..غُفِر له وأُلحِق برسول الله ^{صلّى الله عليه وآله}

أعمال ومراقبات شهر جُمادى الأولى

ـــــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــــ

اليوم الثّالث عشر: شهادة الصِّدّيقة الكُبرى ^{عليها السلام}

* في مثل هذا اليوم من السنة الحادية عشرة للهجرة كانت شهادة الصّدّيقة الكبرى السيّدة فاطمة الزّهراء عليها السّلام، بحسب الرواية الثانية في شهادتها سلام الله عليها، فمن المناسب زيارتها وإقامة مأتمها.  

* وفي كتاب (مصباح الأنوار) - من مصادر (بحار الأنوار) - للمحدّث الجليل هاشم بن محمّد، عن أمير المؤمنين، عن السيدة الزهراء عليهما السلام، قالت: «قالَ لي أبي: مَنْ صلَّى عليكِ غَفَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ له، وأَلْحَقَهُ بي حيثما كنتُ مِن الجنّة».

* وفي (مصباح المتهجّد) للشيخ الطوسي رضوان الله تعالى عليه، بسنده عن الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام، نصُّ هذه الصّلاة على الصّدّيقة الكبرى عليها السّلام:

«أللّهُمَّ صَلِّ عَلى الصِّدِّيقَةِ فاطِمَةَ الزَّكِيَّةِ، حَبِيبَةِ حَبِيبِكَ وَنَبِيِّكَ، وَأُمِّ أَحِبَّائِكَ وَأَصْفِيائِكَ الَّتِي انْتَجَبْتَها وَفَضَّلْتَها وَاخْتَرْتَها عَلى نِساءِ العالَمِينَ.

أللّهُمَّ كُنِ الطَّالِبَ لَها مِمَّنْ ظَلَمَها وَاسْتَخَفَّ بِحَقِّها، وَكُنِ الثَّائِرَ اللّهُمَّ بِدَمِ أَوْلادِها.

أللّهُمَّ وَكَما جَعَلْتَها أُمَّ أَئِمَّةِ الهُدى وَحَلِيلَةَ صاحِبِ اللِّواءِ وَالكَرِيمَةَ عِنْدَ المَلأ الأعْلى، فَصَلِّ عَلَيْها وَعَلى أُمِّها خديجةَ الكُبرى صَلاةً تُكْرِمُ بِها وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَتُقِرُّ بِها أَعْيُنَ ذُرِّيَّتِها، وَأبْلِغْهُمْ عَنِّي فِي هذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ».

* وحول كيفية زيارتها عليها السلام، قال المحدّث الشّيخ عبّاس القمّيّ في (مفاتيح الجنان):

«تُصلّي صلاةَ الزّيارة، أو صلاتها عليها السّلام؛ وهي ركعتان:

- تقرأ في كلٍّ منهما بعد (الحمد) سورة (قل هو الله أحد) ستّين مرّة.

- فإن لم تقدر فاقرأ بعد (الحمد) في الأولى (قل هو الله أحد)، وفي الثّانية: (قل يا أَيّها الكافرون).

- فإذا سلّمتَ فقُل: (السَّلامُ عَليكِ يا سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا والِدَةَ الحُجَجِ عَلى النّاسِ أَجْمَعِينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها المَظْلومَةُ المَمْنُوعَةُ حَقَّها. أللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ نَبِيِّكَ، صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى عِبادِكَ المُكَرَّمِينَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَأَهْلِ الأَرْضِينَ).

فقد رُوي أنَّ مَن زارها بهذه الزّيارة واستغفر اللهَ، غفر اللهُ له وأدخلَه الجنّة».

* وفي (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي أن ما رُوي في فضل زيارتها عليها السلام «أكثر من أنْ يُحصى».

