.. فإنّ أخبارَك وأحوالَك
تَرِدُ إلينا
من كرامات الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام
_____ إعداد: «شعائر»
_____
كان
مولد الإمام أبي محمّد الحسن العسكريّ عليه السلام يوم الجمعة لثمان ليالٍ خلَون من
شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومائتين. وقُبض عليه السلام مسموماً بسرّ مَن رأى
لثمانٍ خلون من شهر ربيع الأوّل سنة ستّين ومائتين، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة.
وكانت مدّة إمامته ستّ سنين.
وقد
تضمّنت المصادر الروائية الكثير من الكرامات التي صدرت عنه عليه السلام، وجُلُّها
في معرض إثبات وراثته لآبائه الطاهرين مقاماً وعلماً صلوات الله عليهم أجمعين.
في
ما يلي بعض هذه الكرامات كما في كتب: «الغَيبة» للشيخ الطوسي، و«الخرائج والجرائح»
للراوندي، و«المناقب» لابن شهراشوب.
* عن أبي هاشم الجعفريّ،
قال: «سمعتُ أبا محمّد (الإمام العسكريّ عليه السلام) يقول: مِنَ الذُّنوبِ
التي لا تُغْفَرُ قَوْلُ الرَّجُلِ: لَيْتَني لا أُؤاخَذُ إِلّا بِهَذا!
فقلت في نفسي: إنّ هذا
لَهُو الدقيق، ينبغي للرجل أن يتفقّد من أمره ومن نفسه كلّ شيء.
فأقبل عليَّ أبو محمّد،
فقال: يا أبا هاشِمٍ، صَدَقْتَ، فَالْزَمْ ما حَدَّثْتَ بِهِ نَفْسَكَ، فَإِنَّ
الإِشْراكَ في النّاسِ أَخْفى مِنْ دَبيبِ الذَّرِّ عَلى الصَّفا، في اللَّيْلَةِ
الظّلْماءِ، وَمِنْ دَبيبِ الذَّرِّ عَلى المِسْحِ الأَسْوَدِ».
* وأيضاً، عن أبي هاشم الجعفريّ، وهو
من خاصّة أصحاب الإمام العسكريّ عليه السلام، قال: «كنتُ في الحبس مع جماعةٍ، فحُبس
أبو محمّد (العسكريّ) وأخوه جعفر، فخَفَفنا له وقبّلتُ وجه الحسن، وأجلستُه على
مضربة كانت عندي، وجلس جعفر قريباً منه.... وكان المتولّي حبسَه
صالحُ بن وصيف.
وكان معنا في الحبس رجل جُمحيّ يدّعي
أنّه علويّ، فالتفت أبو محمّد، وقال: لَوْلا أَنَّ فيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِنْكُمْ
لَأَعْلَمْتُكُمْ مَتَى يُفَرِّجُ اللهُ عَنْكُمْ، وأومأ إلى الجُمحيّ
فخرج، فقال أبو محمّد: هذا الرجل ليس منكم فاحذروه، فإنّ في ثيابه قصّةً قد كتبها
إلى السلطان يُخبره بما تقولون فيه، فقام بعضهم ففتّش ثيابه، فوجد فيها القصّة
يذكرنا فيها بكلّ عظيمة، ويُعلمه أنّا نريد أن ننقب الحبس ونهرب».
* «روي عن عليّ بن
جعفر الحلبيّ، قال: اجتمعنا بالعسكر وترصّدنا لأبي محمّد يوم ركوبه، فخرج توقيعه: أَلا
لا يُسَلِّمَنَّ عَلَيَّ أَحَدٌ، وَلا يُشِرْ إِلَيَّ بِيَدِهِ وَلا يومئْ، فَإِنَّكُمْ
لا تُؤْمِنونَ عَلى أَنْفُسِكُمْ.
قال: وإلى جانبي شابّ
فقلت: من أين أنت؟
قال: من المدينة.
قلت: ما تصنع ههنا؟
قال: اختلفوا عندنا في
أبي محمّد، فجئتُ لأراه وأسمع منه، أو أرى منه دلالةً ليَسكن قلبي، وإنّي لَولد
أبي ذرٍّ الغفاريّ.
فبينما نحن كذلك إذ
خرج أبو محمّد مع خادمٍ له، فلمّا حاذانا نظر إلى الشابّ الذي بجنبي، فقال: أَغِفارِيٌّ
أَنْتَ؟ قال: نعم.
قال: ما فَعَلَتْ أُمُّكَ
حَمْدَوِيّةُ؟! فقال: صالحة.... ومَرَّ.
فقلت للشابّ: أكنتَ
رأيتَه قطّ وعرفتَه بوجهه قبل اليوم؟
قال: لا.
قلت: فينفعك هذا؟ قال:
ودون هذا».
