وصايا

وصايا

منذ أسبوع

وصيّة المحقّق الشيخ أحمد النراقي لأخيه

 

لا تَسامُحَ في صِلة الأرحام

وصيّة المحقّق الشيخ أحمد النراقي لأخيه

اتَّقِ دعاء المظلوم فإنّه أنفذُ من السيف

ـــــــــــــــــــــــ إعداد: «شعائر» ـــــــــــــــــــــــ

وصية نافعة من المحقّق الشيخ أحمد النراقي، لأصغر إخوته «محمّد مهدي»، سَمِيّ والدهما المولى النراقي صاحب (جامع السعادات). جاءت هذه الوصيّة في خاتمة إجازة الشيخ أحمد لأخيه، نوردها نقلاً عن مقدمة التحقيق على كتاب (عوائد الأيام) لصاحب الوصيّة.

 

يا أخي وقرّة عيني وبهجة قلبي! أيّدك اللهُ بتأييده وجعلك من خُلّص عبيده وسَلَكك في سِلك العلماء الأخيار، وصيّرك من المقرّبين الأبرار، وأطال عمرك في الدنيا بالنعمةِ والعافية، ورَزقك في العُقبى مرافقة الأخيار والدرجات العالية.

أولاً: عليك بتعظيم ربّك وتمجيده، والقيام بوظائف شكره وتحميده، وَلْيَغلب على لسانك ذِكرُه على سائر الأذكار، وعلى جَنانك فكرُه على سائر الأفكار، وإيّاك أن تُغلِّبَ على حبِّه حبَّ الأغيار، فإنّ ذلك يُوجب السقوط عن مراتب الأخيار، وعدم الوصول إلى عالم الأنوار. وعليك بالقيام بوظائف خدمته والسعي في امتثال أوامره وإجابة دعوته، فإنّ حقّه عليك عظيم، ومَنَّه عليك جسيم.

ثانياً: ثمّ عليك التذلّلُ إليه والتضرّع والاستكانة لديه، وإظهار الذلّة والمسكنة في بابه، والمبالغة في إبراز المهانة والفاقة عند جنابه، فإنّه يورثُ عزّ الدارَين.

ثالثاً: عليك بتعظيم نبيّك وعترته وأئمّتك الأطهار من ذريّته، فإنهم وسائط الرحمة الإلهية ووسائل النجاة الأخروية.

رابعاً: عليك بتعظيم العلماء والفضلاء، وتكريم الصلحاء والأتقياء، والرغبة في مصاحبتهم وملازمتهم، والشوق إلى مجالستهم ومسادنتهم، فإنه يصفّي الباطن وينوّره. وإيّاك ومرافقة الجهّال والأراذل، ومحادثة مَن أكثر همّه الجاه والمال، فإنه يسوّد القلب ويكدّره.

خامساً: وعليك بتوقير المشايخ والمعمّرين، والبرّ والإحسان إلى كافة الموحّدين.

سادساً: وإيّاك وكَسْرَ قلبٍ من القلوب، فإنه أعظمُ المعاصي وأشدّ الذنوب. واتّقِ دعاء المظلوم.. فإنه أنفذُ من السيف والسّنان.

سابعاً: واجتهد في قضاء حوائج الإخوان، وإغاثة المضطرّين... سيّما الذريّة العلويّة الذين مودّتهم أجر الرسالة والنبوّة كما نطق به صريح الكتاب والسنّة. ولا تَسامُحَ في صِلة الأرحام، فإنها تَعمر الديارَ وتزيد في الأعمار.

ثامناً: وعليك بحفظ نواميس الدين وخدمة الشريعة بقدر الإمكان، من ترويج الأحكام ونشر مسائل الحلال والحرام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الجماعات ودعوة العباد إلى الطاعات.

تاسعاً: وإيّاك أن تعتمد في أمورك ومقاصدك على غير ربّك المنّان، فإنّ ذلك يُوجب الحقد والحرمان، كما نطق به القرآن الكريم، وتطابقت عليه نصوص المطهّرين، وشهد به التجربة والعيان، فاللازم أن تكون في أمورك واثقاً به تعالى متوكلّاً عليه آيساً عن غيره منقطعاً إليه، وتكون في كلّ ما يَرِد عليك راضياً بقضائه صابراً على بلائه، بل اجتهد أن تكون فرحاناً بكلّ ما يَرِدُ عليك من عالم القضاء من العافية والبلاء، فإن ذلك أجلّ مقامات أهل الولاء.