* وتُزار صلوات الله عليها في هذا اليوم أيضاً، بالزّيارة التي رواها العلّامة الحلّيّ في (تذكرة الفقهاء)، عن بعض الهاشميّين، عن الإمام أبي جعفر الجواد عليه السَّلام أنّه قال له: «إذا صرتَ إلى قبر جدّتك فقُل:

(يا مُمْتَحَنَةُ، امْتَحَنَكِ الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ به صابِرَةً، وَزَعَمْنا أَنّا لَكِ أَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرونَ لِكُلِّ ما أَتانا بِهِ أَبوكِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ، وَأَتى بِهِ وَصِيُّهُ، عَلَيْهِ السَّلامُ، فَإِنّا نَسْأَلُكِ إِنْ كُنّا صَدَقْناكِ إِلّا أَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ أَنْفُسَنا بِأَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوِلايَتِكِ)..».

اليوم الخامس عشر: ولادةُ الإمام زين العابدين ^{عليه السلام} (على رواية)

* وُلد الإمام عليّ بن الحسين، زين العابدين عليه السلام في النصف من شهر جُمادى الأولى سنة 36 للهجرة، كما في (مسارّ الشيعة) للشيخ المفيد، قال رضوان الله عليه: «وهو يومٌ شريف يُستحبّ فيه الصيام والتطوُّع بالخيرات».

* وحول صيام أيّام ولادات المعصومين عليهم السّلام، ورد في الحديث عن الإمام الصّادق عليه السّلام: «إنّ الصّومَ لا يكونُ للمصيبة، ولا يكونُ إلّا شكراً للسّلامة..».

* وفي كتاب (المراقبات) للفقيه الملَكي التبريزي، قال: «ويوم النصف منه – أي من جُمادى الأولى - رُوي أنّه يوم ولادة الإمام السجّاد عليه الصلاة والسلام، فينبغي تعظيمُ اليوم بالعمل..».

* ويقول سيد العلماء المراقبين السيد ابن طاوس في (إقبال الأعمال) حول إحياء مناسبات مواليد المعصومين عليهم السلام: «إنّ أوقات ولادة الأطهار هو يوم إطلاق المبارِّ والمَسَارِّ، وفتحُ بابٍ من أبواب السعادات والعنايات، وترتيبٌ ثابت على العبيد يدلّهم على ما يحتاجون إليه من مقامٍ حميد. فينبغي أن يكون مصاحبة ذلك الوقت العظيم بقدر ما يستحقّه من التكريم..».

اليوم الخامس: ولادة السيدة زينب ^{عليها السلام}

كانت ولادة عقيلة بني هاشم مولاتنا السيّدة زينب عليها السّلام في اليوم المبارك الخامس من شهر جُمادى الأولى، من السّنة الخامسة للهجرة. وهي تاليةُ أمّها الزّهراء عليهما السلام، حيث كانت تقضي عامّة لياليها بالتهجّد وتلاوة القرآن. قالت فاطمة بنت الإمام الحسين عليها السلام: «وأمّا عمّتي زينب فإنّها لم تزل قائمةً... في محرابها تستغيثُ إلى ربّها..».

ورُوي أن الإمام الحسين عليه السلام أوصاها، فقال لها: «يا أُختاه، لا تَنسيني في نافلة اللّيل».

وخاطبها الإمام زين العابدين عليه السلام بالقول: «يا عمّة، أنتِ، بحَمْدِ الله، عالمةٌ غيرُ مُعَلَّمة، وَفَهِمَةٌ غير مُفَهَّمة».

«صلاةُ الطاهرة» برواية الشيخ الطوسي

قال الشّيخ الطّوسيّ قدّس سرّه في (مصباح المتهجّد):

«صلاة الطّاهرة فاطمة عليها السّلام: هما ركعتان:

- تقرأ في الأولى (الحمد)، ومائة مرّة (إنّا أنزلناه في ليلة القدر).

- وفي الثّانية (الحمد)، ومائة مرّة (قل هو الله أحد).

- فإذا سلّمت سبّحت تسبيح الزّهراء عليها السّلام.

- ثمّ تقول: سُبْحانَ ذِي العِزِّ الشَّامِخِ المُنِيفِ، سُبْحانَ ذِي الجَلالِ الباذِخِ العَظِيمِ، سُبْحانَ ذِي المُلْك ‌ِالفاخِرِ القَدِيمِ، سُبْحانَ مَنْ لَبِسَ البَهْجَةَ وَالجَمالَ، سُبْحانَ مَنْ تَرَدَّى بِالنُّورِ وَالوَقارِ، سُبْحانَ مَنْ يَرى أَثَرَ النَّملِ فِي الصَّفا، سُبْحانَ مَنْ يَرى وَقْعَ الطَّيْرِ فِي‌الهَواءِ، سُبْحانَ مَنْ هُوَ هكذا لا هكذا غَيْرُهُ».

