«فلسطين
قضية الأمة»
القدس وتصحيح المفاهيم والمصطلحات
ــــــــــــــــــــ
بلال حسن التل* ــــــــــــــــــــ
يوفّر لنا القرار
المشؤوم للرئيس الأميركي دونالد ترامب فرصة تاريخية، لتصحيح الكثير من المفاهيم
والمصطلحات، ذات العلاقة بقضية فلسطين، والتي جرى تشويهها في السنوات الأخيرة. ممّا
ترك آثاراً سلبية على قضية الأمة المركزية.
أول المصطلحات التي
تحتاج إلى تصحيح، مصطلح انتساب القضية؛ فقد شاع في السنوات الأخيرة مصطلح «القضية
الفلسطينية»، الذي يتناقض مع مفهوم أنّ فلسطين هي قضية الأمّة كلّها، لأسباب كثيرة
لها علاقة بالدين والجغرافيا والتاريخ والتركيبة السكانية للمنطقة، ممّا يعني أنّ
قضية فلسطين لا تخصّ أهلها فقط، كما أراد الذين روّجوا مصطلح «القضية الفلسطينية»،
الذي يحرم فلسطين وأهلها من عمقهم العربي والإسلامي والديني والتاريخي والجغرافي،
ويُضعف من القوة الحاضنة والحامية لهذه القضية.
فمن المعروف أنّ
للمصطلح دلالات، وأنّه يعبّر عن مفهوم ورؤية، لذلك فمنذ أن شاع مصطلح «القضية
الفلسطينية»، تصاعد حديثُ - ثمّ سلوك البعض - باتّجاه التخلّي عن المسؤولية نحو
فلسطين وأهلها ومقدّساتها. بل وأكثر من ذلك، فقد صارت حفنة من المحسوبين على الأمّة
تدافع عن حقّ اليهود في فلسطين، وتدنّى مستوى تمثيل الكثير من الدول التي شاركت في
القمّة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي التي انعقدت لدراسة سُبل التصدّي لقرار
ترامب حول القدس، التي صارت نسبة ضئيلة من المحسوبين على الأمّة تعتبرها «قضية فلسطينية»
تخصّ الفلسطينين فقط، لأنّ الجزء يتبع الكلّ، فما دامت «القضية فلسطينية»، فإنّ
القدس هي الأخرى قضية فلسطينية عند هؤلاء.
وبذريعة أنّ «القضية
فلسطينية» ومن منطلق أنّ فلسطين قضيتهم هم فقط، وقّع جزء من ممثلي أبناء فلسطين
على اتفاقية مع المحتلّ، ظنّوها طريقاً للوصول إلى الحقّ، ومن يومها صار السلام
والتطبيع مع العدوّ هدفاً معلَناً للكثير من الحكومات والأنظمة، وهو أمر ساعد عليه
شيوع مصطلح «القضية الفلسطينية».
ومثل مصطلح «القضية
الفلسطينية»، كذلك مصطلح «الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي»، الذي قزَّم الصراع حول فلسطين،
ليقتصر على الفلسطينين الذين تخلّى عنهم الكثير من بني جلدتهم وشركائهم في
الجغرافيا والتاريخ، بعد أن تمّ حصر الصراع بالفلسطينين، ولم يعد صراعاً عربياً «إسرائيلياً»،
وقد ساهم مصطلح «الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي» بترسيخ كلّ المفاهيم التي نتجت عن
مصطلح «القضية الفلسطينية» بدلاً من مصطلح «قضية فلسطين».
