كلمة سواء

كلمة سواء

منذ 3 أيام

المسلمون وغزو الهوية الثقافية

 

المسلمون وغزو الهوية الثقافية

ــــــــــــــــــــــــــ الباحثة عفاف الحكيم ــــــــــــــــــــــــــ


يتناول هذا المقال التحدّيات والمخاطر التي تحيط بالهويّة الإسلاميّة الأصيلة، وهو مختصر من دراسة مطوّلة قدّمتها الباحثة السيّدة عفاف الحكيم في «مؤتمر النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله رمز هويّة الأمّة الإسلاميّة الواحدة»، مطلع العام 2013م، وجاءت تحت عنوان: «دور العلماء في صيانة الهويّة الإسلاميّة الواحدة».

«شعائر»

 

 

لا شكّ في أنّه كما للفرد هويّة يتميّز بها، فكذلك للمجتمع  والأُمّة هويّة تُميّزها عن غيرها من الأمم. ويشهد عالمنا، اليوم، صراعاً حادّاً على هذه الهويّة؛ هو بمنزلة التحدّي الأكبر الذي يواجهه المجتمع الإنسانيّ برمّته، لأنّ استفحاله وتصاعد وتيرته سيؤدّي إلى ذوبان الخصوصيّات الثقافيّة وذوبان التقاليد والأعراف لدى سائر الأمم والشعوب.

ثم إنّ هذا الخطر الذي يتهدّد الجميع، بات ظاهرة تكتسح مناطق شتّى من العالم، والغاية منه هي محو الهويّات ومحاربة التنوع الثقافيّ والعمل على انسلاخ الأمم والشعوب عن مقوّماتها لتندمج جميعاً في إطار النموذج الأميركي.

وفي طليعة المستهدفين من هذا الغزو الثقافيّ، هم المسلمون. فهذا نيكسون، الرئيس الأميركيّ الأسبق، يقول في كتابه (انتهز الفرصة): «نحن لا نخشى الضربة النوويّة. لكنّنا نخشى الإسلام والحرب العقائديّة التي قد تقضي على الهويّة الذاتيّة للغرب... إنّ العالم الإسلاميّ يشكّل واحداً من أكبر التحدّيات لسياسة الولايات المتّحدة الأميركيّة الخارجيّة في القرن الواحد والعشرين».

لقد مرّت الأُمّة الإسلاميّة بأزمنة صعبة بدأت معها تفقد توازنها وانضباطها وهويّتها، وذلك بسبب الحكّام والسلاطين الفاسدين الذين تسلّطوا على مقدّراتها لجشعهم وتطلّعاتهم الدنيويّة، والتنازلات التي قاموا بها من أجل تمكين عروشهم.. ثم كانت الكارثة في فتح المدارس الأجنبيّة في بلاد المسلمين وظهور هذه المدارس بأنّها الأرقى.. بعد أن زُوّدت بإمكانات هائلة.. وقد قال يومذاك دانيال بلس مؤسّس الجامعة الأميركيّة في لبنان: «علينا أن نُنشئ مدارس لبنات المسلمين. فنحن لا نطمح أن يكنّ مسيحيّات مستقبلاً.. ولكن نطمح أن لا يكنّ أُمّهات مسلمات».

وقد بلغ من إعجاب واغترار الرئيس الأميركيّ الأسبق بيل كلينتون بالهويّة الأميركيّة أن وجد في نفسه الجرأة ليقول: «إن أميركا مؤمنة بأنَّ قيمها صالحة لكلّ الجنس البشريّ! ونحن نشعر أنّ علينا التزاماً مُقدّساً بتحويل العالم إلى صورتنا».

وقال (اللورد كرومر) حاكم مصر أيّام الاحتلال الإنكليزيّ: «إنّ أبناء مدرسة فكتوريا سيكونون أبناءً للغرب ينادون بالهويّة الغربيّة ويحاربون الإسلام والمسلمين».

وقبل ذلك كانت نصيحة لويس التاسع ملك فرنسا وهي تمثّل مَعْلماً بارزاً للغرب في تعامله مع المسلمين حيث قال: «إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده... ولكن حاربوهم في عقيدتهم فهي مكمن القوّة فيهم».

وقد وعى قومه هذه النصيحة فجاءت رياح الاستعباد، وجاء الاحتلال الأجنبيّ لمعظم بلاد المسلمين ليعمّق الشعور بالتخلّف. وانتشر الفقر والجوع والمرض والجهل، ونُسب كلّ ذلك ظلماً إلى الإسلام، بعد أن عيّنوا حرّاساً لمشاريعهم أمثال: كمال أتاتورك في تركيا، ورضا بهلوي في إيران، وغيرهم. وسعوا بكلّ أسلوب لإبعاد الأُمّة عن هويّتها؛ آخذين بأسرع الطرق؛ وهو طريق التغريب الذي يهدم الشخصيّة الإسلاميّة ويبنى مكانها الشخصيّة الغربيّة.

وبعد ذلك غُزينا بالإعلام، صحافة وإذاعة وتلفاز وقنوات فضائيّة، وكان أن انساقت مجتمعاتنا باتجاه الحضارة المادّيّة الواردة من شرق الأرض وغربها، وغُلبت الشعوب على أمرها عبر حكّام ظلمة وعملاء كانوا أشدّ ضراوة على شعوبهم من المستعمر نفسه.. وكان أنْ أخرج الشعب الفلسطينيّ من دياره وأرضه.. ثم راحوا يجهدون لتضييع القضيّة الفلسطينيّة برمّتها.. وأذكر هنا ما قاله شمعون بيريز وزير خارجيّة العدوّ الصهيونيّ في حينه (1994م)، عندما أسقطت بعض دول الخليج المقاطعة الاقتصاديّة من الدرجة الثالثة، قال: «ليس المهمّ ما نحقّقه من مكاسب اقتصاديّة بقدر ما حقّقنا من بداية انهيار الحاجز النفسيّ».

اخبار مرتبطة

  أيّها العزيز

أيّها العزيز

  دوريات

دوريات

منذ يومين

دوريات

  إصدارات أجنبية

إصدارات أجنبية

نفحات