من
القصيدة الهائية لشاعر أهل البيت محمّد كاظم الأزْري
لا تُجِلْ في صفاتِ أحمدَ فِكراً...
ما يلي أبيات مختارة، في معالي صفات النبيّ الأعظم صلّى
الله عليه وآله، من القصيدة الهائية المشهورة للشاعر محمّد كاظم الأزري رحمه الله،
المتوفّى سنة (1211
هجريّة = 1797م)،
والمدفون في قبّة الشريف المرتضى في الكاظميّة.
تعدّ هذه القصيدة التي مطلعها: (لمَن الشّمسُ في قباب قباها)
واحدةً من أروع القصائد المنظومة في رسول الله وأهل بيته المعصومين عليهم السلام،
وقد طبقت شهرتها الآفاق، وحفظتها أهل المنابر والخطباء، وخلّدت شاعرها في الطبقة الأولى
من شعراء اللغة العربية.
وهي على طولها (ألف بيت، لكن الموجود المتداول بين الناس
بحدود ستماية بيت لا غير) ومع أنها على قافية واحدة، لكنك لا تجِد بين أبياتها ضعفاً
أو هبوطاً عن مستواها العالي.
وقال بعض المحقّقين في قصيدة الأزري هذه، أنها ينبغي أن تعدّ
كتاباً دينياً لا قصيدة ، فإنها تمثّل رأي الإمامية في النبوّة والإمامة كاملاً، وفيها
كثيرٌ من المباحث الكلامية.
إنَّ
تِلْكَ الْقُلُوبَ أقْلَقَها الْوَجْدُ * وَأدْمى تِلْكَ الْعُيُونَ بُكاها
كانَ
أنْكَى الْخُطُوبِ لَمْ يُبْكِ * مِنّي
مُقْلَةً لكِنِ الْهَوى أبْكاها
كُلَّ
يَوْمٍ لِلْحادِثاتِ عَواد لَيْسَ * يَقْوى رَضْوى عَلى مُلْتَقاها
كَيْفَ
يُرْجَى الْخَلاصُ مِنْهُنَّ * إلاّ
بِذِمامٍ مِنْ سَيِّدِ الرُّسْلِ (طه)
مَعْقِلُ
الْخائِفِينَ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ * أوْفَرُ
الْعُرْبِ ذِمَّةً أوْفاها
مَصْدَرُ
الْعِلْمِ لَيْسَ إلاّ لَدَيْهِ * خَبَرُ
الْكائِناتِ مِنْ مُبْتَداها
فاضَ
لِلْخَلْقِ مِنْهُ عِلْمٌ وَحِلْمٌ * أخَذَتْ
مِنْهُمَا الْعُقُولُ نُهاها
نَوَّهَتْ
بِاسْمِهِ السَّماواتُ وَالأرضُ * كَما نَوَّهَتْ بِصُبْحٍ ذُكاها
وَغَدَتْ
تَنْشُرُ الْفَضائِلَ عَنْهُ * كُلُّ
قَوْمٍ عَلَى اخْتِلافِ لُغاها
طَرِبَتْ
لاسْمِهِ الثَّرى فَاسْتَطالَتْ * فَوْقَ
عُلْوِيَّةِ السَّما سُفْلاها
جازَ
مِنْ جَوْهَرِ التَّقَدُّسِ ذاتاً * تاهَتِ
الأنْبِياءُ في مَعْناها
لا
تُجِلْ في صِفاتِ أحْمَدَ فِكْراً * فَهِيَ
الصُّورَةُ الَّتي لَنْ تَراها
أيُّ
خَلْقٍ للهِ أعْظَمُ مِنْهُ * وَهُوَ
الْغايَةُ الَّتِي اسْتَقْصاها
قَلَّبَ
الْخافِقَيْنِ ظَهْراً لِبَطْنٍ * فَرَآى ذاتَ أحْمَدٍ فَاجْتَباها
لَسْتُ
أنْسى لَهُ مَنازِلَ قُدْسٍ * قَدْ بَناها
التُّقى فَأعْلا بِناها
وَرِجالاً
أعِزَّةً في بُيُوتٍ * أذِنَ اللهُ أنْ
يُعَزَّ حِماها
سادَةٌ
لا تُريدُ إلاّ رِضَى اللهِ * كَما لا
يُريدُ إلاّ رِضاها
خَصَّها
مِنْ كَمالِهِ بِالْمَعاني * وَبِأعْلى أسْمائِهِ
سَمّاها
لَمْ
يَكُونُوا لِلْعَرْشِ إلاّ كُنُوزاً * خافِياتٍ
سُبْحانَ مَنْ أبْداها
كَمْ
لَهُمْ أَلْسُنٌ عَنِ اللهِ تُنْبي * هِيَ
أقْلامُ حِكْمَةٍ قَدْ بَراها
وَهُمُ
الأعْيُنُ الصَّحيحاتُ تَهْدي * كُلَّ عَيْنٍ مَكْفُوفَةٍ عَيْناها
عُلَماءٌ
أئِمَّةٌ حُكَماءٌ * يَهْتَدِي النَّجْمُ بِاتِّباعِ هُداها
قادَةٌ
عِلْمُهُم وَرَأيُ حِجاهُم * مَسْمَعا
كُلِّ حِكْمَة مَنْظَراها
ما
أُبالي - وَلَوْ أُهيلَتْ عَلَى الأرْضِ * السَّماواتُ - بَعْدَ نَيْلِ وِلاها