(عَبَقات
الأنوار) للمحقّق السيد حامد حسين الموسويّ اللَّكْهَنويّ
دليل الكلام المعصوم على إمامة المعصوم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة: محمود إبراهيم ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب: (عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة
الأطهار)
المؤلف: السيّد حامد حسين الموسويّ
اللَّكْهَنويّ (1246- 1306 للهجرة)
الناشر: «مؤسّسة البعثة - قسم الدراسات الإسلاميّة»،
طهران 1405 للهجرة
عُدَّ الكتاب الذي بين
أيدينا والمُسمّى (عَبَقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار) من عيون ما زخرت به
مكتبة العلماء العاملين في مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
ولعلّ القول فيه على
هذا النحو الرفيع من التوصيف، إنّما يعود إلى القيمة العلميّة والمعرفيّة المُتعدّدة
الأوجه التي ينطوي عليها هذا الكتاب. فقد جمع بإتقان بين التحقيق المنهجيّ للمصادر
والمراجع التاريخيّة، والدقّة المنطقيّة في عمليّة الاستدلال على فرضيّاته
وشواهده، هذا إلى جانب استيعابه العميق للأدلّة النقليّة من الكتاب والسنّة النبويّة
الشريفة على حقانيّة الإمامة للمعصومين الاثني عشر بعد النبيّ الأعظم محمّد بن عبد
الله صلّى الله عليه وآله.
ولئن كان الكتاب أقرب
إلى التقريرات التاريخيّة ذات السمة التوثيقيّة، فهو لا ينأى – على هذا النحو أو
ذاك – من الجدل الكلاميّ الذي شهده تاريخ الإسلام على امتداد قرون متعاقبة. وهذا
ما يتّضح لنا من خلال مطالعة الكتاب والبحوث الواردة فيه، سواء لجهة الالتزام
بقواعد البحث وآداب المناظرة، أو في طريقته في الاستدلال على السند، ورجوعه إلى مدوّنات
وأخبار ومرويّات كُتب أهل السنّة والجماعة.
لكن السؤال البديهي
الذي يطرحه كلّ قارئ باحث هو عن غاية الكتاب التي يجيب عليها مؤلفه السيد حامد
حسين بن السيد محمد قلي الكاظمي، وذلك من خلال ما أخرجه من مباحث.
مضمون (العبقات)
ومقاصدها
لقد كتب السيّد حامد
حسين ردّاً على باب الإمامة من كتاب (التحفة الاثنا عشريّة) لعبد العزيز الدهلوي - الباب السابع
ص 173 - حيث ادّعى الأخير أنّ أدلّة الشيعة على الإمامة والولاية تنحصر في ستّ
آيات: آيّة الولاية، وآية التطهير، وآية المودّة، وآية المباهلة، وآية الإنذار، وآية:
﴿وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ﴾ الواقعة:10.
وكذا في اثني عشر
حديثاً صادراً عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، وهي: حديث الغدير، وحديث المنزلة، وحديث
الولاية، وحديث الطير، وحديث: «أنا مدينة العلم»، وحديث التشبيه، وحديث
المُناصَبة، وحديث النور، وحديث الراية، وحديث الحقّ، وحديث تأويل القرآن، وحديث
الثقلين - وفي ذيله حديث السفينة.
حسب المؤلّف، إنّ
الدهلوي ناقش في هذه الأدلّة على نحو المغالطة، لكي لا يبقى - بزعمه - أيُّ دليل
على ما تذهب إليه الشيعة من أدلّة الإمامة الحقّة. ولذا فقد ذهب في دحض مزاعمه إلى
إثبات كلَّ ما أنكره الدهلوي من الروايات والأحاديث، مثبّتاً ذلك عن طريق العامّة
بإيراد الخبر وذِكر رواته من الصحابة والتابعين إلى المحدّثين، وكلُّ ذلك وفق
التراتب الزمانيّ، مُؤيّداً ذلك بِذِكر الموثَّقين لطبقات الرواة حسب تسلسل القرون
أيضاً.
لقد سعى المؤلّف
بالدليلين العقليّ والنقليّ لتوكيد صحّة أحاديث الشيعة في إثبات الإمامة الإلهيّة
لأمير المؤمنين وأبنائه الأئمّة الهداة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين سنداً،
ومِن كتب علماء السُّنّة أنفسهم، وثبّت متونها دِلالةً، وأظهر بطلان المدّعيات
الواردة في (التحفة الاثنا عشريّة).
