لا
يُطلَبُ النَّصرُ بالجَور
«.. عَنْ أَبِي
مِخْنَفٍ الأَزْدِيِّ، قَالَ: أَتَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ الله
عَلَيْه رَهْطٌ مِنَ الشِّيعَةِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ
أَخْرَجْتَ هَذِه الأَمْوَالَ فَفَرَّقْتَهَا فِي هَؤُلَاءِ الرُّؤَسَاءِ
والأَشْرَافِ وفَضَّلْتَهُمْ عَلَيْنَا، حَتَّى إِذَا اسْتَوْسَقَتِ الأُمُورُ
عُدْتَ إِلَى أَفْضَلِ مَا عَوَّدَكَ الله مِنَ الْقَسْمِ بِالسَّوِيَّةِ والْعَدْلِ
فِي الرَّعِيَّةِ.
فَقَالَ أَمِيرُ
الْمُؤْمِنِينَ عليه السّلام: أتَأْمُرُونِّي وَيْحَكُمْ أَنْ أَطْلُبَ
النَّصْرَ بِالظُّلْمِ والْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْه مِنْ أَهْلِ
الإِسْلَامِ؟! لَا والله لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ [أي
ما اختلف اللّيل والنهار] ومَا رَأَيْتُ فِي
السَّمَاءِ نَجْماً. والله لَوْ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ مَالِي لَسَاوَيْتُ
بَيْنَهُمْ، فَكَيْفَ وإِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُهُمْ.
قَالَ: ثُمَّ أَزَمَ
سَاكِتاً طَوِيلاً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَه، فَقَالَ: مَنْ كَانَ فِيكُمْ لَه مَالٌ
فَإِيَّاه والْفَسَادَ؛ فَإِنَّ إِعْطَاءَه فِي غَيْرِ حَقِّه تَبْذِيرٌ
وإِسْرَافٌ، وهُوَ يَرْفَعُ ذِكْرَ صَاحِبِه فِي النَّاسِ ويَضَعُه عِنْدَ الله،
ولَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ مَالَه فِي غَيْرِ حَقِّه وعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِه إِلَّا
حَرَمَه الله شُكْرَهُمْ وكَانَ لِغَيْرِه وُدُّهُمْ. فَإِنْ بَقِيَ مَعَه
مِنْهُمْ بَقِيَّةٌ مِمَّنْ يُظْهِرُ الشُّكْرَ لَه ويُرِيه النُّصْحَ فَإِنَّمَا
ذَلِكَ مَلَقٌ مِنْه وكَذِبٌ، فَإِنْ زَلَّتْ بِصَاحِبِهِمُ النَّعْلُ ثُمَّ
احْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِمْ ومُكَافَأَتِهِمْ فَأَلأَمُ خَلِيلٍ وشَرُّ خَدِينٍ.
ولَمْ يَضَعِ امْرُؤٌ
مَالَه فِي غَيْرِ حَقِّه وعِنْدَ غَيْرِ أَهْلِه إِلَّا لَمْ يَكُنْ لَه مِنَ
الْحَظِّ فِيمَا أُتِيَ إِلَّا مَحْمَدَةُ اللِّئَامِ وثَنَاءُ الأَشْرَارِ، مَا
دَامَ عَلَيْه مُنْعِماً مُفْضِلاً. ومَقَالَةُ الْجَاهِلِ: مَا أَجْوَدَه، وهُوَ
عِنْدَ الله بَخِيلٌ، فَأَيُّ حَظٌّ أَبْوَرُ وأَخْسَرُ مِنْ هَذَا الْحَظِّ،
وأَيُّ فَائِدَةِ مَعْرُوفٍ أَقَلُّ مِنْ هَذَا الْمَعْرُوفِ؟ فَمَنْ كَانَ
مِنْكُمْ لَه مَالٌ فَلْيَصِلْ بِه الْقَرَابَةَ، ولْيُحْسِنْ مِنْه الضِّيَافَةَ،
ولْيَفُكَّ بِه الْعَانِيَ والأَسِيرَ وابْنَ السَّبِيلِ، فَإِنَّ الْفَوْزَ
بِهَذِه الْخِصَالِ مَكَارِمُ الدُّنْيَا وشَرَفُ الآخِرَةِ».
(الكليني،
الكافي: 4/31-32)
وادي السلام
«وادي السَّلام»
اسمٌ للوادي الكبير الواقع بالجانب الشمالي الشرقي من مدينة النجف الأشرف في
العراق، وهو مقبرة عظيمة جدّاً، وربما عُدَّت أكبر مقبرة في العالم، أو من أكبرها نظراً
لمساحتها الواسعة.
وهذه المقبرة بقعة
مباركة تضمُّ مرقد النبيَّين هود وصالح عليهما السلام، كما تضمُّ قبور عددٍ كبيرٍ
من أولياء الله الصالحين، والعلماء الأبرار، والموالين الذين دُفنوا في ذلك الموضع،
حيث إنّ هناك روايات تؤكّد أنّ «وادي السلام» بقعة من بقاع جنّة عَدْن، وأن
أرواح المؤمنين تجتمع إلى بعضها في هذا الوادي:
* عن أمير المؤمنين عليه السلام: «..
وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ فِي بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ إِلَّا قِيلَ
لِرُوحِهِ: (الْحَقِي بِوَادِي السَّلَامِ)، وَإِنَّهَا لَبُقْعَةٌ مِنْ جَنَّةِ
عَدْنٍ».
* وعن الإمام الصادق
عليه السلام:«.. أَمَا إِنَّهُ لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ فِي شَرْقِ الْأَرْضِ
وَغَرْبِهَا إِلَّا حَشَرَ اللهُ رُوحَهُ إِلَى وَادِي السَّلَامِ. فسُئل
الإمام: وأين وادي السلام؟ قال: ظَهْرُ الْكُوفَة..».
(الكليني، الكافي:
3/243)
المجلة