هذا المصطلحان، مصطلح «القضية
الفلسطينية»، ومصطلح «الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي»، كذّبتهما ردّة الفعل
الغاضبة والرافضة للقرار الأميركي، باعتبار القدس عاصمة للكيان المحتلّ، فخرج
أبناء الأمّة من المحيط إلى المحيط، وأينما تواجدوا غضباً للقدس، وصار الدفاع عن
المقدّسات هدفاً للأمّة، ممّا يعيد القضية إلى جوهرها الحقيقي «قضية فلسطين» و«قضية
الأمّة» ومقدّساتها، ممّا أحيا البُعد الديني في قضية فلسطين، وهو بُعد يتبنّاه
المحتلّ وهو الأساس الذي أقام عليه الصهاينة مشروعهم. فرغم أنّ جلّ زعماء الصهاينة
من الملاحدة، لكنّهم بنوا مشروعهم على مزاعم وقواعد دينية تلمودية، مثلما جمعوا
الأنصار والمؤيّدين من غير اليهود على أساس ديني أيضاً، فصار العالم يعرف «المسيحية
الصهيونية»، وصار «المحافظون الجدد» في الولايات المتحدة الأميركية من أشدّ أنصار «إسرائيل»
وداعميها، وكلّ مَن يدقّق في خطاب الرؤوساء الأميركيين، وآخرهم ترامب، سيجد أنّه
خطاب مترع بالمفاهيم الدينية، وأنّ الدعم الأميركي لـ«إسرائيل» يتمّ بدوافع دينية
مستمَدّة من العهد القديم. وقبل ذلك كلّه، فإنّ الهدف الرئيسي المعلن للعدوّ
الصهيوني، هو إعادة بناء هيكل سليمان، وهو رمز ديني، من أجله تنادى الصهاينة إلى «أرض
الميعاد»، وصار جزءٌ من البرنامج الرسمي لأيّ زائرٍ للكيان الغاصب لبسَ «الكيباه»
على رأسه، والصلاة أمام حائط البراق باعتباره حائط المبكى.
وبعد، فإنّ البُعد
الديني في الصراع حول فلسطين حقيقة لا ينكرها إلّا مُكابر أو جاهل. وإلّا ما سرّ
غضبة المسلمين من طنجة إلى جاكرتا نصرةً للقدس وفلسطين؟ وما سرّ هذا التلاحم
الإسلامي المسيحي حول هويّة القدس الحضارية. لذلك فإنّ علينا أن نقاتل العدوّ بنفس
سلاحه؛ فما دام هو يستقطب الأنصار والداعمين على أُسس ومبرّرات دينية، فلماذا نحرم
نحن أنفسنا من أنصارنا الذين يتشوّقون لنصرة الأقصى باعتباره أُولى القبلتَين
وثالث الحرمَين. وهذا مبرّر كافي لتصحيح المصطلحات، لتصحيح المفاهيم ذات العلاقة
بالصراع على فلسطين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب وباحث سياسي من الأردن
لو
دخلت الرياض في حرب مع طهران؟!
أكّدت مجلة «نيوزويك»
الأميركية في تقريرٍ لها أن محاولات المملكة السعودية لبسط نفوذها وإبراز قوتها في
المنطقة لم تكلّل بنجاحات ملموسة، كما أنها فشلت فشلاً ذريعاً في التصدّي لإيران، وسط
تورّط قواتها المسلحة في حرب اليمن، في صراع كِلفته عالية ولا تبدو له نهاية في الأفق
المنظور.
ولفت
التقرير إلى أن السعودية كانت فرصتها ضيئلة لاستهداف إيران حتى عندما كانت الأخيرة
في أضعف لحظاتها، فقد تحالف الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الكيان الصهيوني
والسعودية في محاولة لعزل إيران دبلوماسياً، والضغط عليها اقتصادياً عبر فرض
عقوبات جديدة عليها.
وقالت
المجلة، إنه رغم تشديد العقوبات الأميركية إلى جانب انخفاض سعر النفط لتدفق
الأموال اللازمة لدعم الاقتصاد الإيراني، فإن السعودية لم تنجح في وقف إيران.
ونقلت
المجلة عن توماس ليبمان خبير الشؤون الخليجية في معهد الشرق الأوسط قوله إنه «في
حال دخلت الرياض في حرب مع طهران، فإنّ السعودية لن تستمر لأسبوع، والنظام السعودي
يعلم ذلك؛ فهم منهكون في حرب اليمن التي لا يستطيع الجيش السعودي الواهن هزيمة
الحوثيين فيها».
أضاف
«ليبمان» أن سكان السعودية يعادلون ربع سكان إيران، كما أن شريان الحياة الضروري
للسعودية يقع بالكامل في الساحل الشرقي للسعودية على الخليج الفارسي، سواء منشآت
النفط أو محطات تحلية المياه، وهي أهداف سهلة وواضحة للبحرية الإيرانية المتمركزة
بكثافة في الخليج الفارسي.
* الموقع الإلكتروني لقناة العالم