يوم الفطر.. أشبه بيوم قيامتكم
أعمال ومراقبات شهر شوّال
____ إعداد: «شعائر» ____
عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «سُمِّي
شوّالاً لأنّ فيه شالت ذنوب المؤمنين»، أي ارتفعت. وفي (المصباح) قال
الشيخ الكفعمي حول شوّال: «وهو أوّل أشهر الحجّ، وأوّل يومٍ منه عيد الفطر،
ويقال له: يوم الرّحمة لأنّ الله تعالى يرحمُ فيه عبادَه». وأوّل
ليلة منه عظيمة الشأن وللعبادة فيها خصوصية؛ فقد
رُوي عن الإمام السجّاد عليه السلام أنّه كان يوصي أولاده في حقِّ هذه اللّيلة،
ويقول: «ليس بدون اللّيلة» أو «ما هي بدون اللّيلة»، يريدُ ليلةَ
القدر.
الليلة الأولى: ليلةُ العيد
حول مراقبات ليلة الفطر
قال السيّد ابن طاوس في (الإقبال): «ممّا يختص بليلة عيد الفطر وهي عدّة مقامات؛
فمنها أن تعرف قدر المنّة لله جلّ جلاله، كيف عرّفك ما عرفت من فضله، وأدخلك في
شهر الصيام تحت ظلّه، ووصل حبلك بحبله، ووفّقك للإقبال عليه، وتكون مشغولاً بالشكر
والحمد لله والثناء عليه عن طلب شيءٍ من الحوائج إليه، فإنّه يوشك إذا رآك الله جلّ
جلاله قد قدّمت الاشتغال بتقديس مجده وتعظيم حمده عن طلب رفده، اقتضى ذلك الكرم
والجود أن يزيدك عمّن لم يكن مثلك في الوفود. ومنها أن تفهم معنى العيد الموجود، وأنّه
من مقامات السعود وإنجاز الوعود، وإقبال الله تعالى على العبيد...».
§
من أعمال ليلة الفطر
*
الإحياء: عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن أَحيَا لَيلَةَ العِيدِ، لَم
يَمُتْ قَلبُهُ يَومَ تَمُوتُ القُلوبُ».
*
الغسل في أوّل اللّيل وآخره.
* الأذكار: يرفع يدَيه إلى
السّماء إذا فرغ من فريضة المغرب ونافلته، ويقول: «يَا ذَا المَنِّ وَالطَّوْلِ،
يَا ذَا الجُودِ، يَا مُصطَفِيَ مُحَمَّدٍ وَآل مُحَمَّدٍ وَنَاصِرَهُ، صَلِّ عَلى
مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَحْصَيْتَهُ وَهُوَ عِندَكَ
فِي كِتابٍ مُبِينٍ».
ثمّ
يسجد ويَقول في سجوده مائةَ مرّة: «أتُوبُ إِلى اللهِ». ثمّ يسأل اللهَ
تَعالى ما يشاء.
* التّكبير: عقيب أربع صلوات: المغرب، والعشاء الآخرة،
وصلاة الفجر، وصلاة العيد، يقول: «اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكبَرُ، لا إِلهَ
إِلَّا الله، وَاللهُ أَكبَرُ اللهُ أَكبَرُ، وَللهِ الحَمدُ، الحَمدُ للهِ عَلى
ما هَدانا، وَلهُ الشُّكرُ عَلى ما أَولانا».
*
زيارة الإمام الحسين عليه السّلام، ولزيارته صلوات الله عليه في هذه اللّيلة فضلٌ
عظيم.
§
من صلوات ليلة الفطر
* عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: «مَن صَلّى لَيْلَةَ
العيدِ سِتَّ رَكَعَات، يَقرَأُ فِي كُلِّ رَكعَةٍ خمسَ مرّاتٍ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد)،
إلّا شُفِّعَ في أَهلِ بَيتِهِ كُلِّهِم، وَإِن كَانوا قَد وَجَبَتْ لهمُ النّارُ».
* أربع عشرة ركعة،
يقرأ في كُلِّ ركعة (الحَمد)، وآية (الكرسيّ)، وثلاث مرّات سورة (قل هُوَ الله أحد)،
ليكون لَهُ بكلِّ ركعة عبادة أربعين سنة، وعبادة كُلّ مَن صام وصَلّى في هذا الشّهر.