حكايّة (العبقات)
المعروف
أن هذا الكتاب طُبِع طبعاتٍ عديدة، كان منها هذه الطبعة التي عَرَضنا هويّتها في
مستهلّ هذه المقالة، وقد جرى بسطها ضمن عشر مجلّدات، وطبعة أخرى بعنوان: (نفحات
الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار) في عشرين مجلّداً.
ونشير إلى أنّ «مجمع
البحوث الإسلاميّة» التابع للحضرة الرضويّة المقدّسة قام بتحقيق هذا الكتاب
تحقيقاً مفصّلاً، فصدر منه الجزء الأوّل حول حديث المنزلة، ليتمّ هذا الحديث
الشريف بعد ذلك في ثلاث مجلّدات تنتهي بتفصيلٍ علميٍّ لرواة الحديث وأسانيده وطرقه،
لم يُسبق مِن قبل على هذا النحو، تصدّرته مقدّمة تحقيقيّة مهمّة استغرقت 123 صفحة
تناولت دراسةً تاريخيّة عقائديّة لحديث المنزلة الشريف.
وأخيراً
إذا كان لنا أن ننهي إلى القارئ خلاصة هذا الكتاب وغايته فسيكون علينا أن نقيمه
منزلة رفيعة في باب التحقيق العلميّ للمدرسة الإماميّة، فهو فضلاً عن البعد
العقائدي لمباحثه، وخاصة في ما يتّصل بعقيدة الإمامة والولاية، هو من التصانيف
الآخذة بقواعد البحث العلميّ بمبادئه القديمة والحديثة على السواء.
مؤلّف
(العبقات)
مؤلّف كتاب (عبقات الأنوار في إمامة الأئمّة الأطهار عليهم السلام) هو السيّد
حامد حسين بن السيّد محمّد قُلي الموسوي الكاظميّ اللّكهنويّ، نسبةً إلى مدينة
لكناو الهنديّة.
* ورد عنه في (أعيان
الشيعة) للسيّد محسن الأمين أنّه كان «من أكابر المتكلّمين الباحثين عن أسرار
الديانة، علامّةً نحريراً، ماهراً بصناعة الكلام والجدل، محيطاً بالأخبار والآثار،
واسع الاطلاع كثيرَ التَّتبُّع..».
* وقال آغا بزرك
الطهراني في (أعلام الشيعة): «.. ولا أعهدُ في القرون المتأخّرة مَن جاهد جهادَه
وبذل في سبيل الحقائق الراهنة طارفَه وتِلادَه، ولم تَرَ عينُ الزمان في جميع
الأمصار والأعصار مضاهياً له في تتبّعه وكثرة اطلاعه ودقّته وذكائه، وشدّة حفظه
وضبطه».
* إلى
ذلك فقد ذكره المحدّث الشيخ عبّاس القمّي في (الفوائد الرضويّة) بالكثير من
محاسن الصفات علماً وتقوى، فقال: «..ومَن طالع كتابَه (عبقات الأنوار) يَعلَم أنّه
لم يُصنَّف على هذا المنوال في الكلام - لا سيّما في مبحث الإمامة - من صدر
الإسلام حتّى الآن».
وكان
مؤلّف العبقات من المُحقّقين الذين أثروا المكتبة الإسلاميّة بالعشرات من الرسائل
والتصانيف في ميدان الكلام والفقه والتحقيق وعلم الرجال.
أمّا
أهمّ تصانيفه - عدا (العبقات) - فهي:
- (استقصاء الإفحام واستيفاء الانتقام في ردّ منتهى الكلام).
- (إسفار الأنوار عن حقائق أفضل الأسفار) شرح فيه وقائع سفره
إلى بيت الله الحرام وزيارة الأئمّة الطاهرين عليهم السلام، والظاهر أنّه هو نفسه
كتاب (الرحلة المكّيّة والسوانح السفريّة) الذي ذكره كحّالة.
- (الشريعة الغرّاء) فقه كامل.
- (شرح على شرائع المحقّق الحلّي). وغيرها.
تُوفّي رحمه الله في الهند بـ لَكْهُو (مدينة لكناو الهنديّة) في
الثامن عشر من صفر سنة 1306 هجريّة، ودُفن في بلده.