عاشراً: وعليك بالقناعة والكفاف والتباعد عن التبذير والإسراف، فإنها ذخيرةٌ ليس لها نفاد، وتجارة رابحة لا يتطرّقها الكساد.

* وإيّاك ثمّ إيّاك والاغترار بتملُّق أبناء الزمان، وكنْ من أوثقهم عندك على حذَر ﴿.. وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾. (فاطر:14)

* واعلم أنه لا نجاة إلا بتخلية الباطن من رذائل الصفات، وتَحليته بفضائل الأخلاق والملَكات، فمِلاك الأمر وضامن النجاة هو التخلّق بالأخلاق المَرْضِيّة والتزيّن بالفضائل الخُلقية، فإنها نفس البهجة والسعادة بتصريح النبيّين وإجماع المسلمين...

* ثمّ عليك بتقديم التروّي والتفكّر في كل أمرٍ تريد أن تفعله، فلا تدخل فيه إلا بملاحظة عاقبته.

* واجتهد في صرف وقتك في اكتساب الكمالات النفسية، وقطْع زمانك في اقتناء الفضائل العلمية، ولا تصرف عمرك في غير ذلك إلا في ما تحتاج إليه من أمر المعيشة، فإن ذلك ممّا رُخِّص فيه في الشريعة.

* هذه هي الوصايا النافعة لك. وأما الوصية الراجعة إليّ، فأن لا تنساني من الدعاء في الخلوات وشرائف الأوقات، وتتفقّدني بالترحّم عقيب الصلوات ومحلّ الاستجابات. وأُلزمك أن تذكرني بالترحّم وطلب الغفران في الحياة وبعد الممات، وأسأل اللهَ أن يعطيك خير الدارين وسعادة النشأتين بحقّ نبيّنا محمّدٍ وآله سادات الثّقلين.

***

من تسويلات الشيطان في الغِناء

«.. المرجعُ في (اللّهو) إلى العُرف، والحاكم بتحقّقه هو الوجدان، حيث يجدُ الصوتَ المذكور مناسباً لبعض آلات اللّهو وللرّقص، ولحضور ما تستلذّه القوى الشّهويّة، من كون المغنّي جارية... ونحو ذلك. ومراتبُ الوجدان المذكور مختلفة في الوضوح والخفاء... وظهر مما ذكرنا أنه لا فرق بين استعمال هذه الكيفية في كلام حقٍّ أو باطل، فقراءة القرآن والدعاء والمراثي بصوت يرجع فيه على سبيل اللّهو لا إشكالَ في حُرمتها ولا في تَضاعُف عِقابها، لكونها معصيةً في مقام الطاعة، واستخفافاً بالمقروّ والمدعوّ والمرثِيّ.

ومن أوضح تسويلات الشيطان: أن الرجل المتستّر (أي غير المستهتر) قد تدعوه نفسه - لأجل التفرّج والتنزّه والتلذّذ - إلى ما يُوجب نشاطه ورفع الكسالة عنه من الزمزمة الملهية، فيجعل ذلك في بيتٍ من الشعر المنظوم في الحِكم والمراثي ونحوها، فيتغنّى به، أو يحضر عند مَن يفعل ذلك. وربما يعدّ مجلساً لأجل إحضار أصحاب الألحان، ويسمّيه (مجلس المرثيّة)، فيحصل له بذلك ما لا يحصل له من ضرْب الأوتار من النشاط والانبساط، وربما يبكي في خلال ذلك لأجل الهموم المركوزة في قلبه، الغائبة عن خاطره، مِن فقْد ما تستحضره القوى الشهويّة، ويتخيّل أنه بكى في المرثية وفاز بالمرتبة العالية، وقد أشرف على النزول إلى دركات الهاوية، فلا ملجأ إلا إلى الله من شرّ الشيطان والنفس الغاوية».

(الشيخ الأنصاري، المكاسب: 1/297-298)

 

اخبار مرتبطة

  إصدارات عربية

إصدارات عربية

منذ أسبوع

إصدارات عربية

  سنن وآداب

سنن وآداب

منذ أسبوع

سنن وآداب

نفحات