*
في حديثٍ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، قال: «مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ عيدِ الفِطْرِ،
عَشْرَ رَكَعاتٍ، بـ (الحمد) مَرَّةً، و(الإخلاص) عَشْرَ مَرّاتٍ، وَيَقولُ مَكانَ
تَسبيحِ الرُّكوعِ وَالسُّجودِ: (سُبحانَ الله والحَمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ
واللهُ أكبر)، وَيُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيَسْتَغْفِرُ اللهَ أَلْفَ
مَرَّةٍ بَعْدَ الفَراغِ، وَيَقولُ في سَجْدَةِ الشُّكْرِ: (يَا حَيُّ يا قَيُّومُ،
يَا ذَا الجَلالِ والإكرامِ، يَا رَحْمَنَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَرَحيمَهُما، يا
أَرْحَمَ الرّاحِمينَ، يا إِلَهَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ، اِغْفِرْ لي ذُنوبي وَتَقَبَّلْ
صَوْمي وَصَلاتي)، لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنَ السُّجودِ حَتّى يَغْفِرَ لَهُ، وَيَتَقبَّلَ
مِنْهُ صَوْمَهُ، وَيَتَجاوَزَ عَنْ ذُنوبِهِ».
اليوم الأوّل من شوّال: يوم عيد الفطر
نقل الشيخ الصدوق في
(الأمالي)، قال: «..عن الإمام الصَّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَن أَبيهِ، عَنْ
جَدِّهِ عَلَيهِ السّلامُ، قَالَ: خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ
بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيهِ السّلامُ النَّاسَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَقَالَ: أَيُّهَا
النَّاسُ، إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ يُثَابُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ،
وَيَخْسَرُ فِيهِ الْمُسِيئُونَ، وَهُوَ أَشْبَهُ يَوْمٍ بِيَوْمِ قِيَامَتِكُمْ.
فَاذْكُرُوا
بِخُرُوجِكُمْ مِنْ مَنَازِلِكُمْ إِلَى مُصَلَّاكُمْ خُرُوجَكُمْ مِنَ
الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّكُمْ. وَاذْكُرُوا بِوُقُوفِكُمْ فِي مُصَلَّاكُمْ
وُقُوفَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكُمْ. وَاذْكُرُوا بِرُجُوعِكُمْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ
رُجُوعَكُمْ إِلَى مَنَازِلِكُمْ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّار..».
§
أعمال يوم الفطر
قال
الشيخ المفيد في (مسارّ الشيعة): «أوّل يوم من شوّال، وهو يوم عيد الفطر، وإنّما
كان عيدَ المؤمنين بمسرّتهم بقبول أعمالهم، وتكفير سيّئاتهم، ومغفرة ذنوبهم، وما جاءهم
من البشارة من عند ربّهم -جلّ اسمه- من عظيم الثواب لهم على صيامهم، وقربهم،
واجتهادهم. وفي هذا اليوم:
* غسلٌ، وهو علامة التطهير من الذنوب.
* والتوجّه إلى الله تعالى في طلب الحوائج، ومسألة
القبول.
* ومن السُّنَّة فيه الطِّيب، ولبس أجمل الثياب،
والخروج إلى الصحراء، والبروز للصلاة تحت السماء.
* ويستحبّ أن يتناول الإنسان فيه شيئاً من المأكول
قبل التوجّه إلى الصّلاة، وأفضل ذلك السُّكَّر. ويستحبّ تناول شيء من تربة الحسين
عليه السلام، فإنّ فيها شفاءً من كلّ داء. ويكون ما يؤخَذ منها مبلغاً يسيراً.
* صلاة العيد.
* وفي هذا اليوم فريضةُ إخراج الفِطرة، ووقتها من
طلوع الشمس إلى الفراغ من صلاة العيد، فمَن لم يُخرجها من ماله وهو متمكّن من ذلك
قبل مضيّ وقت الصلاة فقد ضيّع فرضاً، واحتقبَ مأثماً. ومن أخرجها من ماله فقد أدّى
الواجب، وإنْ تعذّر عليه وجود الفقراء. والفطرة زكاةٌ واجبة، نطق بها القرآن،
وسنَّها النبيّ صلّى الله عليه وآله، وبها يكون تمامُ الصّيام، وهي من الشكر لله
تعالى على قبول الأعمال..».