* عن أبي هاشم الجعفريّ، عن داود بن
الأسود، قال: «دعاني سيّدي أبو محمّد فدفع إليّ خشبةً كأنّها رِجلُ بابٍ مدوّرة،
طويلة ملء الكفّ، فقال: صِرْ بهذه الخشبة إلى العَمْريّ. [عثمان بن سعيد، السفير
الأول في الغيبة الصّغرى]
قال: فمضيتُ فلمّا صرتُ في بعض الطريق
عرض لي سقّاءٌ معه بغل، فزاحمني البغل على الطريق، فناداني السقّاء: ضحّ على البغل
- أي ارفق به - فرفعتُ الخشبة التي كانت معي فضربت بها البغل، فانشقّت، فنظرتُ إلى
كسرها فإذا فيها كُتب، فبادرتُ سريعاً فرددتُ الخشبة إلى كمّي، فجعل السقّاء
يناديني ويشتمني ويشتم صاحبي.
فلمّا دنوت من الدار راجعاً استقبلني
عيسى الخادم عند الباب الثاني، فقال: يقول لك مولاي أعزّه الله: لمَ ضَرَبْتَ
البَغْلَ وَكَسَرْتَ رِجْلَ البابِ؟
فقلت له: يا سيّدي لم أعلم ما في رِجل
الباب.
فقال [نقلاً عن الإمام عليه السلام]: وَلمَ
احْتَجْتَ أَنْ تَعْمَلَ عَمْلاً تَحْتاجُ أَنْ تَعْتَذِرَ مِنْهُ؟ إِيّاكَ بَعْدَها
أَنْ تَعودَ إِلى مِثْلِها، وَإِذا سَمِعْتَ لَنا شاتِماً فامْضِ لِسَبيلِكَ الّتي
أُمِرْتَ بِها، وَإِيّاكَ أَنْ تُجاوِبَ مَنْ يَشْتُمُنا أُوْ تُعَرِّفُهُ مَنْ أَنْتَ،
فَإِنّا بِبَلَدِ سوءٍ، وَمِصْرِ سوءٍ، وَامْضِ في طَريقِكَ، فَإِنَّ أَخْبارَكَ وَأَحْوالَكَ
تَرِدُ إِلَيْنا، فَاعْلَمْ ذَلِكَ».
* عن إدريس بن زياد الكفرتوثيّ،
قال: «كنتُ أقول فيهم – أي في المعصومين عليهم السلام - قولاً عظيماً، فخرجتُ إلى
العسكر للقاء أبي محمّد، فقدمتُ وعلَيّ أثرُ السفر ووَعْثاؤه، فألقيتُ نفسي على دكّان
حمّامٍ فذهب بي النوم، فما انتبهتُ إلّا بمقرعة أبي محمّد قد قرعني بها حتّى
استيقظتُ فعرفته، فقمتُ قائماً أقبِّل قدمه وهو راكبٌ والغلمان من حوله.
فكان أوّل ما تلقّاني
به أن قال: يا إِدْريسُ ﴿..بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ
وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ (الأنبياء:26-27).
فقلت: حسبي يا مولاي،
وإنّما جئتُ أسألك عن هذا.... فتركني ومضى».
* عن سفيان بن محمد الضبعيّ، قال: «
كَتَبْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عليه السّلام، أَسْأَلُه عَنِ الْوَلِيجَةِ وهُوَ قَوْلُ
الله تَعَالَى عزّ وجلّ: ﴿..وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا
الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً..﴾ (التوبة:16)، قُلْتُ فِي نَفْسِي - لَا فِي الْكِتَابِ
- مَنْ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ هَاهُنَا؟
فَرَجَعَ الْجَوَابُ: الْوَلِيجَةُ،
الَّذِي يُقَامُ دُونَ وَلِيِّ الأَمْرِ، وحَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ،
مَنْ هُمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ فَهُمُ الأَئِمَّةُ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ عَلَى
الله فَيُجِيزُ أَمَانَهُمْ».
* وعن محمّد بن درياب
الرقاشيّ، قال: «كتبتُ إلى أبي محمّد أسأله عن المِشكاة... فرجع الجواب: المِشْكاةُ
قَلْبُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ...».
* عن محمّد بن عبد العزيز
البلخيّ، قال: «أصبحتُ يوماً فجلستُ في شارع الغنم، فإذا بأبي محمّدٍ عليه السلام قد
أقبل من منزله يريد دار العامّة، فقلت في نفسي: تُرى إن صِحتُ: أيّها الناس هذا حجّةُ
الله عليكم فاعرفوه، يقتلوني؟
فلمّا دنا منّي أومأ بأصبعه السبّابة
على فيه أنِ اسكُت! ورأيتُه تلك الليلة يقول: إنَّما هو الكِتْمانُ أَوِ القَتْلُ،
فَاتَّقِ اللهَ عَلى نَفْسِكَ».
* وعن محمّد بن الربيع
الشيبانيّ، قال: «ناظرتُ رجلاً من الثنويّة بالأهواز، ثمّ قدمتُ سرّ من رأى، وقد
علق بقلبي شيءٌ من مقالته، فإنّي لَجالسٌ على باب أحمد بن الخضيب إذ أقبل أبو محمّدٍ
عليه السلام من دار العامّة يوم الموكب، فنظر إليّ وأشار بسبابته: أحَدٌ أحَد،
فَوَحِّدْهُ، فسقطتُ مغشيّاً عليّ».