ثمّ قال: «وينبغي لِمَن صَلّى هذه الصّلاة وفرغ من التّسبيح أن يكشف رُكبتيه وذراعَيه ويُباشر بجميع مساجده الأرض بغير حاجزٍ يحجز بينه وبينهما، ويدعو ويسأل حاجته وما شاء من الدّعاء، ويقول وهو ساجِد:

(يَا مَنْ لَيْسَ غَيْرَهُ رَبٌّ يُدْعَى، يا مَنْ لَيْسَ فَوْقَهُ إِلهٌ يُخْشى، يا مَنْ لَيْسَ دُونَهُ مَلِكٌ يُتَّقى، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ وَزِيرٌ يُؤْتى، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ حاجِبٌ يُرْشَى، يا مَنْ لَيْسَ لَهُ بَوَّابٌ يُغْشَى، يا مَنْ لا يَزْدادُ عَلى كَثْرَةِ السُّؤالِ إِلّا كَرَماً وَجُوداً، وَعَلى كَثْرَةِ الذُّنُوبِ إِلّا عَفْوا وَصَفْحاً، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بِي كَذا وَكَذا)، ويسأل حاجته».

.. أسْتغفِرُكَ من كلّ لذّةٍ بغيَر ذِكرك

في (مناجاة الذاكرين) لرابع أئمّة المسلمين، الإمام زين العابدين، عليّ بن الحسين، يقول صلوات الله عليه، مناجياً المولى تبارك وتعالى:

«أنت المسبَّحُ في كلِّ مكان، والمعبودُ في كلّ زمان..

 والموجودُ في كلِّ أَوَان، والمَدْعُوُّ بكلِّ لسان، والمُعَظَّمُ في كلِّ جَنان.

 فأَسْتغفِرُكَ من كلِّ لَذَّةٍ بغير ذِكْرِك، ومن كلِّ راحةٍ بغير أُنْسِك..

ومن كلِّ سُرورٍ بغَير قُربك، ومن كل شُغْلٍ بغير طاعتِك..».

(الصحيفة السجادية)

استغاثة أهل دمشق بالسيّدة زينب عليها السلام

يقول الباحث هاشم عثمان في كتابه (مشاهد ومزارات آل البيت عليهم السلام في الشام):

«أكّد كثيرٌ من المؤرخين والباحثين أنّ المقام الذي في دمشق الشام هو للسيدة زينب بنت الإمام عليّ عليه السلام، ومنهم الشيخ العارف أبو بكر الموصلّي، الذي يقول:

توفّيت السيّدة الكبرى بنت عليّ رضي الله عنه بغوطة دمشق عقيب محنة أخيها، ودُفنت في قرية من ضواحي دمشق اسمها راوية، ثم سُمّيت البلدة بها. والآن يُقال للبلدة (السِّت)، ولا تُعرف إلّا بـ (قبر السّت)..

ومنهم ابن طولون الدمشقي الذي ذكرها في مصنّف له، وذكر لها مناقب وكرامات. وغيرهما كثيرون....

وقبر الستّ زينب مشهور يُزار. وقد ذكر نعمان قساطلي أنّه في نهاية العشر الأول من محرّم كلّ سنة يخرج الشيعة لزيارتها، ويندبون أهل بيت النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم.

كما اعتاد أهل دمشق زيارة قبرها الشريف كلّما نزلت بهم نازلة، والاستغاثة بها لكشف البلاء. وهذا ما حكاه الشيخ أحمد البديري الحلاق، في أخبار سنة 1160 للهجرة من (يوميّاته)، قال: كَثُر الجراد وأضرّ بالعباد... وهذا كلّه مع ازدياد الفجور والفسق والغرور والغلاء والشرور، فخرج الشيخ إبراهيم الجبّاوي ومعه (الناس) بالأعلام والطبول، وقصدوا زيارة السيدة زينب، واستغاثوا عندها بكشف البلاء عن العباد، ورجعوا آخر النهار..».