صلاة العيد مظهر الرأفة والرحمة
قال
الشيخ الملكي التبريزي في (المُراقبات): «أصلُ بناء هذا المقام، وتشريع العيد،
والخروج إلى الصلاة، إنّما هو من أجل إظهار الرّأفة والرّحمة، وبَسطِ الجُود
والكرم والإفضال للرعيّة، والإذن العامّ في هذا المقام يقتضي طيّ بساط القَهر
والغضب، ونشر ألوية ألطاف الربّ، ولا يناسبه الخوفُ والرهبة، وإن كانت على العبد
ذنوب العالَمين، ويجمل في هذا الموقف إحسان الظنّ بالله، ورجاءُ عظيم مِنَحِه تعالى،
وكريم عطاياه، فبقدر حسن الظنّ بالله، واللّطف في الاستعطاف، والتأدّب بأدب الثّقة
بمواعيد الله تعالى، تزداد فيه الجوائز، وتُستمطَر سحائب الجود، ويظهر اسم السّعود».
§
دعاء قبل الخروج لصلاة العيد
ما رواه أبو حمزة الثمالي
عَن الإمام الباقر عليه السلام، قالَ: «أدعُ في العيدين والجمعة إذا تهيَّأت
للخروج بهذا الدُّعاء:
أللَّهُمَّ مَنْ
تَهيَّأَ فِي هذا اليَوْمِ أَوْ تَعَبَّأ أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ
إِلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ وَعطاياهُ، فَإِنَّ
إِلَيْكَ يا سَيِّدِي تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي وَإِعْدادِي وَاسْتِعْدادِي
رَجاءَ رِفْدِكَ وَجَوائِزِكَ وَنَوافِلِكَ وَفَواضِلِكَ وَفَضائِلِكَ وَعَطاياكَ،
وَقَدْ غَدَوْتُ إِلى عِيْدٍ مِنْ أَعْيادِ اُمَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ
الله عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ، وَلَمْ أَفِدْ إِلَيْكَ اليَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ
أَثِقُ بِهِ قَدَّمْتُهُ، وَلا تَوَجَّهْتُ بِمَخْلُوقٍ أَمَّلتُه، وَلكِنْ
أَتَيْتُكَ خاضِعاً مُقِرّاً بِذُنُوبِي وَإِساءتِي إِلى نَفْسِي، فَيا عَظِيمُ يا
عَظِيمُ يا عَظِيمُ، إِغْفِرْ لِيَ العَظِيمَ مِنْ ذُنُوبِي، فَإِنَّهُ لا
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ العِظامَ إِلَّا أَنْتَ، يا لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ، يا
أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ».
§
كيفية صلاة العيد
وهِيَ ركعتان، تقرأ في
الأوّلى (الحَمد) وسورة (الأعَلى)، وتُكبّر بَعد القراءة خمس تكبيرات، وتقنت بَعد
كُلّ تكبيرة، فتقول:
أللَّهُمَّ أَهْلَ
الكَبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الجُودِ وَالجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ العَفْوِ
وَالرَّحْمَةِ، وَأَهْلَ التَّقوى وَالمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذا
اليَوْمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِيْداً، وَلِمُحَمَّدٍ صَلّى الله
عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْراً وَمَزِيداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ
مُحَمّدٍ، وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيْهِ مُحَمَّداً
وَآلَ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ
مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ. أللَّهُمَّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما سَأَلَكَ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمّا
اسْتَعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ.
ثمّ تكبّر السّادِسَة
وتركع وتسجد، ثمّ تنهض للركعة الثّانِيَة فتقرأ فيها بَعد (الحَمد) سورة (الشمس)،
ثمّ تكبّر أربع تكبيرات، تقنت بَعد كُلّ تكبيرة، وتقرأ في القنوت ما مرّ، فإذا
فرغت كبّرت الخامسة فركعتَ وأتممتَ الصلاة، وسبّحت بَعد الصلاة تسبيح الزهراء
عليها السلام.
اليوم الخامس والعشرون: شهادة الإمام الصّادق عليه السّلام
*
استُشهدَ الإمام الصّادق، صلوات الله عليه، في الخامس والعشرين من شهر شوّال سنة
148 من الهجرة الشّريفة، متأثّراً بسمّ دسّه إليه المنصور العبّاسيّ.
*
يُزار
عليه السّلام في هذا اليوم بزيارة (أمين الله)، وهي في غاية الاعتبار
ومرويّة في جميع كُتب الزيارات والمصابيح، وقال العلّامة المجلسيّ: «إنّها أحسن
الزيارات متناً وسنَداً، وينبغي المواظبة عليها في جميع الروضات المقدّسة». كذلك
يُزار الإمام الصادق عليه السّلام بإحدى الزيارات الجامعة، وهي ما يُزار به كلّ إمام
من الأئمّة عليهم السلام.