّ».
* ورُوي عنه عليه
السلام: «مَن قرأ القرآنَ كانت له دعوةٌ مجابة، إمّا مُعَجَّلة وإمّا مؤجَّلة».
* وفي (جامع الأخبار)
للسّبزواري: «قال الحسنُ بن عليٍّ عليهما السلام: إنّ من أخلاقِ المؤمنين:
- قوّةً في دِين، وكَرَماً
في لِين.
- وحَزْماً في عِلم، وعِلماً
في حِلم.
- وتَوسِعَةً في نَفَقَة،
وقصداً في عبادة.
- وتَحَرُّجاً في
طَمَع، وبِرّاً في استقامة.
- لا يَحيفُ على من يُبغض،
ولا يأثَم فيمن يُحبّ.
- ولا يدّعى ما ليس له،
ولا يَجحَدُ حقّاً هو عليه.
- ولا يَهْمِزُ ولا يَلْمِزُ
ولا يَبغي.
- مُتَخَشِّعٌ في
الصّلاة، مُتَوَسِّعٌ في الزّكاة.
- شَكُورٌ في الرّخاء،
صابِرٌ عند البلاء، قانِعٌ بالّذي له.
- لا يَطمَحُ به الغَيظ،
ولا يَجمحُ به الشُّح.
- يُخالِطُ النّاس ليعلمَ،
ويسكتُ لِيَسلم.
- يصبرُ إن بُغِيَ عليه،
ليكونَ إلهُه الّذي يَجزيه يَنتقِم له».
***
* قال الخوارزميّ في
(المناقب): «..وقَتل الأشتر (يوم صفّين) من قوم عكّ [قبيلة
كانت تقاتل مع معاوية] خلقاً كثيراً، وفقد أهلُ
العراق أمير المؤمنين وساءت الظنون، وقالوا: لعلّه قُتل، فعلا البكاء والنحيب، ونهاهم
الحسنُ عليه السلام عن ذلك، وقال: إنْ علمتِ الأعداءُ ذلك منكم، اجترؤوا عليكم،
وإنّ أمير المؤمنين أخبرني بأنّ قتله يكون بالكوفة.
وكانوا على ذلك إذ أتاهم
شيخٌ يبكي، وقال: قُتل أمير المؤمنين وقد رأيتُه صريعاً بين القتلى! فكَثُر البكاء
والانتحاب.
فقال الحسن عليه
السلام: يا قوم، هذا الشيخ يكذب، فلا تصدّقوه، وإنّ أمير المؤمنين قال: يقتلُني
رجلٌ من مراد في كوفتكم هذه».
* وروى الراونديّ في
(الخرائج والجرائح): «..عن الصّادق عليه السلام، قال: خرج الحسن بن عليٍّ عليهما السلام،
في بعض عُمَرِه [أي أنه عليه السلام كان في سفر
لأداء العُمرة] ومعه رجلٌ من وُلد الزبير كان يقول بإمامته،
فنزلوا في منهل من تلك المناهل تحت نخلٍ يابس، قد يبسَ من العطش، ففُرش للحسن عليه
السلام تحت نخلة وللزبيريّ بحذائه تحت نخلة أخرى.
فقال الزبيريّ - وقد رفع
رأسه: لو كان في هذه النخلة رطبٌ لأكلنا منه.
فقال له الحسن عليه السلام:
وإنّك لتَشتهي الرُّطب؟
قال: نعم.
فرفع الحسن عليه السلام
رأسه ويده إلى السماء فدعا بكلامٍ لم يفهمه الزّبيريّ، فاخضرّتِ النخلة، وأورقتْ، وحملت
رطباً.
فقال الجمّال الذي اكتروا
منه: سحرٌ والله!
فقال الحسن عليه السلام:
ويلك! إنّ هذا ليس بسِحر، ولكنّها دعوةُ ابن نبيٍّ مُجابة..».